أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - محمد علي ثابت - القرصنة المتأسلمة على الفايسبوك.. ملاحظات ودلالات















المزيد.....

القرصنة المتأسلمة على الفايسبوك.. ملاحظات ودلالات


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2404 - 2008 / 9 / 14 - 07:23
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    


كشفت الهجمة الجاهلية لقراصنة الإنترنت المتأسلمين على عدد من "الجروبات" العلمانية والليبرالية على الفايسبوك خلال الأيام الأخيرة عن العديد من العورات والتناقضات الفكرية التي يعاني منها أولئك الـ "هاكرز" وأمراء الإرهاب الفكري الذين يقودونهم ويوجهونهم صوب تلك التصرفات الصبيانية القميئة. أو بالأحرى، فلنقل إن تلك الهجمة لم تكشف لنا لأول مرة أو من العدم عن تلك العورات والتناقضات الفكرية المزمنة والمثيرة للامتعاض والشفقة معاً بقدر ما أعادت التأكيد عليها في وضوح كاشف لا يجوز معه أي تشكيك لاحق في هشاشة وسطحية المنطلقات التي ينبثق منها خطاب التطرف الديني في رؤيته النظرية إلى الآخر وفي تعاملاته وممارساته الفعلية معه.

فمن ناحية نجد أن لجوء القراصنة المتأسلمين إلى خيار المصادرة والحجب لـ "جروبات" الفايسبوك المعارضة لفكره ومنهجيته إنما هو أمر لا يفصح فقط عن مدى عدم قدرة تيارات الإسلام السياسي المتشدد على تقبل الرأي الآخر أو فكرة وجود "الآخر" عموماً مهما حاولت الادعاء بعكس ذلك وباكتسابها القدرة مع مرور الزمن على تقبل الآخر والتسامح الفكري معه، بل إنه يفصح أيضاً عن تناقض مفرط السخرية والغرابة بين لجوء عناصر تلك التيارات إلى خيار المصادرة والقمع هذا من ناحية وبين الشكاوى المستمرة ليل نهار التي تصدعنا بها وسائل الإعلام الناطقة باسم تلك التيارات من تعرض أفرادها وأفكارها للاحتجاز والتنكيل والقمع والمصادرة والتهميش والتحقير على أيدي الحكومات والأجهزة الأمنية والإعلامية في بلادنا. فبقدر ما كشفت تلك الهجمة الإلكترونية المتأسلمة الأخيرة عبر فضاء الفايسبوك عن فشل جماعات الإسلام السياسي والجماعات الإسلامية المتشددة وأتباعها بوجه عام في اكتساب أي قدر من التحضر الحقيقي والشجاعة الفكرية بما يكفي لمقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة بدلاً من اللجوء إلى نفس أساليبها الرجعية العنيفة الإقصائية التقليدية في مواجهة الآخر ورأيه، فإنها (أي تلك الهجمة) قد كشفت كذلك عن أن مدى عمق وفداحة التناقضات الذاتية التي تعاني منها تلك الجماعات من الناحية الإيديولوجية أو النظرية هو أبعد وأوسع من أن تتصنع تلك الجماعات معه حتى مجرد التصرف على نحو من شأنه حفظ ماء وجهها وإظهارها ولو كذباً في صورة من تعلم الدرس أخيراً وعرف كيف يمكنه التحلي بالمنطق والمعقولية والتماسك الفكري الرصين في مواجهة الخصوم العلمانيين والليبراليين الذين يفتخرون دائماً باحتكامهم أولا وأخيراً إلى المنهج العقلي وحده. فالجماعات التي تشكوا باستمرار من القمع الحكومي لأفرادها وأفكارها هي نفسها التي تلجأ إلى خيار قمع وتصفية الآخر فكرياً – ومادياً إن لزم الأمر – كلما سنحت الفرصة لذلك أو أمر أمراء التطرف الفاعلون فيها بذلك.

ومن ناحية أخرى يمكننا أن نرصد ملاحظتين إضافيتين يمكنهما إلقاء مزيد من الضوء على مدى تهافت وسطحية منطق وممارسات تلك الجماعات، أولاهما هي – وفق ما تسهل ملاحظته بالتواتر عاماً بعد عام – أن أمراء تلك الجماعات يأمرون شباب القراصنة التابعين لها بتكثيف هجماتهم على المواقع الإلكترونية العلمانية أو المعارضة لها خلال شهر رمضان بالذات، الأمر الذي يجعلنا نصنف ذلك التكثيف الإلكتروني اللافت تحت بند المساعي لنيل المزيد من "الحسنات" المضاعفة خلال الشهر عبر مجاهدة مواقع "الكفر" و"الإلحاد" ومنعها من التعبير عن أفكارها "المسمومة" فيه، وكأن الجهاد الإلكتروني لديهم هو جهاد موسمي متقطع وليس دأباً متصلاً بلا انقطاع يستهدف إحداث تغييرات فكرية أو مادية ما، والشاهد أن هذه الملاحظة إن دلت على شيء فإنما تدل على الركاكة العقلية والسطحية الشديدتين اللتين يفكر بهما أمراء جماعات التطرف الديني وأنصارها، فضلاً عن أنها تبرهن من جديد على ما تتسم بها الأطروحات الفكرية لتلك الجماعات من إقصائية وانتقائية مفرطتين. أما ثانية الملاحظات في الإطار نفسه فتتعلق بنوعية وتوجهات الـ "جروبات" التي ضربها القراصنة المتطرفون على الفايسبوك مؤخراً. فبينما يمكننا لحد كبير توقع – وليس تفهم (بالطبع) – أن يشن أولئك القراصنة هجماتهم الإلكترونية الخائبة على الجروبات شديدة التأثير والانتشار ذات أعداد الأعضاء الكبيرة (مثل الجروبات التي تروج للعلمانية بشكل واضح مباشر مثل جروب "نحن علمانيون ونفتخر") أو الجروبات التي تناقش قضايا مثيرة للجدل وغير محسومة بالكامل في رأيهم (مثل جروب "الحجاب ليس فريضة" وجروب "لا للنقاب" وجروب "ارفعوا خانة الديانة من البطاقة الشخصية") أو الجروبات التي يلجأ أعضاؤها إلى تبني خط حواري حاد وساخر بوضوح ضد المتأسلمين (مثل جروب "اخلعي حجابك الآن")، فإنه لم يكن من المتوقع أبداً أن تصل أيدي الهاكرز المتطرفين إلى جروبات معتدلة ومتسامحة ولا تناقش قضايا خلافية كبرى بقدر ما تناقش قضية التنوير والاستنارة بوجه عام وبخط حواري هادئ (مثل جروب "كتيبة الفكر المستنير")، وكأن مفاد ذلك أن الهدف من الهجمة الإلكترونية الأخيرة لم يكن معاقبة أعضاء جروبات بعينها بقدر ما كان محو "الآخر" كلياً من على الشبكة ومن على الفايسبوك رغبة من تيار التطرف الجاهلي في الاستئثار بهذين الفضائين التعبيريين المؤثرين بالكامل ونفي وجود أي صوت معارض له عليهما. ومرة أخرى يمكننا أن نستشف من ذلك العديد من الدلالات الهامة على مدى الإقصائية وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة في ذلك النمط من الفكر الرجعي المتشدد.

ورغم أن الهجمة الأخيرة على المواقع والجروبات العلمانية والإصلاحية المستنيرة على الإنترنت عموماً وعلى الفايسبوك خصوصاً خلال الفترة المنصرمة من شهر رمضان الجاري كانت – والمستمرة حتى وقتنا هذا – أقوى وأكثر تنظيماً من أي هجمة مماثلة تعرضت لها مثل تلك المواقع والجروبات مؤخراً أو – تحديداً – منذ صعود الفايسبوك إلى موقعه البارز الراهن كفضاء رحب للتعبير السياسي والثقافي والاجتماعي الحر المؤثر، فإن ما يدعو إلى التفاؤل في الأمر برمته هو أن معظم المواقع والجروبات التي طالتها يد القرصنة الجاهلية إما عادت الآن بالفعل إلى أصحابها الحقيقيين أو هي في الطريق إلى ذلك ولو عبر إعادة تأسيسها من جديد في حالة نجح القراصنة في الاستيلاء عليها بالكامل، إذ ما أسهل استعادة الأعضاء السابقين وأعضاء جدد إضافيين على مجتمع شبكي شديد التداخل كالفايسبوك. وهنا أيضاً نستطيع أن نرصد دلالة إضافية على حقيقة أخرى هامة ومبهجة – وما أحوجنا إلى هذا النوع من الحقائق في خضم الواقع الراهن كله – مفادها أن الأفكار لا تموت أبداً ولا يمكن بأي حال قمعها أو منعها من التحليق طالما أن أصحابها ومطلقيها هم على اقتناع حقيقي بها وعلى استعداد جدي لتكبد المشاق في سبيل نشرها وإعلائها. ولعل هذه الحقيقة – وحدها – كفيلة بمنحنا أملاً في غد أفضل لمجتمعاتنا.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاجيات مهجورة
- حبل وشجرة
- وديانتي مصري
- حروف هجاء وجودية
- مقدمة حائرة إلى عِلم قديم
- طائر الفينيق
- تذاكر
- يوم كاشفتني ذات الرداء الأبيض
- سكوت مَن ذهب
- هل نتجه حقاً إلى نظام دولي متعدد الأقطاب؟


المزيد.....




- الهواتف الذكية.. كيف تقتل أطفالنا وما يمكننا فعله حيال ذلك؟ ...
- للمرة الأولى منذ إعلان إصابة كيت بالسرطان.. الأمير ويليام يس ...
- أعراض ارتفاع نسبة السكر بالدم فى الطقس الحار لمرضى النوع الث ...
- غوغل تطرد موظفين احتجوا على عقد ملياري أبرمته مع إسرائيل
- لو تعرضت لرياح الخماسين.. نصائح للوقاية من مخاطر الأتربة بعد ...
- ما هي الكربوهيدرات التي تزيد الوزن؟
- شاهد.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من ...
- أعشاب طبيعية لعلاج حساسية الربيع أثناء رياح الخماسين.. منها ...
- صحة غزة: الجيش الإسرائيلي نفذ إعدامات مباشرة للكوادر الطبية ...
- أمطار غزيرة في الجزيرة العربية.. هل السبب تغيّر المناخ؟


المزيد.....

- التصدي للاستبداد الرقمي / مرزوق الحلالي
- الغبار الذكي: نظرة عامة كاملة وآثاره المستقبلية / محمد عبد الكريم يوسف
- تقنية النانو والهندسة الإلكترونية / زهير الخويلدي
- تطورات الذكاء الاصطناعي / زهير الخويلدي
- تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي / زهير الخويلدي
- اهلا بالعالم .. من وحي البرمجة / ياسر بامطرف
- مهارات الانترنت / حسن هادي الزيادي
- أدوات وممارسات للأمان الرقمي / الاشتراكيون الثوريون
- الانترنت منظومة عصبية لكوكب الارض / هشام محمد الحرك
- ذاكرة الكمبيوتر / معتز عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - محمد علي ثابت - القرصنة المتأسلمة على الفايسبوك.. ملاحظات ودلالات