أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - رمضان متولي - تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير















المزيد.....

تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 738 - 2004 / 2 / 8 - 04:48
المحور: القضية الكردية
    


التفجيرات التي ضربت مقري الحزبين الكرديين في أربيل – الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستان – يوم الاحتفال بعيد الأضحى خلال الأسبوع الماضي، ونتج عنها ما يزيد على مائة قتيل وعدد كبير من الجرحى، كشفت عن المعضلة التي تواجه الشعب الكردي من جانب، واستراتيجية الاحتلال الأمريكي في العراق من جانب آخر.
اتجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى تنظيم القاعدة وجماعة أنصار الإسلام الأصولية بمسئوليتهما عن هذه التفجيرات. وقد يكون لجماعة أنصار الإسلام دوافع قوية للقيام بمثل هذا الهجوم، فخلال الغزو الأمريكي للعراق في مارس من عام 2003، أطلقت الولايات المتحدة صورايخها على قواعد جماعة أنصار الإسلام الكردية على الحدود الإيرانية العراقية كما هاجمت الجماعة بالطائرات، وفي نفس الوقت، شنت ميليشيات البشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني هجوما ضاريا على المنظمة لطردها من 15 قرية في شمال العراق. ولكن مهما كانت الجهة المسئولة عن هذه التفجيرات، فإنها بالتأكيد تعكس تزايد المعارضة للاحتلال الأمريكي في العراق حتى في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الحزبان الكرديان، ففي طول البلاد وعرضها، وليس في "المثلث السني فقط" تتزايد الهجمات على قوات الاحتلال والأحزاب السياسية والأفراد الذين يتعاونون مع الاحتلال الأمريكي، وقد سبق هذه التفجيرات هجوما على مقر الحزب الشيوعي العراقي الذي يشارك في مجلس الحكم الذي فرضه الاحتلال ويتعاون معه.
والحزبان الكرديان لا يخرجان عن هذا الإطار، حيث أن لهما تاريخ طويل في التواطؤ مع الولايات المتحدة، وخلال عقد التسعينيات استغل هؤلاء الحزبان الحظر الجوي الذي فرضته أمريكا على نظام صدام حسين في شمال العراق للسيطرة على المحافظات الثلاث التي تقطنها أغلبية كردية، وقاتل الحزبان بعضهما البعض من أجل السيطرة على تجارة البترول والسلع التي انتعشت بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق. وبعد وضوح نية الولايات المتحدة في غزو العراق بعد القانون الذي أصدره الكونجرس في عام 1998، وتخصيص مبالغ مالية ومساعدات وبرامج تدريب للأحزاب الكردية لهذا الغرض، تجاوز الحزبان عن خلافاتهما انتهازا للفرصة، وفي شهري مارس وأبريل، كانت الميليشيات التابعة لهما تقاتل جنبا إلى جنب مع القوات الخاصة الأمريكية في شمال العراق، وصاحبت القوات الأمريكية إلى بغداد، وكافأتهما سلطة الاحتلال بضم ممثلين عنهما في مجلس الحكم.
ولكن يبدو أن الحزبين الكرديين لم يقنعا بهذه المكافأة على تعاونهما مع الاحتلال، ويتطلعان إلى المزيد، حيث يرغبان في السيطرة تماما على شمال العراق، ويطالبان بالفيدرالية – على أساس عرقي – بما يجعل المحافظات التي يسيطران عليها إقليما كرديا مستقلا، كما أنهما يطالبان بضم مدينة كركوك الغنية بالنفط إلى سيطرتهما.
ولكن هل يمكن للإمبريالية الأمريكية أن تمنح الأكراد حق تقرير المصير؟ وكيف يمكن أن نتصور أن الأكراد قد حصلوا على حق تقرير المصير بينما تخضع الأغلبية من الشعب الكردي تحت الحكم التركي الذي لا يقل استبدادا تجاه الأكراد عن نظام صدام حسين، ويسيطر على ما يقرب من ثلثي كردستان التاريخية؟ وهل ستتدخل الولايات المتحدة "لتحرير" الأكراد من قبضة حليفتها تركيا، بعد أن ساعدت النظام التركي قبل ذلك في القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، والتزمت الصمت على المذابح التي ارتكبها الجيش التركي ضد المناضلين والمدنيين الأكراد؟
هذه التساؤلات تطرح نفسها بقوة في ضوء خطة الحزبين الكرديين في تشكيل حكومة إقليمية موحدة في شمال العراق وتنظيم انتخابات خلال العام القادم بغض النظر عما يحدث في محافظات الجنوب. ونضيف إليها أيضا تساؤلا آخر، فحق تقرير المصير حق أصيل للشعب الكردي، ولكن هل تنوي الولايات المتحدة فعلا أن تمنح الأكراد حق تقرير المصير بعد أن طردت جنود البشمركة من كركوك مباشرة بعد احتجاج تركيا وتهديدها بالتدخل لطردهم منها بالقوة؟ وبدون الإجابة عن هذه الأسئلة لا يمكن أن نتصور أي معنى لحق الأكراد في تقرير المصير. فبعد التفجيرات مباشرة اجتاحت المناطق الكردية مظاهرات عارمة وطالب المتظاهرون بتحرير كردستان وإقامة الدولة الكردية متجاوزين بذلك رؤية الحزبين الكرديين المتواطئين مع الاحتلال واللذين لم تصل طموحاتهما لأبعد من الفيدرالية التي يسيطران فيها على بعض المناطق الغنية في العراق لتستغلها البرجوازية المحلية بغض النظر عن طموحات الشعب الكردي.
ولكن مطالب الشعب الكردي تواجه الإدارة الأمريكية بمعضلة أخرى، حيث تهددها بفتح جبهة جديدة لمقاومة الوجود الأمريكي في العراق إذا تجاهلت الولايات المتحدة هذه المطالب، أو زيادة حدة المعارضة للاحتلال في بقية أنحاء العراق والدول المجاورة إذا فكرت الولايات المتحدة في تلبية طموحات الحزبين الكرديين على الأقل. كما أن العرب والتركمان في مدينة كركوك يخشون من عمليات التطهير العرقي إذا سيطر الحزبان الكرديان على المدينة، وفي يناير الماضي قاموا بتنظيم مظاهرة احتجاج تعارض مطلب الحزبين بضم المدينة.
الولايات المتحدة، من جانبها، لا تهتم كثيرا بمطالب الأكراد إلا بقدر ما تكون ملائمة لدفع مصالحها في المنطقة، وترى تحالفها معهم في سياق السياسة الاستعمارية الشهيرة "فرق تسد"، وهو ما يطرح أمامها أيضا معضلة أخرى. حيث ترى النخب الشيعية والسنية مطالب الأكراد خطوة أولى نحو تقسيم العراق على أساس عرقي على غرار يوغسلافيا السابقة، كما أن هذه النخب لا تريد أن تفقد إيرادات البترول في المناطق الشمالية – والتي تصل إلى 40% من إيرادات البترول العراقي ككل – لتستولي عليها حكومة كردية مستقلة عن الحكومة المركزية في العراق. وهو ما يتضح من معارضة السيستاني لمشروع الفيدرالية وربما يدعو الشيعة إلى التصويت ضد أي دستور يتضمن اعترافا بها. كما أن السنة يرفضون قيام هذه الفيدرالية على الأقل في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، كما جاء على لسان أحد شيوخهم في لقاء مع قناة الجزيرة والذي قال فيه أن الفيدرالية من حق الأكراد ولكن حلها في ظل سيطرة الاحتلال لن يكون صحيحا. 
وتخشى الدول المجاورة للعراق أيضا، مثل تركيا وسوريا وإيران، من أن يؤدي استقلال الأكراد العراقيين إلى سعي الأقليات الكردية بها إلى تحقيق حلم "كردستان الكبرى"، مما يعد تهديدا لوحدة أراضي هذه الدول في المدى الطويل، وخاصة النظام التركي الذي شن حملة شرسة دامت عشرات السنين ضد الكفاح الكردي المسلح الذي قاده حزب العمال الكردستاني من أجل استقلال الأكراد.  وبالتأكيد لن تتقبل الولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني الذي يختبئ حوالي خمسة آلاف من أعضائه على الحدود التركية العراقية، وإنما طالبت تركيا بعدم التدخل عسكريا ضد أعضاء الحزب في العراق خوفا من اصطدام حلفائها من الأكراد بالقوات التركية حال دخولها، بينما لم يشن الجيش الأمريكي في العراق هجوما على أعضاء الحزب بسبب انشغاله بمواجهة المقاومة العراقية في المناطق السنية. وإذا تحققت للولايات المتحدة السيطرة على المقاومة فلن تتوانى عن شن عمليات عسكرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني.  حيث أعلن بول بريمر، الحاكم الأمريكي للعراق، في يناير الماضي أن الولايات المتحدة سوف "تمنع" الحزب من استخدام الأراضي العراقية في عملياته "الإرهابية"، ولم يستبعد مسئول أمريكي آخر استخدام القوات الأمريكية في ضرب مواقع الحزب.
إن الأكراد سوف يتعرضون بالتأكيد لخيانة أخرى من أمريكا التي تغاضت عن قمع صدام حسين لهم عندما كان حليفا للولايات المتحدة، وتغاضت عن قمعه لهم أيضا خلال فترة العقوبات والحصار. ولكن هذه المرة ستكون الخيانة بمشاركة وتواطؤ كل من حزب الاتحاد والحزب الديمقراطي حيث يتعرضان حاليا لضغوط من الولايات المتحدة لقبول دستور ينص على استقلال محدود ولا يضم كركوك إلى المحافظات الخاضعة لحكمهما. وقد أشارت جريدة الواشنطن بوست مؤخرا إلى أن الحزبين الكرديين يوافقان على عدم ضم كركوك ولكنهما مازالا يتفاوضان حول تقسيم إيرادات البترول العراقي. فالقضية الأهم التي تتعلق بحق الأكراد في تقرير المصير لا تهم الحزبين بقدر ما يهمهما نصيب البرجوازية الكردية من عائدات النفط في العراق، ولا يهمهما مستقبل الشعب الكردي الذي يطرحانه في رهانهم على سيطرة الاحتلال في العراق وتحالفهما معه، ولا الثمن الباهظ الذي سيدفعه هذا الشعب من دمه ودم مناضليه سواء تحققت لأمريكا السيطرة أم اضطرت إلى الخروج من العراق مهزومة ولو بعد حين.
إننا لا نتمنى أن تحل الولايات المتحدة معضلة الاحتلال، بل نتمنى أن تتورط أكثر حتى تكابد الهزيمة المنتظرة ويسقط مشروعها للهيمنة على العالم وقمع المضطهدين وسرقة ثرواتهم لصالح شركاتها وأباطرة المال والنفط والسلاح فيها، وإنما نتمنى أن يستطيع الشعب الكردي تجنب الكارثة، وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا بظهور قوى يسارية وسط الأكراد تتقدم الصفوف لمقاومة الاحتلال الأمريكي وتتبنى طموحات الأكراد، كل الأكراد، في تقرير المصير، وتفضح تواطؤ الحزبين الكرديين مع الاحتلال وتجارتهما بمستقبل الشعب الكردي من أجل مصالح جزئية للبرجوازية الكردية. فتحرير الأكراد يرتبط ارتباطا وثيقا بتحرير المنطقة كلها من هيمنة الإمبريالية ومن البرجوازية المحلية المتحالفة معها.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحيانا أندهش!
- متى تكون الديمقراطية من مصلحة الأمريكيين في العراق؟
- محكمة بلا ذراعين، وقادة بلا أنصار!
- طريق التغيير لا يمر عبر -مرآة أليس
- الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - رمضان متولي - تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير