أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني














المزيد.....

مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 03:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عندما نقلب في صفحات تاريخ مصر الحديث يشد إنتباهنا التطابق بين سلبيات عهد الرئيس مبارك و عهد الخديو إسماعيل في ميادين السياسة و الحكم و الإقتصاد، مع ضرورة ذكر الإختلاف البين في ميدان الثقافة و التعليم و التنوير، تلك الإختلافات التي تقف في صالح الخديو لا الرئيس رغم ما يفصل بين عهديهما من زمن، و ذلك للأسف الشديد.

إذا إستعرضنا اوجه التشابه بين الحاكمين في ميدان الحكم أولا، سنجد ذلك الحكم المطلق و تلك القبضة الحديدية التي تريد الإمساك بكل مجريات الأمور، و نجد ذلك الإنفراد بإتخاذ القرارات و عدم التراجع عنها و لو ثبت فشلها، مع البطش بالخصوم و عدم التورع عن إرتكاب أشد الأفعال دموية و قسوة ضد كل من يشكل تهديدا أو يشتم إنه سوف يكون خطرا في المستقبل. على أن الملاحظ أن تلك الرغبة في الإستئثار بالسلطة بشكل مطلق، لم تمنع كليهما، مبارك و إسماعيل، من الإحتفاظ بمظاهر المجتمع الديمقراطي، مع مراعاة العصر عند المقارنة، الفارق في هذا أن الخديو صنع تلك المظاهر الشكلية، فأوجد البرلمان بشكله الحديث، محدثا بذلك دواوين الشورى التي صنعتها الثورة الفرنسية و طورها محمد علي الكبير، بل وصل الأمر بالخديو إسماعيل أن صنع معارضة شكلية في البرلمان حتى تكتمل الصورة. أما الرئيس فقد ورث تلك المظاهر و المؤسسات الديمقراطية المدنية عمن سبقه ثم شرع في تقليص دورها الواحدة بعد الأخرى، من القرية للجامعة و من البرلمان للأحزاب و الجمعيات غير الحكومية، فبقى هيكل المجتمع المدني الحر من الخارج بينما هو مفرغ من الداخل.

أما أهم ما يجمع بين العصرين في ميدان الحكم، هي عدم إكتفاء الحاكمين بما حظيا به من مكانة و سلطة، و ما تمرغا فيه من نعيم، فأرادا أن يستمر ذلك في أعقابهم، غير مراعين عدم أهلية ولديهما لتحمل تبعات هذا المنصب الضخمة، خاصة بعد ما تسببا فيه من أزمات و أخطاء، تجعل من أي حاكم بعدهما ينوء بأحمال ثقال. فمثلما لم يكن توفيق مؤهلا لتحمل تبعات المنصب، فالأمر كذلك لجمال مبارك الذي لم يظهر أية مواهب خلال عقد قضاه بجانب والده يدير نيابة عنه الشئون الداخلية، لم يحدث فيه إلا الأسوأ فإزدادت وطأة الحياة ثقلا خلال ذلك العقد على معظم فئات المجتمع المصري.

إقتصاديا، عرف مبارك و إسماعيل بالفساد الشديد، فغدا إسماعيل و أبنائه هم أكبر ملاك للأراضي الزراعية بمصر، و التي كانت عماد الثروة آنذاك، و الأمر لا يختلف مع مبارك و أسرته، فقط الإختلاف هو في نوعية الثروة و كمها، من أطيان زراعية لتصبح أموال سائلة بالخارج و إحتكارات إستثمارية بالداخل، مع إستدانة لم يسبق لها مثيل أنهكت الإقتصاد المصري.

كما أن كلا من مبارك و إسماعيل عملا على خلق طبقة ثرية عليا موالية يكونا هما أرباب نعمتها لتكون ركيزة لحكمهما و سند لأخلافهم من أصلابهم، و ذلك بتمكين مجموعة محدودة مقربة موثوق بولائها من الإثراء الفاحش بطرق تعتمد على الإحتكار و عدم العدالة، فأضحى النجاح الإقتصادي في العصرين يتقرر بمدى الحظوة لدى الحاكم، و لم يعد للجهد المثابر و التفكير الخلاق و النظرة البعيدة و الرؤيا العميقة أي ضرورة للنجاح.

على أن ما يحسب لعصر إسماعيل و يخفف من سلبيات عهده، هو ذات ما ينقص عصر مبارك و يزيد حالكته. لقد آمن إسماعيل إيمانا مطلق لا يتزعزع بالحداثة و المدنية، و عرف أن العلم و التعليم هما مفتاح التحديث، و أدرك بأن النهوض ليكون كاملا و دائما يجب أن يشمل المرأة كما الرجل، فكان إيمانه الصميم هذا دافعا له أن ينشأ المدرسة السنية لتعليم البنات، و بدأ ببنات أسرته، فكان بهذا رائدا يجب أن يشار لشجاعته و إصراره بالبنان، و لم يقف الأمر عند هذا الحد، فواصل سياسة جده محمد علي الكبير فتوسع في إنشاء المدارس العامة، و المدارس العليا المقابل القديم للكليات الجامعية اليوم، و توسع في إرسال البعثات التعليمية للخارج، و رعى الفنون المعروفة في مصر في عصره و أدخل فنون جديدة لم تعرفها مصر من قبل. كما شجع العلماء و الأدباء و شمل برعايته المستكشفين. تلك الحسنات التي تخفف من سلبيات عصر الخديو إسماعيل - الذي تقوض حكمه في 1879 - يقابلها اليوم، في عهد مبارك - الأول و الأخير بإذن الله - و الذي بدأ عهده بعد قرن تقريبا من عزل الخديو إسماعيل، حالة من الإستسلام المشين أمام قوى الإظلام المعادية لقيم الحداثة و المدنية، تلك القوى الظلامية التي تكسب كل يوما أرضا جديدة ينحسر عنها نور القيم المدنية و الإنفتاح الفكري. حتى أصبح هناك خطر يتهدد مجتمعنا المصري الحديث الذي بدأناه في 1805 بعد صدمة الحملة الفرنسية. لقد أمست مسيرة التحديث المصرية التي مضى عليها قرنين تواجه خطر التوقف بعد أن تباطأت كثيرا منذ منتصف السبعينات.

الخطر لا يتمثل اليوم فقط في تهديد الحرية السياسية التي يلقى عليها كل يوم طوق جديد يخنقها حتى أصبحت في الرمق الاخير، مثلما لا يتمثل فقط في تهديد السلام الإجتماعي بزيادة الهوة بين الأغلبية البسيطة المكافحة و القلة الثرية الفاحشة الثراء، تلك الهوة السحيقة الخطيرة التي لم تأت نتيجة تكاسل الأولين و إجتهاد الأخرين، إنما يتمثل أيضا في التهديد بزوال كل قيم مجتمعنا المصري المدني الحديث الذي مضينا قرنين نبنيه، و لنبدأ من الصفر ثانية.

إننا اليوم و إن كنا نعيش عصر مستنسخ بصورة مشوهة من عصر إسماعيل، نسخة لم تنقل سوى المثالب و كل ما هو رديء و تتقدم فيه قوى الإنغلاق بخطى ثابتة واثقة محتمية بقوى الفساد الحاكمة، إلا إنه لازال لدينا متسع من الوقت و بعض الأمل في إنقاذ ما تبقى و إستعادة ما فقد، و الأمر لا يحتاج إنتظار أربعين أو ثلاثين عاما، فقط نحتاج العزيمة و التصميم الذي لا يلين مع الشجاعة و الثبات في مواجهة قوى الفساد و الإظلام. فإلى أن تفتح الأغلبية عيونها على الواقع المزري الذي تعيشه و تعرف كم المخاطر القادمة، و تتحلى بالصفات الضرورية للتغيير، فليس لدينا و علينا إلا أن نستمر في الهتاف: أفيقوا و إنتبهوا و تشجعوا و إتحدوا لتستعيدوا مصرنا التي كنا نعرفها.



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعاء وحده لا يكفي يا شيخ إبراهيم
- في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟
- عرب الحضارة ضد عرب البداوة ، صراع قديم قائم
- غزة ، مرحباً بالإنضمام ، و لا لعودة الإدارة المصرية
- يوم الفخر - يوم الدرعية 9-9-1818
- أوباما أو ماكين ، العبرة بالموقف من القضية المصرية
- لسنا ضد أهل الخليج ، و لكن ضد بيع مصر لهم
- تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضن ...
- عبد الوهاب المسيري حي بنا
- لا تنامي يا محلة ، فمن يتحدى آل مبارك لا ينام
- هل ينقص مصر الطلاب ؟
- المحكمة المتوسطية العليا لحقوق الإنسان
- تصوراتنا لإتحاد المتوسط ، السفر و العمل و التجارة و البيئة و ...
- إستفتاء شعبي لكل قانون ، هو الطريق للحرية و العدالة
- إتحاد شمال شرق أفريقيا هو الأقرب للواقع
- أئمة المساجد بالإنتخاب
- عودة الروح الفرنسية لساركوزي ، و لكنها ليست كما نرغب
- شارع الخليفة المأمون سابقاً ، الوجه الحقيقي لطاغية
- المعارضة المصرية بين الدرس النيبالي و خيانة الرابع من مايو
- دوحة ترحيل المشاكل للغد


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني