أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح















المزيد.....

لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2382 - 2008 / 8 / 23 - 01:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنت وعدد من الأصدقاء نتجاذب أطراف الحديث حين تطرقنا إلى مناقشة إحدى القضايا الشائكة التى طالما تجنبناها حتى لا نزيد الهموم وتتراكم مشاعر اليأس والإحباط. لقد تسلل موضوع الحوار مرتديا ثوبا فضفاضا عبارة عن تساؤل حول موقفنا من إسهامات الحضارة الغربية فى التقدم الصناعى والتكنولوجى الذى نعيش فى ظله الآن. وقد يعجز المرء عن حصر الابتكارات الضخمة التى توافدت إلينا وصارت جزءا لا يتجزأ من حياتنا لدرجة أننا لا يمكن أن نتخلى عنها كالتليفون والتلفزيون والكمبيوتر والسيارات والكهرباء والميكروفون وأجهزة التكييف وغيرها. والغريب أن انعدام مساهمتنا فى هذا الجانب لا يصيبنا بالهلع أو حتى تأنيب الضمير ولكننا ننزعج وتثور ثائرتنا كلما شاهدنا رسوما أو أفلاما تتعرض للدين أو للرموز الدينية. ولكن المدهش أيضا أن الكثير من أهلنا باتوا مقتنعين أن العلماء الذين ابتكروا وأفنوا حياتهم فى سبيل إسعاد البشرية سخرهم الله لنا لتحقيق تلك الانجازات. وهذه الطريقة فى التفكير ليست وليدة الصدفة، إذ إن هذه المقولة تتردد فى بعض المساجد حيث توجه اللعنات للحضارة الغربية التى أضحت منغمسة فى الماديات وكادت تخلو تماما من الروحانيات ومن سخرية القدر أن هذا النقد يقدم من خلال الأجهزة والوسائل التى أبتكرها علماء الغرب (مثلا الميكروفون الذى ابتكره الأمريكى إميل برلينر فى عام 1876م). ومما لا شك فيه أن هذا الفكر التواكلى الذى يتسلل خلسة إلى عقولنا هو مصدر خصب تعتمد عليه الرسوم والأفلام وربما الأقلام التى تسئ إلينا وهو فى نفس الوقت يفسر سر عجزنا وتخلف معظم البلاد الإسلامية حيث يتفرغ أبناؤها لمتابعة وإصدار الفتاوى الغريبة التى توجه الشباب نحو السلوك المتطرف والمغالاة فى الدين، هذا رغم أن الرسالة الحقيقية للدين تكمن فى تقويم سلوك الإنسان بما يضمن حسن تعامله مع أخيه الإنسان.

لسنا من هواة جلد الذات ولكن ينبغى أن نشير إلى أن المشكلة التى نعانى منها نحن المسلمين هو أنه فى الوقت الذى نترقب فيه الاهانات التى تحملها الرياح القادمة من الشمال فإننا نتغاضى أو نغض الطرف عن الاهانات التى يتلقاها الإسلام من أتباعه فى البلاد الإسلامية التى تعانى من تخمة فى عدد الدعاة الذين لا يترددون فى إصدار الفتاوى حول أى أمر من الأمور. لقد بات السواد الأعظم من هذه الفتاوى جاهزة وسريعة الإعداد، إذ يطلقها الدعاة ردا على أسئلة المشاهدين فى البرامج التلفزيونية المختلفة وهى فتاوى لا تساهم فى حل أو حتى فى تخفيف الأزمات الحياتية والمستقبلية التى نعانى منها مثل احتكار السلع والتلاعب فى قوت المواطنين وتزوير الانتخابات وشراء الأصوات بل هى فى الغالب تساهم فى شدة بأسها وحدتها. ولا نحتاج دليلا على هذه المقولة إذ بماذا نفسر الفتاوى التى انهمرت علينا فى وقت انشغلنا فيه بالتصدى للاتهامات المقبلة من الصحف والأفلام الغربية. لقد تصدرت فتاوى رضاعة الكبير والتبرك بالبول عنوانين الصحف وشغلت الرأى العام محدثة بلبلة فى فكرنا وحياتنا. وآخر هذه الفتاوى هى تلك الفتوى الغريبة التى ألقتها الرياح الشرقية المقبلة من غزة حيث أطلق إمام مسجد بخان يونس فتوى تتعلق بإباحة قتل الجنود المصريين فى حال تعرضهم للفلسطينيين الذين يقتحمون معبر رفح.

وقد نعتقد أن هذه الفتاوى ما هى إلا ظاهرة صوتية تضاف إلى الشعارات والخطب الرنانة التى دأبت أذاننا على استقبالها ليل نهار. وفى رأى فإن هذه الفتاوى تجد آذانا صاغية لدى بعض الشباب الذين لا يتوانون عن ترجمتها إلى سلوك نرصده فى حياتنا اليومية. وربما كانت التجربة التالية خير دليل على ما أقول. لقد زارنى منذ زمن قريب صبى فى مقتبل العمر فبادرت بسؤاله عن إحدى قريباته من سيدات البلدة، فإذا بالصبى يقول لى إنه لا يصافح النساء واللافت للنظر أن هذا الصبى قد أجاب عن سؤال لم يطرح عليه، إذ إننى لم استفسر عن المصافحة بل عن زيارة السيدة وربما يعتقد القارئ أن السيدة التى لا يرغب الصبى فى مصافحتها امرأة فى ريعان شبابها وتتمتع بصحة جيدة وجمال أخاذ لا يمكن مقاومته أو حتى الاقتراب منه. لقد أصابتنى الدهشة وجاءنى إحساس قوى بأننى ابتلعت لسانى مما أفقدنى القدرة على مواصلة الكلام لأن السيدة التى نتحدث عنها بلغت من العمر أرذله ولا تستطيع مغادرة الفراش بعد أن استبدت بها الأمراض المزمنة وأصبحت غير قادرة على الحراك. ولم تفلح محاولاتى لإقناع الصبى بوجهة نظرى، إذ أدركت عندئذ أنه يستند إلى فتاوى فقهية تبناها دون التفكير فى فحواها ومغزاها. وما يدعو إلى الأسى هو أن هذه الفتاوى لا تجد صعوبة فى إيجاد مكان لها فى عقول المثقفين والمشتغلين فى مجال الثقافة. فهذه مذيعة قناة منار تضع اللمسات الأخيرة لبدء الحوار مع شخصية ذات حيثية فى مسرح وكواليس السياسة العربية وهو عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية الذى مد يده لمصافحة المذيعة إلا أنها رفضت المصافحة بحجة أنها لا تصافح الرجال ولم تعر اهتماما لمكانة وعمر الرجل (ثلاثة وسبعون ربيعا) الذى يعد بمثابة جدها. وهذا الموقف كان كافيا لإلغاء مشاركته فى الحوار. لعل القارئ الكريم يشاطرنى الرأى فى أن المرأة التى تعمل فى أى مجال تضطر إلى التعامل اليومى مع الرجال. لقد كان حريا بالمذيعة أن ترتدى قفازا يمنع الملامسة المباشرة أو أن ترسل له من يخبره أن المذيعة لا تصافح الرجال ومن ثم تستطيع أن تتجنب المواقف المحرجة. ويروى لنا الصحفى سليمان جودة فى جريدة مستقلة التصرفات الغريبة التى صدرت عن عروس وخطيبها فى حفل اكتظ بالضيوف حيث رفضت العروس مصافحة الرجال بينما رفض خطيبها مصافحة النساء. وتجدر الإشارة أن المصافحة بين الجنسين من المسائل التى يدور حولها خلاف بين العلماء، فمنهم (الشيخ القرضاوى) من يجيزها شريطة تقدم العمر ومن ثم انعدام الفتنة وخلو المصافحة من الشهوة ومنهم (الشيخ عطية صقر) من يرفضها كليا من دون النظر إلى عمر المتصافحين.

من الواضح أن المغالاة فى الدين تساهم فى تشويه صورة الإسلام وتنال من مكانته ولا تحد من الانتقادات التى نسعى إلى التصدى لها. إن الخطوة الأولى لإصلاح ما يمكن إصلاحه تكمن فى وقف نزيف الفتاوى التى تتخلل عقول الشباب وتدفعهم إلى تبنى سلوكيات غريبة لا تتفق مع التراحم والتعاطف الذى ينادى به ديننا.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا للمتاجرة بمطالب أهل النوبة
- هل فشلنا فى مواجهة الغش فى الامتحانات؟
- جرائم فى حق التعليم فى مصر
- هل يمكن أن تتحاور الثقافات المتباينة؟
- المحمول وسنينه
- هل سيرقص المسلمون إذا فاز حسين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ...
- ماذا نعرف عن التعليم فى إسرائيل؟
- حماس وحزب الله والأيادى الغريبة خلفهما
- قراءة فى قانون المرور الجديد: الايجابيات والسلبيات
- النفاق فى الدين بين العالم الإسلامى والغرب
- رفقا بهذا البلد
- قراءة فى الرسوم والأمور المسيئة للنبى
- أضواء على الانتخابات الأمريكية
- ظاهرة الطوابير فى كل مكان
- كرة القدم والاستقرار السياسى والاجتماعى
- باراك أوباما والانتخابات الأمريكية
- لماذا لا يتملك أهالى النوبة منازلهم؟
- المعلم فى مراحل التعليم المختلفة بين الأمس واليوم
- عشوائية القرارات فى التعليم الجامعى
- السلطة والقانون فى العالم المتحضر والعالم الثالث


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - لا تصافحنى.. فإننى لا أصافح