أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل محسن - دائرة الدخان البغدادية















المزيد.....

دائرة الدخان البغدادية


جميل محسن

الحوار المتمدن-العدد: 2397 - 2008 / 9 / 7 - 04:38
المحور: الادب والفن
    



مستغربة هي لحظات الهوس بالضحك المتدرج صعودا من ابتسامة إلى اهتزاز الجسد كله مع صراخ وصدى في غرفة خاوية خالية إلا مني أنا وحدي والصمت , وتستمر النوبة ثم تخفت , وامسح دمع يسيل على الخد , وسعادة غامرة لذيذة تلفني ثم تزول ويعود الضجر , واسترجع الخبر الوميض الصاعق الذي حرك الشغاف وفجر ماء بئر الصمت , فإذا ماسمعته عادي و وربما مروره بالآخرين كالكرام فلا يثير عندهم سوى بعض الدهشة و وقد يحتاج القارئ العزيز لإيضاح وبيان مايجلب عاصفة المرح والاهتزاز لهذا المعتوه الذي هو أنا , لأحيله إلى فضائيات هذه الأيام وما صرح وتكرم به السيد محافظ النجف للصحفيين (أراض في المقبرة ) كمنحة تعينهم على شرور الزمان وغدره ! , وما اثاره الموضوع بعدها من هرج ومرج , ولكن لماذا اذهب بعيدا ؟ وكأني اهرب من واقع معين , أو أحاول إقناع ذاتي قبل الآخرين باني أشاهد أحيانا السعادة , وحتى استمتع ببعض اللهو والمرح قبل النوم , متجاوزا وحدتي والغرفة والجدران الأربعة , ثم انهض صباحا محاولا إزاحة صخرة سيزيف , بالتواصل مع الآخرين , باحثا عن فرصة عمل ترضيني ولا أجدها , وادخل في دوامة مع ثلاثية غريبة تصلح شعارا , وحدة , مرح , بطالة , ثم شارع يأخذني بعيدا , في هودج فوق جمل في صحراء , كأمير متوحد ينظر من نافذة الكوستر فلا يرى إلا نفسه , ويحول كل واقع أمامه إلى حلم وردي , ويتساءل , ماذا لو ؟ ثم يجيب صوت الصدمة , انفجار , دوي هائل , وأقيس البعد والموقع وأتصور المكان والناس الموجودين لحظتها وهل اعرف احد منهم ؟ , واصل نهاية الخط جاء دور الساقان لتمشي ويصاحبني الحلم نفسه , أو تعود بي الذكرى لعشرات خلت من السنين , وحولي المكان وما الذي تغير فيه ! وأتنفس بعض الريح المتسارعة مليئة بالتراب والغبار ولا أبالي , أتذكر الدخان الأسود المستمر أطنان متواصلة منه تحيط بنا و سحب أرضية قاتمة , والإشاعات تقول أنها سلاح المعركة ضد طائرات العدو , تحجب الرؤية , وترطب الجلد والهواء , وتبلل حتى الشفاه , كنت أمد يدي أحيانا لتخترق أسرارها , وتعود أصابعي شفافة , هي بداية آذار 2003 , حيث لا أمطار شتوية حتى يومها بل غبار مستمر تتطاير معه أكياس النايلون ثم تهبط وتلتف حول عجلة سيارة أو تستقر فوق غصن يابس لشجرة , تتشابه معها لعبة الإشاعات المتداولة بين حشد خارجي , واستحضارات رسمية ولا مبالاة شعبية , لاتمل قارئي العزيز , اعرف جيدا إن القصة المشوقة تستلزم الحبكة وبعض الغموض والسرد الحالم , لايجيدها مثلي ممن امتلأت أجسادهم ولا زالت بالدخان ! هل يتوجب العودة للبلاهة والسذاجة ؟ ولكنها لاتكفي و هاهو أراه يتصاعد من مكان الانفجار , فأين التشويق في وصف خيط دخان ! وآذار آخر يحل وسنة 2008 , وأواصل المسير نحو الفراغ , وعندما يهدا خيالي الجامح وتتلاشى الأحلام الوردية , تعود صورته , ملاك , يتراءى لي على صفحة الماء بعيد هو كما دجلة من فوق الجسر , ينادياني الاثنان , لأقفز نحوهما , وهنالك حينما تحتويني الهاوية سأحتضن الوجود , سأتلمسهما معا , وسام والماء , أكثر ما اعشق وأحب في هذا الكون , أمسكت بيدي حافة سياج الجسر العلوية واهويت بكفي فوق حديدها , لاتزال له الرنة القديمة , كنا صغارا نقرع نفس الحديد و وننتصب فوقه ماسكين عمود النور , قبل أن نتركه نحو الماء , ونهبط يجذبنا الفراغ والثقل وعناد الأطفال , كنت يومها اصغر من ولدي وسام و وهو يسير اليوم بعيدا عني نحو الخامسة عشر, لايملك غير مرض السكر وعقل راجح , وأدوية وسرنجات بلاستيكية تجلده بسوط عذابها كل يوم , فارقت أمه الحياة وهي تنظر إلي وعادت في الحلم مرارا , وكأني احتاج لوسام بتوصية ! إلى أن تشاجرنا مرة , وقاطعتها ولم اعد أنام , لازمني الأرق حتى فقدت الشعور بلون عتمة الليل , الزمن كله نهار ابيض ساطع تجاوبت معه شعرات راسي , وأعود إلى وسام كنا نضحك ونلعب سوية ثم نعود ونتوحد وننغلق ونصمت ونفترق , ونحلم , ونحن معا , أعانق زوجتي , ويحتضن أمه , وتنام هي وحيدة يلفها التراب , إلى أن تأتي الحجية و تقرع الجرس , تزيح عنا الهم والظلمة مع دعوة للعشاء , أو المساعدة في إعداده , وتمسك بيد وسام حفيدها , تبعده عن الأوراق والقلم والسي دي والتلفاز , وتحاوره , تدعي العجز ليساعدها في الحركة , هانحن الثلاثي الذي واجه إحداث السقوط وما بعده , يشم الدخان , يستنشقه , وكأنه بارقة الأمل ! , لم أكن اهتم كثيرا أنا المدخن السابق , كذلك والدتي التي مر بها الأسوأ والأغرب , ولكن سعال وسام وكابته هي المشكلة , هو فقط من كان يجعلني أبالي , وأعود للانتماء , وأحارب الواقع وليس فقط طواحين الهواء , هو مشكلتي الحقيقية ونحن على أعتاب الضربة القادمة , يحب ما أحبه , نتسابق معا للفوز بالقبلة الأولى , لم يكن ينفر من والدتي وهي تحاول احتضانه أو تعويضه , ولكنها طفولته , تتداعى وترتمي نسماتها أمامي وأمامه , وتأتي لنشمها معا , زوجتي أنا , أمه هو , وبداية العناق , لايرضى مفارقتها ولا يحبذ الاستقلال , يحاول ما استطاع أن ينام وسطنا على التمدد في سريره الخاص ذو الرسوم والألعاب .
أنا- حبيبي سأذهب بك إلى سريرك .
وسام – لا هو بارد وصغير .
أنا – سيكبر معك .
وسام – هنا أفضل , ماما أريد أخ صغير .
تصيبني عندها هستيريا صاخبة من الضحك , ربما هي أو تداعياتها , من أوصلني إلى البلاهة الحالية و كيف سأشرح لصغيري طريقة إنتاج الأخ ؟ وخطوتها الأولى أن يعود لسريره ! , أصبح يحب رائحتنا أنا وأمه , أرى وأحس بأنفه الصغير يلتصق بجلدينا , غريزتي تتصاعد , وعضلاته تتوتر , وهدفنا واحد (هي) , يبتعد عني , يسبقني أليها , تمتد يداه لتستقر فوق رقبة أمه و ويزحف , ويلتصق بها , يتوحد جسدان وكأنهما لم ينفصلا أبدا , وعلى ضوء النور الضعيف تتجه نحوي عينا (سعاد) وتبتسم شفتاها وكأنها تقول .
سعاد - لو كنت هرا لاكلته أليس كذلك ؟ هيا تحول إلى مفترس ولا تدع هذا الصغير ينتصر .
ما أتذكره الآن هي يداه , راحة كفه , أصابعه , أنامله , تكبر وأنا أتحسسها , أتلمس جلده الرقيق الذي سوف تخترقه الآلاف من ابر الأنسولين , بعد الموت المفاجئ لوالدته , تغير , كلماته القليلة تلاشت , استبدل بالفوضى عاداته المنظمة , لهفة الذهاب للمدرسة , الملابس النظيفة و الحقيبة الجلدية , المشط , المرآة التي كانت هي من تنظر إليه وترسمه لوحة للهندام والترتيب والثقة بان الإنسان سيد الكون حتى وهو طفل يذهب لتعلم الحرف والرقم والكلمة . يقبل أمه ثم يخرج , ويربكني اليوم حاله .
أنا – كلمني ياولدي !, تحدث , لا أنافسك في حبها ولا أتغلب عليك , ابكي كما بكيت وحدي أو مع آخرين , اصطنع البلاهة أمامك وتبقى صامتا , لم أر قطرة دمع حارة تنزل من عينيك توازي قطرة حليب دافئة طالما تساقطت على خدك وامتصيتها من ثدي أمك , اصرخ في أي مكان حتى في حضن أمي , استفرغ ذكريات لاتتكرر , واعترف لك بان رائحة أمي غير رائحة أمك .
تراجعت صحة وسام , الحزن على فقدان الزوجة افقدني الصواب وجعلني اعتقد بغباء , إن الطفل ربما يتحمل أكثر مني .
الطبيب – هو مصاب بالسكر , يستلزم علاجه بالأنسولين , لماذا التأخير , الأعراض واضحة ؟
أنا – حسبته يتألم بصمت .
الزوجة ذهبت , والطفل يصارع أعراض السكر , والوالدة تحاول , والبلد تملاه رائحة الحروب والكراهية , ومعارك السيوف الخشبية , والسير نحو المجهول , وتمر سنين , وسام يكبر , وأنا اعمل , والوالدة تزداد أمراضها , واضحك ثانية ويعلو الصوت , وسام يطالب ب (كومبيوتر ) , يريده قبلي ! تجاوز الاتاري والبلاي ستيشن , والألعاب , وكأنه في عقلي هذا المستنسخ مني , سنحتضن الحاسوب معا , من يدري , ربما سيطالب بما هو أعظم , مسموح للآخرين ممنوع علينا , إلا فيما ندر , اعني به الانترنيت , هذا العملاق المجهول , قرات عنه ولم أراه أو أجربه , من سيشاهده أولا ؟ أحاول شرح إمكاناته للأصدقاء , والدولة تستعد وتؤلف الجيوش وتسحب المواليد , وينفذ من يدفع , ونعمل بجد لنعيش , ثم يعود ويخنقنا الدخان ! تلك الحلقة الرئيسية التي أحاول تجاوزها , تناسيها ولكنها , تسطع , آذار 2003 , الشروق كالغروب , قتامه وسواد وصمت , وبغداد مستنقع حفر تملأ بالنفط الأسود مع خزانات أضافية , وحراسات تتواصل وتحمي الحريق , تغذيه ليزداد ويعمي العيون , عيوننا نحن , ويدخل الاحتلال .
دبابات تسير , تسحب ورائها جحافل من زومبي المفترس , خرج ليأكل بعد أن تأكد من سقوط الصنم , وتنتشر العدوى تتحول الآلاف إلى ملايين , كل يخرج باحثا عن حصته وما فاته , وأنا على حالي لازال يملا عقلي الدخان , يطفأ نوره وتوهجه , ويصبح داخله داكنا تستقر في تلا فيفه ذرات الكربون , ثم يفاجئني أخ زوجتي واقفا أمامي , اسمرا بائسا يفتقد حتى روح المراهقة التي يغادرها عمرا , محتفظا بمزاجيته السوداء .
أنا – ماذا لديكم في الدار يامحمد ؟
محمد- غادرنا الوالد نحو زوجته الثانية , ولا معين .
أنا- سنذهب معا إلى الشعب .
محمد- لايوجد سوق ولا مخضر ولا خبز .
أنا- سنحاول شراء مانستطيعه
أخرجت ورقة أل(10) آلاف دينار المخبأة هي لرويدة ’ حمدا لله لم تسقط العملة بعد , النهار صاف مع سحب دخان متفرقة وحرائق ولكن القتامة خفت بل تلاشت لم يعد احد يحرق نفطا اسود ليظلل الطائرات , ذهبوا هربوا تلاشوا تركوا النفط والبنزين المخبأ في أحواض تحت الأرض , لكل قادر على الصراع والمنافسة والتدافع , طريق مدينة الشعب واضح الملامح هذه المرة , سنترجل في السوق , هاهو فرن يبيع الصمون وتلك طماطة حمراء , وباذنجان اسود , احمل يامحمد .
وصلنا البيت , شقة في الطابق الثاني , يتعالى خارجها صراخ رويده شقيقة زوجتي , وهي تجمع وتغسل ملابس جمعهم المؤمن بعد توفر الماء .
رويدة – كيف حال وسام ؟
أنا – يفتقدك أكثر من أبيه والجمع بينكما صعب , هذه ورقة العشرة آلاف , تستطيعين تصريفها بتسعة , سأرسل لك المزيد , كيف حالكم ؟
رويدة – نيسان لايحتاج لتدفئة أو تبريد , نسينا الكهرباء , سأحاول شراء بطاريات للمسجل .
عند العودة كان أحساس بالراحة يلفني , هي كأختها , ولكن أباها يطلب لبن العصفور فهي بضاعته الوحيدة , تمنيت المشي كعادتي ولكن محمد أشار إلى الكوستر , بعد أن اخذ الألف , وعلى يمين الطريق كان الجامع يمتلئ بالأدوات الكهربائية التي تبرا البعض من سرقتها ليودعوها المسجد , ولا تزال بعض السيارات تنقل أشلاء من جسد العاصمة نحو الأطراف , وكان مخاض 9/4 لايريد أن ينتهي , يعصبون رؤوسهم بخرق بيضاء , كما أعلامهم وراياتهم بيض فوق هياكل السيارات , يعطون إشارة الاستسلام للأمريكي ليمروا نحو ماتبقى من مخازن الخراب والدمار , لكن عتمة الدخان الكثيف زالت وعدت استنشق الهواء براحة لايهم مايحتويه من غبار , هاهي باب المعظم يتوجب علي الإسراع نحو البيت سامر أولا على ساحة الميدان , ربما حصلت على قطعة ثلج أخرى , تحكي أسطورة حب الحياة لمن نحب , قطعة ثلج هي ما أجبرني على الخروج مع أكرم في 10 /4 , وكنا من القلائل الذين لم يغادروا بغداد رغم القصف وانتهاء الخدمات ثم تحطم زجاج المنزل وإلصاق النايلون كبديل , من أخرجني هو وسام , ذاب الثلج في البراد , تحول إلى ماء , نبهتني والدتي فارتعبت ليس خوفا على قطعة لحم اوماء للشرب ولكنه (الأنسولين ) دواء وسام المحفوظ في التبريد خوف فساده يحتاجه يوميا وفي أي وقت يجب أن أوفر ثلجا وفلينة لتجاوز العصر الحجري , وعند الباب شاهدت أكرم جاري يبتسم , أرسل عائلته إلى ديالى وعادوا بالأمس , كان متفائلا , يبحث عن خبز وخضراوات , كما يتطلع لمشاهدة مايجري في العراق الجديد ! سرنا معا إلى بغداد وأسواقها كل يبحث عن همه هو الأكل وأنا الثلج , وانطلقت إقدامنا تركل الأحجار وتدوس الشوارع وتنتقل نحو الطريق السريع , لاامني النفس طبعا بركوب مايسير على عجلات حتى لو كانت تجره الأحصنة فهم في شغل شاغل عنا , كانت العجلات تتجه غربا فارغة يقودها مراهقون وشبان وتعود محملة شرقا , لن يكون بيتنا حتما من بين أهدافهم بل الطرائد السمينة وفصل جديد يكتب يتنافس فيه إبطال الحرائق والحوا سم .
شاب- أين الطريق إلى الباب الشرقي ؟
كان بين مجموعة من العشرينيون رثوا الهيئة , لاتبدوا عليهم رغبة المزاح بل اللهفة .
أكرم – استلم الطريق السريع وستصل بعد حين .
آخر- هل لديكم نار ؟ علبة كبريت ؟
اخرج أكرم قداحته , أشعلوا عدة سكائر وانطلقوا مسرعين .
أنا – هل تصدق أن هنالك عراقي قريب من بغداد لايعرف الباب الشرقي ؟
أكرم- سنرى العجب بعد حين على الأكثر هم فارين من الخدمة العسكرية , انظر هذه دائرتي و يبدو أنها سلمت , ولكن ! سامر عليها غدا
تطلعت ثانية إلى سحب وخيوط الدخان أحاول عدها ومعرفة ضحاياها .
أنا – الكل يجري ليسرق , الفقر والجهل والحاجة , هم سادة الشارع ,
أكرم – ربما سحابة صيف وتهدا النفوس ,أو توزيع جديد للثروة .
أنا – لست بتفاؤلك هم يركضون وراء الفتات الباقي
أكرم – لقد انكشف الغطاء , ربما بقليل من الصبر ننال الحرية ونعوض مافات , ونستعيد ليالي ابي نؤاس .
أنا- اسرع أولا , لاتنس أن الثلج أهم عندي اليوم من الحرية , مسالة تتعلق بدواء وسام .
أكرم – حسنا ابني أيضا أوصاني على كرة قدم أو بوت أو حتى كومبيوتر إن وجد رخيصا .
أنا- تقصد !؟
أكرم- لا دعنا نفتش فقط عن الثلج وكرة القدم
تمر الأيام بعدها متدهورة نحو المجهول , ازداد التخريب والحرائق , ولم تتوقف الحواسم , ماتبقى لهم هو خشب البناء والأبواب والطابوق وحديد التسليح , وانتظار أن ينتقل الأمريكان من بناية محمية ليبدأ نهبها , كبرت وتنامت العصابات وارتحل الأمن والاستقرار , أصبح دفاعنا الوحيد هو عن الذات , ودخلت عالم البطالة الواسع , قد يكون لما حدث آثار ايجابية للكثيرين , الموظف أو المتقاعد ,ارتفع الراتب , كما زاد ماء دجلة , ولكن ميزان الربح والخسارة هو شخصي غالبا , ولم أتذمر كان عندي وسام مع كومبيوتر وانترنيت , وبعض العمل المتقطع , حاولت بناء عائلة من جديد , أنا ووسام ورويده أخت زوجتي , ماتبقى هو إقناع والدها بمال لا املكه , ولكنها مراهنة على الزمن قد تنجح , عدت قبل فترة من زيارة لهم , أحسست أن وسام يوافقني الرأي , ذهب نحو سريره مرتاحا , وتمددت احلم ربما بشيء من السعادة تزيل عن كاهلي كابوس الدخان .
سعاد- هل تحلم بي أراك مبتسما ؟
أنا – أنت حياتي , ولكن ألا نستحق أنا ووسام امرأة أخرى ؟
سعاد – تحدث عن نفسك , ليس لديك قدرة الصبر , تستبدل أختا بأخت .
أنا- هو الواقع ياسعاد , البشر تحكمه الغريزة وحب الأسرة , لو مت قبلك ماكنت لاعترض .
سعاد – على ماذا ! هاأنت تفرط بي مرتين .
ذهبت غاضبة كما أتت , هي حياتي معها , صمت وحنان وحرارة لايبردها الموت ولا الفناء , ولكن القدر يكمل المأساة , وكأنه يتجاوب مع اللامعقول وتتصل بي رويده
رويدة – سأتزوج قريبا , جاء من يرضي أبي , لديه دفاتر .
الدفاتر ! لغة كل العصور واختلاف الأنظمة , وإنا العاطل الذي تصعب عليه الورقة , وينتظر فرج غائب مختطف , وأعود إلى وسام , وكان مراهقته تؤشر معالمها , وأخاف هذه المرة من والدتي , وهي ترى عجزي عن المعيشة , ولكنها تصرفت , لأرى بعد حين أخي المهاجر البعيد يتوسط الدار , لم يكن حتما يود الاستقرار هنا كما تمنى سابقا
الأخ – سآخذ الوالدة معي , لن تستطيع البقاء أكثر .
أنا – هو بيتها وهي حرة .
الأخ –ووسام .
أنا – مابه وسام ؟
الأخ- أكملت ترتيبات دخوله حيث أقيم , سيعيش مع أطفالي , لأتقل انك تستطيع توفير حياة أفضل له هنا , أخبرتك منذ فترة طويلة لم يعد العراق لنا , من حسن حظ الوالدة ووسام , إني هاجرت منذ زمن بعيد , عندما تعجز عن الحلم بعراق أفضل , حاول أنت الآخر , رغم الصعوبة والحواجز .
ذهبوا , وبقيت , الزوجة قتلتها أمراض الحصار , والابن لغد أفضل في بلاد غريبة سيعتادها , وأنا لازلت امشي وارى الدخان واسمع أصوات الرصاص والمتفجرات ولا احلم , ولا أتمنى , بل استمع أحيانا لضحك بصوت عال , ربما على نفسي ذاتها , أو للدخول في متاهة العدمية النافية لكل , عقل , ضاع مني وأنا أحاول اغناءه بالتجارب .

جميل محسن

الشخصيات
أنا – راوي القصة
سعاد – الزوجة المتوفاة
وسام- الابن
أكرم – الصديق
رويدة-أخت الزوجة
محمد- أخ الزوجة
الحجية- أم راوي القصة
الأخ المهاجر
شباب يتراكض بعد 9/4
--------------------------



#جميل_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرموز الشيوعية لماذا تلاشت؟ وهل يحتاج اليسار الى رموز!؟
- الامارات تقدم حلوى عربية لاطفال العراق... اسقاط الديون
- الاسد والذبابة وديك الجيران
- هل سيرتاح لبنان بعد اتفاقية الدوحة؟
- عاهرة صغيرة
- عشر قصص قصيرة قبل الانفجار
- كتلة تصحيح المسار والاقتصاد العراقي... قراءة اولية
- قصص قصيرة جدا ... من الشارع العراقي
- قصص قصيرة جدا ..... للعراقيين فقط
- لحية كالديرون وضحالة تفكير الراسمالي
- السيادة العراقية .. ! شمالا حيث الجبال
- مغنية وغيفارا ... مثالية او مادية؟
- مباراة العراق والصين ,,,, ملاحظات ادارية
- منتخبا العراق ومصر بكرة القدم ... نحو كأس بطولة القارات 2009
- دعوة لوحدة اليسار العراقي .. ام للبحث عنه ؟
- اتفاقية الجزائر بين العراق وايران ... والمزايدات السياسية
- بلير يتحول للكاثوليكية ! افهم دي ازاي؟
- شافيز 2050
- مليارديرات العرب محليا وعالميا
- بين يونس محمود وياسر القحطاني ... هذا الحكم ماليزي!


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل محسن - دائرة الدخان البغدادية