أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي خليل - رد على منير مجاهد: محنة الهوية المصرية















المزيد.....


رد على منير مجاهد: محنة الهوية المصرية


مجدي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2395 - 2008 / 9 / 5 - 09:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على مدى يومي 9 و10 أغسطس 2008 كتب السيد الفاضل دكتور محمد منير مجاهد مقالين بجريدة البديل علق خلالهما على محاضرة نيافة الأنبا توماس أسقف القوصية في معهد هادسون بواشنطن، وقد حمل المحاضرة بأكثر مما تحتمل وكذلك علق على مقالة لي بعنوان "معاقبة الأقباط على وطنيتهم" بطريقة مغلوطة أيضا. وحول ما كتب لي عدد من الملاحظات:

أولا: يستهل د. مجاهد مقالته بتحفظه من الأساس على أن يحاضر الأسقف في معهد هادسون المعروف بانحيازه إلى إسرائيل على حد قوله، وهى تهمة محفوظة ومكررة، وهو هنا يكرر ما ذكره موقع عربي معدوم المصداقية يبث من واشنطن، وهى معلومات غير صحيحة حيث أن معهد هادسون مؤسسة محترمة يأتي ضمن أهم مركز الدراسات السياسية في أمريكا، وهو معهد يميني يميل أكثر إلى أجندة الحزب الجمهوري مثله مثل مؤسسة هاريتج وأمريكان انتربرايز وغيرها من المعاهد ذات التوجه اليميني. وهذه المؤسسات علاوة على تبنيها لأجندة اليمين الاقتصادية فهي أيضا تتبنى أجندة محافظة أخلاقيا يرفضها اغلب اليهود في أمريكا الذين يميلون للمؤسسات المنحازة للحزب الديمقراطي ذات التوجهات الليبرالية. وهناك من المعاهد اليهودية الكثير والتي تعمل وفقا لأجندة واضحة منحازة لإسرائيل مثل منظمة أيباك ومعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى والمعهد اليهودي لشئون الأمن القومي ومنتدى الشرق الأوسط...الخ.

أما إذا وسعنا القياس فسنتهم الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية ومؤسسات العدالة الدولية ومعظم المؤسسات والمعاهد الغربية بالانحياز لإسرائيل والنتيجة المنطقية هي مقاطعة الغرب والعداء للعالم. أما أخطر ما في هذا الطرح فهو اتخاذ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي كمعيار لتقييم كل شيء ومعيار نقيم من خلاله الصالح والطالح، وهذا توجه خطير ومضر جدا بمصالح مصر، وقضية فلسطين ليست هي القضية الوحيدة العادلة في العالم وأنا مؤمن بعدالتها، ولكن للأسف جزء كبير من التدهور الذي تعيشه مصر حاليا ناتج عن توظيف قضية فلسطين لصالح دعم الاستبداد وإطالة عمر الأنظمة الفاسدة ونشر ثقافة الهوس والكراهية وإلهاء الشعوب وتحويل اتجاه الغضب الشعبي بعيدا عن توظيفه في تغيير الداخل.

علاوة على ذلك فأن كبار المسئولين والكثير من الشخصيات العامة المصرية غير الحكومية تتحدث أمام أكثر المعاهد المنحازة لإسرائيل، بل والعلاقة تتجاوز الحديث إلى التنسيق والتعاون في ملفات محددة، واستطيع أن أسمي عشرات الشخصيات المصرية التي تحدثت أو زارت أو وسطت هذه المعاهد في السنوات العشر الأخيرة كما تابعتها في واشنطن، فلماذا فقط عندما يتحدث قبطي أمام معهد مستقل معروف تقوم القيامة في حين لم نسمع صوتا للاعتراض على كل هذه الشخصيات المصرية التي تتعاون مع معاهد يهودية بل وإسرائيلية في واشنطن وغير واشنطن؟.

ثانيا: يعلق الدكتور مجاهد على عنوان مقالتي "معاقبة الأقباط على وطنيتهم" بقوله "هو عنوان كما نرى يحصر الوطنية وحب مصر أساسا في الأقباط، ويتضمن أن التمييز الديني الحادث اليوم - والذي نناهضه - لا يعود لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية يمكن مقاومتها وتصحيحها، ولكن يعود لعقاب ينزله الخونة بالقابضين على جمر الوطنية"، أم قراءة خاطئة للمقالة وللعنوان وتربص لا مبرر له، من قال لك يا ترى أن معنى ذلك نفى الوطنية عن المسلمين، هل لهذه الدرجة لغتي العربية غير مفهومة، أم إنك تتخيل ذلك وتفترضه؟، أم تتنبأ بأن هذا ما اقصده بالفعل؟. لا يا سيدي تحليلك خطأ والمعنى واضح ولا يحتاج إلى قراءة أخرى. لا أحد يحتكر الوطنية التي هي ميراث كل المصريين ونتاج نضالهم المشترك. ومن العبث أن يقول أحد أن المصريين المسلمين الحاليين هم من جاءوا من الجزيرة العربية مع الغزو العربي، فهذا ضد المنطق وضد العلم وضد التاريخ الصحيح، وأنا شخصيا لا يمكن أن أقول ذلك ولم اقله أبد. وحتى ولو وصفنا أقباط مصر بالمواطنين الأصلاء والمصريين الحقيقيين فنحن لا ننفى ذلك عن غيرهم وإنما نؤكده بالنسبة لهم، وهو دفاع ذاتي لتشجيعهم على تحمل ما هم فيه من تمييز واضطهاد نتيجة تمسكهم بدينهم وبهويتهم المصرية.

ولكن هناك هجوم وعقاب للأقباط على وطنيتهم من أناس جهلة ومتطرفين وليس من شخصيات وطنية مثلك ومثل الكثير من المسلمين المنصفين المؤمنين بوطنهم، وأنا اربأ بك أن تدافع عن هؤلاء المتطرفين والغوغاء.

أما تحليلك للتمييز الديني الذي نقاومه فهو مبنى على القراءة الخاطئة السابقة، وأنا أتفق معك في أسبابه ولكنك نسيت أهم سبب للتمييز الديني، وهو السبب الديني الناشئ عن الاختلاف في الدين، وإعلاء الدين على الوطن، وغياب القوانين التي تنتصر للمواطنة، والتخطيط المنظم من الحكومة ومؤسسات الدولة لنشر هذا التمييز، بل وانتصار الدولة ومؤسساتها للدين على حساب الوطن...وكل هذا يصب في معاقبة الأقباط على وطنيتهم من هؤلاء الذين لا يعرفون معنى للوطن وللوطنية، ولهذا تراجع التمييز الديني في فترات المد الليبرالي وفى فترة إحياء الوطنية المصرية وفى فترات مقاومة العدو الخارجي، بل ونجد رواد القومية المصرية من لطفي السيد إلى فرج فودة كلهم كانوا ضد التمييز الديني وعملوا على محاربته، رأيت كيف أن إحياء الوطنية المصرية يصب في مقاومة التمييز الذي هو أساسا استعلاء ديني في مواجهة الآخر المختلف دينيا وإبراز ورقة الدين للحصول على ميزة لا يستحقها في مواجهة الآخر الديني.

ثالثا: يقول الدكتور مجاهد أن أطروحات الأسقف تجد صداها في كتابات بعض الأمريكيين من أصل قبطي ومنهم كاتب هذه السطور على حد قوله، أذا تصوري أن التوفيق خانك تماما في هذه العبارة ولا اعرف ماذا تعنى بأمريكي من أصل قبطي، هل تقصد أمريكي من أصل مسيحي، إذا كنت تقصد هذا فالجملة لا معنى لها تقريبا.أما إذا كنت تقصد من أصل مصري فنحن أقباط مصريون، وهذه الجملة في هذه الحالة لا تصلح هكذا ولا تليق في حديث مصري على أرضية مصرية وفى صحيفة مصرية. يقال أمريكي من أصل مصري هنا في أمريكا باعتبار الجنسية مكتسبة أما في بلادهم الأصلية فلا يقال لهم هكذا ولا يليق.

هل تقول عن رئيس الوزراء المصري الكندي أنه من أصل مصري مثلا، وهل تقول عن وزير الإسكان المصري – السعودي أنه من أصل مصري( ويقال أنه قد كان تخلى حتى عن جنسيته المصرية)، ونصف مجلس الوزراء تقريبا يحملون جنسيات غربية، والكثير من رجال الأعمال يحملون جنسيات كندية، والغالبية العظمى من أولاد المبعوثين لأمريكا ولدوا هنا وحصلوا على الجنسية الأمريكية، وأبناء وأحفاد الكثير من كبار المسئولين في مصر يحملون الجنسيات الغربية وخاصة الأمريكية، وحتى منى ابنة عبد الناصر ،الذي هيج العداوة ضد الغرب وضد أمريكا أتضح إنها تحمل الجنسيتين البريطانية والكندية علاوة على جنسيتها المصرية، نحن نحمل جنسيات أجنبية ومصر تعيش في أعماقنا وفى نفس الوقت نحترم ونقدر البلد الذي منحنا جنسيته ونحترم ثقافته ونلتزم بقوانينه، وغيرنا يحمل جنسيات هذه البلاد ويكن لها الكراهية وبعضهم يتآمر عليها وفى نفس الوقت ليس لهم انتماء حتى لبلدهم الأصلي فهم مشتتو الانتماء، هؤلاء هم الذين يعلون الدين على الأوطان.

رابعا: قلت في مقالتي أن محاضرة الأنبا توماس تمثل قراءته الشخصية للتاريخ ولا تعبر عن رأى الكنيسة ولا عن رأى أحد سواه وهناك من يتفق معه فيها وهناك من يختلف، المسألة تتعلق بالإرهاب الفكري الذي مورس عليه والسبب معلوم وهو إخراس أي صوت قبطي حتى لا يتجرأ على الثوابت الإجبارية المزيفة والتي فرضت على المصريين كلهم خلال قرون طويلة تحت ظل دولة الخلافة، ودول المرتزقة الذين جاءوا إلى مصر من كل حدب وصوب وكان همهم الأول السلب والنهب والغنائم والفيء وجمع السبايا والغلمان، والتي تجرأ عليها المصريون من دعاة القومية المصرية خلال عصر النهضة المصرية وعلى رأسهم أساتذتنا لطفي السيد وطه حسين وعلى عبد الرازق وسلامة موسى وحسين فوزي ولويس عوض وغيرهم الكثيرين .يقول ألبرت حوراني في كتابه القيم " الفكر العربي في عصر النهضة"، "كان التيار الرئيسي للقومية المصرية في عصر النهضة فرعونيا أو متوسطيا ولم يكن عربيا" (ص321). وعن احمد لطفي السيد كتب ألبرت حوراني" لا يحدد لطفي السيد الأمة على أساس اللغة أو الدين ، بل على أساس الأرض. وهو لم يفكر بأمة عربية أو إسلامية بل بأمة مصرية... وقد ذهب إلى أن الأمة الإسلامية ليست قومية حقيقية العربية"(ص 184قائلة بأن أرض الإسلام هي وطن كل مسلم إنما هي فكرة استعمارية تنتفع بها كل أمة استعمارية حريصة على توسيع رقعة أراضيها ونشر نفوذها... ولم يكن لطفي السيد يعتبر المصريين جزءا من الأمة العربية"(ص 184،185،18(.

وهناك سجالات منشورة بين السوري ساطع الحصري وطه حسين حول القومية العربية والقومية المصرية..واستطيع أن انقل عشرات الصفحات في هجاء العروبة دونها دعاة القومية المصرية من المسلمين والمسيحيين، ولهذا نحن نسير على هدى أساتذتنا رواد عصر النهضة وما قاله الأنبا توماس لا يمثل سوء جزء يسير مما تركوه من تراث بالغ الوطنية.

المشكلة الأساسية كما يقول ألبرت حوراني "العرب لم يكن بإمكانهم فصل القومية عن الإسلام بالقدر الذي فعله الأتراك، فالإسلام كان من فعل العرب في التاريخ، وهو الذي بمعنى من المعاني، قد صنعهم ووحدهم وأعطاهم شريعتهم وثقافتهم".

والمشكلة الأخرى أن كثير من المستعربين فشلوا في هذا الفصل بين الدين والعروبة كما فعل الفرانكفونيون والكومنولثيون، فنحن أرابفون،أي متحدثون بالعربية، ولسنا عربا ... مثلنا مثل المستعمرات الفرنسية والإنجليزية السابقة المتحدثة بالفرنسية والانجليزية.

وللأسف عاد الإرهاب مرة أخرى من خلال الفاشية العسكرية والدينية التي اجتاحت مصر منذ عام 1952 وحتى الآن ليكمموا الأفواه وليؤسسوا لعودة الدولة الدينية العسكرية الفاشية الأمنية، وخبت القومية المصرية، وعاد المجتمع مرة أخرى لاجترار أفكار عصر الانحطاط.

خامسا:عندما ندرس تاريخ الغزو العربي لمصر وللمنطقة وما رافقه من قتل وسلب ونهب وإذلال واكتمل في تاريخ ما سمى بالخلافة الإسلامية علينا أن نختار بين أمرين، إما أن نقول أن هذا هو الإسلام كما تقول بعض الجماعات الإسلامية الإرهابية حتى اليوم في تبريرها للعنف أو نقول أن الدين استخدم في تحقيق أغراض سياسية ليس لها علاقة البتة برسالته كما قال عشرات المفكرون، ومن هذا المنطلق ليس مقبولا أن نجاح العرب في تغيير اللغة القومية بالبطش والقوة وفرض ثقافتهم ودينهم على المصريين أن المصريين أصبحوا عربا، أو نقول نحن عرب وننسى ما فعله العرب فينا...هذا طرح غير مقبول وغير منطقي ولن نقبل به حتى ولو استمر مئات السنيين والزمن في صف الحقيقة، فالخطأ خطأ ولو كرره ألف شخص كما قال سقراط.

يقول جاك تاجر في دراسته المتميزة "أقباط ومسلمون منذ الفتح العربي إلى عام 1922"، " أن العرب لم يكتفوا بفتح مصر بل أرادوا احتلالها واستعمارها" (ص302). ويلخص جاك تاجر مأساة الأقباط واستغلال الدين في اضطهادهم بقوله " لم يتذكر الولاة الشريعة والفقه إلا إذا أرادوا البطش بالأقباط سواء برغبة منهم أو بتحريض من الرأي العام". وبعد مئات السنيين من الاضطهاد والقتل يواصل جاك تاجر تقييمه للوضع بقوله " أن الحكام يمكنهم ابتزاز أموال الأقلية بسهولة دون أن يخشوا قيامها بأية حركة ثورية جديدة ،فرتبوا مصير الأقباط حسب هواهم أو هوى الشعب"، وهو الوضع المستمر حتى الآن.

يقول بن عبد الحكم أن المقوقس قال للمصريين "أطيعوني وأجيبوا القوم إلى خصلة واحدة من الثلاثة،فقالوا وأي خصلة نجيبهم عليها، فقال تدفعون الجزية، فقالوا فنكون عبيدا لهم، فقال خير من أن تموتوا عن أخركم وتكونوا عبيدا تباعوا وتمزقوا في البلاد مستعبدين أنتم وذريتكم"(ابن عبد الحكم ص100).. ويقص ابن عبد الحكم علينا " كتب حيان إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم. فسأل عمر عراك بن مالك، فقال عراك ما سمعت لهم بعهد ولا عقد وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد". ويقول بن النقاش عن تعليمات الخليفة عمر بن عبد العزيز " لا أود أن يخبرني أحد بأن واليا ترك في ولايته عاملا يدين بعقيدة غير العقيدة الإسلامية،وإني سأقيل هذا الوالي في الحال ،وأنه من الواجب علينا أن نبعد الذميين من الوظائف كما أنه من الواجب علينا أن نقضى على دينهم، فليخبرني كل وال عما فعله في ولايته".(ص106).

ولهذا يقول احمد صبحي منصور في بحث له بعنوان" اضطهاد الأقباط في مصر بعد الفتح الإسلامي: رؤية إسلامية"، "خلال اثني عشر قرنا من الزمان كان اضطهاد الأقباط فيها سمة بارزة تحتاج إلى مجلدات لرصدها".

هذا جزءا يسيرا مما فعله العرب بأجدادنا المصريين فهل قاوم الأقباط العرب؟

على مدى قرن كامل لم تهدأ ثورات الأقباط ضد الغزو العربي وقد قامت خمسة ثورات مصرية كبرى ضد الغزاة ما بين سنة 739 ميلادية و 773 ميلادية، ونشبت أكبر ثورة مصرية عام 831 أيام خلافة المأمون والتي سميت بثورة البشموريين وخرج فيها الكثير من المصريين مسلمين ومسيحيين كما يصف ذلك المقريزي ذاته في خططه بقوله "ولما كان جمادى الأولى سنة 216 هجرية، انتفض أسفل الأرض بأسره عرب البلاد وقبطها وأخرجوا العمال وخلعوا الطاعة لسوء سيرة عمال السلطان فيها فكانت بينهم وبين عساكر السلطان حروب"( ص79-89).وجاء المأمون على رأس جيش كبير وقتل من المصريين عشرات الآلاف ورحل حوالي ثلاثة آلاف من البشموريين إلى العراق مات أغلبهم في الطريق وما بقى منهم بيعوا كعبيد ويعلق المقريزي على ذلك "ومن حينئذ أذل الله القبط في جميع أراضى مصر وخذل شوكتهم فلم يقدر أحد منهم على الخروج ولا القيام على السلطان".

ومن يريد أن يعرف أكثر عن ما فعله العرب والخلفاء بالمصريين أحيله إلى المراجع الإسلامية الكبرى مثل كتاب فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم،النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة لابن تغرى بردى،كتاب فتوح البلدان للبلاذري،الكامل في التاريخ لابن الأثير،كتاب صبح الأعشى للقلقشندى،البداية والنهاية لابن كثير،كتاب الولاة وكتاب القاضي للكندي،تاريخ الأمم والملوك للطبري، كتاب الخراج لأبى يوسف،مروج الذهب للمسعودي،ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي، تبر المسبوك في ذيل السلوك للسخاوي، تاريخ مصر لابن إياس،تاريخ مرعى بن يوسف الحنبلي، المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار للمقريزي،السلوك في معرفة الملوك للمقريزي،مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لابن فضل الله العمري،الرسائل لابن الصرفي،مقدمة بن خلدون،سيرة احمد بن طولون للبلوى ،وزاد المعادن لابن قيم الجوزية، وأحكام آهل الذمة لابن قيم الجوزية، سراج الملوك للطرطوشي،تاريخ دمشق لابن عساكر،كتاب الإتقان للسيوطي،.... هذا بالإضافة إلى مئات الكتب الأجنبية والمسيحية التي تناولت بالتفصيل معاناة المصريين تحت الحكم العربي وحكم الخلافة.

إن التاريخ المصري الحالي المزيف الذي يمجد الغزو العربي لم يذكر لنا شيئا عن تضحيات المصريين هذه، وبدوري أتساءل ما هو الوصف لهؤلاء المصريين الذين قتلوا أو ذبحوا وهم يدافعون عن وطنهم؟ هل هم شهداء للوطن أم خونة؟. وهل يليق أن نسمى أحد أهم شوارع القاهرة باسم الخليفة المأمون؟ هل يتخيل أحد أن يسمى شارع هام في غزة باسم أريل شارون؟، وهل مجرد قبول الإسلام يعنى محو الذاكرة الوطنية المصرية أو تزييفها؟.

إن الخلافة الإسلامية والتي عانى منها المصريون جميعا كانت قمة الفساد والاستبداد فلماذا يدافع عنها الكثيرون حتى الآن ويقدموها على مصريتهم وتاريخهم القديم المجيد؟، ولماذا لم تحدث مقاومة تذكر للغزاة على مر التاريخ طالما هم مسلمون في حين يفتخر كتبة التاريخ المصري بمقاومة الصليبيين والفرنسيين والانجليز؟.

يقول سعيد العشماوي عن الخلافة الإسلامية "هي الخلافة التي أطارت من رؤوس المسلمين أضعاف أضعاف ما أطارت من رؤوس أعدائهم، هي الخلافة التي قُتِلَ فيها ثلاثة من الخلفاء الراشدين وعُذّبَ فيها الأئمة الأربعة، هي الخلافة التي حدثت فيها الفتنة الكبرى، وموقعة الجمل، وواقعة كربلاء، وموقعة الحرة، ومظالم الأمويين وغير الأمويين، وضرب الكعبة بالمنجنيق مرتين، واستباحة دماء وأموال وأعراض المسلمين، والصراع بين الأمويين والهاشميين، ومحنة خلق القرآن، والحروب بين طلاب السلطة، وهدم قبر الحسين، ومذهب الخوارج، والمذهب الحربي، وأعمال الحشاشين، وآراء القدرية، وأفعال القرامطة، وتفسيرات الباحثة.

هي الخلافة التي انتشر فيها شرب الخمر والتشبيب بالنساء حتى في موسم الحج واللهو واللعب، والغناء والرقص، والتخنيث واللواط. وامتلأت بغداد بالمواخير وبيوت الدعارة وأماكن الفسق ومحال القمار ودور الغناء. وامتلأت مكة أرض الحرمين بالمغنيين والمغنيات بما صاحب ذلك ولزم عنه من حواشي الفساد. وكان للرشيد زهاء ألف جارية وللمتوكّل أربعة آلاف جارية وكانت الجواري تُفضّل على الحرائر، ووصل الأمر أن جارية مخمورة تصلي بالمسلمين وأن يجاهر الخلفاء بالفسق والزندقة والفجور" (راجع سعيد العشماوي الخلافة الإسلامية).

وبصراحة أكثر لو نجح بن لادن في احتلال السعودية منطلقا من أفغانستان ومن بعدها احتلال المنطقة وإعادة الخلافة الإسلامية لرفعه كثير من المسلمين لمرتبة القداسة وسموه أمير المؤمنين خليفة المسلمين. الم يصف الشعراوي الملك فهد بأنه ظل الله في الأرض؟ الم يصف القرضاوي مرارا الطالبان بالإمارة الإسلامية؟ الم يصف صلاح أبو إسماعيل ومحمد الغزالي جعفر النميري بأمير المؤمنين وهللوا لتطبيق الشريعة هناك؟ الم يهلل الكثيرون لولاية الفقيه في إيران؟.

سادسا: المشكلة الأخرى إننا نتناول تاريخ مزيف كتبه المنتصر ليس فقط في التاريخ القديم ولكن في وقائعه الحديثة، فحتى الآن يدرس التلاميذ "الفتح العثماني لمصر"!!، مغلفين العربدة العثمانية بمسحة دينية، ودرسنا أيضا في كتب التاريخ أن نابليون سلط مدافعه تجاه انف أبو الهول فكسره، رغم أن المقريزي يصف لنا بالتفصيل أن هذا الفعل قام به الشيخ صائم الدهر حيث قام بتحطيم سرية أبو الهول وإزالتها وتكسير انف أبو الهول، ونخون الجنرال يعقوب الذي حاول أن يحمى الأقباط من الفتك بهم من الغوغاء وكان لديه خطة لاستقلال مصر كما كتب المؤرخ المصري شفيق غربال وفى نفس الوقت نبجل مصطفى كامل الذي كان يدعو للجامعة الإسلامية وبقاء مصر محتلة من العثمانيين وكان يقول" إن بقاء الإمبراطورية العثمانية أمر ضروري للجنس البشرى، وأن على المسلمين أن يلتفوا حول عرش السلطان ،وأن هذا الالتفاف مهم لمصر بنوع خاص"( ألبرت حوراني ص 210).

وهناك آلاف الأحداث القديمة والحديثة المزيفة لصالح الغزاة أو لصالح دين الأغلبية وما يقال حاليا عن الأقباط في الخارج وشيطنتهم وتخوينهم ما هو إلا حلقة في هذه السلسلة الجهنمية من التزييف المتعمد والاغتيال المعنوي..
سابعا: للأسف هناك علاقة بين تشابك اللغة والدين والهوية والانتماء للعروبة وبين وضع غير المسلمين وحقوقهم. وبصراحة أكثر كل من يؤمن بأن مصر دولة إسلامية وأن الإسلام دين ودولة هو يقف حتما ضد حقوق غير المسلمين، ببساطة لاستحالة تحقيق المساواة بين المسلمين والأقباط على أرضية الدولة الإسلامية، وأي كلام خلاف ذلك هو لغو لا قيمة له.

الهوية المصرية في محنة وأتذكر حديث بيني وبين الصديق مأمون فندى منذ عدة سنوات حيث ذكر لي فحوى حديث دار بينه وبين مسئول مصري كبير من مستشاري مبارك حيث ذكر له فندى أن مصر مثل قطعة القماش المتعددة الألوان فيها الفرعوني واليوناني والقبطي والإسلامي وعلينا أن نظهر هذا الثراء الحضاري فكان رد المسئول إنهم يريدون إبراز اللون الإسلامي فقط، الم يقل الرئيس السادات نفسه في خطاب عام أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة.

الهوية المصرية تعانى من محنة حقيقية.محنة الخلط بين الدين والمواطنة، وبين الأمن القومي والدين، وبين العروبة والإسلام، وبين النظام العام والشريعة، وإذ لم يوافق الأقباط على هذا العبث يتهمون بأنهم ضد الدين وضد العروبة أو يقفون وحيدين يمتصون قلق الأغلبية المسيطرة وإحباطاتها، إن موافقة الأقباط على هذه الهوية الملتبسة والمصبوغة بدين الأغلبية معناه الانتحار بالذوبان في الهوية الإسلامية.

ولكن إدوارد واكين في كتابه " أقلية معزولة" يصف الأقباط عن حق بقوله:الأقباط في نضالهم للبقاء في الحياة يرجعون في أصلهم إلى الفراعنة القدماء، وبذلك فهم يتمتعون بقوة احتمال وصلابة الأهرام، وإرادتهم وعزيمتهم في أن يحتفظوا بشخصيتهم القبطية تتكرر بشكل لا نهائي خلال تاريخهم القديم وفى موقفهم المعاصر...إنه فصل في قصة شعب طويلة، إنهم هناك في مصر، وهناك سيبقون على أنهم "المصريون الحقيقيون"،"والمسيحيون الأصليون" أقباط وادي النيل، تلك الأقلية المهمومة الصابرة المنعزلة.



#مجدي_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الكنيسة القبطية تحتاج إلى إصلاح؟
- شروخ فى الجسد المصرى
- هل يمارس رجال الدين الأقباط السياسة؟
- الاتجاهات الثلاثة للإسلامية الدولية
- معضلة التعامل مع التراث الإسلامى
- وهم الديموقراطية الإسلامية؟
- التجارب الدولية فى تمثيل الأقليات والفئات المهمشة
- الدم الفلسطينى خط أخضر
- مواطنون وليسوا جالية
- مستقبل النظام السياسى بعد مبارك
- طارق البشرى: من مفكر وطنى إلى مفكر إسلاموى
- جمعة حزينة أخرى على أقباط مصر
- حقوق المواطنة للأقباط بين سلوك النظام الحاكم وفكر الإسلاميين
- مصر بين الاسلمة والتحول عن الإسلام
- مائة عام من الصراع على هوية ومدنية الدولة المصرية
- دولة لا تحترم عقول أبنائها
- نداء بتعديل المادة الثانية من الدستور المصرى
- الأقباط في الصحافة المصرية
- دعوة للتوقيع على وثيقة إصلاحية
- رؤية قبطية للإصلاحات الدستورية


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدي خليل - رد على منير مجاهد: محنة الهوية المصرية