أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - روسيا واللحظة الجورجية















المزيد.....

روسيا واللحظة الجورجية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2399 - 2008 / 9 / 9 - 02:26
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


اختلفت ردود الفعل الدولية والإقليمية بشأن الحسم الروسي لأزمة القوقاز، لاسيما باختيار اللحظة الجورجية. وبشر أكثر من طرف بعودة الحرب الباردة الثانية، وأن الدب الروسي نفض الغبار عن أكتافه، وانتهت معه مرحلة الكسل واللاأبالية. وأكثر من ذلك أن البعض رحب بالنتائج قبل حدوثها، بما فيها إعادة التوازن إلى النظام العالمي وإلى منظومة العلاقات الدولية التي نشأت ما بعد نهاية الحرب الباردة «الأولى» في أواخر الثمانينيات.
ولعل «نجاح» الولايات المتحدة من خلال سياسة «الوفاق» الدولي في ظل قيادة غورباتشوف للاتحاد السوفيتي القديم، وضعها على عرش النظام العالمي الجديد كقوة عظمى بلا منازع، لاسيما بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية السابقة، بعد ما يزيد على 70 عاما على انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية، وأربعة عقود ونيف من انضمام دول أوروبا الشرقية إليها، الأمر الذي أدى إلى انقسام العالم إلى معسكرين متصارعين متناحرين. وكانت بؤر التوتر والاحتدام تزداد عنفيا وسلميا، بشكل ساخن أو بارد، وعبر حروب وتهديدات وتحصنات وقواعد عسكرية مباشرة أو غير مباشرة، من خلال حلفاء وبالوكالة أحيانا، وصاحب ذلك أكبر حملة عرفها التاريخ للدعاية والترويج الإيديولوجي من القطبين.
ولعل سر تأييد البعض عودة روسيا إلى الحلبة الدولية لاعبا أساسيا، وتلويحها بأوراق كثيرة ودخولها مرة واحدة في معارك غير قليلة، عسكرية وسياسية واقتصادية، يعود إلى «حلمهم» وربما «وهمهم» بإعادة القديم إلى قدمه، وتصور إمكانية إعادة التاريخ إلى الوراء وقيام نظام القطبية الثنائية مجددا. وينسى هؤلاء أن التاريخ لا يمكن إعادته إلى الخلف، ناهيكم من أن الحالة الراهنة لا يمكن أن تدوم، لكن عوامل أخرى وتفاعلات واستقطابات جديدة لا بد أن تقوم لتغيير موازين القوى، الأمر الذي ليس من السهل بمكان التكهن به، لاسيما تحضير مستلزماته.
باستذكار نظام القطبية الثنائية، فإنه جاء في ظروف مختلفة خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية، لكن فشل العالم الاشتراكي في إدارة الصراع مع العالم الرأسمالي، أدى إلى تمزيق الاتحاد السوفيتي والدول التي تدور في فلكه، وإلى إرهاق الشعوب السوفيتية والاشتراكية بأعباء اقتصادية ومالية واجتماعية لم تكن بقادرة عليها، لاسيما في ظل سباق التسلح، وهو الذي أطاح بأنظمتها. يضاف إليه نهج الاستبداد الذي سارت عليه، وكبت الحريات المدنية والسياسية التي استغلها الغرب في حملته الدعائية والإيديولوجية طيلة عقود من الزمان.
ولعل مصدر استبشار بعض بلدان العالم الثالث، أو حتى حركات سياسية خارج السلطة أو من أطراف حركة التحرر الوطني كما يطلق عليها، يعود إلى أسباب موضوعية وذاتية. فالولايات المتحدة استأثرت بنظام العلاقات الدولية ووظفته، وكذلك سخرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن لصالحها، وتبخرت الوعود عن نظام دولي جديد أكثر عدلا ومساواة، وتحقيق السلم العالمي لصالح الشعوب التي ينبغي أن تنعم بالتعددية والديمقراطية والانتخابات لاختيار حكامها واحترام حقوق الإنسان.
لقد انتقل العالم من نظام دولي ثنائي القطبية ومعسكرين متناحرين وهيمنة من القطبين على العلاقات الدولية، إلى نظام دولي أحادي القطبية، تتحكم فيه قوة دولية كبرى على نحو إمبراطوري لا ينازعها فيها أحد. ودفع العالم أثمانا باهظة جراء سياسات الغطرسة والاستعلاء واستخدام القوة، لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية الإجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة. فاستمر فرض الحصار على الشعب العراقي، ثم تعرض العراق للاحتلال، وقبلها أفغانستان. وكانت دول عالم ثالمثالية قد تعرضت للحصار أيضا، كما هي حال ليبيا والسودان، وحدثت مجازر في البوسنة والهرسك والصومال، واستمرت إسرائيل في عدوانها على لبنان كما حصل عام 2006، وفي هدر حقوق الشعب العربي الفلسطيني، خصوصا بحصار غزة وترويع السكان المدنيين طيلة السنوات الثماني الماضية بحجة القضاء على الانتفاضة السلمية الفلسطينية.
إن أصحاب الرأي القائل بعدم عدالة نظام العلاقات الدولية هم على صواب، لاسيما أن النظام الراهن -بعد انقضاء نظام القطبية الثنائية وانتهاء الحرب الباردة- لم يكن إلا أكثر إذلالا وامتهانا لحقوق الشعوب، ولم يحقق الآمال التي كانت تنتظرها. لكن التوتر في العلاقات الدولية الذي قد تصحبها حمى إعادة التسلح وتطوير أنواع الأسلحة، وتخصيص مليارات بل تريليونات من الدولارات عليها، سيؤدي إلى المزيد من الإفقار والتخلف، وسيكون على حساب التنمية البشرية المستدامة. وقد لا يكون بمقدور شعوب تحملت سنوات طويلة من الحرمانات العودة إلى الماضي. فالماضي حسب وجهة نظري أصبح ماضيا، ولا يمكن إعادته إلى الوراء، ويكفي أن تقول إن الاتحاد السوفيتي السابق لم يكن بإمكانه مجاراة الولايات المتحدة في هذا الميدان. فعشية سقوط جدار برلين كانت واشنطن قد خصصت لمشروع حرب النجوم وحده نحو تريليوني دولار أميركي، ولم يكن بمقدور الاتحاد السوفيتي السير في هذه الطريق، فكيف بروسيا أن تسلك ذات الطريق وبامكانات اقل بكثير من السابق سواءًا على الصعيد الاقتصادي أو الجيوبوليتيكي والستراتيجي.
وإذا كانت الممانعة وعدم الرضوخ والتحدي، لاسيما في مجالات الأمن الحيوي ضرورية ومهمة، خصوصاً وأن روسيا أعلنت عن مقاومتها ورفضها نشر صواريخ على حدودها في جمهوريتي التشيك وبولندا، ناهيكم من عدم ترحيبها بسعي جمهوريات كانت تدور في فلكها إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كما هي جورجيا، لكن سباق التسلح سيكون ثمنه غاليا، وقد لا يكون بمقدورها المضي فيه، ولديها تجربة مريرة بذلك.
لقد أثارت الحركة الروسية في جورجيا قلقا كبيرا في الأوساط الغربية، ودعت شخصية فكرية مثل فوكوياما صاحب نظرية نهاية التاريخ عام 1989 الدعوة لتأسيس إطار مفاهيمي جديد وواسع للتعاطي مع العالم غير الديمقراطي إثر الخطوة الروسية في جورجيا.
ولا شك فإن التحرك الروسي -بغض النظر عن مستقبله- هو مؤشر جديد في السياسة الدولية، لاسيما أن الهيمنة الأميركية على العالم أخذت تتبدد، فضلا عن سعي روسيا والصين إلى تحديث بعض أساليب الحكم. لكن ليس عودة التاريخ إلى الوراء، سواءًا عالم القرن الـ 20، أي مرحلة الحرب الباردة التي أطلق شرارتها وينستون تشرشل عام 1947 عندما أعلن ضرورة القضاء على الشيوعية باعتبارها الخطر المحدق بعد القضاء على النازية، أو عالم القرن الـ 19 الذي شهد صدام الدول العظمى هو أمر غير ممكن إن لم يكن مستحيلاً. وقد يكون فوكوياما على حق هذه المرة من أن روسيا لا تفتقر إلى السلاح، وإنما تفتقر إلى شيء مهم كانت تمتلكه ولم يعد بإمكانها استخدامه، وهو الإيديولوجيا والتماسك الضروريين لتقديم نموذج يمكنه أن يشكل عنصر جذب على المستوى الدولي.

لا يمكن التغني بالماضي، فقد يكون ذلك وهما، كما لا يمكن قبول الحاضر فقد يكون ذلك استسلاما، ولا بد من إطار مفاهيمي جديد لنظام العلاقات الدولية، ولكن ليس على طريقة فوكوياما، فلا نهاية للتاريخ ولا عودة له.. والجديد لم يولد بعد والماضي قد احتضر على حد تعبير غرامشي!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من إرهاصات ربيع براغ!
- إمبراطورية الذهب الأسود: هل من خيار!؟
- مقطوعة الشرق الأوسط.. العازف التركي واللحن الأوروبي
- سجون عائمة.. يا لها من رومانسية
- اللاعب التركي في الملعب النووي الايراني
- انتخابات الرئاسة الأميركية وطريق الخداع!
- دراما العدالة في السودان والثمن المقبول!
- الخداع.. قبل العاصفة وبعدها!
- في كيانية حركة المواطنة ودلالاتها!
- المعادلة الطردية... الدولار والنفط!
- المواطنة الإلكترونية!
- المعاهدة الأمريكية - العراقية.. هل اقتربت ساعة الصفر؟
- اللاجئون وأوروبا: بين «مزدوجين»!
- السودان ومحنة العدالة الدولية
- أوهام التنمية العربية
- شبح الانسحاب الأميركي من العراق!
- شارل مالك الكبير ولبنان الصغير
- بوش وحصاد الشرق الأوسط!
- في دلالات الحوار الكندي - الإسلامي: فكرة الهوية والخصوصية!
- المنفى والهوية والحنين إلى الأوطان


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - روسيا واللحظة الجورجية