أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صادق البلادي - كامل شياع النزيه الباسم ، داحر المرارة واليأس















المزيد.....

كامل شياع النزيه الباسم ، داحر المرارة واليأس


صادق البلادي

الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 09:21
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


كلمة "الثقافة الجديدة " في الحفل الـابيني ، الذي أقامته منظمة الحزب الشيوعي العراقي في برلين
أخواتنا وإخوتنا ، رفيقاتنا ورفاقنا في الفجيعة وخسارة فقدان كاملنا
برغم قساوة الحزن وعمق الألم برحيل كامل إلا أنه ترك لنا نحن أحبته وأصدقاءه ورفاقه في مجلس تحرير مجلة (الثقافة الجديدة)، وكل من عرفه حبا كبيرا كمعين لا ينضب، وذكريات حلوة لا تغيب، وصداقات حقيقية لا يلوثها غرض. رحل كامل تاركا لنا صورة المبتسم دوما، وحامل الفرح وشفيف الروح دوما، المجبول من طيبة هذه الأرض الطيبة... المرصع بثقل أحجارها الكريمة.

ترك كلمته الثاقبة ، صندوق بريده الأليكتروني الملئ بمقالات و مواد ( الثقافة الجديدة ) ، حلمه الطوباوي بعراق حر، مدني ، مثقف ،عادل ، ديمقراطي ـ تركها ومضى.

وهكذا أنهت رصاصة غادرة حياة كامل شياع ، أحد أبرز المثقفين العراقيين، وعضو مجلس تحرير (الثقافة الجديدة )،بل الشخص الذي حمل على عاتقه العبئ الأكبر من إصدار المجلة منذ عودتها الى بغداد.
ولتعرفوا ما كان يبذله من جهد كبير لأصدار الثقافة الجديدة ، وتحمل مسؤولياته المتعددة
الأخرى ، اليكم بعض ما جاء في واحدة من الرسائل التي أرسلها لي :
(لك أن تتخيل عدد الأيام التي أقضيها في إعداد المجلة.. أكاتبكم، وأقرأ ما تكتبون وأراجع تصحيحاتكم، وأتابع المقالات المنضدة وأصححها وأبحث عن صورة الغلافين واكتب الإفتتاحية وأشرف على تصميم الغلاف الأمامي والعناوين ( علي أن أذهب بنفسي إلى مكتب المصمم الواقع في نهاية الشارع الفرعي القريب من سينما النصر في السعدون مرتين أو ثلاث مرات) وأتابع التوزيع واحدث قوائم المشتركين ............هل ترغب بسماع المزيد من هذه التفاصيل التي تشل رغبتي بالكتابة والتفكير لأكثر من شهر في كل مرة؟ وهناك العمل الإداري السخيف الذي يستنزف مني سبع إلى ثمان ساعات في اليوم. النتيجة أن الخواطر التي وعدتك بها لم تكتمل بشكل يرضيني لأرسلها لك أو لإغامر بنشر بعض منها، وأن رغبتي في جمع بعض مقالاتي التي أعتبرها مهمة في كتاب ستبقى مؤجلة حتى إشعار آخر. آمل أن يصلك شيء منها قريباً ( عليك أن تتذكر يا رفيق أنني متهجول في بغداد وأحل ضيفاً على صديق هنا، ولولا التسهيلات التي لديه لما كتبت لك هذه الرسالة) . أقول هذا وأنا على يقين باننا حتى لو شكونا وتذمرنا فإننا أبعد من أن نسقط في قبضة المرارة واليأس... الشيوعي هو أيضاً من يجيد العناية بنفسه.) ، لا يسقط كامل في قبضة المرارة واليأس رغم كثرة المشاغل التي أنستنه الكتابة والقراءة والتفكير المعمق بما يدور حوله ، كما يصف حاله في مايس هذا العام ، قبل أن تأتيه رصاصات قتلة هذا المثقف التقدمي ، الذي كان يسعى لتحقيق خيار في العالم يتسع للمنادين بالعدالة والسلام. ويعتبر هذا الخيار خيارا
عمليا وطوباويا معاً.

هكذا إذن رحل كامل شياع ، دو الخيار العملي والطوباوي ، نجمة الثقافة التقدمية والديمقراطية.. وبرحيله تنكس الثقافة العراقية الحرة والديمقراطية قامتها، وبفقده نودع مبدعا كبيرا وحاملا لمشروع التغيير والتنوير والحداثة والديمقراطية، ووطنيا نبيلا.

لم تكن الرصاصات الغادرة التي أطلقها قتلة محترفون تستهدف شخص كامل شياع. لقد كتب في أحد النصوص التي تركها قبل رحيله: "أعلم أنني قد أكون هدفاً لقتلة لا أعرفهم ولا أظنهم يبغون ثأراً شخصياً مني. رغم ذلك كله، أجد نفسي مطمئناً عادة لأنني حين وطأت هذا البلد الحزين سلمت نفسي لحكم القدر بقناعة ورضا. وما فعلت ذلك كما يفعل أي انتحاري يسعى إلى حتفه في هذا العالم وثوابه الموعود في العالم الآخر، فالقضية بالنسبة لي تعني الحياة وليس الموت".
الرصاصات الغادرة كانت تستهدف الرهان الذي يمثله كامل.
رهان استعادة السيادة الكاملة بإزاء الاحتلال
رهان الديمقراطية، بإزاء الشمولية والدكتاتورية والإرهاب.
رهان الوطنية الأصيلة، بإزاء ملوك الطوائف.
رهان الكلمة الصادقة، بإزاء الطلقة الغادرة.


نعلم ان الرصاصات الغادرة التي انطلقت نحو كامل كانت تريد أن تقول لنا إنها أقوى منا، إنها السيدة.
غير أن التأريخ لن تكتبه هذه الرصاصة، الملثمة، المرتزقة، الجبانة.
التأريخ لن يكتبه الجلاد، كما درجت أدبيات الخنوع على أن تقول لنا، بل سيكتبه
الساعون لغد أفضل، ولذلك لن يموت رهان كامل شياع.

أمام هذا المصاب الجلل، لا يمكن لنا نحن الذين تناثرت أشلاء أرواحنا بفقدان كامل، إلا ان نحني هاماتنا تحية الوداع الواجبة له، لهاته القامة المديدة التي ظلت باسقة كنخيل العراق ، شامخة كشموخ جباله، نقية كنقاوة نهريه العظيمين، مرفوعة تعانق سماء الحقيقة، تتحدى الطغاة والقتلة وجيوش الإرهاب.

يحدونا الأمل بأن لا تسجل عملية اغتيال كامل ضد مجهول، لذا نطالب الجهات المسؤولة بالكشف السريع عن مرتكبي الجريمة الجبانة، ومن يقف وراءهم، وتقديمهم للعدالة لينالوا الجزاء الذي يستحقونه.
يحدونا الأمل بألا يخبو سريعا هذا الحراك الذي تركه أغتيال كامل شياع في صفوف المثقفين فكانت مبادرة إصدار" نداء مثقفي العراق " ، أعلنوا فيه عن تمسكهم " بخط الراحل ورهاناته الإنسانية والوطنية، ومقاومتهم للرسالة التي أراد القتلة إيصالها، والتي تحاول أن توصل المثقف إلى إعلان استقالته. "
وأعلنوا تأسيس مرصد للدفاع عن مثقفي العراق باسم (مرصد كامل شياع).
والإلتزام بنشر تراث الراحل في كتاب.
.
عرفت كامل شخصيا منذ أواسط التسعينات في لندن ، ثم عملنا سوية في مجلس تحرير الثقافة الجديدة ، وهيئة تحريرها.التقينا في اجتماع لمجلس التحرير في هامبورغ ، في دار الصديق
د.غالب العاني ، وانعقد مجلس التحرير مرة في دار كامل في لوفن في بلجيكا ، ومرة في هولندا
في دار الرفيق د.هادي محمود ، وكان كامل في كل الاجتماعات ، أولقاءات هيئة التحرير عبر الإنتيرنت متميزا بحضوره.

وعندما عاد الى العراق من المنفى في أوائل ديسمبر2003 ، ودعني الكلمات:

عزيزي أبا ياسر
سأفتقد في بغداد رفقتك، توثبك وحكمة المناضل المتأصلة فيك. لكن حبل التواصل بالكلمات سيبقى، واللقاء قريب. دمت ... مع المحبة.... كامل

01 .12. 03

وفي نيسان 2004 التقينا في بغداد ، في الثقافة الجديدة في أبي نؤاس. وفي تموز هذا العام التقينا في برلين ، عند حضوره مع الوفد العراقي بمناسبة افتتاح معرص بابيلون في متحف البيرغامون. وتواعدنا على اللقاء في بغداد أواخر هذا العام ، وكم سأفتقدمه
هناك ، كما يفتقده رفاقه وأهله ومحبوه.لكن ذكراه وسجاياه ، خاصةالتواضع والنزاهة
والمحبة ، التي تدع كل واحد يحس أنه صديقه الأثير، قد تخفف من الفجيعة بعض التخفيف. انتزعه القتلة من الحياة ورحل الى عالم الخلود دون أن يمتلك حسابا مصرفياو لا قطعة أرض ، رعم قضائه السنوات الخمسة في بلد الفساد ، الذي فرخ
المليونيرية في كل مكان. لكنه ظل حريصا على ألا تزل به قدم.

إن خير تكريم لكامل يكون لا بالاكتفاء فقط بكلمات الرثاء التي قيلت بحقه، والإيفاء بالالتزامات التى أخذها المثقفون على أنفسهم ،بل إن خير تكريم للفقيد الغالي كامل هو الاصرار في السعي للسير على منهاجه، والتحلي ببعض من خصاله وسجاياه، والقدرة
على التخلص من شراك الفساد، والبقاء نزيها في غابة الفاسدين.

ووفاء لبعض ما علينا من دين لكامل فسيضم العدد القادم من الثقافة الجديدة ، وهو قيد الطبع الآن، عددا من مقالاته، كما وسيجري جمع كل ما كتب في رثائه في كتاب،
إضافة الى العمل لـجمع كل مقالاته ونشرها في كتاب، ليس فقط للاستفادة مما تتضمنه
من فكر نير وقاد ، وعميق، بل وكذلك تحقيقا لما سماه بـ "الرغبة المؤجلة الى إشعار آخر " ، كما كتب في رسالته لي :
"أن الخواطر التي وعدتك بها لم تكتمل بشكل يرضيني لأرسلها لك أو لإغامر بنشر بعض منها، وأن رغبتي في جمع بعض مقالاتي التي أعتبرها مهمة في كتاب ستبقى مؤجلة حتى إشعار آخر."

ختاما، أتقدم ، باسم مجلس تحرير الثقافة الجديدة بصادق التعازي القلبية الحارة لعائلة الفقيد الشهيد كامل شياع والى أقاربه وكل رفاقه ومحبيه، مقرونة بمشاعر التضامن الصادقة. ولكامل الجميل مجد المثقف الكبير وسحر كلماته وذكراه المتوقدة دوما.

كامل... ستبقى نجمة مثقفي العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد ، نقيض حروب الطوائف والإرهاب والعسف والاحتلال والفساد ..
كامل.... أنت باق في سعي أخيار العالم لتحقيق الطوبى ، ليس فقط كنقد* ، بل لكون النقد
الخطوة الأولى لتشييد الغد الأفضل.

مجلس تحرير مجلة (الثقافة الجديدة)

28/09 / 2008 برلين


* إشارة الى أطروحته للماجستير : "ألطوبى كنقد "



#صادق_البلادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء للدفاع عن مثقفي العراق
- في عيد الصحافة الشيوعية أداة للتنويروتعميق الوعي ولتعبئة الر ...
- يكفي ان الاتفاقية مع امريكا لترفض
- تصخاب الصولة وكتمان مفاوضات اتفاقية الاحتلال
- امنيات لعام 2008
- طوبى لمن سار في هدى أكتوبر المجيد !
- مام جلال والتحفظ لصالح العسكر
- مشروع الحزب الشيوعي مشروع ضد ثالوث الدمار
- امريكا من هيروشيما الى حصار العراق
- فريق واحد و شعب واحد
- التطور التأريخي وتأسيس الجمهورية العراقية في 14 تموز 1958 - ...
- التطور التأريخي وتأسيس الجمهورية العراقية في 14 تموز 1958 - ...
- مصطفى عبو د الحا ضر بيننا
- الحركة الشيوعية ومؤتمر الحزب الثامن
- يوم الاول من أيار فريدرك انجلس
- دعوة الى فتح صندوق علاج اللاستاذ عبد الاله الصايغ
- دعوة مراقبين دوليين إلى اجتماع المؤتمر الوطني العراقي
- جـيـش لإعمار الـوطـن بدل الجيش المنحل
- مرحبا في نيو تيكساس - العراق سابقا
- نظرة في قول (1) السيد فضل الله والعلمانية


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صادق البلادي - كامل شياع النزيه الباسم ، داحر المرارة واليأس