أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مجدي الجزولي - الفيتو الصيني: قرار من لا يملك لمن لا يستحق















المزيد.....

الفيتو الصيني: قرار من لا يملك لمن لا يستحق


مجدي الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 2399 - 2008 / 9 / 9 - 07:33
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


خرجت الصحف الأشد قربا إلى دوائر المؤتمر الوطني الاسبوع الماضي بعنواين أخبار تستبشر باستخدام الصين حق النقض (الفيتو) لتعطيل إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الجمهورية تقدم بطلبها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية السيد لويس مورينو أوكامبو في 14 يوليو الماضي، وذلك على خلفية زيارة مساعد وزير الخارجية الصيني زاي جون إلى الخرطوم حاملا رسالة خطية من الرئيس الصيني هو جنتاو إلى نظيره السوداني. بل انجرف البعض في الحماسة مطالبا بتشييد قواعد عسكرية صينية في البلاد، وكذلك روسية إذا أمكن، حماية من "الامبريالية" الأميركية. الطريف أن يأتي مطلب التبعية العسكرية من ذات الجهات التي طالما طعنت في كل معارض سياسي بدعوى (العمالة) و(الارتزاق)، كأنما القواعد العسكرية تكأة صيفية لأصدقاء أو لعلها خلاوى لشيوخ المؤتمر الوطني تجمعهم وأولياء الصين الذي لا أسلموا ولا شهدوا بالكتب!
المبعوث الصيني من جهته قال بوجود قضايا جنائية في دارفور تنتظر التسوية، ونفى احتمال استخدام الصين حق النقض في هذه المرحلة (سودان تريبيون، 02/09/08). هذا مع العلم أن إحالة القضية برمتها، أي ملف الأوضاع القائمة في دارفور منذ 01/07/2002، إلى المحكمة الجنائية الدولية تمت بامتناع الصين عن التصويت، لا باعتراضها، وذلك وفق قرار المجلس رقم (1593) الصادر في 31 مارس 2005 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبالاعتماد على البند (13/ب) من نظام روما المؤسس للمحكمة؛ قرار أصدره المجلس على أساس الحيثيات الواردة في تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور (لجنة القاضي كاسيسي). كما الصين امتنعت الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت بشأن قرار الإحالة، وذلك بحسب موقفها المعادي للمحكمة الجنائية الدولية، كما امتنعت البرازيل والجزائر من بين الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، بينما أيدت القرار 11 دولة، ولم يعترض أحد. هذا وقد سبقت التصويت على القرار مساومات ومراوغات دبلوماسية لإثناء الولايات المتحدة، لا الصين، كونها المعارض الأكبر للمحكمة، عن الاعتراض على القرار، فاكتفت بالامتناع، لأن القرار بحسب بيان مندوبها في المجلس يحقق "حاجة المجتمع الدولي للتضافر بغية إنهاء مناخ الإفلات من العقاب السائد في السودان، ويوفر الحماية من التحقيق أو الملاحقة القضائية لرعايا الولايات المتحدة، وأفراد القوات المسلحة التابعين للدول غير الأطراف". في ذات البيان أكد المندوب الأميركي على موقف بلاده المعارض للمحكمة الجنائية الدولية من حيث المبدأ، مضيفا: "نعتقد أن نظام روما معيب ولا يوفر أشكال الحماية الكافية من إمكانية إجراء محاكمات ذات طابع سياسي" (ضمن الحقيقة في دارفور: عرض موجز لتقرير لجنة التحقيق الدولية؛ عرض وتقديم كمال الجزولي، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، 2006: ص 17 - 18). من ثم لا يصح زعم الحكومة بوجود تناقض، على الأقل في شأن المحكمة الجنائية، بين الصين التي تحتمي بها والولايات المتحدة التي تعتبرها في قيادة جبهة أعدائها.
في الواقع، ليس من مجال لفيتو صيني أو أميركي يعطل عمل المحكمة بعد أن تمت إحالة القضية من المجلس إلى المدعي العام، لكن الوارد بحسب تفسير مستبعد للبند (16) من نظام روما أن يتدخل المجلس ليؤجل الإجراءات القضائية ضد الرئيس البشير، أو أي متهمين آخرين من بين مسؤولي الحكومة، عاما على الأقل، بحجة أن ذلك قد يزيد من فرص السلام في الاقليم ويسمح باكمال انتشار القوات الأممية الافريقية المشتركة (اليوناميد)؛ قرار لا بد يستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أي الزعم بتهديد إجراءات المحكمة للأمن والسلم الدوليين، وهو تناقض بين مع ذات قرار الإحالة الذي استند أيضا إلى الفصل السابع.
عليه، إن كان من دور صيني ينتظر فهو التدخل الدبلوماسي تمهيدا لقرار يقضي بالتأجيل، ما يستدعي التفاوض مع الدول الأوروبية النافذة في المجلس بخاصة فرنسا وبريطانيا استباقا لفيتو من جانبها، ومن ثم تنازلات من جانب حكومة السودان أدناها طبعا الاعتراف بولاية المحكمة وربما تسليم أحمد هارون وعلى كوشيب، الأمر الذي سبق وعرضته فرنسا على حكومة السودان فرفضته. الأقرب، إذن، أن رسالة الرئيس الصيني كانت دعوة للتعامل مع المحكمة لا رفضها، ما يوافق تقارير إخبارية نقلا عن مسؤول سوداني حجب اسمه وقال أن الصين نصحت الحكومة بالتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، بينما وعدت بالضغط على الدول الأوروبية ألا تعترض على قرار من مجلس الأمن يحول دون توقيف الرئيس البشير، في حال أستجاب قضاة التحقيق لطلب المدعي العام (سودان تريبيون، 03/09/08).
بالعودة إلى نظام روما، ينص البند (16)، الذي قد يستند إليه قرار بالتأجيل على الآتي: "لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثنى عشر شهرا بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها." لكن، من جهة أخرى، لا يدل تاريخ التفاوض حول البند (16) على أنه صمم لنقض إجراءات المحكمة في قضية أحيلت إليها من ذات المجلس، هذا بشهادة ديفيد شيفير أستاذ القانون في جامعة نورث وسترن (شيكاغو) ورئيس الفريق الأميركي في المباحثات التي نظمتها الأمم المتحدة وأفضت إلى إصدار نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية (Jurist Forum، 20/08/08). التصور الأميركي كان أن تتم إحالة القضايا إلى المحكمة إما من مجلس الأمن أو من دولة عضو في نظام روما، وفي الحالة الأخيرة لا تمضي المحكمة قدما في التحقيقات إلا بموافقة المجلس. لم يجد هذا الموقف قبولا بين الدول الأخرى، بما في ذلك أعضاء دائمين في مجلس الأمن، والتي رأت أن يكون للدول الأعضاء حقا غير منقوص في إحالة القضايا إلى المحكمة، هذا بجانب حق المدعي العام وحق المجلس. من ثم تقدمت سنغافورة بالصياغة التوفيقية الواردة في البند (16)، بغرض تمكين مجلس الأمن من تجميد إجراءات المحكمة، تحقيق أو مقاضاة، قبل الشروع فيها، حال رأي أن أولويات السلم والأمن الدوليين تحتم تأجيل مسار العدالة الدولية.
ما لم يدر بخلد المفاوضين حينها أن ينشأ وضع يستغل فيه المجلس سلطته وصياغة البند (16) لتعطيل إجراءات المحكمة في قضية أحالها المجلس نفسه إليها. فالبند وليد التوفيق بين موقف أميركا منح المجلس سلطة كلية على الإحالة إلى المحكمة وموقف البلدان الأخرى توسيع هذه القدرة بمنحها لكل الدول الأعضاء على قدم المساواة دون تدخل خارجي. وذلك بتفويض المجلس حق تعطيل تحقيق تجريه المحكمة في قضية محالة إليها من دولة عضو أو من المدعي العام بقرار يصدره تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بغالبية الأصوات وفي غياب فيتو مناوئ. التركيز إذن كان على القضايا المحالة إلى المحكمة من قبل دولة عضو أو من قبل المدعي العام، وليس كما في حالة مذكرة الرئيس البشير القضايا المحالة من مجلس الأمن، فمن الشذوذ أن يعترض المجلس على عمل المحكمة في قضية أحالها هو، البالغ الراشد، إليها؛ وهي الطريقة المفضلة لدى الدول المتوجسة من المحكمة الجنائية، الصين وروسيا وبطبيعة الحال الولايات المتحدة الأميركية.
بين عشرة وصايا يقرأها كل طالب في ظهر الكراسات المدرسية "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد"، وقد أجلت حكومة السودان أمر العدالة والسلام في دارفور سنوات حتى تهافتت سلطتها في الاقليم كل التهافت وأصبحت قبيلة من بين القبائل. ثم استطال تأجيلها لجد التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية منذ قرار الإحالة الصادر في 31 مارس 2005، حتى إصدار مذكرات التوقيف بحق أحمد هارون وعلي كوشيب في أبريل 2007 ومذكرة الاتهام ضد الرئيس البشير في يوليو الماضي، وها هي تؤجل مرة أخرى أملا في الفيتو الصيني، الذي لا محل له من إعراب القضية، وقد امتد التحقيق فيها ثلاث سنوات. يتاح للتلميذ الفاشل إعادة السنة، فما حكم السلطة الفاشلة!



#مجدي_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كَمْ وكَمْ كَلْمَه.. أفلا تعقلون!؟
- وما الوطنية: البشير وموغابي
- وَه... وليامسون!
- أها يا كيزان: الحركة الإسلامية..إلى أين؟
- الاقتصاد السياسي للتحول الرأسمالي في الصين: مقدمة
- بوش في افريقيا: الضيف أم رب المنزل؟!
- تسعون عاماً على نوفمبر 1917م: ألحقنا يا إليتش!!
- مباحث ماركسية: حول تنوير ماركس
- وما الحياة: صراع البقاء في دارفور وأخواتها -2
- وما الحياة: صراع البقاء في دارفور وأخواتها - 1
- حال النسابة: ما بين الحكومة السودانية والغرب
- تنمية بالبندقية
- مباحث ماركسية: تقديم
- الحركة الإسلامية: يَهْدُوكْ مِنْ المَبيتْ تَقَيِّل كُتُرْ-2
- الحركة الإسلامية: يَهْدُوكْ مِنْ المَبيتْ تَقَيِّل كُتُرْ - ...
- فالتر بنجامين: يسار الفلسفة، أثناء الفن
- الإضراب: حباب الشعب السوداني
- حول هابرماس: إنقاذ الحداثة
- الصين الشعبية وديكتاتورية الطبقة الخاملة
- حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - مجدي الجزولي - الفيتو الصيني: قرار من لا يملك لمن لا يستحق