أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن لطيف علي - آراء المثقفين العراقيين حول تشكيل المجلس الاعلى للثقافة وإعلان جائزة الدولة















المزيد.....


آراء المثقفين العراقيين حول تشكيل المجلس الاعلى للثقافة وإعلان جائزة الدولة


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 08:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان اعلان رئيس الوزراء عن المجلس الثقافي الاعلى وجائزة الدولة، باعتبارهما سعياً لتشكيل افق ثقافي عراقي جديد .. المجلس الثقافي الاعلى في العراق والاعلان عن جائزة الدولة للفنون والاداب مبادرتان لتفعيل الجهد الثقافي العراق والسعي الى احتضان المبدعين العراقيين وتنظيم حياتهم وفتح افاق جديدة لتنمية ابداعية تسهم في مواجهة تداعيات مابعد مرحلة الاحتلال،وتعقيدات العنف الاجتماعي والاثني،باتجاه صناعة ثقافية تؤمن بالحرية وقيم الحياة والمعرفة والمستقبل، صناعة ثقافية تبدأ من الاسئلة من منطلق ان تنمية الثقافة تحتاج الى تنمية اطرها ومؤسساتها ، كان لنا هذا الاستطلاع :

د. ميثم الجنابي : الثقافة الحقيقة هي التي تعمل بمنطق الإبداع الحر والملتزم بقضايا المجتمع والدولة والأمة
إن الثقافة منظومة. ومحتواها يتحدد فيما إذا كانت تعمل بوحي مرجعيات متسامية، أي مبادئ كبرى وقيم غير محكومة بمتطلبات السياسة الآنية ورغبات الأحزاب وعقائدها الخاصة، أو تعمل تائهة في ظل غياب هذه المرجعيات. وفي هذا يكمن الفرق والخلاف بين الثقافة الحية الديناميكية المبدعة والثقافة الجامدة التقليدية القاتلة للإبداع الحر. وهو خلاف جوهري.
فالثقافة الحية دليل على حيوية المجتمع والدولة والنظام السياسي، بينما الثقافة التقليدية تعبير عما يعاكس الأولى. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الثقافة منظومة من هنا ضرورة الرؤية المتكاملة تجاه إدراك محتواها ووظائفها وغايتها. وبغير ذلك يمكن أن تتحول أفضل النوايا والشعارات إلى ما يناقضها. وتجربة العراق الحديثة، وبالأخص في مجرى العقود الأربعة المظلمة للدكتاتورية هي خير دليل وبرهان.
بعبارة أخرى، إن إعلان السلطة عن نوايا حسنة تجاه الثقافة لا يشكل بحد ذاته ضمانة لتطوير الثقافة ما لم يقترن ذلك برؤية متكاملة عن ماهيتها ووظيفتها وغايتها. وذلك لأن المهمة الكبرى تقوم الآن في أن تعمل السلطة بمعايير الدولة ومصالح الأمة، باعتباره الأسلوب الوحيد القادر على أن يجعل من خطوات السلطة الجزئية ذات قيمة فعالة في ترسيخ القيم الثقافة وتطوير منظومة الثقافة العامة.
إن الإعلان عن تشكيل "مجلس أعلى للثقافة" ينبغي أن يكون جزء من رؤية أوسع واشمل تنظر إلى الثقافة باعتبارها العمود الفقري للتطور والارتقاء الشامل للدولة والمجتمع والنظام السياسي. وهذا بدوره يفترض إعادة بناء العلاقة بين السلطة السياسية والنخب الثقافية بطريقة تكفل للاثنين علاقة متجانسة ومحكومة بقيم النظام الاجتماعي الرشيد، وليس بقيم الأحزاب السياسية وأنصاف المتعلمين الذين حاولوا في مجرى السنوات الخمس الأخيرة "مصادرة" الثقافة من خلال الابتزاز والرشوة والمتاجرة الرخيصة بالمهرجانات المجيرة وما شابه ذلك.
من هنا أهمية الخطوة الحالية للسلطة بإنشاء مجلس أعلى للثقافة. ومن الضروري اشتمال هذه الخطوة على إعلان دقيق وواضح في تمسكه بجملة شروط لعل أكثرها أهمية الآن هي:
أولا، عدم مزاحمة القوى المتنوعة للمجتمع المدني.
ثانيا، اعتماد الكفاءة العلمية والثقافية في اختيار شخصياته.
ثالثا، العمل حسب قواعد النظام الديمقراطي.
رابعا، التمسك بالشرعية والحقوق.
وتفترض هذه الشروط بدورها العمل بمعايير التأسيس العقلاني والإنساني للثقافة العراقية. ويمكن بلوغ هذه الغاية من خلال إيجاد الصلة المعقولة بين المثقف والسلطة حسب شعار – تكامل الدولة بمعايير الحق وتكامل المثقف بمعايير الحقيقة. وبغض النظر عن انها المهمة الأعقد بالنسبة للثقافة في كل مكان، والأشد تعقيدا في ظروف العراق الحالية، بسبب طبيعة الخراب والدمار شبه الشامل للثقافة العراقية، إلا أنها تبقى المهمة الأولية الكبرى أمام الثقافة العراقية ونخبها الحية.
ذلك يعني أن "المجلس الأعلى للثقافة" لا يحتوي بحد ذاته على أداة أو فاعلية سحرية. لكنه يستطيع تنشيط وتفعيل النخبة، وبالأخص الشابة والصاعدة، بوصفها الرصيد المهم والأكبر للمستقبل، في حال تمسكه بالشروط المذكورة أعلاه. وهي شروط قابلة للتنفيذ بسبب ما يمكن دعوته بالاهتمام الحكومي بالنخبة والثقافة، أي اهتمامها بمعايير فكرة الدولة والأمة والثقافة كما هي. من هنا ضرورة دعم هذا المشروع الثقافي السياسي، على أن يبقى المثقف بعيدا نسبيا عن السلطة.
إن استقلال المثقف عن السلطة، أي كان شكلها ومحتواها بما في ذلك أكثرها نبلا وإخلاصا هو احد الشروط الضرورية لتطوير الثقافة والنخبة والنظام السياسي والدولة والأمة. فكما أن السلطة الرشيدة لا تحتكر المجتمع والدولة، فان المثقف الحقيقي لا يسمح بان يكون محتكرا للحقيقة ولا محكوما من جانب السلطة.
إن المهمة تقوم في أن يتحول المثقف والثقافة إلى ميزان روحي توزن به الأعمال السياسية للسلطة، وليس بالعكس كما كان الأمر، وكما هو منتشر لحد الآن. بمعنى ضرورة قلب المعادلة السيئة بين النخبة الثقافية والنخبة الحزبية، من خلال رفعها إلى مصاف العلاقة بين النخبة الثقافية والنخبة السياسية التي تعمل بمعايير الإدارة وليس القيادة، والمتنورة بقواعد الشرعية والنظام المدني وليس الحزبية.
إن مهمة المثقف والثقافة تقوم في تحرير النفس والمجتمع من الركض وراء رجل السياسة الحزبي. إن الركض وراء السياسي المتحزب يكشف عن هشاشة المثقف وارتزاقه، وبالتالي عن حقيقته بوصفه من أنصاف المتعلمين. إذ ليس لرجل الأحزاب محل من الإعراب بين الثقافة والمثقفين. ومن ثم لا يعني قبول الهدايا والألقاب وما شابه ذلك منهم سوى مهانة لا بعدها مهانة بالنسبة للمثقف والثقافة. والمهمة المرجوة من وراء خطوة إنشاء "مجلس أعلى للثقافة"، مع انه لا مجلس أعلى للثقافة من حيث الجوهر غير مرجعيات الإبداع الحر، تقوم في تحرير المثقف من هذه الحالة الخطرة التي أدت إليها تقاليد الأحزاب السياسية "العراقية". لاسيما وأنها أيضا مقدمة وضمانة ارتقاء الأحزاب السياسية من السقوط في أوحال العدم!
إن للدولة مسؤولية بهذا الصدد. ويمكن فهم مهمة إنشاء مجلس أعلى للثقافة باعتباره جزء من مسئوليتها بهذا الصدد. وكلما كانت هذه المسئولية محكومة بقيم التنوير والثقافة الفعلية كلما كان ذلك دليلا على خروجها من نفق السلطة المظلم. فالسلطة الحقيقة هي التي تعمل حسب منطق الدولة ومتطلباتها، وليس بالعكس. كما أن الثقافة الحقيقة هي التي تعمل بمنطق الإبداع الحر والملتزم بقضايا المجتمع والدولة والأمة. وفيما لو تمسك المجلس المفترض للثقافة بهذه المبادئ والقيم في عمله اليومي، حينذاك فقط يمكننا القول، بأننا نسير في الطريق الصحيح، وان العراق يستعيد ذاته بوصفه احد المصادر التاريخية العالمية الكبرى للإبداع الثقافي الإنساني.




امل بورتر: ابعدوا الدولة والسلطة عن افكارنا ونتاجاتنا وتنظيم حياتنا
لا ادري لما تتدخل السلطة في صياغة وصناعة الواقع الثقافي او الفني؟ انا لا اؤيد اي وصاية من السلطة اي سلطة حاكمة، ان كانت تلك الوصاية على شكل مجلس او هيئة رسمية او شبه رسمية.
ولم تمنح السلطة جائزةلنتاج فني؟، الجوائز يجب ان تمنح من قبل الهيئات المختصة مثلا نقابة الفنون التشكيلية او جمعية الفنون المسرحية والخ
على الدولة وليس السلطة ان تخصص مبالغ ثابته لتوفير الدعم المادي للجمعيات لتقوم تلك الجمعيات المختلفة بانشاء مراسم ،محترفات و مسارح الخ و لتوزيع جوائزالخ.

على الدولة ان تؤسس للدراسات الفنية المختلفة معاهد وكليات، وان تمنح موافقات للقطاع الخاص بذلك، ولا مانع من ان تساهم الدولة بشكل ثابت في قسم من ميزانية تلك المعاهد الخاصة.

على الدولة ان تزيد من عدد المتاحف ، وارسال البعثات والتبادل الثقافي، واقرار قانون عادل للتقاعد ، وتوفير الرعاية الصحية للجميع وليس كما يحصل الان عندما يصاب مثقف او فنان بمرض يستصرخ ضمائر رجال السلطة وقد تنهال عليه التبرعات او تهمل صرخاته، ومن يستجاب صراخه وتتم رعايته، يتعالى صراخة ثانية حمدا وشكرا للفضل المنعم عليه، كانما لاحقوق للمواطن في ابسط متطلبات الحياة.

اعتقد ما ممرنا به من تجارب طويلة حول ما يسمى برعاية السلطة او الدولة يتحول في الاخير الى فخ للمثقف او الفنان لكي يكون بوقا لهما ، خاضعا لهما ممررا اهدافهما، في حين ان الفنان او المثقف يجب ان يكون مراقبا للسلطة حريصا على مصالح الاخرين ممن يزاملونه، وجادا في ان يكون المنتج الفني او الثقافي بمستوى عال و طموح وليس مسيسا وفقا لنوازع السلطة الحاكمة.

وانا افرق بين السلطة والدولة!

السلطة في الدول الديمقراطية، متغيرة تاتي بانتخابات حرة نزيهة، في حين ان الدولة كيان قائم لا يتغير بتغير السلطة.
ولا اعتقد بانه من واجب الدولة ان توزع الجوائز وتؤسس المجالس فهي جهة تنفيذية لقرارات البرلمان( المجلس الوطني المنتخب)

رجاء ابعدوا الدولة والسلطة عن افكارنا ونتاجاتنا وتنظيم حياتنا، وليكن اهتمام السلطة والدولة منحصرا بتوفير ما سبق وكذلك الخدمات الضرورية و الامان والحرية واحترام القانون.
الثقافة والفنون لا تنمو داخل اطر ومؤسسات رسمية بل تزدهر في جو حر امين بدون هيمنة وتأطير.

عبد الكريم هداد: نتمنى ذلك، ولكن..؟


منذ دهر والأسئلة حول الثقافة والبحث فيها طويل ، حتى النظام العفلقي الفاشي كانت له رؤية وآيديولوجية تحرك فضاءاته وتكويناتها وفعالياتها الأدارية والنقابية ، وقد حشدت لها أسماء لها باع طويل في المشهد الثقافي بمعية حشود من الرادحين الإنتهازييين الذين اصبحوا نجوماً في الإعلام الرسمي المسخر لأحداف أفكار السلطة وحروبها آنذاك.
من هنا تاتي دور الأسئلة المتقدمة على أدوات النتاج الإبداعي في جميع صنوف الثقافة العراقية منها :
ماذا يعني الخراب الثقافي للحقبة الماضية ، الذي كان يدار من قبل مكتب الثقافة والإعلام لحزب البعث العفلقي في العراق؟ والذي كان يمتلك لرؤية وآيديولوجية فعالة بعملها اليومي ، حيث إستغلت بها كل آليات الدولة وتوابعها الأدارية ، فقد همش الدور العلمي للجامعات العراقية وتربية المدارس ، ضمن الأطر والوسائل الأعلامية والتربوية في المشهد الثقافي العراقي العام . من هنا يأتي السؤال عن ماهية المجلس الثقافي الأعلى للثقافة في العراق، لو كانت المفاصل والمكونات ذاتها بنفس الأسماء والوجوه واللألقاب ، وكأن التغير الذي نحلم به ونريده عافية لشعبنا العراقي هو فقط تغير اللافتة من " أمة عربية واحدة ، ذات رسالة خالدة" الى" بسم الله الرحمن الرحيم" وهذا ما حصل لدىالكثير من ناشطي منتجي ثقافة النظام السابق الذين كانوا المسارعين الأوائل في التبديل تبديلا .
وبما إن المثقفين الحقيقيين في العراق كانوا الآوائل في حمل لواء المعارضة لآليات التعسف ضد الثقافة الصادقة بإنسانيتها، فمنهم من إلتزم الصمت وإعتكف بعيداً عن أضواء إعلام السلطة وبراثينها، ومنهم من هاجرمنذ صعود الفاشية لكرسي السلطة،وقد كشفت السنين الماضية مساحة النتاج الإبداعي الإنساني بعراقيته سواء داخل العراق أوخارجه.حيث مازال الكثير الكثير من دون سقف يؤوي إليه أومصروف يسد رمقه اليومي.
ونبقى ننتظر فعالية أهداف المجلس الثقافي، وعسى أن لا يكون مؤسسة حكومية ممتلئة بالروتين والتزيق الحكومي والمحسوبية في تصريف أموال الدولة المخصصة لها.

سامان نوح : مجلس اعلى للثقافة .. خطوة اولى لاستعادة الحياة
اعتقد ان تشكيل مجلس اعلى للثقافة خطوة الى الامام من اجل تحريك الواقع الثقافي في البلد الذي يحاول استعادة الحياة بعد سنوات من تغليب الجهل والعنف والاستبداد.
الثقافة ليست ترفاً ولا حاجة ثانوية او مجرد اطار تكميلي يعكس صورة البلد، انها محور البناء المدني والحضاري وهي الاساس الاول في التنمية البشرية المستدامة. مستقبل العراق وربما المنطقة العربية المحيطة بنا سيعتمد على ما سيصنعه انسان هذا البلد في السنوات القليلة القادمة. وارى ان ترك الساحة للسياسي والاستثماري فقط ليكونا صاحب القرار الاول في البلد سيعني الفشل في تحقيق اي تطور وتنمية حقيقية، كما كان ترك الساحة للجاهل والمستبد بالامس نتيجته دمار العراق. على المثقف بل على الفعل الثقافي عموماً ان يتحرك الى الواجهة في ذات الوقت الذي يعمل فيه من القاعدة، وعليه ان يتحول من موقع المتلقي الى محور المنتج والباعث.
فلا تنمية حقيقية ولا بناء حضاري ولا مدنية بدون ثقافة حية. كل شيء يمكن ان يكون مهددا في اي بلد غني ومتطور عمرانياً ان لم تكن هناك بنية ثقافية قوية تغذي وتنمي فعل البناء والانتاج وتستطيع ان تقود المجتمع وتؤثر في خياراته وقراراته.
ان من الحقائق العلمية والتاريخية المسلم بها هي ان الثقافة وحجم انتشارها في المجتمع، والتي يشكل احد وجوهها التعليم الجيد ومستويات القراءة المرتفعة، تحدد مصير الشعوب. فالشعوب التي تقرأ اكثر تبدع وتتقدم لتقف اعلى سلم الحضارة والتمدن، وذلك يتأتى من المخزون المعرفي المكتسب ومن الثقافة المجتمعية المترسخة والتي ترفض التخريب والظلم والاستغلال، وترحب بالانتاج والبناء والعدل، وتحتقر العنف والتعصب والتهميش وتقدس السلم والتعاون والمساواة والمشاركة.
من اجل كل ذلك ولاعادة التوازن الى بلدنا وانجاح أمل الديمقراطية ودولة المواطنة وانجاح الحرب على الفساد وعلى التخلف وعلى الاستغلال والتعصب والتطرف لابد ان نعيد للمثقف مكانته القيادية في المجتمع، ولابد ان يتحول الى محور الاهتمام المكثف، ومعه لابد ان نعيد للثقافة وللكلمة وللفكرة وللحكمة موضعها الصحيح.
اننا اذا اردنا ان نكون امة حية في المستقبل تستطيع ان تقود المنطقة، واذا اردنا في العقود القادمة ان نتخلص من شبح النفط ومن قيوده، فعلينا ان نؤسس لثقافة حقيقية يكون للمثقف دور القيادة والتوجيه وان لم يعمل في السياسة ولم يشتغل في الادارة.
من هنا فان تشكيل مجلس أعلى للثقافة هي خطوة اولى صغيرة يمكن ان نعتبرها اطاراً للتخطيط لعمل ما هو ضروري لإعادة بناء الثقافة العراقية واعادة المثقف الى مكانته وتمكينه من لعب دوره الريادي. اما انجاح اطار العمل ذلك فيتطلب ان يكون لتلك المؤسسة دور واسع بحيث لا يكون محدودا او شكلياً او جمالياً كما في بعض دول المنطقة، وهو ما يتطلب البحث عن اليات لتفعيل العمل واغناء الموضوع عبر حوار ونقاش جاد مع المثقفين الحقيقيين في الداخل والخارج، ومنح ادوار حقيقية لكبار المثقفين العراقيين ممن لم تنل منهم امراض التعصب والفساد والاستغلال، وان يتم تحويل مشاريع قصور الثقافة في المحافظات الى ورش لصنع الثقافة والتأكيد على اهمية الكلمة في صنع مصير الشعوب، بل وتفعيل دورها الى حد تشكيلها لواجهات وجبهات لمواجهة الفساد والافكار التخريبية والاحزاب الشوفينية والحركات المجتمعية والدينية التي تهدد البناء وتستغل على نحو سلبي بساطة الانسان.
يجب ان لا يقتصر دور المجلس الاعلى للثقافة على تنظيم مؤتمرات وندوات او مجرد مناقشة قضايا الفكر والثقافة والفن والأدب او تنظيم دورات تدريبية في مجالات الادب والفن والثقافة او منح جوائز سنوية او اصدار نشرات وكتب او حتى خلق التواصل الفكري بين المبدعين والمفكرين والاحتفاء برموز الابداع الادبي والفكري بل ان يصل الى مرحلة تكوين ما يمكن ان نسميه حزب الثقافة والمثقفين لمواجهة صحاري التخلف التي تمتد في هذا البلد، او جبهة للعمل الثقافي والانساني لاتهدف الى السلطة او دخول العمل السياسي بل الى تنوير الناس وانقاذ البلد، فالثقافة التي تشكل في احد وجوهها هوية الشعوب الحية هي في حقيقتها تمثل اكسير الحياة بالنسبة لأي شعب.

الباحث جمعة عبد الله مطلك: نشوء الدولة العراقية الجديدة ومضمونها مرتبط بالثقافة بمعناها العام



لا تختلف الثنائية الاشكالية للدولة والثقافة عن بقية الاشكالات التي افرزتها ظروف التحول البنيوي لشكل وجوهر الدولة العراقية . وبفعل الفراغ الموغل في التعمية واللاتعين تعاني الشخصية والمؤسسة والتربية العراقية من ضعف القدرة على التواصل النسيجي والسببي المفضي الى قدرة الضمير والعقل العراقي على النظر الى العقد الاجتماعي وصيانته . ومن الشطط وسوء التقدير الدعوة الى الغاء دور الدولة في الثقافة والصحيح ان نشوء الدولة العراقية الجديدة ومضمونها مرتبط بالثقافة بمعناها العام . ومن الواجب دائما الاحتكام الى الخصوصيات التي تنبع اولا من طبيعة المرحلة التاريخية للعراق وكذلك القوى الاجتماعية الحاملة للحداثة وتلك المضادة " بوعي او بدونه " لها . والفكرة الاكثر جوهرية في هذا المجال هو تظافر الجهود المخلصة لبناء مؤسسات الدولة العراقية . ومن حسن الحظ " اوسوئه " فان النظرة الى المؤسسات ومحوريتها في الثقافة والحياة العراقيتين جاءت متزامنة مع تحلل الدولة القديمة وصعوبة تخليق ارضية صلبة للدولة الجديدة . فبالرسوخ المؤسساتي المستند الى جهود كل الفاعلين الاجتماعيين والتربويين والثقافيين لن يكون للثقافة هذا الصراخ الممسوس " حقا او باطلا " المتجه الى الشكوى من اهمال الدولة او حتى نقيض ذلك . اذ ان الرسوخ المفترض سوف يوفر مناخا لكل المرافق الحيوية في المجتمع ان تنمو بطريقة الاواني المستطرقة وهذا هو عين ما يمكن ان يسمى بالعقلانية المنتجة للحداثة والمؤطرة بطبقة ادارية مدنية متعلمة ومتطورة . والا لا يمكن التعويل الان على هذا الكائن الجنيني او الوهمي المسمى بالمجتمع المدني . اذ ان هذا الاخير ذاته يشكل احد المضامين التي يفترض ان تكون حاضرة في اذهان جميع الفاعلين العراقيين في رؤاهم واستراتيجياتهم لمستقبل الدولة والمجتمع العراقيين . ومن الواضح ان البلاد تعاني تمزقا وانشطارا على مستويات مختلفة . ولاسباب مركبة وصعبة لم تصل القوى الاجتماعية الى تفاهمات الحد الادنى الذي يضمن بعد ذلك انطلاقة القوى الخلاقة المتوارية في الشخصية والمجتمع العراقيين باتجاه البناء السليم للمنظومة التربوية وللبنى التحتية بمختلف الوانها ترميما صعبا لخراب طويل . لكن وبعيدا عن التجريد فان المحترفين الثقافيين العراقيين " بمعنى المنتجين للنصوص " يفتقرون الى الحد الادنى من القدرة على العمل الجماعي خاصة في فترة التحول تلك . وان الاشارة الى العمل الجماعي لا تضاد ولا تناقض فكرة الثقافة كمشروع اجتماعي والاواني المستطرقة بل تتكامل معها بحساب ان وعي المرحلة يستدعي هذا العمل التضامني الضروري للوصول الى رسوخ التفكير والثقافة في الشان العام كحاضن اخلاقي وديناميكية داخلية للمجتمع والدولة والفرد . اذ تشكل الشخصنة والادلجة والاحتراب الطويل بين هؤلاء المنتجين علامة مميزة في كل تجمعاتهم ومنتدياتهم زاحفة الى لغتهم ونصوصهم . وفي ظروف التشكل الدولتي العراقي الحالي وتمخضاته الصعبة ينعكس هذا الاحتراب والشخصنة وهذا التبسيط المخل في النظر الى قضايا معيارية شديدة الخطورة مثل الدولة والمجتمع حافزا للمؤسسة السياسية او ممثليها لاستصغار الفاعلين الثقافيين واعتبارهم طالبي حاجة مؤقتة ويمكن بالتالي التعامل معهم بالسياق المعتاد دون الحاجة الى العناء الذي تسببه علاقاتهم المتشاحنة والصعبة مع بعضهم البعض وبين مؤسساتهم ومع النخبة السياسية ايضا . وفي كل المناسبات التي تتطلب تحديدا ووضوحا مثل قضايا الموقف من اتحاد الادباء العرب وصولا الى انشاء مجلس اعلى للثقافة لم يبلور الفاعلون الثقافيون رؤية معقولة تتناغم مع ظروف الصيرورة الدولتية والمجتمعية في العراق . وفي الوقت الذي يتفاخر الفاعلون الثقافيون انهم اكثر حداثة من دولتهم بحكم النشاة والبنية فان نجاحات عراقية اليوم تحت قبة البرلمان او مؤسسات الامن الداخلي او شبكة الحماية الاجتماعية تتقدم في رؤية الانسان العراقي العام اكثر من الثقافة المحترفة . وعلى الرغم من النقص الحاصل في اداء هذه المؤسسات وغيرها لكنها تحقق من خلال الممارسة رؤية للمستقبل تساهم في منع تفتت البلد وتحاصر النزعة الشوفينية الاقوامية او الطائفية التي تفتك بالوجود العراقي . وسوف يكون ضروريا من الناحية الاخلاقية والوظيفية ان يتقدم المثقفون في تسوير وحماية مفهوم المدنية وحقوق الانسان وحداثة المؤسسات . وبالتحامهم مع القوى الاجتماعية المختلفة وقدرتهم على تخليق استراتيجية ثقافية تعبر الفجوة الهائلة بين الثقافة والتربية في العراق يمكنهم ان يكونوا امناء مع انفسهم ولحظتهم التاريخية ولن تكون وزارة الثقافة الموجودة ولا المجلس المفترض سوى علامات على طريق طويل لن يكون ممكنا التحليق في اجوائه بغير الدفاع المخلص والعميق عن سلامة جناحيه : الحرية والمسؤولية .

وديع شامخ : نأمل أن يكون هذا المشروع الحيوي، هو الخطوة الناضجة على الطريق الصحيح
بعد سقوط الانظمة الشمولية ، تعتري حياة الشعوب عادة، حالة من الفوضى بكافة حقولها، ولذا فأن العراق لم يشذ عن تلك القاعدة ، بل كانت مرحلة سقوط الصنم هي فاصلة نوعية لابد من استثمارها لمراجعة شاملة ونوعية لمؤسسات الدولة العراقية وحقولها ، ولعل حقل الثقافة من الحقول التي عانت من هيمنة المركز " البوليسي، والتبعية وأمراض السلطة المختلفة ، لذا أرى أن دعوة السياسي ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاخيرة لتأسيس مجلس أعلى للثقافة والفنون تنطوي على جملة امور إيجابية مهمة وهي:
1- بداية موفقة لنضج السياسي العراقي في تعامله مع الحقل الثقافي، وأنصاف دور المثقفين في الحياة العراقية الجديدة، بعد أن صارت وزراة الثقافة " سهم " لا يغني جوع المحاصصة وفمها المفتوح كنار جهنم و" ضرع" لا يدر لبنا كباقي الوزرات السيادية السمينة ، وقد وصفت بالوزارة " التافهة"! .
2- اعادة تأهيل الاطر ومؤسسات الحقل الثقافي، التي تعد ظاهرة ضرورية و مميزة لعافية النشاط الابداعي عموما.
3- ارساء تقاليد ثقافية عراقية رصينة وحرة، والتي عانت طويلا من الانجرار الى مؤسسات الدولة الاخرى ولاسيما " الحزبية، والامنية والمخابراتية والعشائرية ... الخ" .
ومع ملاحظتانا الايجابية ومباركتنا لهذه الدعوة التي نرجو ان ترى النور قريبا ، نأمل ونشدّد على أن هذا المجلس يجب ان يرتقي بعيدا عن المحاصصة الطائفية وامراض السياسة ، كما نرجو ان لا يكون المجلس ثمرة سياسية للحصول على مكاسب ومنافع إنتخابية آنية مجيّرة لهذا الطرف او ذاك. وسيكون المجلس الاعلى للثقافة والفنون كما نريده النبض الحيّ لثقافة وابداع عراقيين صميمين بين الادباء والمثقفين والمبدعين العراقيين عموما في داخل العراق وخارجة ‘ نريده مؤسسسة للابداع العراقي الخالص دون تمييز بين" أدب داخل" وأدب خارج"، تلك العاهة التي فتكت بالثقافة العراقية وجعلتها أسيرة لأهواء السياسة ومشاريعها المضلّلة .
نأمل أن يكون هذا المشروع الحيوي، هو الخطوة الناضجة على الطريق الصحيح باتجاه صناعة ثقافية تؤمن بالحرية وقيم الحياة والتنوع والمعرفة ، تؤمن أيمانا حقيقيا بدور المثقف كمراقب فاعل وواعٍ في الحياة وليس تابعا للسياسي . تؤمن بالمشروع الثقافي العراقي واستقلاليته عن هيمنة المشروع السياسي. نريد أخيرا مجلسا يتأسس وفق ضوابط وشروط الحقل الثقافي العراقي الخالصة تحديدا.



#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلال الحنفي ..ذاكرة بغداد التراثية
- صناعة الكتاب والإشكال الثقافي في العراق
- في حضرة كامل شياع .. سيرة الحالمين
- صدور العدد الجديد لمجلة الهامشيون
- في الذكرى الخمسينية لثورة تموز 1958
- حبزبوز..وريادة الصحافة الساخرة في عراق الثلاثينات
- أحمد مطر ..شاعر الرفض والتمُرد
- د. عبد الخالق حسين : المستقبل هو للحركة الليبرالية والتيار ا ...
- الدكتور قاسم حسين صالح : النظام السابق احدث تخلخلا كبيرا في ...
- الباحث والمحقق عبد الحميد الرشودي ..حكاية الحياة والادب والص ...
- د. عقيل الناصري: ثورة 14 تموز نقلة نوعية وأول مشروع حضاري
- الشاعرة والناقدة فاطمة ناعوت : القصيدةُ الحقيقة تقول: -أنا ق ...
- عدنان الصائغ : الشعر يستوعب الوجود كله
- تركت حركة المسرح العراقي أثرها البالغ في كل عقد من العقود فا ...
- البغاء على شاشة السينما المصرية
- الباحثة امل بورتر : قابلت عبد الكريم قاسم وحزنت لمقتله
- الفنانة شوقية العطار:كانت أغنياتنا سلاحا بوجه النظام القمعي ...
- عن الزمان .. أبعاده وبنيته
- التربية على المواطنية
- من يصنع الدكتاتور ؟ .. في خصوصيات الواقع الصعب


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن لطيف علي - آراء المثقفين العراقيين حول تشكيل المجلس الاعلى للثقافة وإعلان جائزة الدولة