أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - علي جاسم - الشباب و بناء الدولة














المزيد.....

الشباب و بناء الدولة


علي جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 09:13
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


مرت شريحة الشباب في العراق منذ ثلاثة عقود بمعاناة كبيرة احاطت بحياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأثرت على قدرتهم في التمسك بموروثنا الثقافي والادبي الذي صنعته الذهنية العراقية على مدار القرون الماضية التي انتجت اجيالاً متعددة رفدت العالم بالمعرفة والثقافة عندما كان العراق مرتعا لطالبي العلم والمعرفة من كل حدب وصوب. والظروف السياسية التي مر بها العراق منذ تسلم نظام الطاغية الحكم العام 1979، ادت الى تغيير ملامح خارطة العراق الثقافية، واودت بأبنائها، وسيرتها نحو التسييس والمحاباة لصالح النظام البعثي الذي امسك بقبضة حديدية على جميع الاتجاهات الفكرية والادبية، وحصرها باطار قومي وحزبي ضيق لا يتعدى المديح والتبشير بأيديولوجية سياسية جديدة في العراق باستخدام القوة والعنف، ومن الطبيعي في ظل هذه الاجواء المشحونة بالافكار الشوفينية والشمولية ان ينحدر الفكر الثقافي والمعرفي لدى الشباب باتجاه الهاوية لأن عدم الخضوع لارادة النظام الدكتاتوري يؤدي الى السجن او الموت تحت اقدام جلاوزته. وقد حصلت شريحة الشباب نتيجة لتلك السياسة ”البهلوانية“ على اوسع مساحة في سجلات القهر والظلم والتعسف التي تبناها النظام خصوصا بعد العام 1980 الذي شهد نشوب الحرب العراقية-الايرانية التي كانت بداية النهاية للثقافة العراقية ولجيل كامل واكب تلك المرحلة العسيرة وتجرع مرارتها. كما ادت هذه الحرب وحسب الاحصاءات الدولية الى مقتل زهاء مليون شخص كان للشباب العراقي الحصة الاكبر منها وخلقت نوعا جديدا من الثقافة الطارئة على مجتمعنا العراقي، وسار الكتاب والشعراء والمثقفون باتجاه دعمها وتأييدها وبدأت الكتابات المخطوطة بالحبر الزيتوني تروج وتطبع بأحدث المطابع وترصد لها ميزانيات ضخمة لأنها تحاكي بطولة القائد الاسطوري الذي قتل كل اعدائه بضربة واحدة، وأخذت حناجر الشعراء تصدح بأحرف القصائد التعبوية والحماسية ضد اعداء النظام، لقد عاشت الثقافة العراقية في ظل ادب الحرب اتعس تجربة لها عبر التاريخ وشطبت انتاجنا الثقافي الزاخر الذي كان هوية العراق تلك الهوية التي نفتخر بحملها في كل المحافل الدولية، وبالرغم من انتهاء الحرب بعد ثماني سنوات من القتال غير المجدي الا ان الثقافة العراقية لم تستطع ان تنتزع ثوبها الخاكي وظلت تسير بطرق وعرة ابعدتها كثيرا عن نقطة البداية حتى دخول النظام في مغامرة طائشة جديدة لم تحسب نتائجها بدقة وتسيدت ثقافة الحصار الموقف وبدأت الثقافة العراقية تلفظ انفاسها الاخيرة. اليوم الثقافة العراقية في ظل الاجواء الديمقراطية تحتاج الى من يعيدها الى مكانتها الطبيعية وبنفس جديد غير ملوث بالحمى الحزبية التي كانت في الماضي.. ولا اعتقد ان المثقفين العراقيين داخل وخارج العراق قادرون على تلك المهمة بدون اشراك عنصر فعال يتمكن من خلق ثقافة فكرية جديدة، ثقافة قادرة على المحافظة عليها ونقلها الى الاجيال المقبلة وهذا العنصر يكمن في شريحة الشباب العراقي التي عاشت ومازالت تعيش اسوأ مراحل التهميش والظلم فمعظم الشباب تركوا مقاعدهم الدراسية في زمن النظام السابق بسبب لقمة العيش، وها هم اليوم يملؤون الشوارع والارصفة والمقاهي دون اية فرصة عمل وأصبحت البطالة عنوانهم الوظيفي فكيف نبني جيلا مثقفا ونحن لا نوفر لهم الحياة الكريمة التي يطمحون اليها؟. ان ترك الشباب العراقي تحت الضغط الاجتماعي من جانب والضغط الامني من جانب اخر سيخلق مناخاً ملائماً لاستدراجهم في اتجاهات وثقافات اخرى قد تكون اشد وطأة من ثقافة البعث عندما يتركون فريسة سهلة بيد الحركات الدينية والعقائدية المنحرفة والمتعصبة التي ظهرت بعد سقوط النظام لأن الجهل والفقر لا ينتجان الا الانحراف في جميع نواحي الحياة، فالدولة على مدار الخمسة اعوام الماضية تقريبا لم تعط هذه الشريحة مكانتها الحقيقية التي تمثل عصب المجتمع ولم توفر لهم فرص عمل حقيقية تنقذهم من واقعهم المزري ووقفت موقفا سلبيا من استيعابهم وكسبهم لصالحها. لذا فان مهمة بناء منظومة ثقافية جديدة تؤمن بالحداثة ويكون للشباب دور فعال فيها يستلزم من الجميع بحث هذه المشكلة وفق اسس علمية ومنطقية من اجل اعداد جيل قادر على المساهمة في بناء دولة القـانون والديمقراطية. وهذه المهمة لا تقع على عاتق الحكومة وحدها، صحيح ان الحكومة ملزمة بتوفير متطلبات الشباب بتوفير فرص العمل المناسبة وتقـديم القروض والمساعدات المالية لهم واجراء دراسـة موسعة للنهوض بواقعهم، الا ان للبرلمان العراقي ومنظمات المجتمـع المدني الدور الاكبر في استيعاب هـذه الشريحة واشراكها بشكل حقيقي في بناء الدولة ،واعادة الثقة اليها من جديد وتوفير فرص العمل الحقيقية لهـم لاسيما خريجو الجامعات والمعاهد الذين يعتبرون طليعة الشباب العراقي المثقف لأن تركهم بهذا الشكل سيدخل البلاد في اتون صـراعات عديدة على المدى البعيد وقـد يؤسس لدولة الطـوائف والملل التي ستطلق رصاصة الرحمة على الثقافة العـراقية لأنها لن تجد من ينقلها الى الاجيال المقبلة.



#علي_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنوات الضياع
- الخطأ الامريكي في العراق استراتيجي ام تكتيكي ؟
- رحلة الى القمر
- ماذا قدمت لنا جبهة التوافق؟
- رسالة احتجاج
- ودعت بيت النمل
- لماذا ننتخب مجالس المحافظات ؟!!
- من يعيد الطفولة الضائعة؟!!
- منتصف الطريق
- سعدي يوسف وأحقية النقد للمثقف العراقي
- القدح المكسور
- اين عام الاعمار والبناء؟!!!
- على هامش الاتفاقية العراقية _الامريكية
- الكتاب العرب واشكالية شيعة العراق في العالم
- المرأة العراقية في الحوار المتمدن
- صحوة الكهرباء
- قمة دمشق ..تخاذل عربي ولعب على المكشوف
- الاعلام العراقي ..من يقرر مصيره؟
- انا ووالدي وعبد الكريم قاسم
- كيف تتخلص المرأة العراقية من مظلوميتها؟


المزيد.....




- برنامج الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل سوى 9 قوافل مساعدات ...
- قيس سعيد: من أولوياتنا مكافحة شبكات الإجرام وتوجيه المهاجرين ...
- -قتلوا النازحين وحاصروا المدارس- - شهود عيان يروون لبي بي سي ...
- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...
- هل يصوت مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المت ...
- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم
- عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في ال ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - علي جاسم - الشباب و بناء الدولة