أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد لحدو - الديمقراطية بحسب النموذج العربي...وصفة قديمة متجددة















المزيد.....

الديمقراطية بحسب النموذج العربي...وصفة قديمة متجددة


سعيد لحدو

الحوار المتمدن-العدد: 2402 - 2008 / 9 / 12 - 01:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالطبع لم يفاجأ المواطنون بسماع البلاغ رقم (1) لأنها ليست المرة الأولى التي تقدم لهم إذاعتهم الوطنية، ولو أبكر من المعتاد، تحية الصباح على أنغام المارشات العسكرية وهلاهيل الأغاني الوطنية الحماسية التي لابد وأن تحل محلها بعد حين أغانٍ أكثر تحديداً وتصريحاً لاسم القائد البطل الذي انبرى لهذا الواجب الملح وأقام هذا العرس الوطني، كما جاء في البلاغ، حين أمر وحدته العسكرية باحتلال القصر الجمهوري ومبنى الإذاعة والتلفزيون وإزاحة الرئيس "الديكتاتور". وهذا كله من أجل تكريس الديمقراطية...؟ نعم... من أجل الديمقراطية..!!! ولم يكن المواطنون بحاجة لبيانات تالية من المجلس الثوري، لأن كل نشرة أخبار تبثها الإذاعة والتلفزيون الحكومي هي بمثابة بلاغ جديد يشرح ويوضح الأسباب والمبررات التي دفعت لحصول ماحصل، ويعد بالكثير من الحرية والديمقراطية وتحقيق الآمال والتطلعات الشعبية والوطنية التي خيبها الرئيس السابق، فاستبد هو وعائلته بالحكم وبالمحكومين من أبناء الشعب المغلوب على أمره.
وسردت نشرات الأخبار، أو الأصح، البلاغات التالية الإجراءات التي ينوي المجلس العسكري بزعامة القائد الفذ القيام بها لترسيخ النظام الديمقراطي الحر الذي لابد أن تتجسد فيه سيادة القانون وتتحقق فيه العدالة والمساواة للجميع. وبين شرح وشرح، من الملح والضروري لفهم الديمقراطية على حقيقتها وبناء الثقة بين القيادة والشعب، لابد أن يجري (بريك) يقدم القائدَ الرمزَ بصورته التي لايعرفها الناس كوطني مخلص ومفكر ملهم ومناضل عنيد من أجل القيم والمبادئ الوطنية والقومية. وفوق هذا وذاك، فهو متواضع ونزيه وعفيف اليد واللسان، ويعتمر قلبه بالمحبة الغامرة للوطن وأبنائه. ولولا نشرات الأخبار تلك وهذه (البريكات) المتكررة، فمن أين للمواطن المسكين أن يعرف بأن قائده الجديد يتمتع بهذا الحس الوطني العميق ويمتلك كل هذه المزايا الحميدة، وهو، أي المواطن المسكين، غارق حتى إنفه بهموم الحياة المعيشية وضروراتها اليومية الملحة. فيشكر ربه على هذه النعمة التي وفرت له التعرف على أفضل المزايا وأسماها عبر الإعلام الوطني، لأناس لا يحلم يوماً أن يقترب منهم ولو من بعد مئات الأمتار.
ولابأس في إعادة تلخيص بعض تلك الخطوات نحو الديمقراطية والتي قام بها المجلس الثوري بشخص القائد ومنها:
أولاً: التحول من الحكم الفردي الديكتاتوري المستبد السابق إلى الحكم الجماعي والتعددية الحزبية. وهذا يعني تشكيل مجلس قيادة أعلى أو جبهة من بعض التيارات أو المجموعات الموالية تحت اسم أحزاب وطنية، بشرط أن يحظى القائد دائماً أو من ينيبه عنه بسلطة اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً في أي شأن من الشؤون. ولصيانة وحدة الصف والموقف لهذه الجبهة، يفترض بالآخرين الموافقة بحماس واندفاع. وهكذا يمكن تحقيق الموازنة الصعبة بين عدم التفرد باتخاذ القرار وبين وحدة الصف الضرورية لمواجهة القضايا المصيرية.هذه السياسة الحكيمة التي انبثقت عنها عبقرية القائد، لم يتوصل إليها الغرب وديمقراطياته الهشة بكل ما يدعيه من تقدم وإبداع. وإن ارتؤي لدواعي معينة توسيع هذه الجبهة وزيادة "الأحزاب" المنضمة إليها يتم الإيعاز من طرفٍ خفي إلى البعض ممن (يمون) عليهم القائد فيقومون بحركة انشقاق داخل حزبهم. وهكذا يكون قد انضم (حزب) جديد أو أكثر للجبهة مما يوسع منطقياً القاعدة الجماهيرية لها. وبالتالي تطبيق أمثل للديمقراطية. وكل من هو خارج هذه الجبهة، التي غالباً ماتحتكر اسم الوطنية، فهو بلا شك غير وطني وخائن وعميل ومصيره سيظل مجهولاً إلى أن يقضي الله بأمره.
ثانياً: تجسيد التمثيل الشعبي الحقيقي ببرلمان أو مجلس شعب، والتسمية الأخيرة أصدق تعبيراً عن واقع الحال. لأن أعضاءه سيكونون من عامة الشعب ومن الطبقة الفقيرة، حالهم حال القيادة ذاتها. بعكس ما هو حاصل في الغرب حيث من يملك المال وحده يستطيع أن يترشح وينفق على حملاته الانتخابيه، ويظل الفقير محروماً عملياً رغم حقه الدستوري في ذلك. وإن حصل واغتنى حتى التخمة أحد ممثلي الشعب أو أحد أعضاء القيادة الموهوبين (بجهدهم وعرقهم) وهم كثر، فإن ذلك سيكون وبكل تأكيد بعد تحمله المسؤولية وليس قبلها. ولحسن سير العملية الديمقراطية يفترض أن يساق الناس إلى صناديق الانتخاب للإدلاء بأصواتهم التي (وهم يعلمون ذلك) لا تقدم ولا تؤخر، ولا مانع والحال هذه أن تواجه القوائم التي تختارها القيادة من أصحاب المواهب الفذة ممن يحسنون التعامل في بعض المجالات التي لايحسن التعامل فيها غيرهم، أن تواجه بأسماء بعضٍ ممن ركبوا رؤوسهم وأصروا على الاستمرار رغم يقينهم بانسداد أفق النجاح. وهذا بالتأكيد يضفي على النموذج الديمقراطي العربي المبتكر نوعاً من التزيينات الشكلية التي لاغنى عنها. دون أن يعني ذلك أن أصحاب الرؤوس اليابسة أولئك سيكونون في منجى من سحر (العين الحمرا) التي لايمكن لأحد التكهن بوقت وشكل تأثيرها.
أما ماذا يفعل هذا المجلس وماهي صلاحياته... فمن المؤكد أن هذا الأمر لايستحق أي عناء للبحث فيه، ذلك لأن القضية أوضح من أن تُشـرَحْ وأبسط من أن يعالجها أي بحث جاد. فلأن القيادة هي أقرب ما تكون إلى الشعب وإحساسها مرهف بنبض الشارع وإرهاصاته من خلال أجهزتها الأمنية التي تحصي على المواطن أنفاسه، ولأن المجلس هو للشعب ويتشكل من ممثليه أصلاً، ولأن هؤلاء الممثلين للشعب لم يعترضوا يوماً على أي قرار اتخذته القيادة أو سياسة ما انتهجتها، فإن هذا خير دليل قاطع وأكيد على عمق التناغم والتلاحم النضالي بين القيادة والشعب عبر ممثليه الذين لم يخيبوا أمل القيادة يوماً. وإذا كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب، فأي شعب في ديمقراطيات العالم كله حاز على هذا القدر الكبير من التناغم بينه وبين حاكميه..؟
ثالثاً: كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن مؤسسات المجتمع المدني. ولأن القائد لايريدنا أن نتخلف عن ركب الحضارة والتقدم الإنساني الذي باتت الديمقراطية من أبرز سماته، فإن مؤسسات المجتمع المدني من اتحادات ونقابات وجمعيات وغيرها.. التي يتم التحدث عنها قد تجسدت في فكره ومنذ البلاغ رقم (1) بأنجع أشكالها. وهذه المؤسسات التي تضم بين جناحيها كل أطياف المجتمع وعناصره، بحيث لايمكن لأي مواطن أن يبقى خارج إحداها، ستشكل سنداً قوياً للقيادة وأداة فعالة للسلطة في قولبة المجتمع وتطويعه ليتماهى ويتفاعل مع فكر ونهج القائد. لكن هذا الأمر لن يكتمل إلا إذا روعي في اختيار قيادات هذه المؤسسات وإداراتها الأسلوب ذاته الذي تم تطبيقه في مجلس الشعب وأثبت نجاحاً منقطع النظير.
ولعل هذا الجواب لأحد الرؤساء العرب الثوريين في مقابلة له قبل سنوات على سؤال لصحفية غربية عن غياب الديمقراطية في نظامه يوضح الصورة أكثر حين عدد لها الإتحادات والنقابات والجمعيات وغيرها من المؤسسات غير الحكومية التي تضم في عضويتها أكثر من 90% من السكان، وأكد بأن كل هؤلاء عبر مؤسساتهم متفقون معه في السياسة التي ينتهجها، فهل من ديمقراطية أكثر شعبية من هذه التي لدينا..؟؟؟ ومع كل هذا مازال الآخرون يتهموننا بغياب الديمقراطية...؟؟؟
لاشك أن أي نظام عربي ممن أسسوا لهذا النوع من (الديمقراطية) يمكنه أن يجيش الملايين من الناس ويسوقهم إلى الشارع ليصرخوا حتى تبح حناجرهم: بالروح.... بالدم. ولكن لم تتكحل أعيننا يوماً بتجمع ولو من بضعة أشخاص يخرج إلى الشارع ليعبر عن موقف رافض لسياسة أو موقف ما لهذا النظام الديمقراطي حتى العظم دون أن يحدث ما يجعل غيرهم يحجم عن تكرار ذلك.
إنه النموذج العربي للديمقراطية التي تسمح لك بكل ما أوتيت من ملكات بالمديح للقائد وحكمته. ولكن عليك أن تدرك أنك تسير بسرعة فائقة على طريق السياسة السريع الذي رصفته هذه الأنظمة بعناية، مع التحذير بأنه طريق ذو اتجاه وحيد وأي انعطاف فيه قد يكون مهلكاً ناهيك عن السير في الاتجاه الآخر.



#سعيد_لحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تركيا إلى دارفور
- كذبة كبيرة اسمها مقاومة
- رفاهية الابتهاج.... وضريبة القتل
- مسيحيو الشرق الأوسط بين دالوف الأنظمة ومزاريب الإرهاب
- أطلقت عليه السلطة (لا) واحدة فأردته معتقلاً
- معاقبة أمريكا سورياً وسحر الرقم 99%
- أيُّ الضربِ يؤلمكِ...؟
- حكامنا وحمار جحا
- كثر الصاغة وقل جني الذهب
- إرهاب خلف الحجاب
- التخوين والشخصانية عند تيارات الأقليات القومية
- -انتحابات- في سورية
- حين لا نفتقر إلى الحكمة
- الأقليات الصغيرة في عراق ما بعد صدام والبعث -الكلدان الآشوري ...
- الخيانة خيار وطني
- اغتيال- اعتقال- انتحار:أساليب حوار للنظام في سورية
- الحكام العرب والمحاكم المؤجلة- صدام مثالاً


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد لحدو - الديمقراطية بحسب النموذج العربي...وصفة قديمة متجددة