أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - دمشق قبل باريس وموسكو















المزيد.....

دمشق قبل باريس وموسكو


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 2382 - 2008 / 8 / 23 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان من الممكن القول " جدلاً " أن النظام السوري قد ا ستعاد حضوره الإقليمي والدولي ، بزعم ، أنه ا ستفاد من ظهور وا ستمرار المقاومة ، ومن علاقاته مع عدد من فصائلها في العراق ولبنان وفلسطين ، ومن تحالفه مع إيران ، وأنه بذلك قد لعب دوراً في تعثر أو فشل المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط ، فإن انفجار الحرب في القوقاز بين جورجيا وروسيا ، في ملابساتها ومفاعيلها وارتداداتها الدولية ، تنفي بالمطلق ، وجود أية صلة للنظام بها .

كل ما يمكن قوله في هذا السياق ، حول صلة ما ، تربط ما بين حروب المشروع الأمريكي الإسرائيلي في الشرق الأوسط وبين المشروع الجورجي الأمريكي في القوقاز ، هو أن هذين الإقلمين مستهدفين حسب مخططات الهيمنة الأمريكية على العالم ، التي من أولوياتها السيطرة على المحيط البترولي من بحر قزوين إلى بحر العرب .. وهو أيضاً .. أن فشل الأداء السياسي والعسكري الأمريكي الإسرائيلي في الشرق الأوسط ، قد انعكس على الأداء الجورجي الأمريكي في القوقاز .

بمعنى أن الحرب الجورجية الروسية ، إذ دقت إ سفيناً قوياً في العلاقات الروسية الأورو أمريكية ، وفتحت الأفق أمام روسيا لانتزاع مكانة الدولة العظمى والقطب الدولي الندي للقوى الدولية العظمى الأخرى ، قد قدمت للنظام السوري فرصة مجانية ثمينة ، لتوسيع وتعزيز قوس حراكه الدولي . لاسيما ، وأن فرنسا ليست الحليف الثابت الذ يحميه من المحكمة الدولية ، ومن الابتزاز الأمريكي الإسرائيلي ، الذي يطالبه بتفكيك تحالفه مع إيران وحزب الله بالدرجة الأولى ، والتسليم بشروط مماثلة لشروط اتفاقية كامب ديفيد مع مصر واتفاقية وادي عربة مع الأردن ، لتسوية وضع الجولان المحتل ، ولتسوية وضعه وقبوله " دولياً " وترسيم ا ستدامته . ذلك أن فرنسا الساركوزية " تحديداً " إذ هي تلعب دوراً سياسياً أوسطياً متمايزاً " شكلاً " عن الدور الأمريكي ، فإنها بالمحصلة تلعب دوراً تكاملياً خادماً للمصالح الاستراتيجية المشتركة ، التي تجمع كل من فرنسا وأمريكا وإ سرائيل في خندق واحد . وكذلك فإن ما يتيحه القوس الدولي المفتوح من الشمال هذه المرة ، يعزز من جهة طموح الحليف التاريخي الإيراني ، إن في امتلاك التكنولوجيا النووية أو في تكريس دور إيران العظمى الشرق أوسطي ، ومن جهة أخرى يخفف عنه ، أي النظام السوري ، إحراج التحالف الدولي شبه الأحادي مع هذا الحليف ، الذي جلب معه القلق العربي والسؤال الداخلي .

ولدى المقارنة بين خلفية السياسة الفرنسية المشروطة بإعادة قولبة النظام وتحجيمه حسب الطلبات الأمريكية والدولية في مسائل لبنان والعراق وفلسطين وإيران ، وبين خلفية السياسة الروسية ، التي تستدعي شد عزم النظام وتسليحه وتكبير حجمه الإقليمي ، لايجاد مرتكز روسي على الشاطيء الشرقي للمتوسط ، تبرز الحماسة الرئاسية السورية اللافتة في دعم روسيا في حربها القوقازية ، وتفسر تلبيتها الفورية لدعوة ميديفديف ، أملاً بكسر القطبية الدولية الأحادية الأمريكية ، بتوسيع مجالات التعاون بين روسيا وسوريا على الصعد كافة ، ونقلها إلى المستوى الاسترتيجي " التحالفي " ، وتكريس دور سوري أكثر أهمية مما كان قبل عام 2004 موعد انسحاب الجيش السوري من لبنان وانتقال النظام إلى حالة التخندق والدفاع المأزوم عن الذات ، بحيث يصبح النظام أحد أضلاع مثلث الدول العظمى في أهم مثلث جيوسياسي في العالم يضم كل من سوريا وتركيا وإيران . وقد لخص بشار الأسد هذه الرغبات ، في سياق تصريحاته الأخيرة في موسكو بجملتين واضحتين . الأولى " من الهام أن تشكل روسيا دور الدولة العظمى " والثانية " ميزان القوى الدولي يتوقف على سوريا كما على روسيا " .

وقد حاول الرئيس السوري تعزيز رغباته بإرسال أفكاره حولها ، عبر تصريحاته الصحفية ، للرئيس ميدفيديف قبل لقائهما ، مركزاً على " أن التعاون العسكري والفني هو القضية الأساسية " " ومشتريات الأسلحة مسألة بالغة الأهمية في التعاون السوري الروسي " . بل إن تعاونهما ’يـفـشّـل الحصار " الذي تسعى إسرائيل والغرب لفرضه على روسيا " بدلالة " أن سياسة عزل سوريا قد فشلت ومن حاول عزلها عزل نفسه " . ما معناه أن رفع مستوى التعاون إلى درجة الإسناد المتبادل ، ضد عدو " مشترك " ، بوجه إسرائيل والغرب وحلفائهما على الحدود السورية .. وبوجه جورجيا وغيرها والغرب على الحدود الروسية .. يتطلب إ سناد روسيا لسوريا عسكرياً وفنياً وسياسياً . وقد ذهب بشار الأسد في طلباته ورغباته من القيادة الروسية التي باتت أحد أعضاء مؤتمر الثمانية الكبار في العالم ، أكثر مما كان يذهب الرئيس الوالد الراحل في طلباته ورغباته من القيادة السوفياتية التي كانت القطب الدولي الضد لهؤلاء الكبار سادة وجلادي عالم .

ومن خلال الحوار العلني بين الأسد وميدفيديف ومعاونيهما يبدو المشهد درامياً . فكل منهما يستعرض أمام الآخر قدراته لحمايته من العدو الخاص والمشترك . وكل منهما يستبطن ا ستخدام الآخر لتحقيق مصالحه . على أن الطرف الأقل حظاً في النجاح بمثل هذه الحالة هو النظام السوري . فروسيا تبقى دولة عملاقة وطبقتها السياسية يدأت تستعيد هويتها القومية ، وتكتشف عظمة الدور الروسي المستند إلى موروث العهد الاشتراكي التكنولوجي والصناعي وإلى موفور الطاقة والثروات الطبيعية الوطنية . وعاجلاً أم آجلاً سوف تضطر أوربا وأمريكا لإعادة اقتسام النفوذ والمصالح الدولية معها حسب نسبة ما تثبته روسيا ما بعد حرب القوقاز من قدرات في ميزان القوى الدولية اقتصادياً وعسكرياً . بينما النظام السوري يبقى يكابد محدودية الشرعية والحجم والقدرات والمجال التحالفي العربي .. ويبقى موضوعاً لسياسات الآخرين ومطالبهم ومطامعهم .. ويبقى بهذا الشكل أو ذاك محاصراً أو محجماً دولياً .. طالما أنه يفقد مصدر قوته الرئيسية المتمثلة بالوحدة الوطنية المبنية على المساواة في الحقوق السياسية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، التي تجذب وتحفز التحالفات الصديقة وتردع و’تـفـشّـل المخططات الخارجية المعادية للوطن .

كل الدول تبحث عن صداقات وتحالفات مع دول أخرى بقصد تعزيز القدرات الوطنية . وهذا البحث مشروع ومطلوب ، خاصة في الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ويتهدد الوجود الوطني . على أن كل الدول التي تمتلك قياداتها الرؤى السياسية السليمة وتعمل جاهدة على خدمة الدولة والمجتمع ، تبحث أولاً ودائماً عن ينابيع القوة والإبداع في الشعب .. في قواه الوطنية المعبرة عنه ، وتعمل على توحيدها والتوحد معها ، لتشكيل الدرع المتين المعبر عن قوة الوطن الحقيقية ، التي تمنح النظام الوطني في البلاد الثقل ، الذي يفرض نفسه في الصراع مع العدو ، أو في المباحثات .. والتحالفات الدولية .

ولأن الحال السوري مكشوف على الأعداء والأصدقاء ، فإن رهانات النظام على تصديقه ومصادقته في المجال الدولي لامستقبل لها ، ولن تنجح مرة أخرى لعبة السير على حبلين متوازيين ، كما كان أيام الحرب الباردة . وإن لم يكن البدء بدمشق أولاً في البحث عن مصادر القوة ، فلن ينفع البحث عنها في باريس أوموسكو أو في أي مصدر خاجي آخر . فالدول دول والمصالح هي الأبقى على العلاقات والتحالفات . ولعل اتصال ميديفيديف مع أولمرت ، الذي تناول ولاشك سقف العلاقات الروسية السورية ومن ضمنها مشريات الأسلحة ، التي يعول عليها الجانب السوري في محادثاته مع القيادة الروسية ، قبل لقائه ببشار الأسد ، يضيء هذه الحقيقة ، ويؤكد على أحقية عودة النظام إلى مربع الداخل أولاً .

لقد حاول عهد " الحركة التصحيحية " منذ منتصف السبعينات في القرن المنصرم ، تحت قيادة " الأسد " الأب الراحل ، أن يكبر بلبنان وبإيران ، ومن ثم بالتحاف مع أمريكا في حرب الخليج الثانية ، لكنه .. ولأنه عهد يسوده الميز السياسي واللامساواة في الحقوق السياسية ويحكم بآليات القمع بقي صغيراً . وخلال العام الجاري ذهب هذا العهد تحت قيادة " الأسد " الابن إلى أنابوليس ، ودعم مؤتمر الدوحة كالحاضر في أعماله ، ثم ذهب إلى باريس ، والآن يذهب إلى موسكو .. لكنه .. ولأنه أ سير سياسات وممارسات عقلية وآليات الاستبداد واضطهاد الآخر .. لم ولن يكبر كما يريد .. لأن أي نظام لايكبر إلاّ بشعبه الحر المالك لحقوقه الإنسانية كلها .. وخاصة حقه في اختيار حكامه .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من - النقابية السياسية - إلى النقابية - الليبرالية - .. !! . ...
- حول العدل والشرعية وحقوق الإنسان
- ضد جدران الفصل العنصري الدولي
- في أن ا ستعادة الجولان مسؤولية كل مواطن
- المعارضة والمنعطف الجديد
- سيدي إفني أكثر من قضية وطنية
- الاستبداد والتحولات الاقتصادية الاجتماعية
- شيء لايصدق .. حدث .. وقد يحدث بصورة أخرى
- سوريا أمام منعطف جديد ..
- لن تجلب روما الربيع لتصحر الغذاء العالمي
- المشهد اللبناني الجديد .. أكثر من تسوية وأقل من حل
- بديل نقابي مستقل .. مرة ثانية - إلى النقابي المعتقل مروان ال ...
- مجزرة معيشية جديدة
- الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في مصر تنتزع المبادرة
- بديل نقابي مطلبي ممكن
- قمة تحت خط العجز
- حتى تنهض المعارضة وتحقق التغيير
- يوم المرأة العالمي وسمات المرحلة الراهنة
- انتصاراً لشعب غزة البطل
- وتبقى المعارضة عصية على القمع وعلى الانتهاء


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - دمشق قبل باريس وموسكو