أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كامل عباس - صناعة السيارات















المزيد.....

صناعة السيارات


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2420 - 2008 / 9 / 30 - 09:02
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


كانت وسائل المواصلات قبل عصر الصناعة تقوم بشكل أساسي على رجلي الانسان ومن ثم استخدم الحيوانات كوسيلة للركوب والجر مثل الحمير والبغال والجمال , صحيح ان تربية تلك الحيوانات بكثرة من اجل النفل جلب مشاكل بيئية جديدة مثل التهامها أغصان وازهار الغابات , وانبعاث روائح كريهة من مخلفاتها تزعج السكان ,و احتضان جلودها براغيث وقمل تسبب امراضا للانسان , ولكن الأصح ان كل مخلفتها كانت تدخل في الدورة الحيوية الطبيعية ولم تؤثر على التوازن البيئي .
جاء عصر الصناعة وجلب معه صناعة العجلات والتي ساهمت في صنع درجات هوائية أنظف وأسرع من الحيوانات كوسيلة نقل, ولكن الصناعة لم تتوقف على العجلات بل تعدتها الى المحركات وهنا بدأت المشكلة مع البيئة , مشكلة محركات كانت نواة وسائل نقل حديثة في البر والبحر والجو اكتست لحما وشحما لتعطي السفن والطيارات والسيارات . يهمنا منها هنا السيارات ومراهقة الانسان في صنعها واستعمالها وما ادت وتؤدي حتى الآن من إخلال بالتوازن البيئي , و لنبدا بنواة هذه الصناعة وعمودها الفقري وهو المحركات .
كل المحركات تعمل على مبدأ واحد وهو خلط الوقود مع الهواء في خلاط وشحنه الى اسطوانة المحرك حيث يشعل الخليط بشرارة كهربائية تشكل بداية لانتاج الطاقة االناتجة عن المحرك والتي تستخدم ميكانيكيا من اجل دفع السيارة او الطيارة , ينتج عن احتراق الوقود الحالي المستعمل سواء كان بنرين او مازوت او كيروسين او غيره مجموعة غازات تختلف نسبتها وكميتها ونوعها حسب شكل المحرك وحجمه وتركيب الوقود المستعمل فيه , وحسب الطريقة التي يعمل بها المحرك و واهم الغازات المنبعثة من عوادم السيارات هي
غاز ثاني اوكسيد الكربون Co2
غاز اول اوكسيد الكربون Co
غاز ثاني أكسيد النتروجين No2
غاز أول أكسيد النتروجين No
ونظرا لمراهقة الانسان في تسويق تلك السيارات وعددها وعدتها , ارتفعت نسبة تلك الغازات في الجو لدرجة أصبح من العسير على الدورة الحيوية الطبيعية البيئية هضمها , فتراكمت في الجو لينتج عن تلك الزيادة آثارا خطيرة جدا على كل الكائنات الحية وفي مقدمتها الانسان,
- أول هذه الغازات هو غاز ثاني أوكسيد الكربون, وهو الذي يدخل في عملية التركيب الضوئي ليعطي الكربوهيدرات التي تعود بدورها لتدخل في عملية الاحتراق - سواء كان بطيئا مثل التنفس لدى النبات والحيوان او سريعا كالاحتراق العادي - ومن ثم تحرر غاز ثاني اوكسيد الكربون ليعود امتصاصه في عملية التركيب الضوئي وهكذا دواليك .
قبل عصر الصناعة لم تتجاوز نسبة غاز تاني اوكسيد الكربون عن 0,03% أي بحدود 330 جزء من المليون , ولتلك النسبة فوائد جمة في الحفاظ على درجة حرارة الجو. بعد الاستعمال العشوائي للسيارات زادت نسبته في الجو لتصل الى حدود 750 جزء في المليون, وهي نسبة ادت وتؤدي بنظر بعض العلماء الى الاحتباس الحراري وتغير المناخ وما نعانيه الآن من أعاصير وفيضانات وانزياح فصول . الخ
- ثاني هذه الغازات هو غاز اول أكسيد الكربون , وهو ينتج كما هو معروف عن الاحتراق الناقص كما يحدث لدى احتراق الوقود في المحركات وخاصة اذا كانت رديئة . ولكن الغاز يتفكك في الهواء بعد مدة ولا يستطيع الثبات بشكل عام كما هو غاز ثاني اوكسيد الكربون ولذلك نجد تأثيره أشد في المدن المزدحمة وعلى شرطة المرور بالدرجة الأولى .
يأتي خطر هذا الغاز من صفته الكيميائية التي تجعله قادرا على الارتياط بخضاب الدم مشكلا كاربوكسي هيمغلوبين غير القادر على التفكك بسهولة , في هذه الحالة يحدت التسمم اذا كانت نسبته مرتفعة في الجو كما يحدث عند اشتعال الفحم في غرفة مغلقة لأن ارتباط الغاز بخضاب الدم يمنعه من نقل الاوكسجين , تلك العملية التي تحدث بشكل عادي عند الشهيق والزفير.
فترة الشهيق يرتبط خضاب الدم مع الأكسجين ارتباطا قلقا يسمى هيموغلوبين مؤكسج و يتفكك هذ الاتباط بالنسج نتيجة لتركيز الأكسجين المنخفض ويعود متحررا الى الرئتين لينقل الآكسجين من جديد , لكن عاز اول اكسيد الكربون اكثر قدرة على الارتباط بخضاب الدم ب200مرة وهو ارتباط قوي ولا يتفكك , وهكذا اذا وجد غاز اول أكسيد الكربون في الجو بنافس الاكسجين ويجعل خضاب الدم اقل قدرة على نقله و,ويالتالي حسب كمية وجوده واشتنشاق الانسان له يصاب باعراض المرض مثل( صداع وضعف رؤية ونقص في تناسق العضلات وغثيان وآلام بطنية وإرهاق وحاجة الى النوم ) وجميع هذه الأعراض او بعضا منها يشعر بها ابن الريف اول وصوله الى المدينة .
الأكاسيد النتروجينية :
تنطلق الأكاسيد النتروجينية بدرجات متفاوتة من عوادم السيارات ’ ولها اضرار عديدة في عصرنا الحلي, فمنها ما ينطلق في الجو ليصل الى طبقة الأوزون فيقوم بتفكيكه كهرضوئيا , ومنها ما يقوم بتركيب الأوزون في الطبقات السفلى ليساهم مع غيره من غازات الدفيئة بالضباب الدخاني وكوارثه المعروفة . والتي تجلت اول ما تجلت في لندن عاصمة الضباب منتصف القرن الماضي , والأكاسيد الآزوتية المنطلقة من عوادم السايرات تتفاعل كهرضوئيا مع بخار الماء في الجو لتنج حمض الازوت الذي يذوب في بخار الماء ويتساقط مع الأمطار ويساهم الى جانب حمض الكبريت في ظاهرة الأمطار الحامضية التي تسبب تآكل المؤسسات والمنشآت والمباني , وتقوم بحت وتعرية الصخور التي تذوب وتسري مع السيول والأنهار .
هذا ما يسببه العمود الفقري للسيارة وهو المحرك , اما الهيكل الشحمي لها ( من اطارات وغلاف معدني وطلاء دهانات ...) , ليس أقل تلويثا للبيئة من المحرك , بعد تصنيعها الآلي بهذه الكثافة , لننام على طراز من السيارات ونستفيق على طراز آخر ألعن من السابق , والطراز سواء كان قديما او جديدا يترك في العراء لتتحلل اطاراته وبطارياته وطلاءا ته وليذوب قسما من معادن تلك النفايات ويختلط بالبلاستيك والخزف وغيره من مخلفات الصناعة وتجري تلك المعادن المحلولة مع الأمطار والسيول وفي مقدمتها الرصاص ومنها ايضا الزنك والنحاس والكروم والكوبلت وغيرها والتي تصل الى المزروعات والخضروات ومنها الى انسجة الانسان عبر السلسلة الغذائية وتستقر هناك لتشكل له إمراضا لاحصر لها مثل مرض السرطان.
كما ان السيارات تصدر أصواتا مزعجة تسبب ما يعرف حاليا بالتلوث الضوضائي , وهي ظاهرة حديثة , سببها زمامير السيارات التي ينقلها العصب السمعي الى المخ ولايفهمها فتسبب له التوتر والقلق وغيرها من الأمراض العصبية .
مقابر السيارات بجوار المدن غير المقابر العادية , مقابر السيارات تشوه المكان وتأخذ حيزا اكبر وتتحلل مكوناتها لتسري مع الأمطار وتلوث البيئة , في حين تشكل المقابر العادية خصوبة للتربة وتتحل جثثها ببساطة لتدخل بسهولة ضمن الدورة الطبيعية البيئية عكس جثث السيارات .
مراهقة الانسان الحالي مع السيارات يمكن تلمس جوانب منها في مدينة كمدينتي , والتي لاتخلو مدينة من بعض أو كل هذه الآثار سواء كانت في بلد متقدم ام متأخر.
اللاذقية مدينة قديمة وجميلة وتشكل عروس الساحل السوري , ولكن كل ما فيها يئن من كثافة سياراتها و الحقائق تفقأ العين , وهذا غيض من فيض .
- سيارات الأجرة (تاكسي ) في مدينة اللاذقية يفوق عددها الآلاف , وهي مدينة يستطيع أي مواطن فيها ان يصل الى حاراتها - لو اراد التنقل على رجلية - من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب باقل من نصف ساعة , ولكن الحضارة جعلت معلمات المدارس يفضلن ركوب التكسي الى المدرسة جيئة وذهابا ولو صرفن نصف راتبهن , ليظهرن مظهر الفتيات الحضاريات كما يتوهمن , والأمهات أيضا يفضلن التعاقد مع التاكسيات لنقل أطفالهن الصغار الى المدارس مع ان قطع تلك المسافة- سواء للمعلمة ام للطالب على الرجلين (مشيا ) أكثر فائدة للجسم والروح وللحالة المادية والمعنوية , ولكن على من تتلو مزاميرك ياداوود !
- معاناة أهل اللاذقية ليست مع تكاسي الأجرة فقط , بل مع سرافيس صغيرة وقديمة ومهترئة , تلوث البيئة بشكل مضاعف وتعمل على خطوطها الشعبية مثل خط الدعتور , والمشكلة ان أي محاولة سواء من الجهات الحكومة او غيرها لاستبدال تلك السرافيس بباصات حديثة ومريحة تخفض دخان تلك السرافيس الى السدس , سيدفع اصحاب السرافيس وعائلاتهم والشعبويون المتعاطفون معهم للتظاهر والتخييم أمام القصر الجمهوري كي لايتم حرمانهم من مورد رزقهم؟!
عدد سيارات اللاذقية فاق كل توقع و,اذ لم يعد المواطن قادرا على التحرك في الشوارع وبين الأرصفة الا بصعوبة , وقد ساهم العالم المتقدم بتلك المشكلة بعد تصنيعه للسيارات بهذه الكثافة وانخفاض كلفة التصنيع وسماح سلطاتنا لاستيراد السيارات المنسقة في الغرب والتي استبدلت حديثا بمحركات أقدر على حرق البترول بشكل كامل وبالتالي اقل تلويثا , ساهم في كثافة السيارات داخل مدينتي والمدن المشابهة سهولة الحصول عليها ,على سبيل المثل لا الحصر .
قبل خمسين عاما كان ثمن التاكسي الواحدة يعادل ثمن خمسة شقق سكنية . انقلبت الأية الآن فاصبح الموظف من الدرجة السادسة قادر على شراء سيارة منسقة بسنة ويحتاج الى عشرات السنين كي يستطيع شراء بيت , لم تعد السيارة كما كانت سابقا تخص فئة قليلة قادرة على شرائها,مما جعل عددها محدودا في تلك الفترة, اما الآن فمراهقة المصانع في انتاجها يتلك الكثافة , ومراهقة الفقراء في استعمالها يتلك الكثافة ايضا جعل أبناء اللاذقية يتأوهون من السيارات .



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم اللبراليون الجدد في سوريا ؟
- صناعة العطور
- من سيظفر بالإدارة الأمريكية القادمة : أهل القوة أم أهل العقل ...
- إعلان دمشق وحرية التعبير
- التعدد الثقافي اللبناني من منظور عباس بيضون
- ثقافة البيئة في سوريا بين العلم والأيديولوجيا
- القاعدة فكرا وتنظيما
- من أين أتى كل هذا التطرف الى سوريا الحديثة ؟!
- الحكومة السورية لبرالية في الاقتصاد دكتاتورية في السياسة !!
- كلينتون والرئاسة الأمريكية والعالم
- اللبرالية ومثقفو اليسار السوري
- المجلس الوطني لإعلان دمشق بين القديم والجديد
- الاسلام وأصول الحكم
- محنة العقل وحرية استعماله العام في التاريخ العربي الاسلامي
- هواجس – جديدة – حول الاصلاح الديني وضرورته الحالية في بلادي
- المسيحية والإسلام في الميدان السياسي
- العقليون والاصلاح الديني في أوروبا
- الإصلاح الديني بين العقل والضمير
- إعلان دمشق ما له وما عليه
- النفاق السياسي والأصولية ومأساة الشعب الفلسطيني


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كامل عباس - صناعة السيارات