أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد السلام أديب - السياسة الاجتماعية في المغرب ومواجهة الفقر















المزيد.....

السياسة الاجتماعية في المغرب ومواجهة الفقر


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2416 - 2008 / 9 / 26 - 09:31
المحور: حقوق الانسان
    


تخضع السياسة الاجتماعية المعتمدة في المغرب للفكر الاقتصادي والاجتماعي المفروض من طرف الامبريالية عبر المؤسسات المالية الدولية: صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية. ومعلوم أن القطب الرأسمالي الوحيد المهيمن على العالم منذ انهيار جدار برلين يسعى إلى تكريس الاستقطاب العالمي من أجل تدبير أزمته الاقتصادية المزمنة المتمثلة أساسا في انهيار معدلات الفائدة والربح وأيضا التناقض الصارخ الذي وصلته المنظومة الرأسمالية بين حجم رؤوس الأموال المتراكمة الهائلة عالميا في مقابل الإمكانيات المتناقصة للاستثمار المتاحة عالميا أيضا بما فيها الإمكانيات المضارباتية، فهذا التناقض يقود إلى تبخيس قيمة رؤوس الأموال والتهديد بانهيار خطير للنظام الرأسمالي يفوق مداه ما حدث سنة 1929، لذلك تسعى القوى الرأسمالية بمختلف الوسائل لتدبير أزمتها انطلاقا من إشعال الحروب لتدمير الدول وإعادة بنائها لتشغيل الأموال المتراكمة ير الموظفة ووصولا إلى فرض وصفات اقتصادية واجتماعية متجانسة على بلدان العالم الثالث على الخصوص على شاكلة سياسات التقويم الهيكلي تقوم على ما يسمى بتحرير الاقتصاد وخوصصة القطاع العمومي لتتمكن الشركات متعددة الاستيطان من التغلغل والحلول محل الدول في تدبير الخدمات العمومية عبر تسليعها وتحويلها إلى بقرة حلوب للأرباح وبالتالي تجريد الشعوب من كل قدرة عن التحرر.
وبطبيعة الحال فإن الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية تكون وخيمة على بلدان العالم الثالث ومنها بلادنا، فالسياسات المملاة من الخارج تؤدي من جهة إلى نقل الفوائض الاقتصادية نحو الخارج مما يتسبب في عجز متعدد الأوجه: عجز الخزينة، العجز التجاري، عجز في ميزان الأداءات، ومن جهة أخرى يؤدي التخلي عن المرافق العمومية إلى ضياع كبير في مناصب الشغل القارة وانتشار أشكال من العمل الهش، كما يؤدي إلى غلاء وصعوبة ولوج الطبقات الدنيا والمتوسطة للشغل والتعليم والصحة والسكن وتنتشر البطالة، مما يعني انتشار ازمة اقتصادية واجتماعية خانقة فتبدأ السلطات العمومية بالبحث لها عن حلول ترقيعية من أجل تفادي الاضطرابات الاجتماعية.
ومعلوم أن الدول الدائنة والدول المدينة بالإضافة إلى الأبناك والصناديق المانحة للقروض والمساعدات قد اجتمعت في مونتيري بالمكسيك شهر مارس من سنة 2002 لوضع خطط التمويل لبداية الألفية الثالثة، وقد خرج المؤتمر بتوصيات تؤكد على ضرورة سعي دول العالم الثالث لمحاربة الفقر المطلق إذا ما أرادت الاستمرار في ضخ القروض إليها، وفي هذا الإطار تمت بلورة سياسات محاربة الفقر والتي تمت ترجمتها في بلادنا في ما يعرف بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي تم اعتمادها في الفترة المتراوحة ما بين 2005 و2010، لكن جل المراقبين يؤكدون عن عدم نجاعة هذه المبادرة لأن المغرب ما فتئ يسجل أدنى مؤشر في سلم التنمية البشرية 126.
كخلاصة يمكن القول أن المغرب يتوفر حاليا على سياسات اجتماعية ترقيعية ترمي إلى الحفاظ على حد أدنى من السلم الاجتماعي للاستمرار في خدمة مخططات الامبريالية ومصالح البرجوازية الكمبرادورية المحلية.

إن السياسات الاجتماعية الترقيعية المعتمدة في بلادنا لن تزيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي للطبقة الكادحة سوى تدهورا وقتامه، ذلك أن مصالح رأس المال أصبحت أكثر من أي وقت مضى تتعارض بشكل صارخ مع مصالح الطبقات الوسطى والدنيا، فمهما حاولت السياسات الاجتماعية المعتمدة إخفاء بعض معالم الاستغلال الرأسمالي الوحشي، إلا أن طبيعة نمط إنتاج وتوزيع الرأسمالية التبعية السائدة في بلادنا تقود حتما نحو التهميش والعطالة والعمل الهش وانتشار الفقر والتخلف، وهي بحد ذاتها نتائج وعوامل مولدة للازمة وبذلك تكتمل الحلقة المفرغة.


غياب الديمقراطية وسيادة الفكر الاقتصادي والاجتماعي الوحيد
إن أساس المأزق القائم هو غياب الديمقراطية الحقيقية وسيادة الفكر الوحيد القائم على النيو لليبرالية وعلى التبعية المطلقة للقوى الامبريالية الشيء الذي يؤدى إلى بلورة سياسات اقتصادية واجتماعية بعيدة كل البعد عن الهموم الاجتماعية الحقيقية للشعب المغربي، فمختلف السياسات الاجتماعية المعتمدة تصبح بدون جدوى لأن نمط الاستغلال القائم يعمق التدهور الاجتماعي بسرعة تفوق مستوى ما يمكن أن يتحقق من معالجة للأوضاع الاجتماعية المتردية بواسطة هذه السياسات، مما يزيد من هوة الفوارق الاجتماعية.

وفي ظل السياسات النيوليبرالية المعتمدة وانعدام المشاركة السياسية الحقيقية للشعب المغربي، تؤدي السياسات المتبعة إلى تكريس الفقر والبطالة والتفاوت الطبقي الصارخ، لذلك فإن العيب يكمن في النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد والذي لا ينفع معه علاج بدون إحداث تغيير سياسي واقتصادي واجتماعي جذري.

خلفيات التدابير ذات الحمولة الاجتماعية المعتمدة
بالنسبة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية فقد تم اعتمادها أساسا من أجل الاستهلاك الخارجي بالدرجة الأولى للحصول على المزيد من القروض ودعم نمط الإنتاج الرأسمالي السائد الذي يولد نفس التناقضات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية. أما بالنسبة لاعتماد ما يعرف بالرميد Ramed وهو نظام الرعاية الطبية للمسحوقين اقتصاديا المتوقع دخوله حيز النفاذ قريبا فلا يحمل في طياته أكثر مما تحمله المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فهو نظام محدود الفعالية مقارنة مع حجم العجز الاجتماعي الواسع واتساع الهشاشة وبؤر الفقر، وأعتقد أن هذا النظام الجديد يسعى فقط إلى التغطية على نوايا خوصصة قطاع الصحة بالكامل. أما بالنسبة للمؤسسات الاجتماعية كمؤسسة محمد الخامس للرعاية الاجتماعية فهي ذات أهداف احسانية بالدرجة الأولى ولا تضيف جديدا، بل تكرس طابع الاتكالية وانتشار ثقافة الاستجداء، وهي أسلوب إضافي لإخفاء معالم التدهور الناجم عن نمط الإنتاج الرأسمالي التبعي المتوحش.
ما العمل لمواجهة الفقر والتدهور الاجتماعي في المغرب
لا يمكن مواجهة الفقر والتدهور الاجتماعي المخيف السائد في بلادنا خارج الدخول في مسلسل دمقرطة حقيقية للحياة السياسية يصبح فيها الشعب هو صاحب السيادة، ففي ظل نظام ديمقراطي يتطور في إطار دينامكية للتحرر من التبعية الاقتصادية والسياسية واختيار نمط الإنتاج الاقتصادي الأسلم تتميز فيه علاقات الإنتاج بنوع من الاشتراكية، فيمكن حينذاك اللجوء إلى اعتماد المخططات الاقتصادية والاجتماعية ومواكبتها بسياسة ميزانية تنموية عقلانية تعيد الاعتبار لمفهوم التنمية الشاملة عبر مشاريع عمومية تنهض بجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وتحقق التوازن واعادة توزيع الثروات بشكل عادل، مع توفير الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة بالمجان طبقا لما التزم به المغرب عندما صادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 1979.
وإذا كان النظام الجبائي المغربي يستخدم حاليا لخدمة رأس المال على حساب العمل والمهن الحرة، وبذلك يكرس التفاوت الطبقي ويساهم في التوزيع غير العادل للثروات والمداخيل ، فلمواكبة التغيير الجذري المنشود في إطار خطة تنموية شاملة يجب إحداث تغيير كبير في المنظومة الجبائية السائدة، عبر اعتماد مبدأ التصاعد الضريبي سواء بالنسبة للضريبة على الدخل أو الضريبة على الإنفاق، مع العمل على تضريب الثروات والتركات ومحاربة الغش والتملص الضريبيين وإلغاء إعفاء الإنتاج الفلاحي للملاكين العقاريين الكبار.

كيف يمكن مواجهة الغلاء؟
الغلاء السائد هو نتيجة لعدة عوامل داخلية وأخرى خارجية، ومن بين أهم العوامل في هذا الصدد هو غياب سياسة فلاحية تركز على الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من مختلف المواد التي أصبح المغرب اليوم يستوردها بكميات هائلة وبعملة صعبة وازنة وبأسعار مرتفعة، كما أن الاحتكار والمضاربة يشكلان عاملا أساسيا في تفاقم الغلاء، لذا فإن سيادة القانون فوق الجميع ومحاربة الاحتكار والمضاربة سيحقق نتائج مهمة في خفض الأسعار. ويبقى على الدولة انتهاج سياسة تشغيل واسعة للحد من البطالة والتطبيق الصارم للحقوق الشغلية واعتماد السلم المتحرك للأجور مما قد يقلص من هشاشة الطبقات المسحوقة في مواجهة الغلاء. مع الانتباه أنه في الوضع الراهن يجب المحافظة على صندوق المقاصة، لأنه على الأقل يساهم في توفير عدد من المواد الأساسية بأسعار مقبولة لدى الطبقتين الوسطى والدنيا، أما في حالة إعدام هذا الصندوق، فإن الاندحار سيطال بحدة هاتين الطبقتين اللتين تشكلان أكثر من 80 % من الشعب حيث ستحدث انعكاسات جد خطيرة على ما يسمى بالسلم الاجتماعي الهش أصلا.




#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثرياء يمارسون التهريب القانوني للعملة
- الأزمة والانتفاضات الاجتماعية في المغرب
- حكومة بدون شعب، وشعب محروم من حكومة تعبر عن ارادته الجماعية
- قراءة سريعة في 10 سنوات من الأداء الاقتصادي
- أسباب فشل الملتقى الرابع لتنسيقيات مناهضة الغلاء
- نداء إلى تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
- مسؤولية الدولة قائمة في محرقة ليساسفة
- سلطات الباطرونا تتغلب على سلطة الدولة
- هجوم رأسمالي على الطبقة العاملة وخمول سياسي ونقابي في مواجعة ...
- أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين بالمغرب
- المغرب بين الوضع الحقوقي الدولي والجهوي
- لا يمكن توقع ردود فعل الجماهير إزاء ارتفاع الأسعار
- السياسة الاقتصادية لا تخدم سوى مصالح رأس المال المحلي والدول ...
- الغلاء يفضح ضعف السياسة الاقتصادية بالمغرب
- الدولة تخفي إرهابها بالوعود
- النمط الاقتصادي المعتمد لا يؤدي إلى تنمية اجتماعية
- البرلمان والاعتقال السياسي
- المشهد السياسي الحالي في المغرب والمشاركة السياسية للمرأة
- جماهير مدينة سلا تحتج على غلاء الأسعار وعلى تدهور الخدمات ال ...
- سياسة الميزانية والهروب إلى الأمام


المزيد.....




- حركة فتح: قضية الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين تحتل أولوي ...
- نادي الأسير يعلن ارتفاع حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر إلى 78 ...
- الاحتلال يفرج عن 7 معتقلين من الهلال الأحمر ومصير 8 ما زال ...
- الأمم المتحدة: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- تعذيب وتنكيل وحرق حتى الموت.. فيديو صادم يظهر ميليشيا موالية ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون انعدام الأمن ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون غزي يواجهون انعدام الأمن الغذائ ...
- زاخاروفا تضيف سؤالا خامسا على أسئلة أربعة وضعتها برلين شرطا ...
- مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلس ...
- الأردنيون يتظاهرون لليوم الرابع قرب سفارة إسرائيل ومسيرات بم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد السلام أديب - السياسة الاجتماعية في المغرب ومواجهة الفقر