أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - شرق ره.. تر آسيا















المزيد.....

شرق ره.. تر آسيا


بشار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2404 - 2008 / 9 / 14 - 06:22
المحور: الادب والفن
    


لم تكن الفضيلة الوحيدة لمهرجان أوسيان، للسينما العربية والآسيوية، أنه فتح أبواب قاعاته أمام الجمهور الهندي لمشاهدة العديد من الأفلام الفلسطينية، في تظاهرة نادرة من نوعها، توافقاً مع الذكرى الستين للنكبة. كما لم تكمن جرأته في أنه وضع برنامجاً خاصاً للسينما الإسرائيلية، تخيّر فيها مجموعة من الأفلام الإسرائيلية الجديدة، ذات الاتجاه النقدي، والتي تقترب مما يسميه البعض «الموجة الفلسطينية في السينما الإسرائيلية»، باعتبارها تنتهج خطاً ثالثاً، بعيداً عن السينما الصهيونية، وتحاذي الأفلام الفلسطينية، بحذر وتوتر شديدين.
الفضيلة الكبرى التي يمكن الحديث عنها هو أن هذا المهرجان السينمائي الفريد، سلط الضوء على العامل الآسيوي في الهوية العربية، والعامل العربي في الهوية الآسيوية، وعلى جدلية العلاقة بين الموضوعات والقضايا العربية والآسيوية، اتكاء على البيئة الواحدة التي تلف القارة، من أقصى الشرق، وحتى الحافة الغربية لها؛ بيروت التي أرسلت أحدث واحداً من أفلامها الروائية الطويلة، فيلم «تحت القصف»، وبطلته ندى بو فرحات، لتنال واحدة من جوائز المهرجان، فبدا كأنما هذا الفيلم إضافة لبنانية ومساهمة في الحديث عن ملف الصراع الناشب في المنطقة، والذي تحاول السينما بأفلامها الروائية، والتسجيلية، قول شيء ما بصدده!..
عند البوابة العملاقة لموقع «تاج محل»، أحد أعاجيب الدنيا السبع الراسخة، تنتبه إلى أن فقدان العرب المسلمين للهند، ذات يوم غابر، لم يكن بأقل من فقدانهم للأندلس ذاتها، ولكن الأعين المتجه دوماً صوب الغرب، لم تر سوى فقدان الأندلس، عنواناً لخروج العرب والمسلمين من التاريخ. وهاهو مهرجان أوسيان يأتي، كأنما ليقول لنا: «شرق ره.. تر آسيا»!.. وإذا كنا «لنا في الهم شرق» فمن المثير فعلاً أننا لا نعرف بعضنا البعض، أو قل لا نعرف عن بعضنا البعض ما ينبغي.. فما بين «تاج محل» في مدينة أجرا، وعودة إلى نيودلي، حيث معابد السيخ والهندوس والبوذيين، وعند بوابة القلعة الحمراء، وعلى درج المسجد الجامع، تجد نفسك فجأة في مرتبة سائح؛ حتى ولو لم يكن للون الأشقر شيء من الظلال على سحنتك السمراء، ولا في جيبك ما يشبع خيالات سائق الريكشا، ولا احتيالات البائع في المحلات الحديثة، أو العتيقة، ولا حتى توسلات المتسولين. هكذا إذن تتحول إلى سائح بغتة، غافلاً عن مئات السنين الماضيات، عندما كانت هذه البلاد جزءاً من تلك الأرض، التي قال هارون الرشيد لغيمتها: «أمطري حيث شئت، فإن خراجك لي».
فرادة مهرجان أوسيان، على ما يثيره من تأملات، تكاد تشمل كل شيء فيه، بدءاً من مديرته، السيدة الهندية الأنيقة «لاتيكا»، التي تفيض، على نحولة جسمها، وصغره، بشلالات من الترحاب الذي لا ينقطع، على الطريقة الهندية، والحبور المشع، مروراً بدقة التنظيم، وحسن الاستقبال، وسلاسة الاجراءات، وبشاشة طاقم العمل، وصولاً إلى ذلك الجمهور الكثيف، الشاب عموماً، والذي من المتعذر عليك أن تراه في أي مهرجان آخر، خاصة في عالمنا العربي. (أليست الهند البلد الذي ينتج فيلماً كل يوم، على الأقل)؟..
في إطار سعيه لتمثل جوهره، من حيث كونه مهرجاناً للسينما العربية والآسيوية، اعتنى المهرجان بالتنوع والغنى على صعيد عروض الأفلام، تلك التي جاءت من أقصى شرق آسيا، بتعدد وتنوع سينماها، وصولاً إلى أقصى غرب آسيا، حيث إيران وتركيا، والعالم العربي، وامتداده إلى المغرب العربي. هكذا يصبح مهرجان أوسيان جامعاً لأفلام قادمة من المغرب العربي والشمال الأفريقي، من الجزائر وتونس ومصر، مع أفلام من فلسطين وسوريا ولبنان، كما أفلام تركية وإيرانية، وأفلام هندية، ومن تايوان والصين واليابان وإندونيسيا، من باكستان وطاجكستان وأوزبكستان وكازاخستان. دون أن ننسى حضور الأفلام الإسرائيلية، التي ربما لم تحضر لكونها دولة أسيوية، بمقدار اعتبارها الطرف الأساس، والفاعل، في ملف الصراع العربي الإسرائيلي.
هذا التنوع والتعدد والغنى، شكل فرصة نادرة للمشاهد الهندي وضيوف المهرجان وحضوره؛ فرصة تكاد تفيض عن الأيام العشرة التي امتد المهرجان على ساعاتها. فضلاً عن الندوات والمؤتمرات الصحفية وورشات العمل، والأماسي اللطيفة التي تناوب على الدعوة إليها مؤسسات رسمية وغير رسمية، ورجال أعمال ودبلوماسيين، يدركون جيداً أهمية السينما، في عالم باتت الصورة الركيزة الأساسية لثقافته. دون أن نتجاهل الحذر الديبلوماسي، الذي مارسه العديدون، ومن الطرفين المعنيين بالأمر، جراء وجود سينمائيين عرب وإسرائيليين، في مكان واحد.
كان أمراً فريداً أن يستلم الفنان الفلسطيني صالح البكري الجائزة المنوحة للمخرج الإسرائيلي عيران كوليران، عن فيلم «زيارة الفرقة»، وأن يدعى المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي لتسلم الجائزة الممنوحة للفنانة الفلسطينية هيام عباس، عن دورها في فيلم «شجرة ليمون». هذا الخلط غير المقصود، وغير المتعمد، دلل بوضوح على أن السينمائيين الفلسطينيين والإسرائيليين، عالقون معاً، في حفرة صنعها الاحتلال الاسرائيلي، وتعمقها يوماً بعد يوم السياسات العدوانية الحمقاء، هذه التي اهتمت الأفلام الإسرائيلية بفضحها ونقدها، بل والسخرية منها، بدءاً من أصحاب القرار السياسي والعسكري كما في فيلم «بوفورت»، وصولاً إلى وزارة الداخلية والقضاء والمحكمة الدستورية العليا كما في فيلم «شجرة ليمون، دون أن تنتهي عند المستوطنين كما في فيلم «فك اشتباك»، ووضع اليهود الشرقيين كما في فيلم «زيارة الفرقة».
عموم الأفلام العربية، والفلسطينية جزء منها، كانت ذاهبة في اتجاه آخر. ففي حين انشغلت الأفلام الفلسطينية: «ملح هذا البحر»، للمخرجة آن ماري جاسر، و«حيفا» للمخرج رشيد مشهراوي، و«من يوم ما رحت» إخراج الفنان محمد البكري، بالتأكيد الذي لا لبس فيه على الحق الفلسطيني، والمعاناة الفلسطينية، سلط الفيلم اللبناني «تحت القصف» للمخرج فيليب عرقتنجي على ما شهده لبنان صيف 2006، وكذا فعلت المخرجة مي المصري في فيلمها «33 يوماً»، وأعاد المخرج العراقي محمد الدارجي قص سيرة الحرب والجنون الدائر في العراق منذ العام 2003، في فيلمه «حرب، حب، رب، وجنون». بينما جدد المخرج العراقي قيس الزبيدي حضوره الفلسطيني، مرة أخرى، في فيلمه القصير «بعيداً عن الوطن»، إضافة إلى وجوده عضواً في لجنة التحكيم.
الأفلام المغربية، من جهتها، اختارت التحرك في دائرة الوطن والمنفى، كما فعل المخرج أحمد المعنوني في فيلمه «قلوب محترقة»، بينما اختار المخرج أحمد بولان ملابسات حادثة ضجّت بها الأوساط قبل بضع سنوات، باتهام مجموعة من المغنيين في إحدى الفرق الموسيقية الغنائية، بتهمة عبادة الشيطان. فيما ضاع فيلم المخرج نبيل عيوش «ما تريده لولا» بين طموحه الهوليودي، وجنسية المخرج المغربية، وأحداثه التي يدور جزء كبير منها في مصر!..
وكان من الطبيعي أن تأخذ مصر حصتها الهامة والمميزة، بدءاً من تظاهرة نجيب محفوظ، عبر أفلام مصرية وأجنبية، اتكأت على روايت له، مروراً بتظاهرة لأفلام المخرج توفيق صالح، انتهاء بمشاركة محمد خان وفيلمه «في شقة مصر الجديدة»، ويسري نصر الله في فيلمه «جنينة الأسماك»، الذي عرض له أيضاً فيلمه «باب الشمس»، كما جرى عرض فيلم «هي فوضى»، و«الاختيار» للمخرج يوسف شاهين. وأفلام تسجيلية وقصيرة، مثل «ساعة عصاري» لشريف البنداري، و«إيدين نظيفة» لكريم فانوس، و«سلطة بلدي» لنادية كامل..
الكثير من الأفلام العربية، الجديدة والقديمة، وجدت مكاناً لها في عروض مهرجان أوسيان، ومنها على سبيل المثال، الفيلم الجزائري «البيت الأصفر»، لعمار حكار، الذي نال إحدى جوائز المهرجان، والفيلم المغربي «سميرة في الضيفة» للمخرج لطيف لحلو، و«أسرار الكسكس» لعبد اللطيف كشيش، واستعادة فيلم «عمر قتلتو» لمرزاق علواش..
باقة غنية ومتنوعة، من أفلام عربية جديدة وقديمة، ذكرنا هنا بعضها فقط، أخذت أمكنتها على جدول العروض، بالتوازي والمشاركة مع أفلام عظيمة، على الأقل من تركيا وإيران، وأفلام آسيوية أخرى نالت جوائز كبرى، في مهرجانات سينمائية دولية مرموقة. لم تكن فرصة للمنافسة فقط، أو لتبيان البون فيما بين إنتاجات السينما العربية، وغيرها.. ولكنها كانت فرصة للتعارف، ولمعرفة جوانب من صورة العربي وهمومه وقضاياه، الذي عليه أن ينظر من نافذته نحو الشرق، لعله يرى آسيا..



#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن صورة محمود درويش السينمائية
- سينما سورية جديدة (5): ورشة بيت الفن.. ورشة أيلول السينمائية
- سينما سورية جديدة (6): إياس المقداد.. خارج الحب داخل السينما
- سينما سورية جديدة (7): عوض القدرو.. يعرض السينما ويحلم بصناع ...
- سينما سورية جديدة (9): رامي فرح: سينما تفضُّ ال «صمت»!.. نحت ...
- سينما سورية جديدة (4):
- سينما سورية جديدة (1)
- سينما سورية جديدة (2):
- سينما سورية جديدة (3)
- العالم عالق بأسطورة بابل، أم بالحكاية..
- فئران سكورسيزي المُحاصرة.. هل تمنحه الأوسكار؟..
- المرأة الفلسطينية.. كتابة وصورة
- الفلسطيني بين الواقع والرمز
- تظاهرة الوردة للسينما العربية المستقلة
- عندما يصبح الانتظار لعبة الفلسطينيين
- العالم كما يراه بوش
- إياد الداوود في ضيافة البندقية
- أسئلة السينما العراقية المعاصرة
- المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..
- عندما يصبح ال «انتظار» لعبة الفلسطينيين


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - شرق ره.. تر آسيا