|
فلتسلُ أبَداً أوغاريتَ
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2397 - 2008 / 9 / 7 - 04:39
المحور:
الادب والفن
1 لموكبٍ ربيعٍ ، دَعَونا عرائسَ البحرِ لنهارٍ حريرٍ، ولكلّ زهرةٍ تويجُها أقلّ تورّداً من الشفقِ المستنيمِ على الشَقّ الأرَقِّ
دَعَونا عروسَ العرائسِ ، المتوّجَة بإسمِ : اوغاريت هنا ، من سفح الجبلِ ؛ منارة البحر الكبير ( أو رأس بَعْلْ ، كما يزعمُ بحارتهُ )
دعَوناها ، لتكون ابتهالنا للعالم السفليّ أنْ يهبنا الإله القتيلَ ننثرُ باقةَ نجيعِهِ ، مطراً بشارةَ الرابعِ للربيع لراعٍ تائهٍ خلفَ قطيعِ خرافتنا لكلّ ثمرةٍ مجنونةٍ بالرؤيا ( أدوني المتقمّص بذرتها ) لكلّ عذراء في موكبٍ ماجنٍ لكلّ ملاكٍ ساعةَ حضورٍ أو احتضار _ ساعةً يبلغُ فيها الأفقَ الذهبيّ مناحةٌ مندغمةٌ قيثاراتها بترتيلة إلهٍ شهيد
2 الأعالي إلهٌ وجبلُ اوليكومي ، إبنهُ
دربٌ فضّةٌ ، سخيّةٌ بالظلال المتهافتة رنيناً ( العفصُ يقايضُ الشمسَ بأوراقه الكبيرة )
ممراتٌ صديقةٌ ، ما فتئتِ الشمسُ المجنحةُ رايتنا
تُدركُ بهاءَها جيادُنا الأبهى من جيدٍ ، أخَذَ كفايته زينَةً ويُدركُ فرسيَ الأسحمُ رؤاه المختلطة ، فيما يجلو عن الدربِ خطىً لاهثة
منحدرٌ أخيرٌ ، ثمّة والمشهدُ المنتظرُ تبدّى لأنظارنا : هو الوادي الموردة أعطافه بمياهها غير المرئيّة إلهةٌ عطوفةٌ حاضنةُ وليداً إلهاً صخرة ( صخرة العالم الأسفلِ ، المتطاول الى مقام المجمعِ العلويّ أينَ ربّ العاصفة القاصم بهبوبه ، سراط الشرّ الأزليّ )
الأعالي إلهٌ وجبلُ اوليكومي ‘ إبنهُ :
إبنُ السّفاحِ الحجريّ
3 اوغاريتُ قدَري وقدَرُها جبلٌ عصيّ يعابثها بخشونتِهِ فترتمي ، لائذةً ، بحضن بحرٍ صديق
وأنا جبليٌّ أمدُّ لها يداً صديقةً _ يدَ غريبٍ
في الحيّ الحوريّ تسكّعتُ طويلاً نُصُبُ تيشوب لا تخطئها العينُ ؛ صولجانٌ عاصفةٌ بيمينِهِ وانتهاكٌ فظّ في يسراه ( لم أحاول َ سؤالاً عنه )
متجاهلاً ، أيضاً ، المعبدَ ( بخورٌ . مواقدٌ . كهَنةٌ برؤوس بلهاء حليقة : وماذا بعد ! )
مرتقياً الهضبَةَ المزنّرَةَ بقلعةٍ منيفةٍ ؛ أينَ لمعَة منْ جبَليَ الأول أينَ مضاربَ الغجرياتِ المتلألئة بمشاعل الغروبِ بلغةٍ بذيئةٍ تندَهُ الرغبةَ ، لقاءَ دريهماتٍ زهيدة . 4 لم يكُ بحرياً بسمرتهِ الغامقة ولهجتهِ الغريبة وقرطِ الأذن الأغرب ، المُشعّ في خلائنا المحارب :
الغريبُ ، شجرة ُ ليمون لا ينضو في كلّ الفصول بسمتهُ الخضراء .
هوذا مُخيّم الغجَر مُبكراً أكثر من طلائع الصيف آوياً ، كلصّ ، تحت أول جسر ترتقيه الطريق الساحلية .
ليلُ نجوم ٍ شحيحة يُضاءُ بأنوار المخيّم ، المسروقة .
متثائباً ، يشهدُ النهارُ مياههم المسروقة من أنبوبٍ مربوطٍ لمعسكرنا .
وقلوبنا ، أيها الصديق ! سرقتها جميلاتُ المخيّم ، لدى أوّل صحبةٍ للغريب المتعارف بقومه ، الغجَر .
5 للبحر صلاتي لفجر شقرتها المنتثر ، كزبَد المدّ أكثر كمالاً إبريزه من طبق ٍ ميتانّي ( سماءُ صيادين مؤطرة بإفريز مضفور وإندفاع عجلة فرسان مزدوجة ، مفوّفة ٍ نبال الماريان النبيلة : مفخرة ُ أوغاريت )
الظهيرة ُ تصلّي للرطوبة بصَخب السوق ورطانة شعوبهِ .
على الشطّ ثمة مرساة ، ترخي لليل ما شاءَ من حبل شهواته ، وللنهار بعضاً من مدّ الفتنة .
ونفسي من مدّ وجزر ٍ، تنتشلُ قاربها بإسطرلاب حساباتها الفلكية ، غيرَ آبهة بآلهتها الحامية ( آلهة لا تبالي ، أيضاً ، بتجديفي ما دمتُ أدوّن ما أدونه ، لنفسي )
6 في الجبل ِ لم يملك بحراً ، ملكُ جهات العالم _ ( وبحيرة الخالديين ، أيّ ضآلة : هي أوسعُ من عقلهم الضيق ، على أيّ حال ! ) ولم يدر ، ربما ، أنّ ثمة البحر الكبير ؛ جهة أبعد من سلطانهِ
أو أنّ الأمرَ ، أكثر بساطة : مليكنا ظلّ الإله على الأرض لا على البحر .
7 اوغاريت ، ميناءُ متاهي
قبيْل ميلادَ وريثتها السلوقية رسّخ الفاتحُ الفتى ذكرى ممرّ افسوس بنصْب مسلّة إنتصاره : إسكندرون
لم يسبُر لنا خلفهُ ( مدوّن الحملة الكاردوخية ) إلاّ ما تيسّر من ممرات نجاتهِ
ليس بدون غاية ، بهرجة مركبنا هي أميرتنا الأكثر نبالة ورثاثة ، في آن على أرض سحناتٍ نحاسيّة لآراميين وكنعانيين وحوريين متوقلة بنا ، بحثا عن أخيها إلى مجاهل قارّةٍ ستحملُ إسمها ، كوديعَة ٍ
اوغاريت ، مرسى متاهي حائراً بين أبجديتك ودفلتكِ أتوسّطُ الشواطيء المتوسطية الغائرة ، كحفرة إنهدام ٍ طولانية تصِلُ جبلاً حياّ ببحر ٍ ميتٍ ؛ مشرفة ً على الحضور المُترف لحاضرتنا
الجبلُ قدرُكِ مهما دمادمُ الريح توّهتْ أوراق المُدوّن المُطارد سيطاردها حتى الزرقة العميقة لصيّادٍ بشرتهُ بكنز ٍ شبكة ُ الخرافة
ماتَ المولّع تدويناً ، الوالغ في الحقيقة عثرنا على نشيده المتأرجح ، كنسمة ٍ بين الجبل والبحر ( لم نعثر على جثته )
وأنتَ ، أيها الحيّ الفان هبْني أهديك إلى سراديب ٍ لا تتحرّج من رطوبة أنسابها ، رمَمُ قاطنيها
هكذا تجدّف الأعمدة البيزنطية على هاربٍ أعزلَ ، يرومُ إرهاب العضائد الإسمنتية المسلّحة : _ ماتني غراً ، فلتسلُ أبداً اوغاريت .
* مقطع من قصيدة طويلة ، بعنوان " كغريبٍ في أوغاريت " / 1993
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثمرَة الشرّ : جادّة الدِعَة والدّم
-
برجُ الحلول وتواريخُ اخرى : الخاتمة
-
العَذراء والبرج 4
-
العَذراء والبرج 3
-
العَذراء والبرج 2
-
العَذراء والبرج *
-
الطلسَم السابع 6
-
محمود درويش ، الآخر
-
الطلسَم السابع 5
-
الطلسَم السابع 4
-
زمن السّراب ، للشاعر الكردي هندرين
-
الطلسَم السابع 3
-
الطلسَم السابع 2
-
دمشق ، عاصمة للمقتلة الجماعية
-
الطلسَم السابع *
-
أسمهان : أيقونة وأسطورة 2 2
-
أسمهان : أيقونة وأسطورة
-
حَواريّو الحارَة 6
-
النصّ والسينما : بداية ونهاية لصلاح أبو سيف
-
حَواريّو الحارَة 5
المزيد.....
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|