شاعر الجغرافيا ! أفسد علماً فجعلوه رمزاً! - 5

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 09:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الاصولية الثقافية وثوابتها :
كما أن للكهنوت المتشدد اصوليته التي يرجع اليها مهما طال امدها ومهما وطاتها العصور وداستها الاحقاب ..
كذلك أصبح حال الثقافة – كما يبدو – لها ثوابت لا تتغير . مهما تهاوت الأعمدة التي قامت عليها . فان تلك الاعمدة تبقي شامخة في اعين دراويشها الاصوليين – المثقفين - .. ويحافظون عليها ولا يكفون عن الاستشهاد بها والاشادة بجمالها ..

وقد صار الدكتور جمال حمدان . ثابتة من الثوابت الثقافية وأصلا من أصولها التي لا تتزحزح . يستند الي أقواله المثقفون . من اليمين لليسار وبالعكس . رغم ان الكثير من تلك الاقوال لم يعد لها محل من الاعراب بعدما تغيرت امور وتبدلت احوال .. ويبقي الاصوليون في الثقافة . يرددون تلك اأقوال كما لو كانت حقائق ساطعة راسخة ! .

وهناك من المثقفين . من اذا اشترك في ندوة ثقافية . لكي يلوح للحضور بانه واسع الاطلاع عميق الثقافة ، يكفي أن يستشهد بشيء من الحمدانيات . قائلا: أستاذنا الدكتور جمال حمدان . يقول .. ..

وكنا قد رصدنا نموذجا لذلك جاء بجريدة الاهرام في مقال للدكتورة نعمات احمد فؤاد . تستشهد – بعد كثير من الاشادة – بأقوال اضحت جوفاء . خاوية تماما . وبطل مفعولها . قالها الدكتور جمال حمدان . وتقدمها الأستاذة . الدكتورة . بجراة وبثبات ، كما لو كانت تلك الاقوال التي فقدت صلاحيتها تماما . لا زالت خضراء يانعة كأعواد البرسيم أو كأوراق الخس الطازجة .. بينما هي جافة كالدريس أو كاعواد الحطب .. !

بحثت عن جريدة الأهرام لانقل للقاريء مقالا كتبته دكتور نعمات فؤاد من اقوال دكتور جمال حمدان . ليري بنفسه . وقد وجدت صعوبة في الحصول علي العدد الذي نشرت ذلك فيه بالجريدة حيث لا اتذكر بالضبط ان كان عام 2001 او 2002. وذهبت للبحث بارشيف الميكروفيلم بدار المحفوظات القومية بالقاهرة . ووجدت أنني ساحتاج لوقت طويل .. ولكنني فوجئت وقتها بأن دكتورة نعمات فؤاد تكرر مرة أخري ما قالته منذ عامين أو ثلاثة . 2001-2002 . في مقال نشر بالأهرام يوم 21-4-2004 . مما وفر علي مشقة التردد علي الميكروفيلم والبحث الطويل حيث لم أكن اتذكر تاريخ نشر المقال السابق بالضط .

وعنوان المقال " عيد سيناء و دكتور جمال حمدان " .
وكما نري . ربطت الدكتورة نعمات فؤاد بين سيناء ودكتور حمدان. كما لو كان هو من حررها ، او من عمرها أو خضرها ! . لا نقلل من دور الفكر في التحرير والتعمير والتخضير . ولكن لو كان له دور فعلي دفع للتحرير او التعمير . وليس مجرد الغناء والاطراء الدافع للنعاس الواهم والنوم المطمئن بينما الدنيا من حولنا تسير . فنصحو لنجد أن سنغافورة قد تقدمت علينا ، وان دبي قد سبقتنا ..! .

لقد اصبحت اقوال دكتور حمدان عند غالبية المثقفين غير قابلة للنقاش او البحث والدرس ولا مجرد التأمل والمراجعة للأشعار الجغرافية للدكتور حمدان .. مقدسات !

لن أنسي يوم سألني أحد الاسلاميين الأصوليين – ارهابي يقضي 15 سنة بالسجن . - واظنه لا يزال يكمل بقية المدة - عن رأيي في دكتور جمال حمدان . فلما قلت له انني أختلف معه . نظر الي بشراسة وعداء ..! كما لو كنت قد قلت له انني أختلف مع معلوم من الدين بالضرورة – حسب تعبيرهم - . أي ان جمال حمدان . قد صار رمزا مقدسا عند السلفيين أيضا ..

نعود لما كتبته دكتورة نعمات . التي تقول في بداية مقالها : " في عيد سيناء التي تتصدر التاريخ المصري وتتصدي لحمايته . وفي ذكري الدكتور جمال حمدان . الذي لا يغيب عن ذاكرة مصر .. "
الي أن تقول :" ويكتب عنها الدكتور حمدان فنرتشف مصر بين النغم فاسمعوه حين يقول فنسعد .. "

وذلك بعد ان تصف هي – دكتورة نعمات – سيناء بأنها نبضة في القلب ، وومضة من نور العين "

- الله .. الله ..
انه كلام شعر يصلح للاغاني العقيمة ! كلام لا أساس له من الصحة والصحيح فعلا هو أن سيناء طوال عهدنا بها صحراء جرداء مهملة ولم ننتبه لها الا بعد أن احتلها العدو وحولها الي مصايف ومشاتي ومنتجعات ومزارع .. هنا فقط بدأنا ننتبه اليها ..

تنقل لنا الدكتورة الاستاذة من أقوال دكتور حمدان . قولا عفا عليه الزمن . ومن المؤكد يا عزيزي القاريء أنك سوف تضحك ، وان كانت الدكتورة لم تضحك . بل تقدم هذا الكلام الخالي المفعول والمنتهي الصلاحية بجسارة وانبهار واكبار. وعلي صفحات أكبر صحف الدولة – الأهرام - !
فبينما تمد مصر يدها للجميع ، وتذهب الآن للجميع اما طلبا للقروض ، او طلبا للمعونة الاجنبية ، او طلبا لمنح لا ترد .. أو تذهب مصر الآن الي دول كثيرة طالبة اعفاءها من القروض او اعادة جدولتها أو املا في الحضور لاقامة مشاريع اسنثمارية بداخل مصر ، أو تذهب لدول اخري بحثا عن فرص عمل لشبابها وأولادها العاطلين .. بينما كل ذلك يحدث ، فاذا بقول عتيق قاله الدكتور جمال حمدان . تتحفنا به دكتور نعمات . يقول فيه :

" ان مصر عزلة بلا اعتزال . لا تذهب الي أحد . ولكن العالم لا ينفك يأتي الي مصر التجارة بالطبع . الهجرات والغزوات "
!! !!

وتصف الدكتورة . الكتاب الذي قال فيه دكتور حمدان . ذاك الكلام القديم العديم الصلاحية الآن - كتاب شخصية مصر " بالكتاب الجامع .. !
وتضيف لنا الدكتورة . " أقول ان بريق مصر يخطف الأبصار . ان مصر كثافة بلا هجرة "
.
ونعقب : والنبي ايه ؟! والله العظيم ؟! ايه الحلاوة دي ؟! ايه الجرأة دي ؟! ايه الجسارة دي ؟!
"
نستعير قول " بيرم التونسي " - بتصرف بسيط - :
" أهو ده الكلام اللي خارب كل بيت مالي ومركب الفقر أمثالك وأمثالي

وفي نفس العام الذي نشرت فيه دكتورة نعمات هذا الكلام 2004. نشر كلام أكثر صحة وواقعية في هذا الصدد بجريدة ايلاف الالكترونية . ننقله عن " صوت المهاجر " نيوجرسي . عدد يونيه/ يوليو 2004 . حيث يقول كاتبه الصحفي المصري :

" وخلافا للرؤية السابقة التي كانت تعتبر المصريين ليسوا من الشعوب التي تفضل خيار الهجرة باعتبار أن اصول القطاع الأكبر منهم تعود الي جذور ريفية . والفلاح بطبيعته وعبر خبراته التاريخية مرتبط بالأرض . غير من الواضح أن ثمة تغيرات كبري حدثت خلال العقود الماضية . اذ أصبح الآن مئات الاف من المصريين يلقون بأنفسهم سنويا الي المجهول بحثا عن فرصة استثنائية للغاية في التسلل الي اوربا . غير الدول المطلة علي المتوسط .. بواسطة قوارب الموت .
- ايلاف . نبيل شرف الدين – . نقلا عن " صوت المهاجر " .

ونقول : ان ما قاله دكتور حمدان . وانتهت صلاحيته ، كان صحيحا حتي عام 1967 فقط . وبعد نكبة عبد الناصر . تبدلت الأحوال . ومن المفروض أن دكتور حمدان . الذي رحل عام 1993 . قد عاش حتي علم تماما بانتهاء صلاحية كلامه هذا .. ولكن مادام دكتور حمدان قد صا رمزا . فما يقوله مهما انتهت صلاحيته يبقي أبد الدهر جواهرا وحليا نعلقها بصدورنا ! وحججا وبراهين نحاجج بها !
!! !!

// أولسنا نحن الذين يدرسون لنا بالمدارس كتابا مقدسا قديما انتهت صلاحيته يقول ان الأرض ثابتة لا تدور والشمس هي التي تجري مع القمر . هي و القمر . يجريان معا ..! وهذا كلام فضحه العلم منذ مئات السنين . وفي نفس المدارس يدرسون لنا أن العلم الحديث يقول العكس تماما ؟!!
فكيف لا يخرج من بيننا من يحملون أرفع الدرجات العلمية ويكتبون مقالات بأكبر صحف الدولة . ويهذون مثل ذاك الهذيان ..
// سور : الرعد 2 ، لقمان 29 ، فاطر 13 ، الزمر 5 ؟! // .

وتمضي دكتورة نعمات لتنقل لنا من أقوال دكتور حمدان " نظرية حضارة مصر من أصل خارجها . يسفهها أن القمة المنظورة هي ذروة تاريخ تطوري طويل . فتكون القمة مؤشر عراقة لا دليل استيراد أو حداثة . هل استوردنا الهرم ؟ هل استوردنا بنائين لبنائه ؟ "

تعليق : ليس الفتي من يقول كان أبي .. والأفضل هو أن ينهض المصريون المعاصرون ويساهموا بقدر عظيم في ركب الحضارة الحديثة . مساهمة تثبت أن المصريين هم بناة الاهرام حقا ..
..هذا هو الرد العملي علي نظرية ورود حضارة مصر القديمة من خارجها ..

الي أن تنقل لنا دكتورة نعمات عن دكتور حمدان " اذا كان الهرم بما وراءه من علوم وتفكير وعقائد ودلالات عطاء مصري . فهو شاهد حضاري علي سبقها "

تعليق : ان السبق الحضاري كمجد . هو حق من صنعوه - القدماء فقط - لا من قطعوه أو انقطعوا عنه . و نحن الذين لا نحسن التنقيب عن آثار مصر القديمة ولا نحسن صيانتها ولا نحسن ترميمها ولا نعرف كيف نعالج احدي المومياوات اذا مرضت . بل يتولي كل ذلك الغرب . ويتقنه أهل الغرب بأفضل منا .. هكذا لا نكون شرفا لمصر الاهرام ولا فخرا لبناة الأهرام .. واجترار ذاك الكلام والمباهاة به لا يزيد عن كونه مخدر يسلمنا للنوم . وجلد الذات فينا صار حراما . والحلال هو : كيها . لعل الكي يوقظنا. فننهض ونلحق بركب الحضارة والمدنية الحديثة ولو حتي كسنغافورة او تايوان .

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات