أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - العودة إلى الشعب .. مرة ثانية















المزيد.....

العودة إلى الشعب .. مرة ثانية


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 08:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد مجال اختلاف بين اثنين ، أن المعارضة قد انتقلت ، مابعد المتغيرات الإقليمية في أواسط العام الجاري ، إلى مرحلة جديدة ، وأنها ’وضعت أمام مسؤوليات بنيوية وسياسية ، يمكن أن يقال أنها على قدر من المغايرة لما سبق هذه المتغيرات . فقد سقط ما’زعم عن دور الخارج الأمريكي - الدولي في التغيير الديمقراطي . واختفى معه محور خلاف هدر النقاش حوله جهداً لابأس به في الوسط المعارض . و’حجمت ، موضوعياً ، في التداول القمعي ، ذريعة اتهام طالما ا ستخدمها النظام بإفراط لزج العديد من النشطاء المعارضين خلف قضبان السجون . كما سقط الخطر الخارجي ، الذي كان يتمثل بإعادة تشكيل الشرق الأوسط ، والذي وظفه النظام بدأب لتسويغ قمعه وعسفه تجاه الآخر المعارض ، وللتمسك أكثر مما مضى بأهمية ا ستمرار إعلان حالة الطواريء والأحكام العرفية " لمواجهة " هذا الخطر و حماية الوطن " .

مامعناه ، أن مجالاً وا سعاً قد فتح للفعل المعارض وللتغيير الوطني الديمقراطي . بيد أن هذا المجال لايمكن أن تدركه المعارضة دون تجاوز إلتباسات المشهد المعارض الراهن ، الذي ’وسمت فيه المعارضة مابعد وبسبب هذه المتغيرات بالعجز ، و’أخضعت مصداقيتها بسبب هذا الوسم الشامل لقوس السؤال الجاد . بدلالة أن سمة العجز قد أتتها من خارجها ومن داخلها . أتتها من خارجها .. من قبل أهل النظام .. شماتة .. وتأكيداً . على صحة سياسة النظام !!.. وأتتها من داخلها .. من قبل رموزها وأقلامها تجاوزاً لحقائق هذا العجز المتأتية عن بنية المعارضة وعن آليات ومواقف خاطئة أدت إلى الحالة التي وصلت إليها الآن . أي أنها ’عوملت كحركة مجردة بمعزل عن تاريخيتها وضرورتها السياسية وعلاقتها الموضوعية بحاجات المجتمع ، بشكل غلّب الانطباع وكأن الأمر يقتصر على مبارزة بين نشطاء المعارضة المعولين على دعم الخارج الحقوقي والسياسي ، وبعضهم على دعم أبعد من ذلك ، وبين النظام المسلح بكل ا شكال وآليات القمع .

وهكذا آل المشهد المعارض إلى تفاصيل تتجلى بحضور قسم من قيادات ونشطاء المعارضة في السجن وهم معرضون للأحكام القضائية الكيدية التعسفية ، وقسم آخر ملاحق ، وآخر شبه صامت للتقية . وتتجلى أيضاً بتواتر حركة إعلامية إلكترونية تنشر مقالات هجومية احتجاجية ضد النظام . الملاحظ في هذا السياق أن الرموز الفاعلة في المشهد ، لم تدخل في العمق بحثاً عن أسباب التراجع والعجز .. لا حديث صدر عنها عن أخطاء التموضع الاجتماعي .. لاكلام حول ثقوب الخطاب السياسي .. لانقد لتماوج المواقف ولأوهام العولمة .. لاذكر للعودة إلى الشعب .

لهذا لابد من العودة إلى أسّ العجز المزمن في المعارضة .. إلى بنيتها العضوية وإلى تموضعها الاجتماعي ..

لقد انطلق المبادرون والمؤسسون للحراك المعارض ، الذي سمي بربيع دمشق ، من وإلى " الطبقة الوسطى " . واعتمدوا على قدرات النخب الليبرالية الثقافية والسياسية ، على خلفية أن متغيرات العولمة الزاحفة نحو الشرق بقيادة القطب الدولي الأوحد ، سوف تمر من سوريا .. سوف تؤدي آلياً وحتمياً ، إلى التغيير الديمقراطي المنشود . ما أدى إلى تهميش الطبقات الشعبية ، وإ سقاط همومها ومآسيها الاجتماعية والمعيشية ، أي إ سقاط البعد الاجتماعي ، من الحساب ، وإلى عدم ربط المسألة الوطنية بالديمقراطية كبعدين متلازمين في مهام التغيير الأساسية . كما أدى إلى طغيان عقلية هذه النخب في اختيار الآليات الذاتية للحراك المعارض ، كان أبرزها عرائض .. مقالات .. ندوات .. تحمل هموم حق التعبير والنشر والرأي .. وهموم تداول السلطة والمشاركة في السلطة . أما هموم الرغيف والبطالة والجوع المتعدد الأشكال .. هموم الطبقات الشعبية فلم تكن ذات اهتمام يذكر . ولم تتطابق مفاهيم الحرية لدى الناشط النخبوي التي تبدأ بحرية الكلمة والقلم ، مع مفاهيم الحرية لدى المواطن الكادح الفقير العادي التي تبدأ بحقه بالرغيف والعمل . بكلمة .. ا ستعيض عن الخطوات العملية بالشعارات . حتى أن بعض الكتاب كانوا يتصورون أن عباراتهم النارية المشتعلة في مقالاتهم سوف تسقط النظام ، وبعضهم عندما تكثفت الضغوط الخارجية صار يحدد باليوم موعداً لبداية عهد جديد .

ومن خالف هذه الطروحات قليلاً راح يدعو النظام إلى تطبيق الليبرالية الاقتصادية " بمصداقية " !! أملاً بالوصول إلى الليبرالية السياسية ، متجاوزاً توحش وتخبط الليبرالية الاقتصادية عالمياً ، واعتمادها العنف الدموي الحربي في نشوئها وماضيها وحاضرها ، وممارستها العنف الاقتصادي الاجتماعي المأساوي ، لمتابعة مساراتها المتوحشة وتأمين مصالحها ، ومتجاوزاً التداعيات الداخلية المؤلمة التي تنجم عن إلحاق الاقتصاد السوري بهذه الليبرالية ، التي تترجم يومياً انحداراً متزايداً لمستوى معيشة أغلبية المواطنين تحت خط الفقر ، ووقوعاً متزاياً تحت كوابيس الحرمانات التي لاتحصى ، بمعنى أن عقلية النخبة وأحياناً عقلية فرد متميز فيها ، هي التي تبني الموقف وتحدد السمت . وقد تجلى ذلك في الكثير الكثير من المواقف والكتابات والتصريحات .. كما هو يتجلى الآن بمعالجة حالة العجز إيّاها . حيث اقتصر تعليل هذه العقلية للعجز على دور القمع وحده .. وتكر التعليلات المترادفة .. النظام لايسمح بوجود معارضة .. النظام اعتقل وضرب ومنع .. وتقدم لوائح بالقمع والمنع . وكأن المعارضة لم تتوقع من النظام هذا القمع وهذا المنع . وهنا تظهر محدودية الأفق للسياسات البعيدة عن الشعب . ويظهر أسّ العجز .. وهو عدم وجود عمق .. إ سناد شعبي .. يحمي المعارضة من القمع ، إن بالدفاع عن ضحايا الاعتقال أو برفد صفوف المعارضة بالمزيد من النشطاء .

وبدلاً من وقفة مبدئية نقدية ، يجري فيها تقييم المرحلة الماضية ، وانتقاد ما جرى فيها من أخطاء وتجاوزها بوضع برنامج مطابق للحاجات الوطنية والديمقراطية والاجتماعية , نجد ، حتى اللحظة ، تبرير الممارسات والسياسات السابقة مع محاولات احتواء القمع ، من خلال إبراز تقاطعات سياسية مع النظام فيما يتعلق بفتح بوابات العزلة العربية والدولية وفيما يتعلق بالمفاوضات حول الجولان المحتل مع إ سرائيل ، ونجد طرحاً يستدعي التفكير ملياً بمراميه ، مفاده ، أن معافاة المعارضة مرتبطة بالتعافي السياسي العام في البلاد ، وأن نهوض المعارضة غير ممكن دون نظام سياسي جديد .

وهنا ثمة حقيقة لابد من طرحها في هذا السياق ، وهي ، أن الأنظمة لاتصنع ولاتختار بدائلها المعارضة التي تعمل لتحل محلها ، وأن المعارضات الجادة لاتصنع ولاتختار الأنظمة التي تعارضها وتعمل للحلول محلها . إنها معادلة نابعة من الواقع .. من منطق وقوانين التعارض .. لاخيار فيها للمعارضة إلاّ بين الاستقالة أو المواجهة . المسموح به في حركة تاريخ المعارضات هو خيار انتقاء الوسائل والآليات التي تتطلبها الظروف الملموسة لحسم التعارض .. لاسيما عندما يكون التعارض .. والصراع .. بين المعارضة والنظام شاملاً للأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ومشحوناً بآلام اغتصاب السلطة والميز السياسي وآلام القمع .

إن تجاوز إلتباس المشهد المعارض ، الذي يعزز اتسام المعارضة بالعجز ، يستدعي ايضاً إعادة النظر في الخيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية .. العالم كله الآن أمام هذا الاستدعاء وهذا الاستحقاق . العولمة الرأسمالية الأحادية الهيمنة تتصدع وتتداعى .. وأحادية القطب الدولي تنهار . لقد بدأ انهيارها على أيدي المقاومة في الشرق .. ثم في أمريكا الجنوبية والكاريبي .. ومن ثم في القوقاز . وهاهي أبراجها المالية في مركزها الأعظم تكابد الخسائر والافلاسات ، التي ستتكثف بانهيار مؤكد لقطبية الدولار المالية العالمية . والعالم يستعد في المدى المنظور القريب لولوج مرحلة التعددية القطبية الدولية .

كيف ستتبلور الأمور عالمياً .. وبأي اتجاه اجتماعي ؟
موازين القوى العالمية ، التي تسهم مجموعات دولية متنامية القوة والكرامة الوطنية ومليارات المهمشين في قارات عدة هي التي ستقرر ذلك . لكن عالم المستقبل القريب لن يكون تحت الهيمنة الامبريالية التقليدية .. ولن يكون هذا العالم ، تحديداً ، مجالاً مباحاً مفتوحاً لتوحش " الليبرالية الاقتصادية .

بكلام موجز ، عجز المعارضة يمكن تفكيكه . والمشهد السياسي السوري مفتوح الآن على مداه أمام الحراك المعارض الوطني الديمقراطي . لكن شرطه الأول ، هو الانتقال من عهد النخب المعارضة إلى عهد الجماهير المعارضة .. أي العودة إلى الشعب .. إلى الحامل الاجتماعي لبرنامج التغيير . إلى الربط العضوي بين الوطني والديمقراطي والاجتماعي في عملية التغيير .

وبمنتهى المسؤولية والصراحة ، يمكن القول ، أن صراعاً يستند إلى دعم ومشاركة الشعب .. لابد أن يصل إلى خواتمه الناجحة وتحقيق أهدافه , وخلاف ذلك هو البقاء تحت سقف العجز والقمع .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذئاب اقتصاد السوق يهاجمون الحقوق العمالية
- صناعة القمع الخارجة عن القانون
- دمشق قبل باريس وموسكو
- من - النقابية السياسية - إلى النقابية - الليبرالية - .. !! . ...
- حول العدل والشرعية وحقوق الإنسان
- ضد جدران الفصل العنصري الدولي
- في أن ا ستعادة الجولان مسؤولية كل مواطن
- المعارضة والمنعطف الجديد
- سيدي إفني أكثر من قضية وطنية
- الاستبداد والتحولات الاقتصادية الاجتماعية
- شيء لايصدق .. حدث .. وقد يحدث بصورة أخرى
- سوريا أمام منعطف جديد ..
- لن تجلب روما الربيع لتصحر الغذاء العالمي
- المشهد اللبناني الجديد .. أكثر من تسوية وأقل من حل
- بديل نقابي مستقل .. مرة ثانية - إلى النقابي المعتقل مروان ال ...
- مجزرة معيشية جديدة
- الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في مصر تنتزع المبادرة
- بديل نقابي مطلبي ممكن
- قمة تحت خط العجز
- حتى تنهض المعارضة وتحقق التغيير


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - العودة إلى الشعب .. مرة ثانية