أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد الخمسي - في الذاكرة المشتركة: لو يتحدث أسيدون باسمي















المزيد.....

في الذاكرة المشتركة: لو يتحدث أسيدون باسمي


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 10:16
المحور: حقوق الانسان
    


نعم، تمنيت لو يتحدث أسيدون باسمي. فمن اللحظات القليلة التي اهتزت نفسيتي، لحظة أخيرة في حلقة من برنامج حميد برادة في الدوزيم (ولكن أيضا؟) عندما استضاف سيون أسيدون، إذ سأله عن الحدث الذي يكتب التاريخ الآن؟ فكان جواب أسيدون عن أولئك الغزاوة الذين يواجهون الحصار!
ساعتها افتقدت أسيدون، لأنني اشتقت أن أعانقه! طبعا هناك سياق شامل يبني صورة أسيدون في الذهن. لكن النقطة الشديدة الحساسية هي الفرادة التي تميز الفرد، كل فرد. وأن يتميز مغربي بالمواصفات المحيطة بأسيدون بدقة التفرد المعياري، حد القدرة على الاحتفاظ بالبوصلة في حالة اشتغال جيد؛ علما أن الأوضاع الفلسطينية نفسها، من داخل الساحة الفلسطينية نفسها، لم تعد تساعد على الإمساك بالبوصلة من الزاوية الجيدة.
وقد سبق أن عاينت، ذات مرة، حديث الحكيم إدمون عمران المالح بدرجة بالغة العلو في الدقة، بصدد الذاكرة المغربية. مما أفرز في دماغي تساؤلا عن الطاقة التي احتفظت بها ثلة من المغاربة اليهود، وهي تكابد وضعها المغربي، مع كل من يكابدون في مجتمع مثقل بالذاكرة ومتعب من وعثاء التخلف والنكد في تاريخهم المباشر.
لذلك، عندما اقتحمت جلسات مؤسسي المركز المتوسطي للذاكرة والمستقبل، بالمكتبة الوطنية بالرباط، أحسست بوعورة الدخول في مغارات الذاكرة. سواء من حيث الندوب والجروح المميزة للوجه، أو من حيث ما تنفثه أقباء مغارات من روائح الجثامين ودسائس الحروب، أو من حيث مهام العلاقات العامة التي تنتظر شخص المغربي وما يقتضي من تبعات التجميل وإتقان البروتوكول، ينأى بصاحبه عن الانغلاق والتبرم الشديد الحساسية.
أن يجيب أسيدون كون الغزاويين كُتـّاباً لتاريخ فلسطين في اللحظة الحالية ليس من السهل على كل ليبرالي متساهل مع ليبراليته، وليس من السهل على منتمي لديانة متساهل مع ديانته، ولا على كل منتمي للثقافة الغربية بمواصفاتها العلمانية والعقلانية المفككة، أن يمتلك دقة الموقف، الذي يظهر وكأنه عنادا ضد النفس لمجاراة المجرى العام للشارع في بلده، مثل ما امتلك أسيدون من الجرأة للتعبير عن موقفه المبهر. وهو الذي لم يتساهل لا مع الليبرالية ولا مع الانتماء الثقافي الديني الموروث، بل صاغ فرادته بالمرور من المسالك الحادة التي يفضلها المناضلون عن تلك الممرات المفروشة بالبساط الأحمر كما فعل اليمينيون المغاربة من كل الانتماءات الثقافية الدينية.
نعم، تمنيت لو يكتب أسيدون عن قضايا الذاكرة المشتركة بعدما أوقـّع له ورقة بيضاء. إمعانا مني في كون الثقة المكتسبة بالعطاء وعبر اقتسام الحاضر بما تطلب من مآسي، هي الأرضية المشتركة للتداول في أمر الذاكرة المشتركة. أما وقد امتلك تصورا علمانيا عن مختلف القضايا،بما فيها مهد الديانات، ليمتلك نظرة الشعوب، بدل نظرة المنظومات المالية والتجارية العالمية ـ لما لا، وقد بدأ يطفو على السطح موقف الدولة الديمقراطية سقفا لكل المواطنين من كل الديانات ـ فقد صفا ذهنه أكثر من أي منتسب آخر، ليخوض في أمر الذاكرة المشتركة. فها هو وقد اشتهر علمانيا يساريا، لم تؤذه العدمية ولم ينتكس نحو الإستئصالية مثلما نحا بعض إسلاميينا قبل 16 ماي 2003 وبعض علمانيينا بعدها.
I
عندما أذكر هنا اسما بعينه، فقط على سبيل المثال، لتبيان التناقض الحاد في المنطقة المتوسطية وعبر العالم، في مفصل الذاكرة. فقد انتكس العالم بأسره، عندما تملك الوعي الزائف ناصية العقل السياسي الأمريكي باسم الذاكرة. مثل الحالة المزرية للأكاديمي المثقف الشهير: السموأل هتنغتون. فمشكلته مع صراع الحضارات لم تبدأ بصدد العلاقات الخارجية للولايات المتحدة مع المناطق الشرق أوسطية والصين والهند....فيمكن القول أنه تورط في ذلك! بأكثر من معنى.
أما الزيف الذي أصابه فقد ابتلي به ضمن الذاكرة الأمريكية بما لا ضيق بعده. وذلك عندما اعتبر الهوية الأمريكية قد أصيبت بتلوث من "الداخل". بعدما أصبح 10 % من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، ضمن 5 ولايات في الجنوب، تسود بينهم الكاثوليكية بدل البروتستانتية والإسبانية بدل الأنجليزية والتبعية العصبية للإثنية بدل حرية الفرد، وكل مواصفات اللاتين المكسيكيين بدل الملامح السوسيولوجية للانغلوسكسون. فقد تساءل السموأل هتنغتون: "من نحن؟" معتبرا أن مستقبل الكينونة الأمريكية مهدد بتقلص "النواة الصلبة" الأنغلوسكسونية. كيف يمكننا أن نتخيل الذاكرة المنتمية للعقل السياسي الأمريكي؟ هل نصدق أن تفتح المتنفدين في النظام السياسي الاقتصادي الأمريكي على السود عبر ترشيح أوباما عملية ثقافية متسامحة ديمقراطية ستنعكس على العلاقات الدولية بما فيها إخراج افريقيا من تحت الوصاية الأوربية؟!
إذا كان الأمر كذلك، ما هي الفجوة التي يمكن للشعوب المتوسطية أن تسلك منها نحو وعي جديد للذاكرة المشتركة؟ والحال أن الأمريكيين وهم على سدة السيادة العولمية من الآن وإلى منتصف القرن (2050) على أقل تقدير. هل يملك الهنود والصينيون منظومة مغايرة للذاكرة المشتركة؟ أم سيتمكن مثقفو أمريكا الوسطى والجنوبية رفقة كندا من بلورة مضمون نموذجي لمفهوم جديد للذاكرة المشتركة بناء على استعادة حتمية لذاكرة الهنود الحمر المخصية منذ خمسة قرون؟
II
إن انتهاء الاستقواء الغربي على باقي مناطق العالم مرهون باستعادة العقل الغربي حالته النفسية السلمية تجاه جرائم الإبادة التي كالوها للسكان الأصليين في القارة الجديدة. فليس من الطبيعي أن تقف الأهرامات في أمريكا الوسطى دون أن يكون لحفدة بانيها الحق في الوجود الراهن كطفو للوجدان الغائر. هذا "الاستئصال النموذجي" هو العقبة الكونية الأكثر ارتفاعا بين قمم الانتهاكات الجسيمة بين الحضارات.
وتحت هذا السقف، يمكن تخيل كل المسارات الإقليمية والجهوية المفعلة للعدالة الانتقالية فيما بين البلدان المتوسطية. نعم، إذا تم تفعيل السبق المتوسطي للحلول التي اهتدت إليها البشرية عبر الوحي الديني فيما سبق انطلاقا من هذا الحوض، فيمكن إعمال التكامل بين السبق والنقد الذاتي. مما سيضع المبادرة التركية تجاه الأرمن والمبادرة الإيطالية تجاه ليبيا، سقوفا بديلة موقتة لصياغة الذاكرة المشتركة بين شعوب حوض المتوسط.
لكن، العملية محكومة بتجاوز منطق الجلاد والضحية إلى منطق ثالث فيه المسؤولية المقتسمة بصدد إعادة بناء الوعي حول الذاكرة المشتركة. وهنا، وإن وجدنا أنفسنا على نفس الأرضية مع ألان غريش وبن يمين سطوره وفيرنان بروديل، لا بد من اعتبار تعدد اللغات ضمن غنيمة الحرب ضد الاستعمار كما قال يوما كاتب ياسين، بدل الانغلاق، على طريق التكامل الفعلي بين النقد الذاتي والنقد. وضمن النقد الذاتي لابد من التفكير الجدي في الملفات المشتركة مع الجارة الإسبانية
III
لقد طرح المركز المتوسطي للذاكرة والمستقبل أفكارا جديدة في صيغ أسئلة. مما جعل تلك الأفكار متوثبة نحو المستقبل الفكري والسياسي. من جهة أولى، اتجهت الدول نحو صيغ عديدة لإعادة التفكير في أساليب العيش المشترك في حوض المتوسط. فكانت الصيغة الفرنسية (13 يوليوز 2008)، ثم جاء خبر الاعتذار والتعويض الإيطالي لفائدة ليبيا، ليكمل أو يعمق أو يوسع الإطار الفرنسي الذي بدا سطحيا. ثم ما لبثت النخبة التركية أن أظهرت تململا نحو نفس التوجه الايطالي. ومن يدري؟ فإذا ترددت السلطة الصهيونية تجاه الفلسطينيين بصيغة الدولتين، فلا شك، سيطفو حل الدولة الديمقراطية الواحدة كقمر عال فوق سماء المتوسط. أما أن تكون سنة 2017 مناسبة لذلك، فستبين النخب العربية والعبرية أن مصريها المشترك لا يقل احتمالا من قلب ترتيب الحروف في الكلمتين: العربية والعبرية.
لقد قدم العرض الذي صاغه رئيس المركز، الأستاذ عبد السلام بوطيب، النقط المجدولة بين المغرب واسبانيا في أجندة بناء الذاكرة المشتركة: الغازات السامة، الحرب الأهلية، سبتة وامليلية، فترة الحماية. كما استكمل التقرير الذي صاغه الأستاذ عبد الفتاح الزين أهم الأفكار المتداولة في المناقشة.
وقد جاءت في تفاصيل بعض المناقشات، التساؤل عما إذا لم تكن للنخب المغربية مسؤولية في تعبئة المغاربة لفائدة الطرف اليميني الفرنكاوي مما أخر التقدم السياسي والثقافي والحقوقي والاقتصادي والاجتماعي في اسبانيا نتيجة تسهيل مأمورية انتصار الدكتاتورية على إرادة الشعب الإسباني؟ مما يقتضي الدرس بالتفصيل، بدل الاكتفاء بالقول باختلال ميزان القوى والمسؤولية الاسبانية من زاوية كونها الوصي الاستعماري في الشمال حيث تمت التعبئة لفائدة فرانكو؟
علما أن اسبانيا وقد مارست الاحتلال طيلة فترة الحماية لم تكن لها من صفة قانونية أكثر من "تدبير مفوض" من طرف فرنسا. ما دام حضورها لم يستند على اتفاقية للحماية مع السلطان. كما يمكن استحضار المنطق المنسجم عند تحليل العلاقة بين المغرب واسبانيا، كون المغرب مثل دائما دور العامل الخارجي المؤثر في حسم التحولات أو في إنضاجها داخل اسبانيا، إن في اتجاه اليسار: دور معركة أنوال (1921) في اختمار الأوضاع لتغيير النظام السياسي (1931)؛ أو في اتجاه اليمين: دور المغاربة المباشر في الحرب الأهلية وتغليب المواجهة العسكرية لفائدة الديكتاتورية الفرنكاوية (1936-1939).
إن إنصات النخبة المغربية اليوم لما يمكن أن يكون للنخبة الإسبانية من مؤاخذات على النخب المغربية التقليدية، لمن المفيد أن ينتقل بالثقة بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق من التعاون الإقليمي الاستراتيجي، ضمن الساحة المتوسطية ككل.
أما إذا تمكن المغاربة من تشكيل وفود متعددة المشارب الدينية والإثنية، فسيتمكن المغرب من ربح المصالحة التاريخية مع نفسه وكسب الدعم لقضاياه، من خلال مناقشة الملفات العالقة المذكورة أعلاه (الغازات السامة، الحرب الأهلية، سبتة وامليلية، الاستعمار). فلا يمكن للاسبان المحاججة من موقع التفوق عندما يتعلق الأمر بالمكون العبري ضمن الكيان المجتمعي في البلدين. لكننا سنستفيد من حيث التنوع الأثني في كل من اسبانيا والمغرب.



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لأي نموذج تنتمي طبقتنا العليا؟
- ثلاث مداخل لبناء الطبقة الوسطى
- الطبقة الوسطى بين الحلم الأسفل والتطرف الأعلى
- مرحلة بنكيران:ضد عالي الهمة أم ضد المجتمع؟
- حول -تخليق الحياة الثقافية-
- المتخيل الثقافي في المعيش السياحي
- الجهوية والتيارات: إما للتغيير أو للتغرير
- ما الأفضل: -مرود- في المعارضة أم قرود في الحكومة؟؟
- صور زمن حزين
- لماذا التزم عالي الهمة الصمت؟
- اختطاف -الأنوار- في ابن كرير؟!
- الكتابة جبل ثلج
- حميمية الصلة بين النفسية والكتابة
- عندما كان الشمال منصة لإطلاق صاروخ الكفاح الوطني
- التهامي الوزاني يحضر المهرجان
- الثقافة التي تمتلكها بعض الصحافة المستقلة في المغرب
- شبح مخيف آخر:السلفية -الرسمية- في المغرب
- طحينهن وجعجعتنا
- الحمالة والحطب والتاريخ
- عندما تمسح أوساخ العالم على وجه -الشمال- المغربي


المزيد.....




- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...
- خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا: انتقادات حقوقية ولندن تصر
- حملة -تطهير اجتماعي-.. الشرطة الفرنسية تزيل مخيما لمهاجرين و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد الخمسي - في الذاكرة المشتركة: لو يتحدث أسيدون باسمي