أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - ملاحظات حول قانون المرور بعد تطبيقه















المزيد.....

ملاحظات حول قانون المرور بعد تطبيقه


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 03:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لا شك أن قانون المرور يعد من أهم القوانين فى كل بلاد العالم إذ يمكن لزائر بلد ما التعرف على ماهية العلاقة بين المواطنين والقوانين التى يعيشون فى ظلها من خلال مراقبة سلوكهم وتعاطيهم مع هذا القانون. لا نقصد بالمرور هنا مرور السيارات فحسب بل مرور المشاة أيضا. قد لا نتجاوز الحقيقة حين نقول إننا من البلاد القليلة التى تسن فيها القوانين لتنتهك نهارا جهارا لدرجة أن الزائر ربما يعتقد أننا بلد بلا قوانين تنظم أموره وشئونه. وقد تقوم الدنيا ولا تقعد كلما تقدمت الحكومة بمشروع قانون حيث تفرد الصحف صفحاتها للآراء التى تعبر عن خشية المواطنين من تأثير هذا القانون أو ذاك على حياتهم ولكننا قد لا ندرك أن المشكلة الكبرى التى نعانى منها لا تكمن فى نقص القوانين بل فى عدم القدرة على تفعيلها. استثنى من هذا تلك القوانين التى تتعلق بفرض الرسوم والضرائب وهى قوانين تطبق بكل دقة وصرامة على كافة المواطنين. لقد تعمدت التجول فى شوارع القاهرة والجيزة خلال بعد أيام من تطبيق قانون المرور فى أغسطس المنصرم متمنيا أن يسود الانضباط والالتزام كل الطرق والشوارع وفى نفس الوقت حرصت على تدوين ملاحظاتى وانطباعاتى التى رأيت عرضها على القارئ لعله شاهد ما شاهدت ورأى ما رأيت ولا يملك الآن سوى تساؤلات وأمنيات يتمنى أن تتحقق.

بعد عدة أيام من سريان مفعول قانون المرور الجديد كنت جالسا على مقهى بشارع فيصل بالهرم وهو بالمناسبة شارع طويل لا يقل عن 14 كم ومن أهم الشوارع التجارية المشهود لها بالزحام والاختناق المرورى والفوضى والعشوائية. وجدتنى ممسكا بكوب من الشاى وشاردا أتساءل: من يريد أن يختبر وجود قانون مرور من عدمه فليتجه إلى هذا الشارع. وفجأة تنبهت لصوت ارتطام شديد حيث تبين أن سيارة ملاكى تقودها سيدة قد توقفت فجأة لتفادى الاصطدام بسيارتين فإذا بسيارة أجرة تصطدم بها بقوة من الخلف مما أوقف حركة المرور فى الشارع الحيوى لمدة لا تقل عن نصف الساعة انخرط خلالها أطراف الحادث فى جدل طويل حيث ظل كل طرف يلقى باللائمة على الطرف الآخر. والغريب أن شرطة المرور لم تأخذ خبرا بالحادث ولم تشارك فى فض المشاجرة. وذات يوم استيقظت مبكرا وتجولت فى هذا الشارع لأشاهد السيارات تقف فى كل مكان صفا أول وثانيا وفوق الرصيف بينما المشاة يسيرون فى نهر الطريق. ورغم أن الزنازين باتت مستعدة لاستقبال المخالفين فإننى شاهدت بأم عينى سيارات تسير عكس الاتجاه وخاصة فى الميدان المتاخم لترعة المريوطية.

وبعيدا عن شارع فيصل فقد تجولت فى شوارع وسط البلد بعد ثلاثة أيام من تطبيق قانون المرور وتحديدا فى منطقة التوفيقية حيث شاهدت أشكالا وأحجاما مختلفة من حقيبة الإسعاف والمثلث العاكس وبصراحة فالباعة معذورون لأن القانون لم يحدد مواصفات الحقيبة والمثلث العاكس ولم يعلن فى حينه أن هناك مواصفات لهذه الأدوات مما دفع بعض المواطنين إلى الشراء العشوائى. وهناك سؤالان يتصارعان فى ذهن المواطنين: الأول من سمح باستيراد وبيع حقائب لم تحدد مواصفاتها؟ الثانى لماذا لم تحدد المواصفات قبل الإعلان عن ضرورة تواجدها بالسيارة؟ وقد تلاحظ أيضا أن التوفيقية باتت مخصصة للمشاة وتمنع فيها السيارات والدراجات البخارية ومع ذلك فإننا نجد كل أنواع المركبات تسير فى المنطقة المحظورة بلا حسيب أو رقيب بل اتخذها البعض مكانا لانتظار سياراتهم. وحيث أننى لست ملما بتضاريس منطقة وسط البلد فوجدتنى ادلف إلى شارع به وزارة العدل حيث تصطف السيارات فى الشارع صفا ثانيا وثالثا وأخذت أمعن النظر فى السيارات المصطفة لأجد أن معظمها تحمل رموزا تشير إلى مهن أصحابها وأحيانا البادج الخاص بالأندية التى ينتمون إليها. وهذا بالطبع مخالف للمادة 74 بند 10 الذى "يمنع إضافة ملصقات أو وضع أية كتابة أو رسم أو بيانات أخرى على جسم المركبة أو أى جزء من أجزائها أو لوحاتها المعدنية". وقد تلاحظ أيضا أن بعض السيارات مزودة بزجاج فاميه الحاجب لرؤية ما يدور داخل السيارة.

استبد بى التعب وتعبت الأعصاب فقررت العودة مستقلا مترو الأنفاق حيث لاحظت أن سلوك الناس تحت الأرض لا يختلف عن سلوكهم فوق الأرض. الجدير بالإشارة أن الركاب لا يلتفتون للأبواب المخصصة للنزول والأبواب المخصصة للصعود. فأبواب الصعود ينزل منها ركاب وأبواب النزول يصعد منها ركاب أيضا. وقد تفهمت لماذا قام مسئولو المترو بتخصيص عدة عربات للسيدات فقط ولكن ما لم أتفهمه هو لماذا تترك النساء العربات المخصصة لهن ويركبن مع الرجال. وقبل أن استكمل تدوين باقى الملاحظات كان المترو قد وصل محطة جامعة القاهرة. أمام سلم مترو الجامعة وقفت مع الواقفين منتظرا سيارة تقلنى إلى مسكنى فى شارع فيصل. وهذا المكان مفضل لانتظار سيارات الميكروباص المتجهة إلى شارع فيصل بعد أن يشطر إلى نصفين حيث يصر سائقو السيارات أن آخر محطة لهم هى الطالبية أو المطبعة أو الثلاث طوابق والأجرة 75 قرشا. أما من يرغب فى الذهاب إلى آخر فيصل فليذهب إلى الطوابق مثلا ثم يستقل سيارة أخرى بنصف الجنيه لتصبح الأجرة جنيه وربع الجنيه. الغريب أن كل ذلك يحدث رغم وجود جندى مرور فى يده دفتر مخالفات. لقد وجدته يدون شيئا ما فى الدفتر فاقتربت منه واسترقت النظر ليتبين لى أنه سجل مخالفتين لسائق سيارة ملاكى: 1. التحدث فى المحمول. 2. مخالفة قواعد المرور. ودفعنى الفضول لأوجه له سؤالا: هل رأيته يتحدث فى المحمول؟ فأردف الجندى قائلا: طبعا ولم يسعفنى الوقت أن اسأله عن المخالفة الثانية إذ وجدتنى اقفز إلى داخل أتوبيس توقف فجأة.

قبل بضعة أيام من مغادرة القاهرة قررت التوجه إلى شارع الهرم وتحديدا للمنطقة الواقعة أمام شارع العريش حيث شاهدت حشدا من الضباط وأمناء الشرطة بجوار مبنى شركة الخدمات التجارية البترولية (بتروتريد) يسابقون الزمن لحصد اكبر عدد من الرخص وبذرائع مختلفة ومن يدفع قيمة المخالفة يسترد رخصته على الفور كما أكد لى أحد أفراد الحملة الذى بادر بسؤالى إذا كنت امتلك سيارة أم لا فأجبت أننى بالفعل أمتلك سيارة فى أسوان فأردف قائلا: حيخالفوك حيخالفوك حتى لو مفيش حاجة حيخالفوك أى سوف تحرر مخالفة ضدى فى كل الأحوال. وظللت واقفا أراقب سقوط أصحاب السيارات الواحد تلو الآخر فى مطب المخالفات. ويا ليت أفراد الحملة اكتفوا بالرعب الذى أحدثوه فى الشارع بل بلغت العنجهية بأحدهم (يرتدى ملابس مدنية) لدرجة أنه لم يكتف بتضييق الخناق على أصحاب السيارات فحسب بل التفت إلى بعض موظفى شركة الخدمات التجارية البترولية طالبا منهم عدم الوقوف فى الشرفات فأحتد عليه أحد الموظفين طالبا منه الالتفات لعمله.

بعد وصولى إلى أسوان بثلاثة أيام وتحديدا يوم الأربعاء 3 سبتمبر وفى حوالى الساعة الرابعة عصرا وعلى بعد خطوات من نقطة مرور بلانة بأسوان شاهدت سيارة ميكروباص تنقلب عدة مرات وعلى متنها 14 راكبا وقد وجدنا الركاب غارقين فى دمائهم وحولهم المارة لا يعرفون ماذا يفعلون وتذكرت حقيبة الإسعاف ومحتوياتها التى لا نعرف عنها شيئا ثم فجأة وصلت سيارة إسعاف واحدة من نقطة إسعاف بلانة ولم نر حقيبة إسعاف فى سيارة الإسعاف ولم نشاهد قطعة قطن أو بلاستر أو أى شىء مع المسعف الوحيد. وقد تلاحظ أن المسعف فى حاجة إلى من يسعفه فى حمل المصابين وهذا ما فعله الجمهور الذين حملوا المصابين إلى داخل السيارة وفى الحقيقة لا يعرف المارة الطريقة المثلى للتعامل مع المصابين ولم يجدوا من يرشدهم. الغريب أن قائد الإسعاف لم يحمل مصابا واحدا بيديه بل ظل يصرخ قائلا إن السيارة لا تحتمل كل هذه الحالات.

لا أملك سوى بضع تساؤلات أنهى بها المقال: هل شاهد القارئ ما شاهدت ورأى ما رأيت وهل هناك أمل فى إعادة الانضباط للشارع المصرى من خلال التوقف عن إصدار تشريعات جديدة وتفعيل القوانين الحالية وتطبيقها على الخفير والوزير؟ هل يمكن إلغاء حقيبة الإسعاف على أن يدفع كل صاحب سيارة مبلغا سنويا يمكن الاستعانة به فى تعيين مسعفين جدد لنقاط الإسعاف المنتشرة على الطرق السريعة وتزويد عربات الإسعاف بكافة الأدوية اللازمة؟



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشركات المصرية الحديثة وحقوق المستهلك
- خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان
- دروس اولمبياد بكين
- من ينقذنا من أخطاء الأطباء؟
- لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح
- لا للمتاجرة بمطالب أهل النوبة
- هل فشلنا فى مواجهة الغش فى الامتحانات؟
- جرائم فى حق التعليم فى مصر
- هل يمكن أن تتحاور الثقافات المتباينة؟
- المحمول وسنينه
- هل سيرقص المسلمون إذا فاز حسين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ...
- ماذا نعرف عن التعليم فى إسرائيل؟
- حماس وحزب الله والأيادى الغريبة خلفهما
- قراءة فى قانون المرور الجديد: الايجابيات والسلبيات
- النفاق فى الدين بين العالم الإسلامى والغرب
- رفقا بهذا البلد
- قراءة فى الرسوم والأمور المسيئة للنبى
- أضواء على الانتخابات الأمريكية
- ظاهرة الطوابير فى كل مكان
- كرة القدم والاستقرار السياسى والاجتماعى


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - ملاحظات حول قانون المرور بعد تطبيقه