أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الرديني - شخصيات ...مشروع رواية















المزيد.....

شخصيات ...مشروع رواية


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 2404 - 2008 / 9 / 14 - 06:21
المحور: الادب والفن
    


نصحني احد الاصدقاء ذات يوم ان اقدم طلبا للحكومة النيوزيلندية للحصول على سكن حكومي بدلا من السكن بالايجار وهو لايقل عن 700 دولار امريكي في الشهر وهو عادة يرهق دخل العاطلين عن العمل. في اليوم التالي اسرعت الى المكتب الختص وقدمت الطلب, ولم تمض خمسة ايام حتى وجدتني اسكن في بيت جديد وفي منطقة ليست خضراء فقط وانما تحيطها انواع الورود من كل جانب.
منذ سنوات لم اتآلف مع البيوت الجديدة ووجدت ان هذا البيت يمنحني شعورا طفوليا غريبا رغم انه يقع ضمن مجمع سكني تابع للدولة. لم يمض اسبوع حتى وجدت ان الشخصيات التي تسكن الى جواري تتعامل مع الحياة بطرق مختلفة.
الشخصية الاولى:
اسمه بيتر ولسن, تعدى الستين طويل القامة امضى اكثر من 40 سنة في القوات الجوية وحين احيل على التقاعد تغير مجرى حياته فهو يبدأ يومه بالاستيقاظ في الثامنة صباحا ويعد فطوره : كأس من النبيذ مع بيضتين وقطعة خبز محمصة, بعدها يشرع في تناول النبيذ حتى الواحدة او الثانية بعد الظهر ثم يبدأ رحلته في الشوارع للبحث عن اعقاب السيجائر وبعد ان يجمع كمية معقولة يرجع الى البيت ويبدأ بتنظيف هذه الاعقاب عبر قص الفلتر وعزله عن بقية السيجارة التي يحتفظ بتبغها في مكان آخر وحين ينتهي من عملية القص والتنظيف يبدأ بلف السيجائر ويكون قد هيأ اثناء ذلك اوراق اللف الخاص. ويبدأ عملية التدخين مع تناول العديد من كؤوس النبيذ حتى الساعة التاسعة ليلا يكون خلالها بيتر قد استوى تماما ليزحف الى الفراش او ينام على الكرسي نفسه وحين يصحو في الصباح يصيح بصوت طروب: " انه يوم جديد وانا ما ازال حيا انه شعور عظيم".لايتورع من سرقة لحم الخنزير الذي يحبه من ارقى المحلات في المدينة ولانه شعب يثق ثقة مطلقة بالانسان فالعاملون في هذه المحلات لايتوقعون ان مثل هذا الرجل الكبير في السن ويلبس دائما سترة القوات الجوية الخاصة به يمكن ان يسرق ولكنه وقع ذات يوم في شر اعماله حين وضع قطعة كبيرة من لحم الخنزير الذي يحبه جدا ولم يدر ان احد العاملين كان معجبا بسترته الزرقاء فظل ينظر اليه طويلا حتى رآه يخرج من البوابة الرئيسية دون ان يدفع ثمن قطعة اللحم فمسكوه ولم يفد اعتذاره وجاءت الشرطة التي لم يتعد عقابها الا بالطلب اليه كتابة تعهد خطي بعدم دخول هذا المحل لمدة سنتين.
الشخصية الثانية
تبلغ من العمر 58 سنة خشنة الجسم ويتدلى كرشها بشكل ملحوظ حين تمشي وهي عادة لاتسرع في مشيها كعادة النيوزيلنديين,مازالت ومنذ اكثر من 15 سنة وهي تبحث عن عشيق , في البداية وضعت مواصفات محددة لعشيقها ولكنها تنازلت عنها كلها مع مرور الزمن حتى باتت لاتتمنى شيئا سوى رجل مهما كان شكله وسنه.لها طاقة عجيبة في النوم بسرعة حتى يخيل لي انها تملك زرا لذلك ما ان تضغط عليه حتى تذهب (في سابع نومه) , تنام يوميا في الساعة السابعة ليلا بعد ان تطمئن على (كوكاتين) وهو طير يشبه الببغاء ولكنه اصغر حجما ظل يعيش معها منذ سنوات طويلة ولكنه يبدو مل العيش بين الحيطان الاربعة ففر ذات يوم محلقا في الهواء وترك آنجي تبكي لايام طويلة. آنجي لاتعرف القراءة ولا الكتابة ولا حتى تعرف كيف تستعمل بطاقة البنك لسحب راتبها الاسبوعي واضطرت الحكومة ان تعين موظفا مختصا يأتيها براتبها كل اسبوع الى حيث تسكن. في بيتها اكثر من 20 ساعة حائط معلقة في اماكن مختلفة وكلها متوقفة عن الدوران ولا احد يدري لماذا لديها كل هذه الساعات العاطلة عن العمل ويبدو انها تعاني من عقدة الزمن الذي تريد ايقافه ورغم ان المختصين استطاعوا تخليصها من الادمان على الكحول الا انها اصبحت مدمنة على التدخين والشاي فهي تشرب اكثر من 30 كوبا من الشاي و25 سيجارة يوميا مع خمس وجبات غذائية كل يوم. صامتة لا تتحدث كثيرا واذا ما تحدثت ففي موضوع واحد لاغير تستهله بالقول: ان الرجال اصبحوا عملة نادرة .. كيف يمكنني الحصول على واحد منهم في هذا الزمن القاسي, ميزتها الوحيدة انها قاموس موسع لفوائد الاعشاب فهي تعرف كل عشبة لاي مرض تصلح , وحين تصاب باي وعكة تعرف تماما اي عشبة تفيد فتذهب الى الحدائق العامة للبحث عنها.
الشخصية الثالثة
بوب أدم, محال على التقاعد منذ سنوات يشرب ويدخن ستة ايام في الاسبوع عدا يوم الاحد فهو يوم مقدس لديه وعليه الذهاب الى الكنيسة صباحا وزيارة الاصدقاء بقية النهار. انه يتبع الطراز الانكليزي التقليدي: النوم في الساعة السابعة مساء وليس هناك قوة تمنعه من ذلك ففي يوم ما زاره احد الاصدقاء وتأخر عنده حتى السابعة والنصف مما اضطره الى طرد ضيفه مع الاعتذار اليه وحين يسدل ستائر البيت فهذا يعني انه لا يريد استقبال اي احد, لم اره مرة سكرانا رغم انه يشرب (الشيري) في الصباح والنبيذ ما بعد الظهر والبيرة في الليل, انه بشكل عام رجل يعيش وحدة يحبها ولا اعتقد انه يتنازل عنها لاي امرأة في العالم. في الثامنة من كل صباح عليه ان يتفقد حديقته التي زرع فيها مختلف انواع الورود, انه يتعامل مع الارض بحنان بالغ وكان يقول لي حين يلتقي بي "حين تحب الارض فهي تعرف ذلك وتعطيك ما تريد", علمني كيف ازرع الزهور في مواسمها فلديه مكتبة ضخمة تحوي فقط كتب الزراعة والحدائق, مشكلته الرئيسية انه لايستطيع ان يستعمل الهاتف النقال رغم اني حاولت معه مرارا , ويبدو ان لديه عداوة مستعصية مع التكنلوجيا, ولانه لايستطيع قيادة السيارة فيضطر ان يرجوني ان اجلب له ما يريد وكنت سعيدا ان اخدمه فهو يظل الرجل الذي يحافظ على تقاليده رغم الفوضى المحيطة حوله.
الشخصية الرابعة
روناتا, بولندية الاصل لها طول فارع وشعر شديد الاصفرار ولها من العمر 45 عاما مطلقة وزوجها يأتيها كل يوم تقريبا , اسرت لي ذات يوم وكانت في حالة سكر شديد انها تنوي ان تصبح سحاقية فهي تكره الرجال ولكن تعابيرها تعكس غير ذلك. تدخن بافراط وتلعب القمار متأملة ان تفوز ذات يوم بمبلغ كبير ولحد هذه اللحظة لم تستطع ان تنال ما تريد ولكنها مصرة على اللعب والخسارة . في المساء من كل يوم تخلط القهوة مع البراندي وتبدأ تشرب لوحدها, حين زرتها ذات يوم رأيتها ترقص لوحدها وهي عارية الا من ملابسها الداخلية فقفلت راجعا الى سكني. الجميع هنا يشكون من قساوة البرد في الشتاء هنا الا هي لم اسمعها تشكو من ذلك. حين تتكلم تخرج لسانها مع بعض الالفاظ وبالحقيقة كان ذلك رائعا. وتظل روناتا مثال صارخ للمزاجية فهي تعمل ما يمليه عليها مزاجها دون اعتبار لاي احد في العالم.
الشخصية الخامسة
بيل توم , بحار قديم يعاني من مرض السكري ووصل به العمر الى 68 سنة, في ليلة مقمرة احتفلنا وهو معنا باعتدال الجو واسترخينا في الحديقة الكبيرة وكان بيل سعيدا وهو يتناول بيرته وبعد اقل من ساعة طلب من آنجي ان تأتي معه الى سكنه لكي تساعده في لبس ملابس البحارة وقد عرفنا انه كان بحارا عنيدا . خرج الينا بعد لحظات وهو يلبس ملابسه البحرية واخذ يرقص كما يرقص البحارة في البارات التي تصطف على موانىء العالم , لا ادري لماذا راودني احساس بان هذه الرقصة هي الاخيرة في حياته, حاولت ان اتخلص من ذلك الاحساس ولكن دون فائدة, انتهت رقصته وانتهى احتفالنا بحرارة الجو بعد ان هجم علينا المطر مع رياح شديدة وذهب كل واحد منا الى سكناه وفي الصباح قالوا لي ان بيل توفى وهو نائم على فراشه.
هناك شخصيات اخرى يضيق المجال هنا للكتابة عنها ولكني ساحاول قريبا الكتابة عنها, فهناك المرأة المصابة بالسرطان تراها رجلا اذا رأيت ظهرها ولكنك تعود لتراها امرأة من الامام. وايفا التي اصيبت بعاهة في قدمها اليسرى ولكنها تصر على الهرولة كل صباح, وماري التي تتعارك مع كل الجيران بدون سبب سوى انها تحس بالوحدة. والصيني الذي يقضي في المطبخ اكثر من 12 ساعة يوميا.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميوشة تسمع عن الاتفاقية الامريكية العراقية
- عزازوالله عزاز
- دودة الارض اعظم منكم جميعا
- سيارتي تكره امريكا
- الى الشيخ عيسى قاسم... انتبه لاتكن عنتريا مثلهم
- عيد الحب حرام عند مفتي السعودية ..ياناس
- امي والله
- متى يلتقي الضدان، بن لادن ومهدي المنتظر
- لماذا لايحب المسلمون الحب ..؟
- امرأة تبحث عن -حوري- في الجنة
- رسالة الى الله.. صداقتي قيد التنفيذ
- ميوشة تعلن الحرب على القاعدة
- الى علاء مهدي ... رد هادىء جدا
- سحقا لكم .. ماذا تفعلون؟
- يامعود يا حكومة
- ميوشة تصحو على - الصحوة-
- ببغاوات في السعودية عمرها قرون
- مشهد سريالي
- الكويت بضاعة فاسدة في مغلف انيق
- ساتوكل على الله واغازلكم , الى كل الذين يعملون بصمت في الحوا ...


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الرديني - شخصيات ...مشروع رواية