أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالوهاب خضر - حول المساعدات العسكرية لمصر !















المزيد.....


حول المساعدات العسكرية لمصر !


عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 10:17
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


نبهت دراسة أمريكية إلي ضرورة إعادة النظر في المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر سنوياً والتي يقدر حجمها بنحو 1.3 مليار دولار. ومن المتوقع أن تثير هذه الدراسة جدلاً في الأوساط المصرية ليس فقط لدعوتها الصريحة بضرورة "مشروطية" المساعدات الأمريكية لمصر، وإنما أيضا لأنها صدرت عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى المعروف بعلاقاته القوية بإسرائيل، وبلجنة الشئون العامة الأمريكية - الإسرائيلية المعروفة باسم "منظمة إيباك" AIPAC. والدراسة التي جاء عنوانها "مستقبل المساعدات الأمريكية لمصر"، تنبأت بتوتر مؤكد في العلاقات الأمريكية المصرية بغض النظر عن هوية الرئيس الأمريكي القادم.
خلفية المساعدات الأمريكية لمصر؟
تقرير واشنطن الصادر عن معهد الامن الامريكى منذ ايام قال : بعد توقيع القاهرة وتل أبيب معاهدة السلام عام 1979، وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية للبلدين. وخلال السنوات الماضية حصلت الحكومة المصرية على أكثر من 50 مليار دولار. بمعدل 815 مليون دولار سنوياً للتنمية الاقتصادية و1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية في صورة أجهزة ومعدات عسكرية.

وفي عام 1998 وافقت الحكومتان المصرية والأمريكية على تخفيض المساعدات الاقتصادية خلال العشر سنوات، بعبارة أخري خفض المساعدات الاقتصادية من 815 مليون دولار إلى 415 مليون دولار بحلول عام 2008. وقد خططا الجانبين لاتفاق جديد للسنوات العشرة القادمة، ولكن المفاوضات استمرت لسنتين بدون الوصول إلى اتفاق شامل.

وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 أضحت الحكومة الأمريكية أكثر اهتماما بإعادة النظر في برنامجها للمساعدات الخارجية للبحث عن سبل جديدة للإصلاح الاقتصادي ولكنها في ذلك الوقت لم تجد شركاء مصريين على درجة من المصداقية يمكن التعاون معهم. وبحلول عام 2004، ونتيجة للكثير من الضغوط الأمريكية في المنطقة فضلاً عن الإطاحة بالرئيس العراقي السابق "صدام حسين"، قام الرئيس المصري حسني مبارك بتعيين حكومة إصلاحية جديدة بقيادة رئيس الوزراء أحمد نظيف. وقد خاض الفريق الاقتصادي الوزاري الجديد مفاوضات شاقة مع الولايات المتحدة حول مذكرة التفاهم لإصلاح القطاع المالي المصري.

وقد كانت مذكرة التفاهم في مصلحة الطرفين، حيث كانت بمثابة اتفاق أولي يمكن التعويل عليها في اتفاقيات المساعدات المستقبلية. وبدلا من تخصيص المساعدات المالية بصورة مباشرة لوزارة التعاون الدولي المعروفة بفسادها، ارتبطت المساعدات المالية بمقاييس معينة، وخُصصت بصورة مباشرة لوزارة المالية، والتي كان لها الفضل في تحديث قطاع مهم بالاقتصاد المصري.
مدي حاجة الاقتصاد المصري للمساعدات الأمريكية ؟

تساهم المساعدات الاقتصادية الأمريكية بنسبة ضئيلة في الاقتصاد المصري، فقد كانت تشكل في عام 1979، وهو عام بداية المساعدات الأمريكية للقاهرة، 5% من الناتج المحلي الإجمالي. وتمثل حالياً أقل من ربع واحد في المائة لتوفير عمليات الخصخصة الكثير من المال لخزينة الدولة ونمو الاقتصاد المصري، وتشير أحد مقاييس مذكرة التفاهم أن خصخصة بنك الإسكندرية مقابل 1.6 مليار دولار، إضافة إلى 2.6 مليار دولار للخزانة المصرية مقابل ترخيص شبكة المحمول الثالثة لشركة "اتصالات".

وبالنسبة للمصريين تُعد المساعدات الأمريكية ذي طبيعية رمزية، ومرتبطة إلى الأبد باتفاقيات كامب ديفيد. ومع انكماش المساعدات وتزايد المشروطية المرتبطة بها قلت جاذبية المساعدات بصورة ملحوظة. ولذلك نادي الكثيرون بضرورة إلغاء المساعدات الاقتصادية من أجل علاقات أكثر سلاسة، وأن المفاوضات حول هذا القدر الضئيل من المال يٌولد مشاعر مريرة على الجانبين. فالمساعدات تمنح الكونجرس الفرصة لفرض المزيد من المشروطية التي ترتبط بالمساعدات وقيود إضافية على العلاقات. وهذا ما يثير تساؤلين رئيسيين مفادهما لماذا تكافح القاهرة كل سنة من أجل المساعدات الأمريكية؟، ولماذا لم تدع وزارة الخارجية الأمريكية أن العلاقات بين البلدين ستكون أفضل في حال غيابها؟، وتتخلص الإجابة على هذين التساؤلين في أن القاهرة وواشنطن مهتمتان بتحصين المساعدات العسكرية لمصر.


مشروطية المساعدات العسكرية لمصر ؟

خلال السنوات الماضية كافح النائبين بمجلس النواب ديفيد أوبي David Obey وتوم لانتوس "توفي شهر فبراير من هذا العام" Tom Lantos من أجل ربط المساعدات العسكرية الأمريكي لمصر بإجراءات وسياسات معينة يتخذها النظام السياسي. ولكنهما في المقابل وافقا على مشروطية المساعدات الاقتصادية. وفي السنة الماضية نجحا في إدخال بند يربط المساعدات العسكرية بالإصلاح السياسي ومدي التقدم في إغلاق الأنفاق على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية التي يتم من خلالها تهريب الأسلحة إلى غزة، وقد منح البند أيضاً وزيرة الخارجية الأمريكي "كونداليزا رايس" إجراء احتياطي في شكل " National Security waiver استثناء أمن قومي" إذا كانت الشروط غير مستوفاة ولكن المساعدات العسكرية في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، والذي يعني استمرار تدفق المساعدات العسكرية. وفي مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في مارس أعلنت رايس عن استخدامها الحق الممنوح لها عن "الأمن القومي" والذي أثار حفيظة منظمة فريدم هاوس Freedom House، وهي منظمة حقوقية أمريكية، والعديد من المنظمات الحقوقية.

ويعبر الكثيرون بالقاهرة ووزارة الخارجية الأمريكية عن مخاوفهم من فقدان المساعدات الاقتصادية حصانتها كلية، وسابقة تعديل أوبي – لانتوس قد تدفع الكونجرس بقوة إلى ربط المساعدات العسكرية بإجراءات (مشروطية المساعدات العسكرية).
دراسة أمريكية تنبه: مستقبل المساعدات العسكرية لمصر في خطر!

ولهذا السبب يحاول الكثيرون الحفاظ عليها. وليس من المرجح أن يستمر هذا في الإدارة الأمريكية الجديدة. فبصرف النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية المحتدمة حالياً سيتزايد عدد منتقدي النظام المصري بالكونجرس، والذي يزيد من غضب الكونجرس لاسيما مع استمرار تجاوزات النظام المصري واستهدافه للجيل الجديد من الناشطين. فعلي سبيل المثال سجن المدون عبد الكريم سليمان لما يقرب من سنتين بتهمة إهانة الرئيس والإسلام. وفي يوليو 2008 تم القبض على أربعه عشر شاباً من نشطاء موقع الفيس بوك Facebook بتهمة التحريض ضد النظام أثناء الاحتفالات بذكري ثورة 23 يوليو 1952.


مستقبل المساعدات مرهون بقيادة مصرية جديدة لديها رؤية للمستقبل ؟

استمرار عدم التزام النظام المصري بالتزامات حقوق الإنسان يمنح أعضاء الكونجرس القادم فرصة توجيه رسائل قوية إلى القاهرة. ونتيجة لذلك ستواجه الإدارة الجديدة صعوبة – إن لم يكن استحالة – تبرير المساعدات الاقتصادية للقاهرة، ناهيك عن زيادتها. هذا فضلا عن مواجهة البيت الأبيض لمحاولات مضاعفة لفرض "مشروطية" علي المساعدات العسكرية من الكونجرس الجديد وربطها باتخاذ إجراءات أو سياسات معينة. وإذا أعادت وزارة الخارجية الأمريكية تطبيق نفس الاستثناء المتعلق بـ" الأمن القومي" وسمحت بتمرير المساعدات لمصر بذريعة "الشراكة الإستراتيجية" سيكون ذلك على مضض كبير.
و يمكن القول أن القاهرة تستطيع وقف مثل هذه الضغوط إذا كانت هناك قيادة جديدة لديها رؤية واضحة لمستقبل البلاد بحيث يمكن للجانب الأمريكي أن يفهمها ويدعمها. بل وقد من يدافع عنها في البيت الأبيض وداخل الكونجرس الأمريكي. بيد أنه لسوء الحظ لا تبدو في الأفق ملامح لوجود مثل هذه القيادة، لذا فإن وضع شروط علي تقديم المساعدات العسكرية التي تكون المخرج الوحيد للإدارة الأمريكية القادمة.
فما هى حكاية هذه العلاقة :
البيانات القديمة تشير الى أن هيئة المعونة الأمريكية خصصت ‏557‏ مليون دولار عام 2003 فقط لمصر‏,‏ منها‏200‏ مليون دولار تحويلات نقدية لتوفير العملة الصعبة للمشروعات الجد يدة , وقد قال لنا أحمد سيد النجار " خبير اقتصادى " أن هذة المعونة جاءت بالغراب على مصر وأن 70 % منها يعود مرة أخرى للولايات المتحدة , فهى معونة مشروطة , واما د . جودة عبدالخالق استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة فقد قال لنا , بأن الولايات المتحدة الامريكيه لم تعد فى حاجة الى المعونة للضغط على مصر والتأثير على قرارها السياسى , فهناك أشكال اخرى للضغط على مصر بعد انهيار اقتصادها من خلال تطويقها من جميع الجهات وعزلها عن المنطقة العربيه ويحدث هذا الان .
وتشير أوراق حزب التجمع الوطنى التقدى الوحدوى فى مصر على استمر الحكم فى مصر فى اتباع سياسة العلاقات الخاصة بين مصر وأمريكا التى بدأت فى السبعينات وتعمقت فى الثمانينات والتسعينات وحتى اليوم رغم تناقض المصالح المصرية ودورها فى المحيط العربى مع هذه العلاقات .
وقد سعت الإدارة المصرية جاهدة فى السنوات الخمس الماضية لتوثيق هذه العلاقات التى قامت على المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر ، والدور المصرى فى تسويق التسوية السياسية للصراع العربى الإسرائيلى ، ومساندة السياسة الأمريكية وتوفير مظلة لها فى بعض المحطات الأساسية لهذه السياسة .
وكما تقول هيئة المعونة الأمريكية فى تقريرها عن نشاطها خلال 25 عاما (1975-2000) .. "بدأت الشراكة مع مصر عام 1975 . وبعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية عام 1979 ، وافق الكونجرس الأمريكى على زيادة المساعدات الاقتصادية لمصر ، وظلت مصر تتلقى حتى 1999 ( 815 ) مليون دولار سنويا . وهو أكبر برنامج للمساعدات تقدمه الهيئة فى العالم ، ويهدف إلى تدعيم الاستقرار والديمقراطية والرخاء فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط ".
وطبقا لنفس المصدر فقد وصلت المعونات الاقتصادية المصرية خلال ربع قرن إلى 7ر22 مليار دولار ، إتجهت فى السبعينات لتطهير قناة السويس وإعادتها للملاحة البحرية ، والمساعدة فى توفير البنية الأساسية فى مجالات الطاقة والمياه والاتصالات وبناء صوامع الغلال . وخصصت فى الثمانينات لتحسين مستوى حياة المصريين وخاصة فى المناطق الريفية ، وللزراعة والصحة والتعليم ودعم الجهود المصرية للاصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى ، وإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر فى كافة المجالات الاقتصادية ، وتحقيق الخصخصة ودخول إقتصاد السوق ، وزيادة العمالة والتوظف عن طريق تقديم القروض للمشروعات الصغيرة . وأعطت فى التسعينات التفاتا أكثر للجهود الحكومية للإسراع بالتنمية الاقتصادية ، وبيع وتصفية القطاع العام وزيادة الصادرات ، وكفاءة استخدام المياه ، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتخفيض التلوث ودعم المنظمات غير الحكومية لتلعب دورا أكثر فعالية فى النشاط التنموى.
وتوزعت هذه المعونات ـ طبقا لهيئة المعونة الأمريكية ـ على النحو التالى .. (3ر5) مليار دولار لدعم البنية الطبيعية ( المياه ـ الطاقة ـ الاتصالات ..) و5ر4 مليار دولار للخدمات الأساسية ( الصحة ـ تنظيم الأسرة ـ التعليم ـ الزراعة .) و2ر6 مليار دولار واردات مستلزمات الانتاج، و8ر2 مليار لتنفيذ سياسات التكيف الهيكلى والاصلاح المالى والاقتصادى ، 9ر3 مليار مساعدات غذائية ( واردات الحبوب حتى عام 1990).
وإلى جانب هذه المعونات الاقتصادية تلقت مصر 3ر1 مليار دولار سنويا كمساعدات عسكرية.
ولم تلعب هذه المساعدات أى دورا مؤثرا فى تحقيق التنمية ، وكان هناك حرص على أن لاتتجه هذه المعونة للتصنيع . وأدت السياسات الاقتصادية والاجتماعية التى فرضتها هذه المساعدات الى تراجع التنمية والعجز فى الميزان التجارى وميزان المدفوعات ، وانخفاض قيمة الجنيه المصرى ، والفشل فى سياسة التصدير والرهان على الاستثمارات الأجنبية ، وزيادة الفقر والبطالة ، وانخفاض مستوى معيشة الطبقات الشعبية والفئات الوسطى ، والتراجع المستمر للهامش الديمقراطى الذى كان متاحا فى نهاية السبعينات وبداية الثمانينات .
ولم تزد المساعدات النقدية المباشرة خلال هذه الفترة عن مليار و815 مليون دولار ، بينما خصصت باقى المساعدات (21 مليار و185 مليون دولار ) للاستيراد من الولايات المتحدة ، مع الأخذ فى الاعتبار إرتفاع أسعار البضائع الأمريكية وكذلك تكاليف النقل والتأمين مقارنة بأوربا واليابان . وتم إستهلاك مابين 25% و40% من القيمة الأساسية للمشروعات المنفذة مكافآت لبيوت خبرة أمريكية فرضتها هيئة المعونة الأمريكية . وتم استخدام جانب مهم من المساعدات لتمويل إستيراد فائض الحبوب الأمريكية . وتقدر مصادر رسمية مصرية أن 70% من هذه المعونات تعود للولايات المتحدة مرة ثانية . وتستهلك الرشاوى وعمليات الافساد نسبة عالية من مخصصات المعونة طبقا لصحيفة الهيرالدتريبيون . ولعبت هذه المعونة ومافرضته من سياسات دورا أساسيا فى توريط مصر فى ديون خارجية وصلت إلى 62 مليار دولار عام 1989 ( قبل حرب الخليج الثانية ) حسب تقدير د.رمزى زكى رحمه الله . كما فتحت الباب أمام تدفق السلع الأمريكية لمصر ، وتحقيق فائضا تجاريا متراكم لصالح الولايات المتحدة وصل الى نحو 8ر44 مليار دولار خلال الفترة من 1974 وحتى 1988.
وكان واضحا أن الإدارة الأمريكية تعمل على وضع الاقتصاد المصرى فى حالة إحتياح دائم لمعونتها وقروضها وتحرص على عدم تخليص الاقتصاد المصرى من أزماته ، لكى تضمن إستجابة القاهرة للسياسات الأمريكية.
ووقعت مصر لاستخدام هذه المساعدات سلسلة من الاتفاقات تنتهك السيادة المصرية ، من أشهرها اتفاقية القرض الأمريكى لبيع القمح(7 يونية 1984) وإتفاقية قرض بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى مع مصر للطيران . ومن شروط هذه الاتفاقيات خفض الدعم الحكومى للذرة واللحوم ورفع الدعم عن الأسمدة والكيماويات (!)، وعرض ميزانية مصر للطيران على البنك الأمريكى ( أى ممارسة البنك حق التفتيش والرقابة ) ، وإخضاع الاتفاقية لولاية القضاء الأمريكى . وفى يونية 1986 صدق مجلس الشعب المصرى على إتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين جمهورية مصر والولايات المتحدة الأمريكية ، ومن أغرب بنودها التزام الحكومة المصرية بدفع تعويضات للولايات المتحدة فى حالة وقوع عدوان على مصر ـ من إسرائيل مثلا ـ يضر بالاستثمارات الأمريكية فى مصر، وإعطاء الولايات المتحدة حق التدخل العسكرى إذا فكرت مصر فى تعديل أى اتفاقات مع شركات أمريكية ، ونزع الولاية القضائية المصرية عن الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
وربطت الحكومة الأمريكية بين استمرار المعونات ، والدور المصرى فى تحقيق تسوية سياسية للصراع العربى الاسرائيلى ، وقدرتها على تشجيع الأطراف العربية ( فلسطين وسوريا ) والضغط عليها للقبول بشروط التسوية الإسرائيلية ، ووجود تعاون مصرى اقوى مع إسرائيل ، والاسراع بخطوات التطبيع العلنى بين القاهرة وتل أبيب.
وتتراجع قيمة المساعدات المدنية عاما بعد آخر . فإتجاه الولايات المتحدة لتخفيض مساعدتها الخارجية عامة أدى إلى اتفاق الإدارة الأمريكية والحكومة المصرية على تخفيض المعونات المدنية خلال عشر سنوات (من عام 1999 وحتى عام 2008) على ثلاث مراحل . وإمتدت المرحلة الأولى من عام 1999 وحتى عام 2002 حيث تم تخفيض المعونة الاقتصادية من 815 مليون دولار إلى 652 مليون بنسبة 5% سنويا . وقد حاولت مصر تحويل 50% من المبلغ الذى سيتم تخفيضه من المعونة الاقتصادية الى المساعدات العسكرية اسوة بما حدث مع إسرائيل حيث تزيد المعونة العسكرية المخصصة لها من 8ر1 مليار دولار سنويا إلى 4ر2 مليار دولار عام 2010 ، لكن الإدارة الأمريكية رفضت هذا الطلب المصرى .
أما المساعدات العسكرية والتى لعبت دورا فى توفير السلاح لقواتنا المسلحة ، بعد القطيعة مع الاتحاد السوفيتى المصدر الأساسى لتزويد مصر بالسلام منذ عام 1955 وحتى حرب أكتوبر 1973 نتيجة لتغيير السياسة الخارجية لمصر ، فقد أدت إلى تخلى الحكم عن شعار " تنويع مصادر السلاح " وأعلن وليام كوهين وزير الدفاع الأمريكى فى مارس 1999 أن صفقات السلاح الأمريكية " تأتى فى إطار إتفاقيتى كامب ديفيد وإتفاق الصلح بين القاهرة وتل أبيب ، وأنها جزء من الاتفاق مع مصر على استبدال الأسلحة المصنوعة فى روسيا باسلحة أمريكية " . وكان واضحا أن السلاح الأمريكى لمصر مشروط بهدف أمريكى استراتيجى أهم ، وهو إستمرار التفوق العسكرى الإسرائيلى . فالولايات المتحدة تحرص دائما على تمتع إسرائيل بتفوق مطلق على الدول العربية مجتمعة ، سواء فى مجال نظم الأسلحة التقليدية " أو فى مجال السلاح فوق التقليدى ( الكيماوى والبيولوجى ) ، أو فى مجال استخدام الفضاء الخارجى لتحقيق أهداف عسكرية ( الصواريخ الباليستية) إضافة لاحتكارها للسلاح النووى فى المنطقة ، كما يقول اللواء د.أحمد عبد الحليم . وقد أعلن صمويل بيرجر مستشار الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون " أن حماية أمن إسرائيل مثل حماية أمن الولايات المتحدة" . وترفض الإدارة الأمريكية فى عهودها المختلفة فكرة تحقيق توازن عسكرى بين مصر وإسرائيل . يقول وزير الدفاع الأمريكى " إن توازن القوى ضرورى فى حالة الصراع ، وفى حالة وجود احتمال لنشوب صراع . ولكن مصر فى حالة سلام مع إسرائيل "! الغريب أن هذا الموقف لم يتأثر بالعلاقات الخاصة بين مصر وأمريكا والتى ترتقى إلى التحالف ، بدءا بمناورات " النجم الساطع " و" رياح الصحراء" وصولا إلى توقيع مذكرة التفاهم بين وزيرى الدفاع المصرى والأمريكى 4 أبريل 1988 ومنح مصر وضع " الدولة الحليفة لأمريكا العضو فى حلف الأطلنطى " وتعهد مصر فى هذه المذكرة بمنح مزيد من التسهيلات والامتيازات العسكرية ، وحظر منح تسهيلات عسكرية تتجاوزها لأطراف عسكرية تتبع دولا أخرى إلا بموافقة مشتركة من الولايات المتحدة ومصر ، وعدم القيام بأى أعمال تناقض إتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية أو خرق ملاحقها العسكرية ، وعدم بيع أو إقراض ماتحصل عليه من أسلحة لأى دولة تدخل فى صراع مباشر مع الولايات المتحدة ، أو تتواجد جغرافيا فى مناطق النزاعات خاصة فى الشرق الأوسط .
وقد إستغلت الولايات المتحدة هذه المساعدات والعلاقات الخاصة " الاستراتيجية " بين البلدين للتأثير فى القرار السياسى المصرى .
واثناء مناورات النجم الساطع عام 1999- والتى تجرى كل عامين فى الصحراء المصرية منذ عام 1981 لتدريب القوات الأمريكية على حرب الصحراء والتى طبقت فى الغزو الأمريكى للعراق هذا العام ـ قال نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية أن " المناورات تهدف إلى تعزيز التحالف العسكرى المتميز بين مصر والولايات المتحدة " وقال وزير الدفاع الأمريكى فى ذلك الوقت " وليام كوهين" .. " إن هذه المناورات تحذير لبغداد وتشكل جزءا من سياسة الاحتواء العسكرى .. وعلى ذلك البلد أن يأخذ مناورات النجم الساطع التى تجرى فى صحراء مصر الغربية بمشاركة 11 دولة فى الاعتبار . إننى أنظر إليها باعتبارها أكثر من مناورة لأن مارأيناه اليوم كان إعلانا قويا من جملة الدول التى تضم الولايات المتحدة ومصر والأردن والكويت والإمارات المتحدة أن تحالفها يزداد قوة .. ولمناورات النجم الساطع 99 هدفا آخر ، وهو احياء سياسة الاحتواء لايران " . وأكد وزير الدفاع البريطانى أن هدف المناورات هو التدريب على تنفيذ استراتيجية حلف الأطلنطى الجديد فى التوسع جنوبا.
وقد ألغت الولايات المتحدة مناورات النجم الساطع والتى كانت مقررة فى شهر سبتمبر الماضى (2003) بمقولة وجود أسباب فنية وانشغال قواتها المسلحة فى أفغانستان والعراق. بينما يرى المراقبون أن إدارة الرئيس بوش لم تعد فى حاجة لهذه المناورات التى استخدمت لتدريب القوات الامريكية على حرب الصحراء وتمهيدا لغزو العراق وهو ما حدث بالفعل . وكذلك للضغط على الادارة المصرية التى شعرت بالقلق من هذا الالغاء!.
وفىمحاولة مصرية لتوثيق هذه العلاقات بدأت ماسمى بالحوار الاستراتيجى بين وزيرى خارجية مصر والولايات المتحدة فى واشنطون (9يوليو 1998) ثم فى القاهرة فى ديسمبر 1998، ثم فى واشنطون فى فبراير 1999 . وخلال الزيارات السنوية للرئيس مبارك للولايات المتحدة (1999 ، 2000،2001، 2002) ، وزيارات متتالية لوفود مصرية اقتصادية وسياسية مثل زيارة د.يوسف بطرس غالى فى 28 سبتمبر 2001 ، وزيارة مدحت حسانين لواشنطون فى نفس التاريخ ، ثم زيارة فايزة أبو النجا ، ووصول الفريق حمدى وهيبه رئيس أركان حرب القوات المسلحة فى أكتوبر 2002 لحضور اجتماعات لجان التعاون والتنسيق العسكرى المشترك ، واجتماع مجلس الأعمال المصرى الأمريكى فى واشنطون ( أكتوبر 2002) ثم فى القاهرة من 19 إلى 22 يناير 2003 – وصولا إلى زيارة وفد رفيع المستوى من د.يوسف بطرس غالى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وجمال مبارك أمين عام لجنة السياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى واسامة الباز مستشار الرئيس للشئون السياسية وجلال الزربا رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى ود.عبد المنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وآخرون ، والذى استمر لمدة 10 ايام اعتبارا من 27 يناير 2003 ، ثم الوفد رفيع المستوى ايضا وعلى رأسه جمال مبارك واسامة الباز ويوسف بطرس غالى خلال شهر يونيه الماضى .. فقد تركزت المطالب الاقتصادية المصرية فيما يلى :
الحصول على مزايا تفضيلية للسلع المصرية فى السوق الأمريكية.
زيادة حجم الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
نقل المعرفة على المستوى التكنولوجى.
اعلان إقامة منطقة التجارة الحرة بين البلدين
وأعاد د.بطرس غالى – عشية زيارة الرئيس للولايات المتحدة فى مارس 2000 _ هذه المطالب ، وقال عن الوجود على خريطة الاستثمارات الأمريكية " فمصر على طرف الخريطة إن لم تكن ليست على الخريطة اصلا ، ولذلك فنحن نريد أن نكون فى وسط هذه الخريطة ، ووجود مصرى فى السوق الأمريكية بمعنى زيادة الصادرات المصرية للسوق الأمريكية ، وبدء مناقشة إقامة منطقة للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة ، واستيراد التكنولوجيا من الولايات المتحدة" .
وخلال زيارة الوفد " رفيع المستوى " فى يناير – فبراير 2003 طرحت هذه القضايا جميعا ، وأضيف اليها طبقا لتصريح فايزة ابو النجا وزير الدولة للشئون الخارجية " سبل تحقيق الاستفادة القصوى من برامج المساعدات .. فهناك إمكانية هائلة لتحسين هذه البرامج ، خاصة أن جزءا كبيرا منها لايتم توجيهها بالشكل الكافى لإحداث النتائج المنشودة منها .. " نسبة كبيرة من التمويل الذى تتيحه برامج المساعدات الأمريكية لمصر يذهب إلى الخبراء والمستشارين الأمريكيين المشرفين على تنفيذ هذه البرامج ، وذلك فى الوقت الذى يسعى فيه الجانبان المصرى والأمريكى الى ضرورة أن يشعر المواطن المصرى بأنه يتلقى مساعدات حقيقية من الولايات المتحدة الأمريكية " .. وطلب مساعدات اضافية تعويضا عن خسائر الاقتصاد المصرى الناتجة عن الضربة العسكرية ـ المتوقعة ـ للعراق والتى قدرتها الحكومة المصرية بما يتراوح بين 6 مليار دولار و8 مليار دولار.
ولم تستجب الإدارة الأمريكية طوال هذه السنوات لأى من المطالب المصرية . وكانت تتقدم فى كل مرة بمطالب جديدة من الحكومة المصرية من بينها فتح أسواق الاستثمار فى مصر فى كل المجالات بما فى ذلك مجالات التصنيع العسكرى أمام كل الراغبين فى الاستثمار بما فى ذلك إسرائيل وخصخصت الشركات والمؤسسات العامة المتبقية بما فى ذلك البنوك ، وضرورة وجود تعاون مصرى اسرائيلى أقوى فى جميع المجالات ، واصدار عديد من التشريعات أو تعديل تشريعات قائمة مثل قانون حماية الملكية الفكرية وقانون مكافحة غسيل الأموال وقانون العمل وقانون جديد للاستثمار والتأكد من التزام مصر بقوانين واتفاقات منظمة التجارة العالمية بما يتعلق بالجمارك وإجراء تخفيضات فى الضريبة الجمركية ، وتخفيض فى قيمة الجنيه المصرى امام الدولار وترك تحديد السعر للسوق النقدية الحرة . ورغم استجابت مصر لهذه المطالب وبصورة أضرت بالاقتصاد المصرى ، فمازال موقف الرفض الأمريكى للمطالب المصرية ثابتا لايتغير .
وأخيرا وقعت الحكومة المصرية على اتفاقية مع الحكومة الأمريكية لضمان عدم محاكمة العسكريين أو المدنيين الأمريكيين أمام المحكمة الجنائية الدولية على ارتكابهم لجرائم الحرب أو جرائم ضد الانسانيه .



#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- گيف تتحرر النقابات العمالية فى مصر ؟
- إجتماعات شبه سرية للحكومة المصرية - لجعل - أموال العمال المح ...
- كيف يصبح اتحاد العمال مستقلا عن الحكومة والأمن والصراعات؟
- وقائع وأرقام حول أزمة الغذاء والوقود الحيوى فى العالم :دعوة ...
- مفيش علاوة من غير بنزين
- الارض تهتز من تحت أقدام النظام الحاكم فى مصر !
- عن العلاوة وارتفاع الاسعار فى مصر : فين الرجالة ؟!!
- حسين مجاور : إضرابات العمال فى مصر .. حق مشروع !!
- مفاجآت الرئيس مبارك للعمال .. بلا ضمانات!
- رقبة الوزير وليست ذراعه !
- فيرجن ميغاستور ... وكيف تستفيد منها الحكومات ؟
- بالاسماء : شركات أمريكية ترعى الارهاب
- الحكم المصرى يدفع البلاد إلي الهاوية
- حزب التجمع المصرى يقود اخطر معركة ضد تدمير الاقتصاد الوطنى : ...
- اتحاد عمال حوض النيل ومنظمة البيئة والنقابة العامة للزراعة و ...
- اتحاد نقابات دول حوض النيل فى إختبار مصيرى
- رؤية حزب التجمع حول وهم التخطيط في زمن الاقتصاد العشوائي وفو ...
- حول زواج جمال مبارك
- أحمد العماوى وزير القوى العاملة السابق....... إضرابات العمال ...
- عن عيد العمال فى مصر ... سألونى ؟


المزيد.....




- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية
- أرباح بنك -أبوظبي التجاري- ترتفع 26% في الربع الأول من 2024 ...
- البنك الدولي: توترات المنطقة تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم ...
- أسهم -وول ستريت- تهبط بعد نتائج ميتا وبيانات اقتصادية سلبية ...
- الأول في الشرق الأوسط.. صندوق النقد الدولي يفتتح مكتبا إقليم ...
- بلينكن يدعو الصين إلى -منافسة اقتصادية صحية-


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالوهاب خضر - حول المساعدات العسكرية لمصر !