أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - (من دون احتراس) مجموعة شعرية للشاعر حسين الهاشمي















المزيد.....

(من دون احتراس) مجموعة شعرية للشاعر حسين الهاشمي


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 08:26
المحور: الادب والفن
    


( من دون احتراس) قصائد تنطلق من خضم المعاناة ، لتؤسس ملاذا
قراءة : صبيحة شبر
صدرت عام 2005 المجموعة الشعرية الثالثة ، لشاعر عراقي مميز ، عرف بالجملة المكثفة ، والمعاني المنطلقة من شدة المعاناة ،من جحيم مستعر ، أريد له أن يشعل العراقيين جميعا ، في أتون حروب هوجاء ، وسياسات تنكيلية مستمرة ، تبحث عن الوقود للتسبيح بالحمد والثناء ، ولكن هل يستطيع المبدع بقدرته على الإتيان بالكلمة الموحية ، أن يحدّ من ذلك الطغيان المتنامي للخراب ، وان يجد لنفسه جزيرة حافلة بالخضرة ، في ظل انهيار الأشجار السامقة ، وتساقط ما ابتدعه الإنسان على مر السنين ، من رغبة في إيجاد بعض الظلال ؟ والاحتفاظ بزهور قادرة ،على خلق الفرحة ، في عالم يزخر باغتيال كل شيء جميل ، ووأد الأحلام النابعة رغم ما يراد بها من نفي وتقتيل ؟

في مجموعة شعرية جميلة ، تتضمن إحدى وثلاثين قصيدة ، نجد إصرار الإنسان على أن يخلق حياة بديلة ، عن الموت المحدق ، الذي يفتح فاه ساخرا ، من العجز الذي يهيمن أحيانا على النفس ، مجبرا إياها على التخلي ،عما تريد من أمل بسيط ، يداعب القلب ، ويدفعه الى مواصلة النضال لتحقيق المراد ؟ ولكن أي نضال يشفع للأيدي المغلولة ، والعمل المناوئ لها ، والطامح الى تكبيلها بقيود كثيرة.
ففي القصيدة الأولى من الديوان ( سجادتي شفق .. والمسبحة عكاز) يتضح ضعف الإنسان ، رغم محاولاته الكثيرة لإيجاد بدائل للحياة ، يسعى إلى صنع مجداف ، يعينه الى تسيير عمره ( الضائع) رغم ما بذله من جهود أضنته بصعوبتها ، والغيب ما يزال ضنينا ، فكلمات الإنسان رغم فصاحتها ، لاتستطيع إدراكها المدن المسورة ، فيحاول المرء صنع شراع ، عله ينقله الى خارج حدود الثرثرة ، وهل يمكن للإنسان مهما كانت قدرته ، او جمال أحلامه ، أن يجد الخلاص ، ولو حلما يختبيء ، في الثنايا ، من جحيم الحروب التي لا تبصر دائما ، ولا تفرق بين ضحاياها ، المتحولين إلى مزق متناثرة ، وعظام مكسورة:


هناك ..
حيث يستيقظ ملوك البحر
وتغادر أنفاسهم
تنور الحروب
أعدّ للنهر آذانا
أترقب من تلويحة الغيب
قصباً
كي أجدف به عمري
أو أختفي في صلاة
لضفّةٍ من حليب
أو صرخةٍ
أدعو فيها ضمادَ الشفق ..
هناك
حيث لا تفقهني المدنُ
أدرأ بالعكّاز ضبابَ حجيجِها
وأصوغ من أسمالٍ للضحى
شراعاً
لتماثيلَ المقاهي ..
هناك .. لا وقت للبقاء
حيث ملوكُ البحر لم يفقهوا :
أن المدن
ثرثرةٌ زائدة
عن بلاغةِ الأفق)

لماذا أطلق الشاعر ( حسين الهاشمي) على مجموعته الثالثة عنوانها ( من دون احتراس)، فما هو المقصود من هذه اللفظة؟ ، ومم نحترس ؟ وكيف يمكن للمرء أن يحترس ؟ في هذا الجو الموبوء بمثل هذه الآفات ، المتكالبة حوله ، فلا يجد في نفسه ، القدرة على مواجهتها ، الجميع مدانون ، فهل تملك النفس الشاعرة سبل خلاصها ؟ أمام هذا الضياع المهيمن ؟ وهل يستطيع الحلم أن ينأى ، عن السهام القاتلة ؟ وأي قدرة يملكها المبدع ،حيال تلك الرغبة الكبيرة ، في سلبه سطوع الأمل على الإنقاذ؟ ، وهل يمكن للحلم المستوطن النفس ، ان يمنح الرغبة في الخلاص ، في واقع ملغوم حتى النخاع بقوى لا قدرة على الذات المبدعة ،على إحاطتها ، ، هل يمكن للغة ان تدرأ بجمال كلماتها الأوجاع؟ ، وان ينقذ رصيدها تلك القيود الجهنمية، التي تحيط بالنفس والروح ؟، وتغتال حتى الأحلام ، وتقتل الرؤى في داخل نفسك ، تحاول ان تجد لها أمانا في ظل هذا الضياع ، فتظل نفسك قلقة حائرة ، أية قوة تملكها لغة الإبداع ، و الألفاظ المنتقاة ، والنفس الشاعرة أمام ذلك الطوفان المنفلت ، حين يركض الإنسان في صحارى الحرمان ، فلا يجد سوى الرعب القاتل ، فلا يمكن للغة ، حينئذاك ، ان تعبر عن ذلك النهر المتدفق ، في النفس الشاعرة عن هموم مركبة ، ضياع آمال وفقدان أحلام ، وعجز كبير ، وغربة لاسعة ، تحيطك ، تلتف بخيوطها حول رقبتك مطيلة الضغط على أنفاسك، كي تولي هاربة ، وجراح فاغرة أفواهها تصرخ بصمت ، وتفقد الأشياء معانيها التي عرفناها ، ويصبح القمر الفضي الجميل ، نحاسيا ، وحتى البلدان ، تضيع منها سقوف الطمأنينة والأمان ، فماذا يتبقى للغة أن تفعل وسط هذا الخراب ؟ في قصيدة ( أتدفأ .. كسيد من دون احتراس) ينطلق صوت الشاعر قويا ،رغم كل الإخفاقات ، التي تنذره بالتوقف عن المحاولة لانطلاق صوته الخاص ، في جو يكثر فيه المقلدون :


يجب
أن أغفرَ للمعاطف
تلك التي
لا تبوحُ بغربتها ..
للأذرعِ بلا فرشاة
ولا تلوّح للجرح ..
يجب أن أغفرَ للنجوم
للقمر النحاسيّ
وبقيةِ الغرائب .. حين أركض للسماء
حين لا أجد سوى رعبي
نقاوتي المبقّعةِ بالشحوب ..
حين لا أجد
سوى قوسِ المكان
يرقبُ وتراً لعكّاز ..
حين لا أجدُ
لا أجدُ في هذه الحجرة
التي
اسمها اللغةُ
سوى تماثيلَ تسوّر عشبَها ...
يجب أن أغفرَ لبلدانٍ
لا تعرف السقوفَ ..
في مدن لا اعرف إلا الخوف ، تقتات على الضياع ، وتحفر في الأرض قبورا ،لما تحمله من كنوز ، تصر على مواصلة إخراج زهورها ، يواصل أناسها الرحيل ، باحثين في مكان ما ، يتضمن القليل من البهجة الآفلة ، والنسمات غير المسورة ، والهواء القادر على الإنعاش ، في قصيدة ( حقل) نقرأ أحداث قصة ، تحدث كثيرا ،عن رغبة في الدفء ، لا تجد لها ميلادا ، وعن رحيل واشتياق ، وعودة لا تنبئ عن تحقق المراد ، سرقت تفاصيله بمعول ، هدها ، فإلى أين يرحل ؟ والشطاّن لا ترى من هذا المكان ، هل نستعير جناح طير؟ ، ونسرع بالرحيل ، تاركين عبق المكان ،يغرد ، فاردا جناحيه ، في القلوب المترعة بالألم:


عاد ..
بتفاصيل دافئة
ارتدى سترته أمامَ النافذة
هَمَسَ في عينيها :
_ إنني راحلٌ في الغد ...

عادَ لأنه مثقلٌ بالتفاصيل
لأنه
مثقلٌ وحسب ..
_ إنني راحلٌ كعيونٍ اتسعتْ
ضاق بها
ضجيجُ الهروب
وغداً أفركُ النافذة
من ثقلِ أنفاسها .. كي أطير ..
غداً
أعودُ مثل بحّار يتيم
حفرَ كثيراً في أوراقه ,
رأى تفاصيله بقبضة معول
وقلبه
عائمٌ بين السبّابة والإبهام
_ غداً
سأكتبُ ابتسامة
هادئاً .. عالياً
على شراع ورقةٍ لطير ,
ولأنه اصطكَّ لعودته
ارتدى سترةً لطير
ولأنه مثقلٌ بموجِ أنفاسه
فتحَ النافذةَ :
هكذا يصلُ
هكذا يعومُ
هكذا يسألُ
_ أيتها القرية ... أين ؟
فعانقه
حطبٌ مهجور
في قصيدة ( مجاهيل) : تتنوع أسباب الألم ،وتتعدد ألوانه ، فلا نعد إلى السؤال
عن الأوان الذي يفجعنا بمجيئه ، مكتفين بما خفي من نتائج انبثاقه ،و يستولي علينا الدوران ، يستوطن ألمنا الكبير ، كل مكان ، يهل علينا في كؤوس شرابنا ، فنخاف من فكرة طرده ، ويفجعنا ذلك الخوف ، حين يحدق في وجوهنا ، واعدا إيانا بسياط( عقاربه) ، فيتملكنا العجز ، من اطلاق أفواهنا بالصراخ ، فيمتلئ طريقنا بمجاهيل مدعية ، وتقذفنا المدينة بشباك ، نلتقط عبرها أثار الطعنات:
أحياناً لا نسأل
عن أوانِ الألم
ونكتفي بخفايا كائناته
لا نعرف كيف ندور
بدلاً منه
لا نسألُ حين يغادرُ المنزل
وينام كأبلهٍ
فوق كراسي المقهى
لا يجرؤ أيّ منا
أن يطرده من قدحِ الشاي
أن يوقظه من خوفنا
عندها
يحدّقُ في الوجوه
ويعدّ بسياطِ عقاربه..
أحياناً
لايصدّق أيةَ طراوةٍ
في مجهوله
تشربنا جهاته
ليتركنا أقداحاً
ولا نمارس أفواهنا بالصراخ
لذلك
يصطبغُ الطريق
ما بين المنزل والمقهى
بمجاهيلَ تدّعي
أقداماً طرية
لذلك أيضا
تقذفنا المدينةُ شباكاً
كلّ صباح
نلتقط آثارها طعناتٍ
ونعود
بأبلهٍ
يدعى الألم


قصائد جميلة لشاعر مبدع ، وجدت في قراءتها ،ما كنت أرومه من بهجة
نبذة عن الشاعر
حسين الهاشمي
• ( العراق – بغداد 1961 )
• دبلوم هندسة مدنية
• عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
• عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب

صدر له :-
1. غيمة في عكاز – شعر 2001 م بغداد/ دار الشؤون الثقافية



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلاب
- مستقبل القصة القصيرة
- العرس( رواية قصيرة) الجزء الثاني والأخير
- العرس ( رواية قصيرة) الجزء الأول
- اعادة اللاجئين العراقيين الى بلدهم
- قراءة في مجموعة ( الماء واقف في صفك)
- حوار مع الأديب الكبير غريب عسقلاني
- واقع الطفولة في العراق وسبل الخلاص
- حقوق المرأة بين الحقيقة والضلال
- العلاقة بين الابداع والمتلقي
- قراءة في مجموعة قصائد نثرية
- حوار مع الشاعر علي عطوان الكعبي
- ترجمة الابداع بين الضرورة والمصالح الفردية
- التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
- وضع المعلم العراقي خارج العراق
- التبعية ذلك الارث الثقيل
- الابداع النسائي والمعوقات
- الأرامل العراقيات منسيات
- مجتمع القرود
- المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - (من دون احتراس) مجموعة شعرية للشاعر حسين الهاشمي