أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - الشاعر والعالم/ راهنية الشعر العراقي















المزيد.....

الشاعر والعالم/ راهنية الشعر العراقي


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2415 - 2008 / 9 / 25 - 07:40
المحور: الادب والفن
    



الشاعر والعالم
راهنية الشعر العراقي [1980-2000]
أسفرت الأحداث الاستثنائية التي حاصرت بلاد الرافدين خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين عن جملة من النتائج والآثار الشمولية والدقيقة على مختلف الأصعدة التحتية والثقافية. من ذلك ما شهده الأدب العراقي من نقلات فكرية وجمالية، ارتفعت بالانسان والقضية إلى مديات كانت محجورة ومساحات بقيت مظلمة على مستوى الخطاب المعرفي الحضاري. وكانت الشعرية العراقية، كالعادة، هي السباقة في عمليات الحفر العمودي وإعادة صياغات الذات الشعرية لتجاوز الطارئ والزمني إلى التأريخي والفلسفي والانساني.
لقد بقيت الشعرية العربية رهينة الخطاب الاعلامي الراهني السطحي للقبيلة والمؤسسة، حتى ظهور النقلة الشعرية الحداثوبة منتصف القرن الماضي، التي ثارت على النمطية السلفية. وتميزت قصيدة الخمسينات بالحفر في الاسطورة ممثلة في قصيدة السياب و استحضار الصوفية لدى البياتي وعبد الصبور ، بينما توزع الستينيون بين التاريخ الاسلامي والتراث الشعبي البدوي. وجاءت التجربة السبعينية وقفة مراجعة وتمحيص للبحث عن انطلاقة جديدة تحرر القصيدة من براثن الخطاب المياشر وغير المباشر إلى لغة تغور في التاريخ، وتبرز حفريات خزعل الماجدي التاريخية ورقمه المطلسمة على صعيد الشعر وتوظيف الميثولوجيا على سعيد السرد وتجربة "دابادا" لحسن مطلك على صعيد الرواية محطات مضيئة ساهمت في بلورة المنجز الثماتسعيني في استيلاد خطاب شعري حضاري فلسفي يتجاوز الحاضر ويسنحضر التاريخ ويتجاوب مع المستقبل.
ثمة أكثر من جانب لدراسة الشعرية الراهنة وانفجاراتها المتواصلة بهدوء وعمق. يلخص الشاعر التسعيني جمال الحلاق بعض مظاهرها قائلاً: هناك إضافة في قصيدة النثر التي نكتبها، وقد شخصناها منذ الشهر الخامس 1995 . ومن مميزات هذه القصيدة أذكر الاختزال، فقد كانت القصيدة الثمانينيية مترهلة والشعر الآن مختزل ومكثف ويلتصق بوجود الانسان، ذلك أن وجود الانسان في العالم شعري./ألواح ع5-998. بينما يقيم الثمانيني فضل خلف تجربة جيله بالقول: رافقت الكتابة الشعرية الثمانينية الكثير من المهيمنات الاسلوبية والفكرية مثل: التكرار، المفردات البيئية والشعبية، التوظيف المغاير للميثولوجيا والموروث الشعبي والتاريخي، السرد وملصقات السرد، البياض كمعادل دلالي، استثمار فانتازيا الواقع، توظيف القاموس الدلالي الشعبي وترحيل اللهجة العامية إلى أفق الشعر، الانفتاح الأجناسي على حقول الابداع المختلفة، استثمار جميع مظاهر التقدم التكنولوجي، الاتفادة القصوى من الكشوفات المعرفية واللسانية، إلى غير ذلك من المهيمنات التي دفعت المشروع الحداثي العربي نحو مديات وآفاق مغايرة، وأشاعت حساسية جديدة على جميع مستويات ومراحل انتاج الكتابة الشعرية/الزمان ع1480في16/4/03. بيد أن الأمانة التاريخية تقتضي عدم غبن أي جيل أو شاعر منجزه، حسب تقاليد النظام السياسي العربي والتداول عبر قتل الأب. وسوف تتغير حدة الخطاب ونوعيته مع تقادم الجيل، كما نرى في تأشير السبعيني حميد قاسم لقصيدة جيله معتبراً أنها: أخذت منحى جديداً يتمثل في محاولة المغايرة والاختلاف، أو ما تسمى بمحاولة "الخروج على أبوّة الجيل الستيني" الذي تحكمت في تجاربه مؤثرات متشابهة إلى حدّ بعيد، وستتطلع أغلب نماذجها وأبرزها إلى أفق آخر./ مجلة الرافد- ملف الشعر العراقي بين حربين. ان هذا التوصيف السريع لا يعني مطلقاً وجود نمطية جيلية أو قوالب متفق عليها لدى كل جيل. ان التجربة الشعرية تبقى تجربة نفسية وشعورية ورؤيوية مفتوحة غير محددة حتى لدى الشاعر نفسه. واستخدم الشاعر فضل خلف {تسمية التجمعات المرجانية.. الأقرب إلى توصيف الظواهر الاسلوبية التي تسود المشهد}/م.ن. أن الشاعر الذي يقسر نفسه على نمطية معينة مهما كانت المبررات انما يحكم على نفسه وتجربته بالجمود والموت، وثمة كثير من الشواهد في كل مكان. العملية الشعرية عملية نحت وبحث وتجديد وأسئلة متوالدة، ولا يجوز النظر إليها مثل لوحة معلّقة في متحف، أو بناء في ركن من المدينة. وكل منجز، لا يتعرض للنقض والتجاوز في الزمن الشعري انما يمثل شهادة عجز عن الابداع والتواصل، أما الحقيقة الشعرية، فهي الحقيقة الوجودية وإدراك حدود الزمن التي يسخر العلم الحديث والشاعر المعاصر كل أدواته لرؤية مشارفها. ويبقى كل منجز، منجزاً عالمياً مشتركاً أسهم فيه كل الشعراء، طالما أن من لا يقرأ لا يستطيع أن يكتب، ومن يتأمل، لا يحتاج فقط للمشهد المتامَّل، وانما لما يحثّه أو يحثّ فيه حاسة التأمل وذلك هو النص.
الخصوصيات
" لقد كان تأثير تلك الحرب عميقاً في تجربة شعراء ما بعد الستينات الذين التحقوا بالخدمة العسكرية طيلة سنوات الحرب وشارك أغلبهم مشاركة فعلية فيها، وعايش أهوالها من خلال المواجهة اليومية الساخنة مع الموت وتفاصيله وأدواته المدمرة في الخنادق الأمامية، فضلاً عن انعكاساتها في العمق.. في الحياة اليومية للمجتمع العراقي وآثارها على الوجدان الفردي أو الجمعي، وهذا ما لم يتح للشعراء من الأجيال السابقة ممن كتبوا عن الحرب بوصفها فعلاً خارجياً"/ حميد قاسم- م.ن. ويقول عدنان الصائغ:جيلنا الذي ولد مع دوي المدافع وأصوات القذائف، كان ظهوره أيضاً مدوياً وصاخباً ولا يزال من خلال نتاجاته وطروحاته الشعرية والفكرية والتنظيرية المتنوعة وصخب معاركه.. جلينا الذي ولد في الحرب وانتهى إلى المنفى والحصار والأقبية، تلاطمت أمواجه بشكل متسارع: تداخلت وتفرّقت وتكسّرت تبعاً للعواصف والبراكين التي كانت تمور في أحشائه.أنني أراه الآن من نافذة منفاي: غيمة هائلة ضيّعت نصف شآبيبها في الزمن اليباب.. مستذكراً مقولة برخت من جهة: أنتم يا من ستظهرون بع الطوفان الذي غرقنا فيه..الخ. ومصطلح الناقد حاتم الصكر الذي أطلقه علينا في الثمانينييات: شعراء الظل. ثمة ظاشياء كثيرة تفرقنا عمن سبقنا وعمن تلانا، بعدد الأشياء التي تجمعنا أيضاً، تبعاً لمستويات الحساسية الشعرية والتجربة والألم والكتب وشراسة الواقع وطريقة التعامل معه والتأمل فيه./ضفاف9-02 فيما تخطت تجربة المنفى بعدها الترفي الارستقراطي لدى الأجيال السابقة إلى البعد القسري الاضطراري لدى الثماتسعينيين بكل ما تضيفه هذه التجربة من معاناة وإرهاصات جديدة وفي ظل انعدام أية ضمانات لا يقل المنفى التسعيني عن الحرب في الشراسة والمواجهة المستمرة مع الموت، الفيزياوي أو المعنوي. المنفى بمعنى مواصلة سياسة التهميش الفكري في الداخل إلى التهميش الجغرافي حدّ القذيعة مع المصدر، وما يترتب عليه من آثار نفسية تنعكس في ذات الشاعر، "بإدراكه وقدرته على اتخاذ قرار الانزواء والهرب ومحاولة عدم الظهور والاصطدام من جديد مع الآخر ..أو عدم القناعة بمسار العملية ذاتها والتي تترتب عليها جملة أمور أقلّها الصمت والاكتفاء بما حققه سابقاً، العزوف عن محاولات التعريف به أو الدراسات الخاصة عنه، وقد تصل إلى الحال الأسوأ في اغتراب المبدع داخل العملية الابداعية –اذا جاز التعبير- مما تتكون لديه قناعات بعبثية الحياة وعدمية الحال ونقص في أصالته وجدواه"/عبد الهادي سعدون- ألواح1 . المنفى بمعنى العزل المزدوج، العزل عن الوطن والأهل والأصدقاء ومصادره الثقافية، وعزل عن المجتمع الجديد وثقافته بهويتها الشوفينية المنغلقة على نفسها؛ وبما يرسخ تشظية الذات وترويج حالة الاغتراب والانفصام ما بين الوطن الأول والثاني واللغة الام واللغة الجديدة والثقافة الأصلية والمكتسبة، وانعدام أو صعوبة التواصل النفسي والثقافي مع حياة الوطن وثقافته. من هذا المنطلق تأتي ضرورة هذا الكتاب في تجميع شظايا الكيان العراقي عبر الجغرافيا الزمكانية والدعوة إلى تأصيل قيم جديدة بين الذات والآخر ، للأختلاف لا الخلاف، والاعتراف لا التهميش والالغاء سواء من قبل المؤسسة الاجتماعية أو الثقافية أو بين الأدباء أنفسهم، ايماناً بوحدة التجربة ووحدة المعاناة ووحدة القضية. لقد أثبتت الثقافة العراقية أصالتها ونقاءها وانتصارها على محاولات المسخ والتفريغ، ولابدّ أن تستمر في أصالتها ونقاءها وتتقدم بما يرسّخ دورها الفاعل في الصيرورة الاجتماعية واستجلاء الهوية والجوانب الابداعية في ذات الانسان العراقي.
وإذا كان بعض الثمانينيين مثل ابراهيم البهرزي وسلمان داود محمد استخدموا تسمية "جيل المهمّشين" تعبيراً عن وضعهم داخل الوطن فأن أقرانهم الذين غادروا إلى المنفى يبقون أكثر تهميشاً أو هامشية، حتى الموت، على حافة مجتمع غريب يفرض عليهم شروطه وثقافة لا تفسح لهم أقل مما يستحقونه. ومن الافرازات غير المنتظرة التي فرضت تبعاتها النفسية والفكرية على الأدباء تسييس مصطلحي "أدباء الداخل" و "أدباء الخارج" واحلاله محلّ أدباء السلطة والأدباء غير السلطويين. وظهرت لعبة قوائم المرتدين الدورية لزيادة الشقة والإساءة الى سفراء الثقافة الحقيقيين، بيد أن الأدباء العراقيين كانوا أكثر فطنة وأكثر أصالة في التصدي لتلك الممارسات الصبيانية التي زادت تلاحم الأدباء وتواصلهم بكل الطرق الممكنة، وجاءت بعض المشاريع والمجلات الثقافية لتولي عناية خاصة لاختراق الحصار الدولى والداخلي ونجحت في ايصال نسخ منها الى أيدي رفاقهم الذين يعملون على تثويرها واستنساخها وايصالها إلى أبعد نقطة في القارة العراقية رغم الأعباء الثقيلة التي يلقيها الحصار على كواهلهم، في عملية بطولية وتلاحم رائع يبقى مشرقاً في الذاكرة العراقية وحافزاً لمواصلة المنجز الحضاري النبيل، بينما كان المغادرون وسائقو سيارات الآجرة محمّلين بنصوص ومسوّدات أدباء "الظل" و"المهمشين" ليحملها البريد من عمان إلى عواصم الشتات وصحافة الشتات، وانتشرت ملفات عديدة في أكثر من عاصمة وبلاد عربية وأجنبية ولغات مختلفة. فاقترن الوعي الحضاري المتقدم بالمنجز الابداعي المتواصل لصياغة هوية معرفية وطنية أصيلة.

وديع العبيدي



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هادي العلوي و عصرنة (المشاعية)-
- الشخص الثالث في الملحمة
- رسالة إلى اليوم التاسع والعشرين من يونيو
- رسالة إلى أبي
- الذي يأتي من بعدي
- حكاية إسمها -شادي-
- الغائب
- رسالة إلى مؤيد سامي
- آشتي تخرج من الحمام
- (ما أسهلَ الكُرْهَ..!)
- رسالة إلى علي هجام
- الزمن نقطة والانسان دائرة..
- تلك الرائحة..
- قبل أن تبرد!
- رباعيات
- مثلَ عُودٍ يَحترقُ..
- شجرة اصطناعية
- العولمة (و) العمال.. حركة المفاهيم والتحديات
- ذاكرة السور
- لم تفرغ الكأس..


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - الشاعر والعالم/ راهنية الشعر العراقي