أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - بسام الهلسه - شدعي ع القطار !














المزيد.....

شدعي ع القطار !


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2410 - 2008 / 9 / 20 - 10:26
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



* الحي الذي عشت فيه طفولتي المبكرة في عمان، حمل اسم "المحطة" نسبة إلى محطة توقف القطار القديم.
ولا زلت أذكر صوت صفيره المديد المميز ومرأى قاطرته تجر خلفها العربات سائرة بتهادٍ وإختيال.
أنا وصديق لي كان يحلو لنا أن نجلس بجانب طريقه الملتوي عبر "جبل النصر" المقابل، لنشاهده عن قرب ولنضع قطعاً من المسامير المنحنية والأسلاك على سكته حتى تمر عليها عجلاته الحديدية فتحولها إلى شفرات وسيوف صغيرة، حتى نهانا عما نفعل أحد المراقبين!
و"شَدْعِي ع القطار" (وتعني: "بأي شيء أدعو على القطار) أغنية سمعتها صغيراً من جنود عراقيين كانت وحداتهم العسكرية مرابطة في الأردن في إطار ما كان يعرف بالجبهة الشرقية، أيام كان للعرب جبهاتهم: الشرقية والشمالية والجنوبية ضد إسرائيل. مضت السنون، وانفرطت الجبهات بعد توقيع اتفاقيات السلام؛ ولم تعد ثمة حاجة للدعاء على القطار بعدما عاد الجنود للديار؛ بل صار في حاجة للدعاء له بالعودة لوصل بلاد العرب!
* * *
جاء القطار متأخراً إلى بلادنا العربية –ما عدا مصر التي جرى بناء سككها الحديد قرب منتصف القرن التاسع عشر- وقد احتفل مؤخراً في سورية والأردن بالذكرى المئوية له.
فقبل مائة عام (1908م) تم إنجاز المشروع الذي أقره السلطان العثماني "عبدالحميد الثاني" وتبرع لتمويله المسلمون في جميع أقطارهم من أموالهم الخاصة وعرف بـ"سكة حديد الحجاز".
وقد استمر هذا الخط الممتد من تركية إلى العراق إلى أقطار بلاد الشام إلى المدينة المنورة في الحجاز الشريف، حتى الحرب العالمية الأولى -حيث جرى قطعه في مواضع مختلفة- فتعطل ولم يعد يصل بين الأقطار التي جزأتها اتفاقيات سايكس- بيكو وسان ريمو، وحافظت الدول المنبثقة على هذا الوضع، وصار مذاك خطاً داخلياً خاصاً بكل قطر...
* * *
وكما نذكر، أخذ القطار اسمه الحالي من "قطار الإبل" (أي قافلة الإبل التي تسير في خط متتابع موصول) بعد ما كان يطلق عليه في كل قطر عربي اسم خاص...
ففي مصر دعي بـ"الوابور" وقد كتب فيه وله الشعراء قصائد غناها المغنون كالأغنية المشهورة لـ"محمد عبدالوهاب" "يا وابور قول لي رايح على فين؟" وفي بلاد الشام أطلقوا عليه اسم "الترين" ولم يغنوا له كأهل مصر، ربما لأنه قوَّض مصالح قبائلهم وقبائل الحجاز التي كانت تنتفع بنقل الحجاج وحراستهم!
وظلوا على عهدهم القديم يحنون لقوافل الجمال وأيامها الخوالي ويغنون لها بمزاج حزين:
"جمال محمله.. وجراس بتْرن
والأيام إل مضت.. ع البال بِتْعِن
حملت بضاعتي عليهن لابيعهن
غريب.. وما حدا مني اشترى!"
أما في العراق الذي كان من نصيب الاحتلال البريطاني وموظفيه الهنود، فسموه "الريل" (من الكلمة الإنجليزية "Railway"). وهو الذي خاطبه "مظفر النواب" في قصيدته الذائعة المغناة "للريل وحمد":
"يا ريل صِيح بقهر!
صيحة عشق يا ريل!"
* * *
عرّب العرب "أسماء" القطار إذن.. لكنهم تركوا "المسمى" بلا تعريب! وهو الأمر الضروري والحيوي والملح، ليس فقط بمعنى مد سككه وخطوطه لتصل الأقطار العربية كلها ببعضها البعض (مع سائر الخطوط الجوية والبرية والبحرية)، بل بمعنى تصنيعه عربياً...
والتصنيع –كالتوحيد- مهمتان لا بد منهما للعرب، إذا ما أرادوا تصفية وضعِيتَيْ التخلف والتبعية الاقتصادية.. وهذا يعني تحرير إرادتهم السياسية وأقطارهم المحتلة (لنتذكر أن قيام دولة إسرائيل أدى إلى قطع الاتصال البري بين مصر والشام، فانقطع معه خط سكة الحديد الذي كان موجوداً)؛
ويعني إزاحة طبقة الكمبرادور (الوكلاء التجاريين للصناعات والخدمات الأجنبية) من المواقع الاقتصادية، وتوظيف الخبرات والكفاءات العربية المعطلة أو المهاجرة، والأموال الطائلة المبددة والمودعة في البنوك الغربية في بناء تكامل اقتصادي وسوق عربية مشتركة، يكون فتح الحدود أمام حركة المواطنين ووصل البلدان العربية ببعضها، مقدمة لها..
وما لم تدرك هذه المهمات ويتم تحقيقها، فإن حياة العرب ومصائرهم ستظل رهينة للإملاءات والتقلبات الدولية المهيمنة سياسياً واقتصادياً ومعرفياً...
وإلى أن يغيروا الأوضاع القائمة، فإن عليهم أن يحاسبوا أنفسهم –و"يدعو عليها"- لا على القطار (الذي أخذ المحبوب ومضى به كما تقول الأغنية العراقية!) فليس هو المذنب في كون سككه وخطوطه ليست عربية!
[email protected]
* كاتب وناقد من الاردن.



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مضغُ الوقت !
- مضغ الوقت !!
- استعادة الذات...في-الامل- كما في -الالم-
- محمود درويش...الحضور..والغياب
- المثقف والسياسي...سؤال العلاقة ؟
- آب آب...عن السجون والعشاق الذين لا يؤوبون ؟؟
- منذ مئة عام...عسكر انقلاب !!
- ذكرى ميسلون : التحدي..والاستجابة
- عبد الوهاب المسيري...رحيل المتميز
- كتابة السيناريو ... خطوات إجرائية
- مقالة في المقارنة!!
- طلب اعفاء !!
- حدث ذات حزيران...
- فخامة لبنان...اسيرة..وطليقة!؟
- فعلها بوش !!
- اسرائيل:مقاربة مكثفة
- دير ياسين:سيحضر الضحايا.. وتستعاد التفاصيل...
- عبد القادر الحسيني:البطل.. والمصير
- جدل في اميركا...اماطة اللثام
- يوم الارض...خاتمة..وفاتحة


المزيد.....




- صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد العربي 2.6% في 2024
- جدل متزايد في الأردن بعد عفو عام شمل إصدار شيكات بدون رصيد
- لبنان، أزمة اقتصادية وسياسية عميقة
- أولويات تخصيص الإنفاق في مصر ومشكلة عجز الطاقة
- هل تأثرت السياحة الروسية في مصر بسبب الضربات الإيرانية لإسرا ...
- وزير ألماني يتحدث عن -البؤس- الاقتصادي في بلاده
- صندوق النقد الدولي: عجز الميزانية يحمل مخاطر على الاقتصاد ال ...
- العملة الإسرائيلية عند أدنى مستوى في 5 أشهر
- -مطار دبي- يعلن عودة وشيكة للعمل بكامل طاقته
- تأثير متباين لتوترات المنطقة على النفط والذهب والعملات


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - بسام الهلسه - شدعي ع القطار !