أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نجم الدليمي - الأخطار المحدقة للمعاهدة الأستراتيجية بين العراق وامريكا















المزيد.....



الأخطار المحدقة للمعاهدة الأستراتيجية بين العراق وامريكا


نجم الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 2380 - 2008 / 8 / 21 - 10:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



بقلم . الدكتور نجم الدليمي
خطة البحث
مقدمة.
أولا : - تساؤلات مشروعة؟
ثانيا :- النظام السابق وقرارات مجلس الأمن !!
ثالثاً :- إعلان مبادئ طويلة ألأمد بين الشكل والمضمون ؟
أ- في المجال السياسي والدبلوماسي .
ب- في المجال الاقتصادي.
ج:- في المجال الأمني .
رابعاً :- مواقف التيارات السياسية العراقية من المعاهدة الأستراتيجية .
أ- التيار القومي الكردي .
ب- التيار الشيعي .
1- موقف المرجعية الدينية .
2- موقف المجلس الإسلامي الأعلى .
3- موقف حزب الدعوة الإسلامية .
4 - موقف حزب الفضيلة الإسلامي .
5- موقف التيار الصدري .
ج- التيار السني- جبهة التوافق .
1 - موقف الحزب الإسلامي العراقي.
2- موقف رئيس جبهة التوافق .
3 - موقف القائمة العراقية .
4- موقف الكتلة العربية للحوار الوطني .
خامساً:- وجهة نظر : بعض الملاحظات على مواقف التيارات السياسية العراقية .
سادساً:- موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من المعاهدة الإستراتيجية .
سابعا :- بعض الملاحظات على موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من المعاهدة الإستراتيجية .
ثامنا :- وجهة نظر :- ملاحظات حول موقف قيادة الحزب الشيوعي من اقتصاد السوق .
تاسعا :- بعض مخاطر المعاهدة الإستراتيجية .
عاشرا :- أهم سمات المعاهدة الإستراتيجية .
الحادي عشر:- أسئلة مشروعة إلى بوش الابن .
الثاني عشر:- بعض مطاليب ا لحكومة الامريكية.
الثالث عشر :- الأهداف الحقيقية للمعاهدة الاستراتيجية .
الرابع عشر :-بعض الاستنتاجات والملاحظات .
أ- الاستنتاجات
ب- المقترحات .
الخامس عشر :- مصادر البحث .


مقدمة :-
يدور اليوم نقاشا حادا بين الأحزاب السياسية العراقية المشاركة في الحكم وغير المشاركة ، وكذلك بين المثقفين العراقيين بمختلف اتجاهاتهم الفكرية حول أخطر معاهدة استراتيجية يمكن أن يتم التوقيع عليها بين الحكومة العراقية وأمريكا . وكما يلاحظ من خلال هذه المناقشات العلنية والتي يتم الترويج لها من قبل مؤسسات إعلامية داخلية وخارجية ، بهدف إقناع الرأي العام العراقي بقبول هذه المعاهدة ، ولكن بنفس الوقت يلاحظ ، أن الشارع العراقي -- كما يقال -- وبحسه الوطني المعروف رافض لهذه المعاهدة .
إن الصراع الدائر بين الأحزاب السياسية العراقية حول هذه المعاهدة يحمل طابعا سياسيا واقتصاديا وأيديولوجيا، ولكن هذا الصراع لا يحمل طابعا عدائيا ، فالجميع سواء كان تيارا شيعيا أم سنيا قوميا عربيا أم كرديا ، هم مع توقيع المعاهدة ، ولكن أن وجد "اختلاف" فيكون سببه حول تقاسم النفوذ في السلطة والمال بالدرجة الاولى ،وهنا تكمن الكارثة ؟
يلاحظ أن الإدارة الأمريكية وحلفائها يصرون على توقيع المعاهدة في نهاية تموز عام 2008، وبنفس الوقت يطرح الاعلام البرجوازي نوعا من المقايضة : أما الخروج من البند السابع ، ويعني ذلك دخول العراق تحت الوصاية و الهيمنة الأمريكية لفترة طويلة عند توقيع المعاهدة ،او بقاء العراق تحت البند السابع ، وكما يلاحظ ان المفاوض الأمريكي يلمح للمفاوض العراقي بهذا الشكل او ذاك بالتهديد المبطن أحيانا ، في حالة خروج العراق من البند السابع وعدم توقيع معاهدة طويلة الأمد مع امريكا ، فأن العراق سوف يتكبد مبالغ مالية كبيرة يجب دفعها الى الدول والشركات والأفراد كتعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بهم وخاصة اثناء حرب الخليج الثانية . لقد دأبت الأدارة الأمريكية وكعادتها المعروفة على خلق " عدوا " وهميا للشعب العراقي على الصعيد الداخلي الا وهو " الأرهاب " هذا الأرهاب الذي تخطط له وتوجهه قوى خفية وثيقة الصلة بقوات الاحتلال ، ومع قوى اقليمية حليفة لقوات الاحتلال ، واصبحت هذه القوى معروفة للشعب العراقي .
ان النظام الأمبريالي العالمي بزعامة الولايات المتحدة هما المصدر الرئيسي للأرهاب السياسي والاقتصادي والفكري والعسكري في العالم ، وان الأرهاب نابع من الأساس الأقتصادي ــ الأجتماعي للنظام الأمبريالي العالمي . ان سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والمفاهيم التي تستخدمها امريكا ومنها على سبيل المثال " الأرهاب " ، يذكرنا بالحكمة الصينية القائلة ( اخراج القطة السوداء من الغرفة وهي غير موجودة ) . اما على الصعيد الأقليمي فان الاعلام البرجوازي العربي الحليف لامريكا والاعلام الغربي البرجوازي وخاصة في امريكا ، قد حدد بأن عدو الشعب العراقي اليوم هو ايران وسوريا ؟ في حين هناك دول اقليمية حليفة لأمريكا لديها اطماع توسعية في العراق ، لم يتم التطرق اليها اصلا ؟ .
أن العراق لم يكن حالة استثنائية ، فلو تم رفض تواجد قوات الاحتلال وبشكل مبدئي وصريح وعلني من قبل قادة الأحزاب السياسية العراقية ، وتم الاتفاق على مشروع وطني يهدف إلى إعادة أعمار العراق وإنهاء الغزو الأجنبي ، وإبقاء ثروات الشعب العراقي في يد الدولة وخاصة ( النفط والغاز) والعمل على تعزيز دور ومكانة الدولة في الميدان الأقتصادي ــ الأجتماعي وأقرار مبدأ تداول السلطة سلميا وغير ذلك ، لأمكن تحقيق نوع من الاستقرارالسياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وهذه هي الخطوة الأولى لبناء العراق وازدهاره في المستقبل ، وبالتالي لا توجد ضرورة لعقد معاهدة طويلة الأمد مع امريكا ، ولا توجد ضرورة لبقاء قوات الاحتلال الأجنبي .
ان سقوط النظام السابق على ايدي قوات الأحتلال الأجنبي قد شكل ظاهرة خطيرة في العلاقات الدولية ، وكان بالامكان تجنب ما حصلنا عليه اليوم وباسلوب آخر ، ولكن هذا لم يأت نتيجة الصدفة ، بل كان مخططا له مسبقا وتحت مبررات واهية من اجل تحقيق الأهداف المرسومة من قبل امريكا وحلفائها في المنطقة .
لقد حاولنا في هذا البحث طرح بعض الأسئلة المشروعة حول المعاهدة الأستراتيجية ، والتي تحتاج إلى إجابة من قبل قادة الأحزاب السياسية العراقية المؤيدة لها ، وكما تم التطرق إلى القرارات الدولية ومسؤولية النظام السابق وأمريكا وحلفائها في المنطقة وما آلت إليه من نتائج كارثية منذ الثمانينات من القرن الماضي ولغاية اليوم .
كما تم إبداء ملاحظات حول" إعلان مبادئ "والتي يكمن جوهرها الرئيسي في خضوع العراق أرضاً وشعبا ً تحت هيمنة القوات الأمريكية المحتلة ولفترة طويلة الأمد . وبنفس الوقت تم استعراض مواقف قادة الاحزاب السياسية حول المعاهدة ، حيث كانت مواقف متناقضة مع طموح وتطلعات الغالبية العظمى من الشعب العراقي .
و تم تبيان بعض المخاطر الجدية التي تضمنتها المعاهدة الأستراتيجية ، وموقف الحكومة العراقية منها ، كما تناولنا في البحث أهم السمات والأهداف الحقيقية لهذه المعاهدة ، وتم طرح بعض الاستنتاجات والمقترحات .








أولاً :- تســــــــــــــــــــاؤلات مشروعة :-


أن من حق أي مواطن عراقي غيور وحريص على مستقبل بلاده أن يطرح بعض الأسئلة المشروعة حول أخطر قضية هامة تحدد آفاق ومستقبل العراق أرضا وشعبا ً ، وأن طرح هذه الأسئلة يحتاج إلى إجابة واضحة وعلمية وموضوعية من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية في ظل وقوع العراق تحت هيمنة الغزو والاحتلال الأمريكي . أن من أهم الأسئلة التي يمكن طرحها هي الآتي :-
1- لمصلحة من يتم عقد المعاهدة العراقية – الأمريكية اليوم ؟ وهل من المنطق والمعقول أن يتم عقد المعاهدة في ظل هيمنة الاحتلال ؟
2- لماذا بدأت المفاوضات السرية بين العراق وأمريكا منذ 27-28/2/2008 وساد ذلك التعتيم والسرية الكاملة؟ ولماذا يتم تحديد موعد محدد و نهائي من قبل الولايات المتحدة لإقرار هذه المعاهدة المذلة في 31/7/2008 ؟
3- هل من المعقول والممكن أن يتم عقد معاهدة خطيرة في ظل غياب الوحدة الوطنية ومن وراء ظهر الشعب العراقي ، وفي ظل غياب التكافؤ وغياب الاستقرار السياسي والأقتصادي – الأجتماعي، أي بمعنى آخر في ظل ظروف الفوضى العارمة ، أن يتم توقيع أخطر اتفاقية تخص مستقبل الشعب العراقي اللاحق ؟
4- هل توجد ضرورة اليوم لعقد المعاهدة بين العراق وأمريكا ؟ ولماذا لم يتم نشر بنود المعاهدة أو المعاهدات وبشكل علني على الشعب العراقي وعبر وسائل الأعلام المختلفة إذا كانت النوايا صادقة من قبل الطرفين .؟
5- لماذا تبرم المعاهدة والعراق يرزح تحت نير الاحتلال الأجنبي، الذي يفرض شروطة وتحت طائلة التهديدات ؟
6- لماذا ترسل الحكومة العراقية وفودا عديدة " لدراسة" تجربة كل من اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول بهدف " الاطلاع" !!!على طريقة توقيع معاهدة الهيمنة والتبعية لهذه الدول ، فهل ظروف العراق اليوم مشابهة لظروف اليابان وكوريا الجنوبية عندما وقعّوا هذه المعاهدات ؟! إنها مفارقة غير موضوعية وغير موفقة ؟
7- هل أن إجبار الحكومة العراقية على توقيع المعاهدة هو ثمنا لما يسمى بقانون تحرير العراق . وهل خلق " النموذج الديمقراطي " في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يمر عبر الأحداث المأساوية والكارثية التي حلت بالشعب العراقي خلال الفترة 1980-1988 والفترة 1990-1991 والفترة 1992 – 2002 ، ومن أبريل عام 2003 ولغاية اليوم ، بهدف أن يكون العراق "مثالا" يحتذى به ؟! . وهل يمكن بعد كل هذا ان يتم تصديق مقولة " دمقرطة منطقة الشرق الأوسط "!!
8- هل سيفاجئ الشعب العراقي وقواه الوطنية بوجود أكثر من مسودة لهذه المعاهدة ؟ وهل توجد بنود سرية أخرى ؟كما حدث لقانون النفط والغاز، فهل سيتكرر هذا الأسلوب " الديمقراطي " مرة أخرى ؟.

ثانيا ً :- النظام السابق وقرارات مجلس الأمن الدولي .


يتحمل النظام السابق كامل المسؤولية عما حدث منذ عام 1980 ولغاية اليوم إذ تكبد الشعب العراقي خسائر بشرية ومادية وخراب اقتصادي واجتماعي وحتى أخلاقي لم يشهد لها تأريخ العراق المعاصر ، وأخطر ما يتحمله النظام السابق هو مجيء قوات الاحتلال الأجنبية ، فلولا غطرسته وعنجهيته لما حدث للشعب العراقي من كوارث ومآسي حقيقية دفع لها وسيدفع الشعب العراقي ثمنا باهظا ً .
يمكن القول أن الادارة الأمريكية وحلفائها في المنطقة قد دفعوا وأوقعوا رأس النظام وفريقه في أكثر من فخ قاتل ، فالفخ الأول الذي أوقع فيه رأس النظام السابق تحت مبررات واهية وكاذبة ، وعلى أساس ذلك أقدم النظام السابق إلى شن حربا غير عادلة ضد الشعب الإيراني ، ودامت 8 سنوات والحقت الدمار والخراب بالشعبين العراقي والإيراني وتكبد الطرفان خسائر بشرية ومادية لا مبرر لها ، وقد شكلت أطول حرب غير عادلة في القرن العشرين .وشكلت هذه الحرب إحدى نزوات الحاكم الطائش والمغرور والجاهل . فمن المستفيد من ذلك ؟
في 27/7/1990 ، التقى رأس النظام السابق مع السفيرة الأمريكية في بغداد أغلاسبي ودار الحديث بينهما حول الأوضاع السياسية في العراق والمنطقة، وعندما طرح صدام موضوع الكويت أكدت السفيرة و قالت له " لا تحتل الكويت وأرفع يديك عن هذا البلد ، ونحن لا نتدخل بخلافات حدودية بين بلدين ...... ينبغي أن لا تتدخل في الكويت ولا في أي بلد في أي مكان آخر .." .
كما قالت لرأس النظام السابق " أنا أمثل رئيس الولايات المتحدة... لكن ما كنت أخشاه هو أن يخطئ أو يسئ التقدير ... وأن الولايات المتحدة لا تزج بنفسها في موضوع هو من صميم القضايا الثنائية تخص العراق والكويت " وكما وصفت صدام حسين على " أنه كان جاهلاً لدرجة لا تصدق فقد صمم حزب ـ البعث ـ كبدلة له بحيث تكون شبيهة بالبدلات العسكرية، ونحن نعلم انه لم يقاتل ولا دقيقة واحدة ، ولم يدخل الجيش على الإطلاق ولم يكن يعرف شيئا عن الجيوش و انه مصاب بجنون العظمة وأعتقد أن كامل مسيرته السياسية نابعة من الرغبة في تجاوز ماضيه المهين ..."(1) .
إن صدام حسين قد فهم ما قالته السفيرة الأمريكية على انه الضوء الأخضر للقيام باحتلال دولة الكويت ، وفي 2/8/1990 تم غزو دولة الكويت من قبل الجيش العراقي وتم نهب وسلب وتخريب دولة الكويت ، وبعد ذلك شكلت الولايات المتحدة قوة دولية قامت بتحرير دولة الكويت وتكبد الجيش العراقي خسائر بشرية ومادية هائلة . وخلال الفترة من عام 1990 ولغاية عام 2003 جرى ما يلي : المرحلة الأولى، هي مرحلة تحرير الكويت من خلال قرار مجلس الأمن 660 في 2/8/1990وتحمل الشعب العراقي تعويضات مالية كبيرة قد تم دفعها إلى الكويت ودول أخرى ، والمرحلة الثانية ، هي مرحلة البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق ، واستمرت هذه المرحلة حسب قرار مجلس الأمن رقم 687 من 3/4/1991 ولغاية 9/4/2003 .
في آب عام 1990 ، أصدر مجلس الأمن قرار رقم 661 الذي بموجبة وضع العراق تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، على أساس أن العراق يهدد السلام والأمن الدوليين ويملك أسلحة دمار شامل . وفي 9/4/2003 ، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1483، وفي آيار 2003 أفضى الشرعية الدولية على الاحتلال وسلطته، وفي تشرين الأول عام 2003 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1511 نص على تشكيل القوات متعددة الجنسيات تحت قيادة واحدة أي تحت قيادة أمريكا وتم تجديد بقاء هذه القوات وفق القرار 1637 لعام 2005 ، ووفق القرار رقم 1723 لسنة 2006 ، وكما اصدر مجلس الأمن القرار رقم 1790 في 18/2/2007 مدد فيه تواجد القوات متعددة الجنسيات حتى 31/12/2008 (2) .
ويدور حديث الآن على أن الولايات المتحدة سوف تطلب من الحكومة العراقية تمديد بقاء قوات الاحتلال لعام 2009 ، وفي حالة موافقة السلطات التشريعية والتنفيذية سوف يصدر مجلس الأمن قرارا خاصا بذلك ، وهذا الأمر قائم اليوم وغير مستبعد ، لاسيما وأن هناك أكثر من قوة سياسية فاعلة ومشاركة في الحكم تؤيد بقاء قوات الاحتلال الأجنبي ، ولكل قوة سياسية أهدافها الخاصة بها .
لقد أثبت الواقع وبالملموس أن نظام صدام لم يملك أسلحة الدمار الشامل وأنه غير مؤهل بتهديد الأمن والسلام الدوليين .ومن غير المعقول أن يهدد أمن وسلام الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن كل الادعاءات والتقارير التي قدمتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والاستخبارات البريطانية وغيرها كانت غير دقيقة ومبالغ فيها وغير موضوعية ، وهذا لم يكن نتيجة صدفة أو غفلة من قبل هذه الجهات ، بل كان لدى أمريكا وحلفائها مخطط كبير وواسع ألا وهو ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير بهدف الاستحواذ على أهم منابع الطاقة في العالم وضمان أمن الكيان الأسرائيلي بالدرجة الأولى .
كما يمكن القول ، إن جميع القرارات التي صدرت بحق العراق والشعب العراقي لم تستند على أسس علمية وموضوعية ومصداقية وقد الحقت هذه القرارات أفدح الأضرار بالشعب العراقي وإقتصادة الوطني وعليه فأن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها يتحملون كامل المسؤولية القانونية والادبية فيما يخص الأضرار البشرية والمادية والخراب الذي لحق بالشعب العراقي والأقتصاد الوطني منذ عام 1980 ولغاية اليوم ، وبنفس الوقت فأن نظام صدام حسين وفريقة أيضا يتحملون المسؤولية عن كل ما حدث ويحدث اليوم للشعب العراقي . ومن خلال ذلك يمكن القول بأن كل ما حدث ويحدث اليوم للشعب العراقي منذ عام 2003 ولغاية اليوم تتحملة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة ولا توجد مبررات قانونية ولا مبررات شرعية دولية لبقاء العراق تحت الفصل السابع ، وتحت هيمنة قوات الاحتلال الأجنبي .

ثالثا:- إعلان مبادئ العلاقات الطويلة الأمد !! بين الشكل والمضمون ؟!


في 25/10/2007 ، وقع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الأمريكي جورج بوش – الأبن ، إعلان مبادئ العلاقة طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة وشمل إعلان المبادئ ثلاث مجالات هي :-
المجال السياسي والدبلوماسي ، والمجال الأقتصادي ، والمجال الأمني . أن من يقرأ إعلان المبادئ " يجد فيها صياغات وإلتزامات تفرح" القارئ ، ولكن على ألسياسي المحترف أن يقرأ إعلان المبادئ بماوراء السطور والمعاني إذ نلاحظ : -

أ - في المجال السياسي والدبلوماسي :-
تنص الفقرة "1" على ضرورة " دعم الحكومة العراقية في حماية النظام الديمقراطي في العراق من الأخطار التي تواجهة داخليا ً وخارجيا ً" . أما الفقرة( 2 )فتنص على " إحترام الدستور وصيانتة بإعتباره تعبيرا ً عن إرادة الشعب العراقي والوقوف بحزم أمام أية محاولة لتعطيله أو تعليقة أو تجاوزه ".
ان هاتين الفقرتين ، تعني من حق وصلاحية الولايات المتحدة التدخل المباشر واستخدام كل الوسائل المتاحة من أجل تثبيت النظام الحاكم في العراق ، وضرب أية قوة تعارض النظام ، بحجة إنها تهدد أمن وسلامة النظام الحاكم في العراق ، وكما يمكن تقويض الحكومة العراقية وتحت مبررات عديدة ، ومنها على سبيل المثال أنها لا تمارس الديمقراطية ولا تحترم الدستور ....
كما يمكن القول أيضا ، إن الولايات المتحدة يمكن إن تستخدم الفقرة (1،2) كسلاح فعّال في إضعاف وتقويض السلطة التنفيذية حسب المصالح الامريكية وتحت مبررات واهية منها خرق الديمقراطية والدستور ، الذي أقره الشعب العراقي ، وكما تؤكد الفقرة (3) على التدخل المباشر لأمريكا في الشؤون الداخلية وتنص هذه الفقرة على " دعم جهود الحكومة العراقية في سعيها لتحقيق المصالحة الوطنية "
أن المصالحة الوطنية شأن عراقي داخلي بالدرجة الأولى ويجب أن لا يستخدم لتحقيق أغراض سياسية أو أداة ضغط سياسية على هذا الطرف أو ذاك .
أن الفقرات الست الواردة في المجال السياسي والدبلوماسي تؤكد بعض الحقائق الموضوعية وفي مقدمة ذلك – أن لأمريكا اليد الطولى في التدخل في الشؤون الداخلية للشعب العراقي وكما تعكس هذه النقاط التناقضات الصارخة ، فمن جهة تؤكد على التدخل في الشؤون الداخلية للبلد ....، ومن جهة أخرى تؤكد على " عدم التدخل في الشؤون الداخلية" . فهل هذا التناقض الصارخ هو محض صدفة أم مقصود ؟؟ وهل هذا يتطابق مع مبدأ" حقوق الأنسان والديمقراطية التي تدعيها أمريكا " ؟؟ .
أن الهدف الرئيسي في هذا المجال هو أقامة نظام سياسي لبراليي في شكله ومضمونه مؤيد وغير معادي للنهج والمصالح الغربية بشكل عام ولأمريكا بشكل خاص ، و يجب أن تكون سياسة العراق على الصعيد الداخلي والأقليمي والدولي لا تتعارض والنهج السياسي والأقتصادي للأمبريالية الأمريكية على الصعيد الخارجي !! فهل هذا هو جزءا من ثمن ما يسمى بتحرير العراق !!؟ وهل هذه هي شروط "الديمقراطية الذكية " الأمريكية ؟!
ب - في المجال الأقتصادي :-
يشير "إعلان مبادئ" في المجال الإقتصادي في الفقرة (1) والتي تؤكد على " دعم العراق للنهوض في مختلف المجالات الإقتصادية وتطوير قدراته الأنتاجية ومساعدته للانتقال إلى إقتصاد السوق " وكما تنص الفقرة (4) على مساعدة العراق على الأندماج في المؤسسات المالية والأقتصادية على الصعيد الأقليمي والدولي " .
أن الفقرات ال(6) الواردة في المجال الأقتصادي تؤكد على حقائق موضوعية وهي التدخل المباشر من قبل الولايات المتحدة في رسم السياسة الأقتصادية والأجتماعية للشعب العراقي ، وتصدير وفرض الرأسمالية كنظام إقتصادي –اجتماعي للعراق نظام متخلف و تابع ومرتبط بالاقتصاد الرأسمالي العالمي ، والعمل على تسهيل دخول العراق إلى منظمة التجارة الدولية وبما يخدم الأقتصاد الرأسمال العالمي بشكل عام والأقتصاد الأمريكي بشكل خاص ، بهدف تصريف جزءا ً من أزمة النظام الأمبريالي العالمي ، والعمل على تحويل العراق الى بلد متخلف واقتصاد تابع ، مستهلك للسلع الرأسمالية والغذائية والكمالية ، وبلد مصدر لمواد الخام الأولية وخاصة النفط والغاز وإبقاؤه يدور في فلك الأقتصاد الرأسمالي العالمي وخاصة بالأقتصاد الرأسمالي الأمريكي المثقل بأمراضه وأزماته الدورية والقاتلة له . فهل هذا يتماشى مع ما تدعي به "رائدة الديمقراطية" من ما يسمى بحقوق الأنسان والديمقراطية والحرية ....؟! – فالمستقبل القريب سيكشف لنا حقائق مرعبة لم تظهر اليوم وسوف تظهر غدا ً أو بعد غد ، تدل على جرائم النظام الأمبريالي الأمريكي .
ج - في المجال الأمني .
تشير في مقدمة هذا المجال إلى " أن التحديات التي يواجهها العراق في المجال الأمني والتي تتمثل في محاربة الأرهاب ... والمخاطر التي تتعرض لها وحدة العراق وقدرته على ردع أي عدوان خارجي هي بطبيعتها تحديات تفرض إلزاما وتعاونا بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة إلى عدد القوات ومهماتها " .
أن مصدر الأرهاب الدولي وبكل أشكاله السياسية والأقتصادية والأجتماعية والآيديولوجية تتزعمه " رائدة الديمقراطيات " والأدلة لا تعد ولا تحصى على إثبات ذلك ، ومنها على سيبيل المثال : هي المسؤولة عن تأسيس ودعم وتدريب وإعطاء المعلومات إلى أسامة بن لادن زعيم مايسمى بتنظيم القاعدة ، الذي تم تأسيسه لمحاربة الجيش السوفييتي في أفغانستان ، والعمل على محاربة الدول الأشتراكية و الأنظمة الوطنية المناهظة لسياسة أمريكا أما اليوم قد أنقلب السحر على الساحر وهذه مسألة طبيعية تحدث بين " الحلفاء" وكما يلاحظ أن سياسة الأمبريالية الأمريكية منذ عام 1946 ولغاية اليوم كانت ولا تزال تقوم على اساس خلق عدوا وهميا لها على الصعيدين الداخلي والخارجي ، من اجل الحفاظ على وحدتها السياسية و الاجتماعية والجغرافية ، فهي على سبيل المثال ، وخلال فترة الحرب الباردة (1946 ــ1991 ) ادعت الادارة الامريكية بأن العدو رقم " 1 " لها هو ( الشيوعية) و( خطر موسكو ) و (الاتحاد السوفييتي )، وغير ذلك من الحجج الوهمية ، وبعد عام 1991 ، ابتكرت امريكا حجة جديدة لها بداية وليس لها نهاية الا وهي مكافحة ( الارهاب العالمي ) !!! .
لقد ابتدعت الولايات المتحدة عدوا جديدا لها في منطقة الشرق الاوسط الا وهي ــ ايران ــ ، اذ تؤكد ادارة بوش الأبن ، ان ايران تشكل تهديدا لأمن واستقرار امريكا وحلفائها في المنطقة، بما فيها العراق ، وان لايران اهداف واطماع توسعية اتجاه العراق ، ومن خلال هذه السياسة وهذه الحجج قد خلقت لها وللشعب العراقي عدوا جديدا لا بد من تقويضه وتحت مبررات واهية كما فعلت مع النظام العراقي السابق .
ان لايران اهداف محددة في العراق وحسب اللعبة الامريكية ، ولكن من غير المنطق والمعقول ان تقوم ايران باحتلال العراق ، وهي تدرك جيدا ان هذا العمل مستحيل تحقيقه وهو مرفوض من قبل الشعب العراقي والقوى الاقليمية والدولية .
ان فلسفة الادارة الامريكية تقوم على مبدأ ازدواجية المعايير ، فلماذا لا يتم الحديث عن دور واطماع تركيا التوسعية اتجاه الشعب العراقي ، فهي تستبيح أرض العراق وشعبه منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي ولغاية اليوم تحت حجة " مقاتلة " حزب العمال التركي ؟ هنا يطرح سؤال مشروع : ما هو الفرق بين اكراد العراق واكراد تركيا ؟ ولماذا لا تناضل اليوم امريكا " رائدة الديموقراطية " باعطاء حقوق الشعب الكردي في تركيا ؟ كما حصل الشعب الكردي في العراق على حقوقه ؟ ولماذا هذه الازدواجية والكيل بمكيالين ؟ وهل هذه السياسة غيرالعقلانية وغيرالعلمية هي اشارة وتهديد وضوء اخضر لقادة الشعب الكردي في العراق ؟؟ .
تشير الفقرة (1) في المجال الأمني على أن يتم " تقديم ضمانات أمنية للحكومة العراقية وإلتزام بردع أي عدوان خارجي يستهدف العراق وينتهك سيادته وحرمة أراضيه أو مياهة أو أجوائه " وكما تشير الفقرة (3) على " إلاستمرار في تدريب وتجهيز ودعم القوات المسلحة العراقية لتمكينها من أداء دورها في ضمان الأمن والأستقرار للمواطنين " .
أن الفقرات الثلاث الواردة في المجال الأمني تعني بالدرجة الأولى تسليم أمن الوطن والمواطن لقوات الأحتلال العسكري الأجنبي ، وأن أمن الحكومة العراقية والدفاع عنها هو من مهمة قوات الأحتلال ، وكما يمكن القول ، أبتدعت أمريكا اليوم للشعب العراقي العدو رقم (1) هو الأرهاب وإيران ؟! وهذا هو قميص عثمان !! أما بخصوص ردع أي عدوان خارجي ، فمن يقوم بذلك ؟ هل سوريا أم الكويت ، أم السعودية أم الأردن ؟ طبعا لا ؟ .
ان وزاراة الداخلية والدفاع والأمن العراقية هي المسؤولة عن تحقيق الأمن والأستقرار للشعب العراقي ، وهذه مهمة وطنية داخلية ، وليس من حق قوات الاحتلال التدخل في الشؤون الداخلية. ولكن الجهات العراقية المختصة عن تحقيق الأمن والأستقرار لا تملك ما هو ضروري من اجل تحقيق ذلك ، فالقوات الامريكية هي التي تعرقل وبشكل واعي تسليح الجيش العراقي بالأسلحة الحديثة ، لكي يصبح جيشا محترفا وقويا، وان يملك سلاحه المطلوب ، البري والجوي والبحري ، وتستخدم قوات الاحتلال الامريكية كل نفوذها وسلطتها في عرقلة أي صفقة سلاح تقدم عليها وزارة الدفاع العراقية ، وتحت ذرائع ومبررات وهمية، وخير دليل على ما حدث من صفقة سلاح مع صربيا.
ان قوات الاحتلال الامريكي تريد تسليح الجيش العراقي بأسلحة قديمة وغير فاعلة وباسعار خيالية مقارنة مع الأسعار العالمية، ولن تسمح قوات الاحتلال الامريكية لوزارة الدفاع العراقية بعقد أي صفقة سلاح مع أي دولة الا بعلمها وبموافقتها ، وهذا الموقف له عدة اسباب ، ولكن كلها تصب في صالح المجمع الحربي الصناعي الامريكي ولصالح صقور الحرب بالدرجة الاولى وليس لصالح الجيش العراقي !
أن جميع الفقرات الواردة في المجال السياسي والدبلوماسي والأقتصادي والأمني في " إعلان مبادئ" العلاقة طويلة الأمد تشكل مبادئ أولية واساسية تمهد لإجراء مفاوضات تفصيلية يجب ان تستكمل قبل 31/7/2008؟!
فلماذا تحدد الولايات المتحدة التوقيع على هذه المعاهدة في التاريخ الذي حددته هي بنفسها ؟ فهل هذا التأريخ هو ـ تأريخ مقدس ـ وخط أحمر لا يمكن تجاوزه ؟ وهل أن جميع الأمور مفروضة على الوفد العراقي والحكومة العراقية وان تعلن إستسلامها الكامل في هذا التأريخ و يجب أن تقبل بالمعاهدة الأمريكية مع تغيير طفيف في شكل المعاهدة ؟!

معاهدة أم معاهدتين ؟!

أن "المبادئ" التي حددت في ثلاث مجالات كما تم ذكرها تعني من حيث الجوهر أضفاء الشرعية الكاملة لقوات الاحتلال الأمريكي وحلفائها في العراق ، والتصرف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بإدارة شؤون البلاد السياسية والأقتصادية والأمنية ، وتحويل العراق الى محمية كاملة قابعة تحت هيمنة قوات الاحتلال الأمريكية . وكما يلاحظ ولغاية كتابة هذه السطور لدى الجانب الأمريكي أكثر من مسودة مشروع لمعاهدة طويلة الأمد .ومنها على سبيل المثال :-

مشروع مسودة المعاهدة الأولى :-

وهي اتفاقية خاصة تبين وتخص وضع قوات الاحتلال الأمريكي المتواجد في العراق ويرمز لها بـ "صوفيا " وهذه المسودة تحدد الجانب القانوني ومسؤوليات هذه القوات على أرض العراق ، وتضمن الحصانة القانونية لأفراد قوات الجيش الأمريكي وممتلكاته وكما تحدد صلاحيات قوات الأحتلال الأمريكية وحلفائها ، وهذه الأتفاقية لا تتطلب موافقة الكونغرس الأمريكي كما تريدها الأدارة الأمريكية اليوم .

مشروع مسودة المعاهدة الثانية :-

تحمل هذه المسودة الأطار الأستراتيجي طويل الأمد وتشمل كافة المجالات السياسية والأقتصادية والثقافية ...وعلى ما يبدو أن هذه المعاهدة والتي تم تحديد فترتها الزمنية "طويلة الأمد" هي مبهمة و أن فترتها الزمنية قد لا تستبعد من إرتباطها بعمر النفط العراقي ، وهو قرن أو أكثر بقليل ، وهذا هو الجوهر الرئيسي وهذا هو بيت القصيد ؟!(4).
لقد تم عرض " إعلان المبادئ " على البرلمان في تشرين الثاني عام 2007 وقد تم رفضها بشكل قاطع ، وبهذا الخصوص يؤكد عضو البرلمان العراقي محمد الدايني (حينما عرضت " إعلان المبادئ " على البرلمان على شكل وثيقة أولية للاتفاقية العراقية- الامريكية وبحضور نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ووزير الخارجية هوشيار زيباري ، تم رفضها من قبل البرلمان بشكل قاطع ") ثم قال أيضا ( إن هذه الأتفاقية تعني التخلص من الأحتلال والدخول في وصاية ، أي بمعنى خروجنا من البند السابع لندخل في أتفاقية طويلة المدى تقضي بوجود قواعد متعددة وكبيرة للقوات الأمريكية فضلا عن السيطرة على الأجواء العراقية بل السيطرة على مجريات السياسة العراقية بأصابع خفية ) (5 ).

رابعا مواقف التيارات السياسية العراقية من المعاهدة الاستراتيجية :-


إن دراسة وتحليل أي وثيقة سياسية كانت او إقتصادية او عسكرية ـ امنية من قبل أي حزب سياسي أو تكتل سياسي ، فهو سوف ينطلق في تحليلاتة وتصوراته لهذه الوثيقة من الآيديولوجية التي يعتنقها ويناضل من أجلها ، ولا يمكن أن يكون أي تحليل أو دراسة لأي وثيقة خارج أطار الآيديولوجية . وان حدث العكس فهذه هي الخيانة الآيديولوجية لهذا الحزب او ذاك .
يدور اليوم نقاشا وصراعا حادا بين التيارات السياسية العراقية ذات الآيديولوجيات المختلفة ، وترك هذا الصراع والأختلاف الآيديولوجي آثاره وبشكل مباشر على هذه المعاهدة ، إذ ظهرت ثلاث تيارات وثلاث مواقف رئيسية ، منها تيار مؤيد للاتفاقية وبحماس كبير ، وتيار معارض ورافض لهذه الأتفاقية ، وتيار متحفظ على بعض بنود هذه المعاهدة ولكن من حيث المبدأ هو مع الاتفاقية . ويمكن أن نعرض مواقف هذه التيارات الرئيسية ومن خلال تصريحات كبار السياسين وهي الآتي :-

أ - التيار القومي الكردي :-

أن قادة التيار القومي الكردي يؤيدون وبحماس كبيرعقد المعاهدة العراقية –الأمريكية ، و يرجع السبب الرئيسي في ذلك الى ان قادة هذا التيار قد حصلوا وحققوا الكثير من اهدافهم الرئيسية في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والاداري وحتى العسكري، وفي مقدمة اهم انجازاتهم هو حصولهم على الفيدرالية لاقليم كردستان دستوريا، كما حصلوا على تشكيل حكومة وبرلمان في كردستان العراق ، وبنفس الوقت حصلوا على اهم المناصب الرفيعة في السلطتين التنفيذية والتشريعية في الحكومة العراقية .
ان الحفاظ على هذه المنجزات وابعاد الخطر عنها يتطلب التأييد الكامل للمعاهدة العراقية الامريكية ، وان هذه المكاسب الكبيرة التي تحققت منذ عام 1991 ولغاية اليوم لا يمكن الحفاظ عليها الا من خلال وجود ضامن رئيسي لها الا وهو الولايات المتحدة الامريكية ، ومن خلال تواجدها الشرعي في العراق ، عبر التوقيع على هذه المعاهدة الطويلة الأمد !.
وبهذا الخصوص يؤكد النائب عن التحالف الكردستاني محمد قاسم خليل " نحن بحاجة ماسة أليهــا ( المقصود المعاهدة ) في هذه الظروف لأن سيادة البلاد مهددة .... مثل هكذا اتفاقيات مع الولايات المتحدة تعطي زخما إضافيا للحكومة العراقية لإمساك الأمور على الساحة العراقية ، فسيادة العراق مهددة في مجال الثروات من عدة دول مجاورة ...) (6).
وكما يؤكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري سوف " تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية إتجاه العراق بالمساهمة في إستقراره ودعمه للنهوض به من جديد والدفاع عن نظامه الديمقراطي والدستوري ليكون بلدا متحضرا ومتجددا بجميع المقاييس " (7) .

ب- التيار الشيعي :-

يلاحظ إن التيارالشيعي قد دخل في صراع وأقتتال داخلي ، ولعبت فيه عوامل داخلية وخارجية ، وهناك عدةأسباب لهذا الصراع الداخلي ، منها على سبيل المثال الصراع حول دور ومكانة كل طرف في السلطة التنفيذية والتشريعية ، وكذلك الموقف من تواجد قوات الاحتلال الأجنبي . وكما يلاحظ أن هذا التيار ا قد انقسم على نفسه إلى قسمين رئيسيين من حيث موقفه من المعاهدة ، فالتيار الصدري رفض المعاهدة من حيث المبدأ ، وموقف المجلس الأسلامي وحزب الدعوة، أبدوا تحفظات رئيسية على المعاهدة ولكنهم من حيث المبدأ هم مع توقيع المعاهدة ، وأن هؤلاء قد حددوا موقفهم من المعاهدة على أساس موقف المرجعية الدينية المتمثلة بالسيد علي السستاني .

1- موقف المرجعية الدينية :-

حددت المرجعية الدينية أربعة مبادئ رئيسية للمعاهدة والتي تمثلت بالآتي :- الحفاظ على كامل السيادة الوطنية ، وجود الشفافية والأجماع الوطني ، وطرح الوثائق على البرلمان لمناقشتها (8) .

2- موقف المجلس الأسلامي الأعلى :-

حدد المجلس الأسلامي الأعلى موقفه من خلال قيادته المتمثلة بالسيد عبد العزيز الحكيم إذ قال ( هناك إجماعا وطنيا على رفض الكثير من النقاط الواردة التي طرحها الجانب الأمريكي بسبب كونها تمس بالسيادة الوطنية ) وحدد المجلس الأعلى شروط عقد المعاهدة ومنها :- ان تحقق المعاهدة السيادة للعراق ، وأن يتم التوقيع بين بلدين كاملي الأستقلال والسيادة وليس بين بلد محتل وآخر يحتله ، وأن تتوفر الشفافية العالية من خلال المفاوضات ، وإعلان بنود هذه الأتفاقية على الشعب وأن يكون هناك إجماع عراقي ، وأن لاتكون هذه المعاهدة مدعاة لعدوان ينطلق من أرض العراق على بلدان الجوار (9).

3- موقف حزب الدعوة الأسلامي :-

أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في العاصمة السويدية أستكهولم بأن " الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة هو الغطاء الدولي لوجود قوات التحالف في العراق ، وهناك عملية مترابطة : قضية وجود القوات ، وقضية خفض الاموال ، وقضية الفصل السابع ، لذلك ، حينما أقدمنا على إعلان مبادئ إتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة كان واضحا ً في الأتفاقية ، وفي المبادئ العامة أن يخرج العراق من الفصل السابع ويعود إلى ما كان عليه قبل قرار 660 فصاعدا ، لا توجد حاجة لبقاء قوات دولية ، إنما العراق يختار بسبب بعض متعلقات الوضع الأمني ، أن يتفق مع الولايات المتحدة لتغطية هذه الأحتياجات ولكن كما هو مثبت في بنود الأتفاقية ، فأنها تتم بين الدولتين بسيادة كاملة ، السيادة على الأرض والأنسان والماء والهواء وهذا يعني انها يجب أن تكون خاضعة للارادة العراقية(10) " .
وكما أشار أيضا بأن المباحثات بين الطرفين قد وصلت إلى طريق مسدود ؟!

4 - موقف حزب الفضيلة الأسلامي :-

يشير رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الفضيلة حسن الشمري الى موقف الحزب من المعاهدة على أن تكون " الأولوية لمصلحة العراق أرضا وشعبا وحكومة ، ونطمح أن تكون الأتفاقية الأمنية وزمام الأمور العسكرية بـيد الحكومة العراقية وأن لا يكون هناك وجود للقواعد العسكرية داخل المدن ، وإذا كان من الضروري ذلك فتكون تلك القوات خارج المدن ، ويجب أن لا تكون طويلة الأمد، بحيث تتحمل أعباؤها الأجيال المقبلة ، ويمكن أن تكون قابلة للتجديد إذا ما كانت الظروف تستدعي هذا التجديد
ولا مبرر لمنح القوات الأجنبية حصانة ...نحن لسنا مع إعطاء حصانات للجانب الأجنبي الموجود في العراق " (11).

5- موقف التيار الصدري :-

أكد رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي نصار الربيعي إلى أن " الكتلة الصدرية مبدئيا ترفض هذه المعاهدة جملة وتفصيلا وتعتبر أن الأتفاقية وفقا للشرعية والقوانين الدولية ستولد ميتة " وكما أشار أيضا على أن " العراق حاليا تحت الوصاية وفق احكام البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ومن ثم فأن أية أتفاقية تفرض عليه لا تكتسب شرعيتها القانونية فالعراق لا يتمتع بالسيادة الكاملة حاليا ً " ثم أكد يجب " أن ترفع ضغوطات البند السابع ويتمتع العراق بأستقلالية كاملة ليكون حرا بالأتفاق مع أي دولة " (12) .

ج- التيار السني- جبهة التوافق:-

الحزب الأسلامي العراقي :

أكد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية موقف حزبه في عمان في 29/5/2008 إلى أن (الأجتماع الأخير للمجلس السياسي للأمن الوطني الذي عقد في 26/5/2008 ، إذ خرج بإجماع الأطراف السياسية المختلفة على أن السيادة العراقية خط أحمر لايمكن تجاوزه وأوضح أن موضوع الأتفاقية بعيدة الأمد في نهاية المطاف من يتخذ القرار في هذا الموضوع هم العراقيين أنفسهم ...) .
كما أكد الهاشمي على أن " وجود رغبة للدخول في أتفاقية بعيدة الأمد مع الولايات المتحدة لتعويض العراق عن كل ما فاته من فرص الحياة والتقدم ، وأن الحزب يرفض الدخول مع أية دولة من دول العالم في أي أتفاق يخل بالسيادة الوطنية هذا بالنسبة للحزب وجبهة التوافق خط أحمر لايمكن تجــاوزه " ، ثم قال " أن الأتفاقية إذا حصلت وثبت إنها لا تتعارض مع السيادة الوطنية فأن من الضروري المصادقة من قبل مجلس النواب " .
ثم أشار الهاشمي إلى أن " وجود بنود عديدة تتقاطع مع السيادة الوطنية خاصة عندما يكون قرار جلب قطعات ومعدات عسكرية وأجهزة من دون رقابة الدولة ، أو وجود جيش دولة أجنبية على الأراضي العراقية في عدد من المعسكرات ، وقال أن بلاده تسميها قواعد وهم (أي الأمريكان يسمونها معسكرات ربما تتجاوز 400 موقع فضلا ً عن الحصانة التي تعطي للجندي الأجنبي والشركات الأمنية الخاصة وعدم خضوع من يوجد على الأراضي العراقية إلى سيادة القانون العراقي ) (13) .

2: - موقف رئيس جبهة التوافق :-

أشار عدنان الدليمي ، رئيس جبهة التوافق العراقية إلى أن " الأتفاقية الأمنية طويلة الأمد والمزمع توقيعها بين بغداد وواشنطن ستؤدي إلى حماية العراق من أي إعتداء خارجي " وكما أكد الدليمي على أن " بنود الأتفاقية تؤدي إلى تحقيق الأمن والأستقرار في العراق وحمايته من التدخلات الخارجية "(14) .
نعتقد أن الدكتور الدليمي يقبل بتوقيع المعاهدة مع أمريكا لأسباب كثيرة ومنها موقفه السلبي والمتشدد من النظام الأيراني " وصداقتة " الحميمة مع أمريكا وخاصة في الفترة الأخيرة وله ما يبررذلك ...؟! وإلا أي عدوان خارجي يمكن أن يهدد العراق ؟ فلماذا لم ينتقد التدخلات المباشرة للنظام التركي في شمال العراق ولمرات عديدة ؟.

3- موقف القائمة الوطنية العراقية :
يشير أياد علاوي رئيس القائمة العراقية " نحن بحاجة إلى أقامة علاقات إيجابية مع كل بلدان العالم والتعاون والتنسيق معها ... وامريكا من الدول الرئيسية في العالم ، وعلينا أن نحافظ على علاقاتنا وصداقتنا مع كل بلدان العالم ، ولكن المسائل التي تتعلق بالحماية والأمن والسيادة والتوازن الأقليمي يجب أن تتم وتناقش بحذر شديد ، ولكني لم أجد أي وضوح حول " لماذا هذه الأتفاقية الأن ؟ ولا حتى أمريكا لديها صيغة جاهزة متكاملة حسب معلوماتي " !! وأضاف قائلا " حتى الآن لايوجد شيء متفق عليه ، والحكومة العراقية طلبت أن يكون هذا العام أخر مهلة لوجود القوات التي تغادر العراق نهاية العام الحالي ، والمشكلة كلها تقع في عدم توفير الأمكانيات للعراق للبدء في بناء قواته المسلحة حتى يكون في مأمن ومن دون الحاجة للاعتماد على قوات اجنبية " (15).
أن الولايات المتحدة الامريكية غير جادة في تسليح الجيش العراقي بكل مايحتاجه كجيش محترف ، وهي دائما تضع العراقيل أمام الحكومة العراقية من أجل عدم قيام جيش عراقي حديث ومسلح بأحدث الأسلحة الحديثة ( دبابات ، طائرات ، مروحيات ...) ويعود موقفها لأسباب عديدة تفهمها الأدارة الأمريكية جيدا ً ، فلو تحقق ذلك ، لا تبقى اية ضرورة لبقاء قوات الأحتلال الاجنبية ، ومما يؤسف له ،أن بعض الاطراف السياسية العراقية تؤيد موقف أمريكا سواء كان ذلك بشكل علني أو غير علني ولأسباب خاصة بها ؟! .
يشير أسامة النجيفي عضو البرلمان العراقي وعضو القائمة العراقية إلى أن "هذه الأتفاقية لم تظهر حتى الآن وبشكل علني ، هناك مفاوضات سرية بين الحكومة والجانب الأمريكي ... ولكن هناك موضوع مبدئي هو أن البلد الآن ليس في حالة سيادة كاملة فسيادة العراق منقوصة بأعتباره خاضعا ً لأحكام البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، وفي الوقت نفسه هناك قوات اجنبية كبيرة متواجدة على أرض العراق وهناك تدخلات اقليمية ودولية خطيرة في الشأن العراقي ... فلا زلنا في مراحل مبكرة من بناء الدولة العراقية ، لذا نجد ان هذا الوقت غير مناسب لعقد أتفاقيات بعيدة الأمد مع أي دولة سواء كانت الولايات المتحدة أو اية دولة أخرى "(16) .

4 - موقف الكتلة العربية للحوار الوطني :-

أشار الدكتور محمد تميم عضو جبهة الحوار الوطني إلى أن " عقد أية إتفاقية أو معاهدة مع أي دولة في الوقت الحاضر غير ملائم وغير مناسب فالمفروض أن المعاهدات تعقد بين طرفين متكافئين، فالولايات المتحدة حاليا موجودة على الأراضي العراقية من الناحية المدنية والعسكرية متمثلة باكبر سفارة لها في العالم [يبلغ عدد موظفي السفارة الأمريكية في بغداد 3000 موظف ] وأكبر عديد لقواتها العسكرية وفي القانون الدولي المعاهدات تعقد بين أطراف متكافئة وفي ظروف طبيعية "(17) .

خامٍــــــــــسا :- وجهة نظر : بعض الملاحظات على مواقف التيارات السياسية العراقية :-


لقد تم عرض مواقف قادة الكتل والأحزاب السياسية الرئيسية والمشاركة في الحكم ، وهذه المواقف هي مواقف معلنة للشعب عبر وسائل الأعلام المختلفة والرسمية ، ومن خلال هذه المواقف يمكن إبداء بعض الملاحظات على هذه المواقف وهي كالآتي :-
1- يلاحظ ان الكتل والاحزاب السياسية قد أنقسمت على نفسها اتجاه أخطر مسألة تمس سيادة العراق ومستقبله ألا وهي توقيع المعاهدة ، فالتيار القومي الكردي أيد المعاهدة وبالكامل ، أما التيار الشيعي ، فقد انقسم على نفسه حول هذه المعاهدة فالتيار الصدري رفض ويرفض المعاهدة ، أما موقف المجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة برئاسة نوري المالكي وحزب الفضيلة فهم لم يرفضوا المعاهدة من حيث المبدأ ولكن لديهم بعض التحفظات على بنود هذه المعاهدة وبالتالي فأن أغلبية الأحزاب الشيعية موافقة على المعاهدة .
أما التيار السني فهو ايضا قد أنقسم على نفسه ولكن بدرجة أقل مما حدث في التيار الشيعي ، فالهاشمي يؤيد المعاهدة مع اجراء بعض التغييرات على بنودها ، وعدنان الدليمي يؤيدها بالكامل ، ونعتقد أن موقفه المتشدد جاء بالضد من جمهورية إيران وتحت ضغوطات داخلية وخارجية عربية وغير عربية .
أما القائمة العراقية فليس لديها موقفا موحدا ، فمواقف اعضاؤها يتراوح بين التأييد للمعاهدة مع إجراء بعض التعديلات على بعض البنود وبين المتحفظ على المعاهدة .
أن هذه الأنقسامات داخل الكتل والأحزاب السياسية فيما يخص موقفها من المعاهدة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وبالضد من طموحات وآمال الشعب العراقي وهذه اللوحة الشائكة والمعقدة هي نتيجة لضغوطات داخلية وأقليمية ودولية .!
2- أن الغالبية العظمى من الأحزاب السياسية العراقية وبكل تياراتها الشيعية والقومية ( العربية والكردية ) تؤكد على أهمية السيادة الوطنية للعراق وعدم المساس بها ؟ ولكن هل أن هذه المواقف المعلنة جاءت عن قناعة راسخة أم مزايدة سياسية وخاصة وأن الجميع ينتظرون إجراء الأنتخابات لمجالس المحافظات ، فهل سيقع الشعب العراقي في الفخ من جديد ؟ فالمستقبل القريب سيكشف لنا حقيقة ذلك – طبعا – إذا تمت الأنتخابات . !!
3- أن الغالبية العظمى من الشعب العراقي يرفضون المعاهدة العراقية- الأمريكية طويلة الامد ، والسبب الرئيسي يعود إلى إعتقادهم الموضوعي على أن جميع المشكلات وتفاقم الأوضاع السياسية ، والاقتصادية – الاجتماعية والأمنية هي بسبب تواجد قوات الاحتلال الأجنبي ، وان الغالبية العظمى لم يحصلوا على البديل الأفضل [طبعا – أن النظام السابق قد اجرم بحق الشعب العراقي عبر حروبه غير العادلة والحصار الأقتصادي الجائر ومجئ قوات الأحتلال الأجنبي وما أرتكبته هذه القوات من جرائم ضد الشعب العراقي ] من الناحية الأقتصادية والأجتماعية والأمنية .
4- أن جميع الكتل والأحزاب الدينية والقومية ( العربية والكردية ) لم يتطرقوا إلى المخاطر الكارثية للجانب الأقتصادي في المعاهدة ، وعواقبه الوخيمة في الميدان الاقتصادي والأجتماعي ، فالجميع متبنون آيديولوجية أقتصاد السوق ، أي انهم مع بناء الرأسمالية الوحشية التابعة والمتخلفة ، وهذا يعني ايضا أنهم يؤيدون تطبيق وصفة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المأساوية التي حلت على شعوب البلدان النامية وشعوب جمهوريات الأتحاد السوفيتي وبلدان أوربا الشرقية بالكوارث الاقتصادية والاجتماعية ، فلماذا كل هذا الأصرار على تطبيق أسوء وصفة عرفها التأريخ الحديث ؟! .

ســـــــــــادســــــــا :- موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من المعاهدة .


من حيث المبدأ ، يجب أن يكون موقف الحزب الشيوعي العراقي وخاصة في القضايا الأستراتيجية والهامة مختلف عن مواقف بقية الأحزاب البرجوازية العراقية وبكل ألوانها ومسمياتها ، لانه يستند على آيديولوجية علمية وله إستقلالية فكرية وسياسية ، أن كل ذلك يساعده على التحليل العلمي وأتخاذ الموقف السليم والصحيح والمبدئي وبدون ذلك يمكن أن تكون المواقف المبدئية ينتابها الضعف والأبتعاد عن الثوابت ، ويجب أن لا يتأثر موقف الحزب المبدئي تحت أي ظرف قد يكون طارئ أو ممارسة ضغط من هذا الطرف أو ذاك عليه . وعليه سوف نعرض موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من أخطر معاهدة يواجهها الشعب العراقي اليوم . أن " أستراتيجية الحزب الشيوعي العراقي في هذا المجال واضحة وتقوم في اطارها العام على تبني الدعوة والعمل من أجل أن يتمتع بلدنا بكامل السيادة والأستقلال وأن تاخذ القوات المسلحة العراقية على عاتقها مسؤولية الدفاع الوطني وحماية حدوده وأحلال الأمن والأستقرار في ربوعه وأن ينتهي أي وجود عسكري على أراضينا أيا كان شكله ومهما كان أسمه (18). لقد حدد الحزب الشيوعي العراقي الأستراتيجية السياسية العراقية الوطنية للمرحلة المقبلة ، مرحلة المفاوضات والتي لابد من أن تنطلق وتستند إلى ما يلي :-
(( 1- التمييز بوضوح تام بين مرحلة الحل النهائي والتسوية المرحلية في هذه الحقبة الأنتقالية [لإخراج العراق من البند السابع وتبعاته ]. فالحل النهائي لا يتحقق إلا باقامة عراق حر ومتحرر من أي وجود عسكري أجنبي …أن أي إتفاقية بين الطرفين يجب أن لا تؤسس بأية صيغة من الصيغ أو تحت أي مبرر، لآقامة قواعد أو وجود دائم لقوات أجنبية على الأراضي العراقية .
2- ".. أن أي تفاوض مع الولايات المتحدة يجب أن ينصب في كيفية الأنسحاب العسكري من الأراضي العراقية عبر جدول زمني محدد ".
3- إعتبار المؤسسات التي تشكلت بأرادة وأتفاق العراقيين ( البرلمان ، هيئة الرئاسة ، الحكومة ) هي المرجعية الوطنية القانونية والسياسية وصاحبة القرار السياسي .
4- أن النجاح في التصدي لإستحقاقات المرحلة المقبلة يتطلب إعادة الثقة بين جماهير شعبنا والمؤسسات الوطنية السياسية والحزبية وتفعيل دور الجماهير في الحياة العامة وفي القرار السياسي .
5- أن الأتفاق على أية قضية وطنية كبرى تخص عموم الشعب العراقي .. يتطلب الصراحة والوضوح والألتزام وتعزيز وحدة الشعب العراقي وكما يتطلب من الحكومة العراقية تهيئة مستلزمات تحقيق موقف وطني موحد … وتشكيل الوفد المفاوض وحسن إختيار أعضائه وكفائتهم وأن يكون واسع التمثيل … وأن لا يكون فريقا ً غريبا عن مشروع التغيير المطلوب في العراق )) (19) .
ويشير المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في إجتماعه في 29/5/2008 إلى أن " الحكومة تواجه مشكلة كبيرة في المفاوضات مع الجانب الأمريكي . هناك أستعصاء كما يبدو ، ولكن لاشيئا معروفا عن ذلك ، فالحكومة تعتمد التعتيم ، ومن الواضح أن الحكومة الأمريكية تسعى إلى فرض شروط لايمكن قبولها ، ولا تريد الألتزام بتقديم تعهدات كبيرة للعراق ، إذا كان ذلك يتطلب منها إستحصال موافقة الكونغرس الذي تقف أغلبيته ضدها ، ويدور نقاش الآن حول جدوى الأتفاقية ، إذا كانت بهذه الصورة وهناك حملة كبيرة ضد توقيع الأتفاقية تتزعمها إيران وقوى دينية مثل الحائري وحتى نصر الله صرح ضدها ، فيما أصدر مقتدى الصدر إلى جماعته تعليمات بالتظاهر ضد الأتفاقية بعد كل صلاة جمعة ، كما أن مرجعيات أخرى تبدي ترددا " .
وكما تشير النشرة الداخلية للمكتب السياسي " نحن قلنا بوضوح أن أي إتفاقية تعقد يجب أن تحترم القانون الدولي … ومن جانب آخر لابد من عقد إتفاقية مع الولايات المتحدة . [ التأكيد والخط من الباحث ] لكن هذا لا يعني التهالك على عقدها بسرعة " (20) .
يشير حميد مجيد موسى سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي الى انه " إذا كانت الأتفاقية ضرورة لتنظيم العلاقات العراقية- الأمريكية ، لابد من أن تبنى على أسس وبنود مهمة أولها إحترام القواعد الدولية ، وحق الشعوب في تقرير مصيرها دون التدخل من أية دولة أخرى ، إذ يجب أن تبنى على أساس التكافؤ والمساواة والندية واحترام ارادة الشعوب واستقلالها " (21).

ســــــــــابعا :- بعض الملاحظات على موقف قيادة الحزب من المعاهدة الإستراتيجية .


أن الصراع الفكري داخل الحزب هو شيء هام وضروري ، ومن خلال ذلك يمكن أن يتم تقويم سياسات ومواقف الحزب من أجل تعزيز دور ومكانة الحزب في المجتمع والحفاظ على الثوابت المبدئية ، وإنطلاقا من ذلك ، نورد بعض الملاحظات على مواقف قيادة الحزب في الميدان السياسي والأمني من المعاهدة وهي كالآتي .:-
1- إن موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي لن يختلف كثيرا عن مواقف بقية الأحزاب والتيارات السياسية العراقية ، فالغالبية العظمى هم مع توقيع المعاهدة مع إبداء بعض التحفظات وأن الجميع أكدوا على الجانب السياسي والأمني و"أغفلوا" الجانب الأقتصادي الهام من المعاهدة ، فالجميع هم مع إقتصاد السوق الرأسمالي ومع الليبرالية الجديدة .. ويرجع سبب ذلك إلى انحيازهم الطبقي والفكري للرأسمالية ، فهل قيادة الحزب مع ذلك ؟ .
2- تؤكد قيادة الحزب على " إعتبار المؤسسات التي شكلت بأرادة وأتفاق العراقيين … هي المرجعية الوطنية والقانونية والسياسية وصاحبة القرار السياسي " أن هذا التشخيص من الناحية النظرية مقبول ، ولكن من الناحية العملية وبالملموس مبالغ فيه ، ولايمكن أن يتحقق ذلك في ظروف الأحتلال الأجنبي وليس خافيا على أحد أن أغلب هذه المؤسسات أن لم نقل جميعها لاتملك حرية القرار السياسي أو الاقتصادي الكامل فالأيادي مقيدة من حيث المبدأ والواقع ، وهذه هي حقيقة موضوعية ، وهناك عشرات بل مئات الادلة والبراهين تؤكد على ذلك واغلبها معروفة للشارع العراقي ولا يمكن أنكارها .
3- تشير قيادة الحزب على " أن الأتفاق على أية قضايا وطنية كبرى تخص عموم الشعب العراقي وأن يكون واسع التمثيل … وأن لا يكونوا فريقا غريبا عن مشروع التغير المطلوب في العراق "
من الأجدر على قيادة الحزب أن تحدد من هي القوى السياسية العراقية التي يجب أ ن تشارك في الوفد العراقي للمباحثات مع الجانب الأمريكي .بما فيها قيادة الحزب إذا كانت هناك ضرورة والأبتعاد عن العمومية مثل " أوسع تمثيل " وكذلك لابد من توضيح مالمقصود ب" الفريق الغريب " وما المقصود بمشروع التغيير المطلوب في العراق . ولمن ولمصلحة من يتم ذلك التغيير ؟! .
4- من الضروري على قيادة الحزب أن تبتعد عن التناقض والغموض في المواقف السياسية والمبدئية ، فمن جهة تطالب قيادة الحزب " إقامة عراق ديمقراطي ومتحرر من أي وجود أجنبي …"وبنفس الوقت يتم التأكيد على " أن الحكومة ألأمريكية تسعى إلى فرض شروط لايمكن قبولها ولا تريد الألتزام بتقديم تعهدات كبيرة للعراق .." وكما يلاحظ أيضا يتم التأكيد على " أن أي إتفاقية يجب أن تحترم القانون الدولي ,,," وبنفس الوقت تؤكد قيادة الحزب " لابد من عقد اتفاقية مع الولايات المتحدة ، ولكن هذا لا يعني التهالك على عقدها بسرعة " ؟!
5 - هل من المعقول والمنطق أن نطالب أو نتمنى شيء أو أشياء معقولة ومنطقية ، من أن تنفذها ألامبريالية الأمريكية وحلفائها ؟ ومن حقنا أن نتسائل : متى ألتزمت أمريكا باحترام القانون الدولي ؟ ومتى أصبحت أمريكا:" رائدة الديمقراطية "!! تقر بمبدأ حق تقرير المصير للشعوب ؟ ومتى ألتزمت أمريكا باقامة علاقاتها مع الدول الأخرى على أساس التكافؤ والمساواة واحترام إرادة الشعوب ؟ ! فاذا كان كل ذلك وغيره ممكن ان تلتزم به الأمبريالية الأمريكية فماذا نقول عن شهداء الحركة الشيوعية العالمية والعربية والعراقية ؟ وماذا نقول عن شهداء الحركة الوطنية في البلدان النامية ؟ فهل كان استشهاد هؤلاء الأبطال في غير محله "؟ .
أن تأريخ الولايات المتحدة الأمريكية مليىء بالحروب والكوارث والمذابح وتعذيب واستغلال الشعوب ، فمن قتل الهنود الحمر ؟ ومن يتحمل الحروب غير العادلة التي وقعت في القرن العشرين ؟ ومن يتحمل اليوم مايحدث في العالم الملتهب والقابل للانفجار ؟ ومن يتحمل ما يحدث في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام وبالعراق بشكل خاص ؟ .
أن النظام الأمبريالي العالمي بقيادة الأمبريالية الأمريكية يتحملان كافة المآسي وعذابات وموت الفقراء في العالم وجرائم هذا النظام ضد الشعوب المسالمة لا تعد ولا تحصى وهي معروفة حتى لمن ابتدء بالعمل السياسي .
لا بد من القول ، أنه كلما إبتعد أي حزب شيوعي عن نطريته العلمية ، النظرية الماركسية اللينينية ، سوف يقع في مطبات وأزمات فكرية خطيرة وسيكون ذلك لصالح خصومه الآ يديولوجيين وخير دليل على ما قام به كل من غرباتشوف وياكوفليف وشفرنادزه ويلتسن وغيرهم الذين خانوا شعبهم وفكرهم وحزبهم وارتموا بأحضان الغرب الأمبريالي واطلق عليهم لقب " عملاء النفوذ " .

ثامنا :- وجهة نظر . بعض الملاحظات على موقف قيادة الحزب الشيوعي من إقتصاد السوق .


يشير اعلان مبادئ العلاقة طويلة الأمد في المجال الأقتصادي الفقرة (1)إلى دعم العراق للنهوض في مختلف المجالات الأقتصادية ... ومساعدته في الأنتقال إلى إقتصاد السوق ، أي إقتصاد السوق الرأسمالي ، وكما تشير الفقرة (4)إلى مساعدة العراق على ألإندماج في المؤسسات المالية والأقتصادية الدولية على الصعيد الأقليمي والدولي .
يلاحظ من خلال هذه الفقرات مايلي :-
1- أن قيادة الحزب الشيوعي العراقي من خلال الوثائق والتصريحات المعلنة لم تتطرق إلى الفقرة (1) فيما يتعلق في الأنتقال إلى " إقتصاد السوق " وهذا يتطابق بالكامل مع مواقف الأحزاب البرجوازية العراقية ؟! .
2- أن الموقف يتناقض من حيث المبدأ مع الهدف النهائي للحزب ، فحسب جميع وثائق ومؤتمرات الحزب فهي تؤكد على بناء الأشتراكية في العراق ، وهذا ما أكده المؤتمر الثامن للحزب ، فكيف يتم النضال من اجل اقامة الأشتراكية في حين لم يتم رفض اقتصاد السوق الرأسمالي ؟! .
3- أن الموافقة على الأندماج في المؤسسات المالية والأقتصادية الدولية ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ... يعني من حيث المبدأ الألتزام بأهداف هذه المؤسسات الكارثية على الشعوب الفقيرة . وأن هذه المؤسسات تشكل الأركان الأقتصادية والمالية والتجارية للنظام الأمبريالي العالمي وكما تشكل أيضا ادوات نهب واستحواذ وافقار للشعوب وهناك ادلة لا تعد ولا تحصى تؤكد صحة ذلك وهي ليست سرية اصلا .
4- كما هو معروف ، أن هذه المؤسسات الدولية تقاد وتوجه سواء بشكل مباشر او غير مباشر من قبل الادارة الامريكية بهدف تصريف ازمة النظام الامبريالي العالمي وخاصة ازمة الاقتصاد والمجتمع الامريكي ، وكما تسعى هذه المؤسسات الى تصدير وفرض نموذج راسمالي تابع ومتوحش على شعوب البلدان النامية وخاصة في مرحلة الأمبريالية .
5- أن الأنتقال إلى إقتصاد السوق حسب "إعلان المبادئ " يعني من حيث المبدا تطبيق وصفة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجوهر هذه الوصفة " السحرية" يكمن بلبرالية الأسعارولبرالية التجارة وتنفيذ برنامج الخصخصة سيء الصيت وأضعاف وابعاد دور الدولة الأقتصادي والأجتماعي والعمل على إلغاء مجانية التعليم والصحة . .. وتقليل الأنفاق الحكومي العام والعمل على إلغاء دور ومكانة القطاع العام وبالمقابل العمل على تعزيز دور القطاع الخاص في الأقتصاد الوطني واعتباره " المهم والحيوي " .
6- أن من أخطر النتائج الأقتصادية والأجتماعية للانتقال إلى إقتصاد السوق ، كما اثبتت وبالملموس تجربة رابطة الدول المستقلة ( جمهوريات الأتحاد السوفييتي ) هو الأنهيار شبه الكامل للقطاعات الأنتاجية المادية وخاصة الصناعة والزراعة ، وتحويل البلد الغني إلى بلد فقير ، وتحويل البلد الى سوق لتصريف " الفائض " من الأنتاج في الغرب الأمبريالي ، وبنفس الوقت يصبح هذا البلد بلدا مصدرا لمواد الخام الأولية (نفط غاز وغيرها .. ) وبلدا مصدرا للكفاءات والمهارات العلمية والفنية ، وتفشي معدلات البطالة والجريمة وتفشي الدعارة والمخدرات وانحطاط المستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين وخاصة أصحاب الدخول المحدودة ، وتنامي المديونية الداخلية والخارجية ، والعمل على خلق فئة طفيلية ولصوصية هدفها الأول سرقة ثروة الشعب وبأساليب متعددة وتحويلهاالى الخارج . وتشديد التبعية السياسية والأقتصادية للغرب الأمبريالي ، وخاصة مع الأمبريالية الأمريكية . ومن أخطر نتائج التحول الى اقتصاد السوق هو تفشي الأمية وخاصة وسط الشباب ، واغراق المجتمع بأجيال شبه أمية بسبب الخراب الذي حل بقطاع التعليم ولجميع مراحله فهل يمكن السكوت عن هذه النتائج المأساوية التي يعاني وسوف يعاني منها شعبنا العراقي ؟ ولماذا هذا الصمت؟ ولمصلحة من ؟ !. .
هذه هي بعض نتائج التحول الى اقتصاد السوق الراسمالي ، وهذا ماحدث في الجزء الهام من المعسكر الأشتراكي منذ عام 1991 ولغاية اليوم .
7- أن جميع الأحزاب السياسية العراقية وبكل اتجاهاتها الفكرية ( القومية والدينية ) وقيادة الحزب الشيوعي العراقي قد ركزوا في نقاشاتهم وبعض الانتقادات على المعاهدة طويلة الامد على الجانب السياسي والامني ، في حين لم يتم التطرق الى الجاني الاقتصادي . يمكن فهم موقف الاحزاب البرجوازية العراقية ( قومية عربية /كردية أو دينية ) هم يتبنون اقتصاد السوق الراسمالي اي مع بناء الراسمالية ولكن من الصعب ان نفهم موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من الانتقال الى اقتصاد السوق ؟
فهل هذاالموقف جاء محض صدفة أم ماذا ؟.؟
من الاجدر ، أن يتميز موقف الحزب الشيوعي عن بقية الاحزاب البرجوازية العراقية وخاصة فيما يتعلق بالموقف من اقتصاد السوق وخاصة الفقرة (1) في المجال الاقتصادي المعلنة في اعلان " مبادئ طويلة الامد" وهذا التمايز والاختلاف هو موقف مبدئي وستراتيجي ، وإلا كيف يتم النضال لبناء الاشتراكية ، وبالمقابل هناك صمت وعدم تحديد موقف من الفقرة (1) والتي تؤكد الانتقال الى اقتصاد السوق ؟! .
على قيادة الحزب الشيوعي العراقي ان تتذكر وتعرف جيدا مقولة فلاديمير لينين العظيم على ان التحرر السياسي لا قيمة له من دون التحرر الاقتصادي ، أي بمعنى آخر أن التحرر الاقتصادي هو الاساس وهو الرئيسي . فأين نحن من كل ذلك ؟ وهل من المنطق والمعقول القبول بكل ذلك ؟.
8-من الضروري ان تقوم قيادة الحزب وبالأستناد الى مبدأ الديمقراطية والقيادة الجماعية بطرح مسودة المعاهدة على عموم تنظيم الحزب من مرشحين واعضاء وكوادر حزبية لمناقشتها وابداء الملاحظات عليها ، وحتى يمكن الأستعانة بالاصدقاء من أصحاب التخصصات العلمية لإبداء ملاحظاتهم على هذه المعاهدة ، وبعد ذلك يتطلب الأمر عقد كونفرنس حزبي عام يناقش هذه المعاهدة والتوصل الى موقف رسمي واحد ووحيد وموحد للحزب ازاء اخطر معاهدة استراتيجية تخص مستقبل العراق والشعب العراقي أرضا وشعبا
اليوم وغدا وبعد غد الا وهو رفض المعاهدة بالكامل!!! .
وبهذا الخصوص نؤكد على جميع المخلصين في الحزب الشيوعي العراقي من قادة وكادر وأعضاء ، أن يتذكروا جيدا ما اكد عليه فلاديمير لينين ، حيث قال ( من واجب الشيوعيين ان لا يلتزموا الصمت حول نواحي الضعف في حركتهم ، بل ينتقدونها على المكشوف لكي يتخلصوا منها بمزيد من السرعة والجذرية ) . ـــ لينين ، المؤلفات الكاملة ، المجلد 41، صفحة 184 باللغة الروسية ــ .

تاسعا :- بعض مخاطر المعاهدة الأستراتيجية .


هناك مخاطر جدية لها طابع سياسي وامني واقتصادي تتضمنها المعاهدة العراقية -الامريكية ، وفي حالة عدم تجنب هذه المخاطر ، فسوف تشكل أكبر مهانة واذلال للشعب العراقي ولفترة طويلة سيدفع ثمنها الاجيال القادمة ، وفيما يلي أهم الاخطار :-
1- تتميز المعاهدة في كثير من نقاطها بالغموض وعدم الوضوح ومنها على سبيل المثــال "طويلــة الامد " ماهو السقف الزمني للمعاهدة 20،40،60، 99، سنة؟ أم أكثر من ذلك ؟
كما ان المعاهدة وفي حالة توقيعها تشكل مبررا لتواجد قوات الاحتلال الاجنبي وتحت مبررات عديدة وواهية ، وهي بنفس الوقت تعكس المصالح السياسية والامنية والاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة (22) .
2- الاحتفاظ بحق السيطرة على الاجواء العراقية حتى ارتفاع 29 ألف قدم ، الحصول على تسهيلات مفتوحة على الارض والاجواء والمياه ، وكذلك الاحتفاظ بحق اعتقال وسجن اي عراقي يعتقد الجيش الامريكي بانه يشكل تهديدا للامن .
3- الاحتفاظ بحق شن عمليات عسكرية لملاحقة "الارهاب " . من دون الرجوع الى الحكومة العراقية . ومنح الحصانة القانونية للجنود الامريكان بحيث لا يجوز مقاضاتهم ولا محاكمتهم مهما ارتكبوا من جرائم ، وكما اعطت حصانات قضائية مشابهة لموظفي الشركات الاجنبية في العراق والذي يجاوز عددهم 155 الف مسلح "لحماية" الشركات الاجنبية .
4- من حق امريكا ان تحتكر تفسير مفهوم الارهاب من دون ان يعطي اي ضمانات لحماية العراق من أي اعتداء خارجي . وانشاء عدد كبير من القواعد العسكرية الامريكية الدائمة ولا تتجدد الموافقة بشأنها لأن عمر المعاهدة طويل الامد ، وكما تنص المعاهدة على منح العمال المدنيين الاجانب الحصانة ؟! .
5- أن هذه المعاهدة وفي حالة اقرارها سوف تسيء الى سيادة العراق ووحدتة وكما تعطي المعاهدة الحرية التامة للقوات الامريكية المحتلة وحلفائها في الحركة والعمل من دون استشارة الجانب العراقي ، ودخول وخروج قوات الاحتلال ومن دون علم واشارة الحكومة العراقية واجهزتها الأمنية ، وكذلك دخول الاموال الامريكية من دون مرورها بالطرق الرسمية القانونية او المنافذ الرسمية كالبنك المركزي العراقي وان المعاهدة تكبل القضاء العراقي وتشل عمله ونشاطه وصلاحياته (23).
6- أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتجز مبلغ 50 مليار دولار من الاموال العراقية المودعة في البنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي للضغط على الحكومة العراقية من اجل التوقيع على الاتفاقية طويلة الامد (24).
7- أن من المخاطر الاخرى التي تواجه الشعب العراقي والحكومة العراقية هو ان الجانب الامريكي يطرح اكثر من مسودة للمعاهدة ، فهناك مسودتين ، الاولى تختص بالقضايا الامنية والعسكرية والتي سميت ب"صوفيا" والمسودة الثانية طويلة الامد " الاطارية" تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية(25) ... ولا يستبعد من ان لدى الامريكان- الجانب المفاوض أكثر من مسودة جاهزة للنقاش كما حصل في مسودة مشروع قانون النفط والغاز ، حيث طرحت (4) مسودات متناقضة ومختلفة بعضها مع البعض الآخر . بدليل يقول وزير الخارجية العراقي ان المعاهدة تواجة مشاكل بسبب أن " الصيغ التي قدمت من قبل الجانب الامريكي سقفها عال (26) .
8- هناك تضارب في عدد القواعد العسكرية ، فقسم يؤكد على اقامة 14 قاعدة عسكرية في العراق اضافة الى وجود عدد كبير من المعسكرات للقوات الامريكية .
9- الاشراف على وزارتي الدفاع والداخلية العراقية من جانب امريكا وطلبت امريكا 15 مليار دولار سنويا من الحكومة العراقية باعتبارها نفقات سنوية تصرف على القوات الامريكية التي يراد لها ان تحمي العراق (27) .
10- من المخاطر الاخرى هو " تراجع واشنطن عن تعهدها بمساعدة الجانب العراقي على ترتيبات الخروج من احكام الفصل السابع ، وهذا يعني ان الادارة الامريكية تريد استخدام ذلك كورقة ضاغطة وقوية في المفاوضات الجارية لفرض شروطها . فعدم تجديد قرار مجلس الامن في نهاية العام الحالي ، يعني عدم تجديد الحصانة على الاموال العراقية المودعة "(28) .
أن هذه المخاطر وغيرها وفي حالة التوقيع على المعاهدة ، فأن هذه المعاهدة ستوقع الشعب العراقي والحكومة العراقية تحت هيمنة وسيطرة الاستعمار الامبريالي الجديد بزعامة امريكا ولفترة طويلة الامد ، وهذه المخاطر تشكل شروط الاذلال والخنوع ، فهل يمكن قبول ذلك من قبل الشعب العراقي وقواة السياسية المخلصة ؟! .

عاشرا :- اهم سمات المعاهدة طويلة الأمد.

تتميز خصائص المعاهدة طويلة الأمد بين العراق وامريكا بالتالي :-
1- غياب التكافؤ السياسي والاقتصادي والعسكري بين الطرفين ، فهناك طرف محتل للبلاد وتحت ما يسمى بالشرعية الدولية ، وهناك طرف واقع تحت هيمنة الاحتلال المباشر وبكل اشكاله ، وهذا سوف يترك أثارا سلبية على عملية التفاوض بين الطرفين .
2- أن الحكومة العراقية لا تمتلك الصلاحية لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات إلا من خلال عرضها على البرلمان أو يمكن عرضها على الشعب العراقي لأقرارها أو رفضها (29) .
3- غياب الوحدة الوطنية الحقيقية داخل المجتمع العراقي وغياب الثقة بين الاحزاب السياسية العراقية وخاصة بين قيادات هذه الاحزاب ، إضافة إلى انقسام الاحزاب السياسية إلى قسم مؤيد وقسم رافض ، وقسم متحفظ ، ناهيك عن الانقسام الداخلي داخل معظم الكتل السياسية فيما يخص مسودة المعاهدة ، ان كل ذلك يصب لصالح قوات الاحتلال الاجنبي بالدرجة الاولى .
4- من خلال غياب توازن القوى وفي جميع المؤشرات المختلفة ، فأن الطرف القوي ، أي الطرف الامريكي سوف يفرض شروطه على الطرف الضعيف ، أي على الطرف العراقي ، وهذا يعني أن توقيع الاتفاقية يمكن القول عنها انها اتفاقية عبودية ومذلة للشعب العراقي (30) .
5- كما يلاحظ ان الطرف الاقوى هو الطرف الامريكي والذي يملك اكبر سفارة في العراق ويتراوح عدد موظفيها ما بين 2500-3000 موظف !! وتملك اكبر جيش نظامي مجهز باحدث الاسلحة ويتراوح عدد قواتها ما بين 150-179ألف عسكري ، وعدد قوات الامن المرتزقة التابعين للشركات الاجنبية والتي يتجاوز تعدادها 150 ألف مرتزق . ان هذا الطرف سوف يحاول فرض شروطه السياسية والامنية والعسكرية في ظل غياب الوحدة الوطنية ...؟
6-يقدم الخبير الامريكي بيتر و غالبرين النصيحة للاكراد حيث طلبوا منه مراجعة الجوانب العملية لمجرى المفاوضات حول الدستور، اذ قال " لوكنت اجري الفاوضات لصالح سلطة التحالف لكنت اريد السيطرة على النص ، ففي المفاوضات التي نتجت عنها اتفاقيات دايتون للسلام والتي شاركت فيها ، بادر كبير المفاوضين ، السفير الامريكي ريتشارد هولبروك الى جعل الاطراف يوافقون على مبادىء عامة ، ثم ترك لخبراء امريكان ادخال التفاصيل بالطريقة التي يريدونها . كما كنا نعمل بنص اللغة الانكليزية، الأمر الذي كان لصالحنا وليس لصالح الأطراف الناطقة باللغات الصربية والكرواتية والبوسنية " (31)،
علما ان غالبرين من دعاة تقسيم العراق .

الحادي عشر :- أسئلة مشروعة الى بوش الابن ؟!


لقد أجريت مكالمة هاتفية بين الرئيس جورج بوش الابن ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ، حيث طرح المالكي بعض الاسئلة والتي طلب الاجابة عليها ومن أهمها :-
السؤال الاول :- هل تتعهد الحكومة الامريكية بالدفاع عن العراق في حالة تعرضه لأي عدوان خارجي ؟
السؤال الثاني :- هل تتعهد امريكا باخراج العراق من سلطة البند السابع ؟ واذا ما كان الجواب نعم فهل تتعهد امريكا بالعمل على انهاء العقوبات على العراق ؟
السؤال الثالث :ـ هل يتم العمل على ترتيب قضية التعويضات التي اقرتها الامم المتحدة والزمت العراق بدفعها والتي تجاوزت الترليون دولار ؟
لقد كانت اجابات الرئيس الامريكي خالية من اية وعود بتحقيق هذه الامور او الاسئلة وانما وعد بدراسة الطلبات او الاسئلة فقط (32) ؟!

الثاني عشر :- مطاليب الحكومة الامريكية !!


قدم رئيس الوفد الامريكي المفاوض ريان كروكر بعض المطاليب ومنها :-
1- بناء سجون ومعتقلات وباشراف وادارة امريكية ؟
2- السماح للادارة بمكافحة الارهاب وملاحقة الارهابيين بالطريقة التي تراها مناسبة ؟
3- المطالبة بالحصانة القضائية للجيش الامريكي والشركات خلال العمل خارج اوقات الدوام الرسمي .
4- عدم القيام بتفتيش البريد الخاص بالقوات الامريكية ولا حتى الاطلاع على مضمونه ومهما كان حجمه، وان كان البريد على شكل سيارة او طائرة او غيرها .
5- اقامة 348 موقعا عسكريا ( وليس قاعدة عسكرية ) على ان يكون بعض هذه المواقع سرية ؟!
6- يحق للقوات الامريكية اشراك قوات اجنبية ومن دول اخرى في عملياتها داخل العراق ؟
7- السيطرة على الجو والموانئ البحرية .., للقوات الامريكية وحتى للجيوش الحليفة المشاركة(33) .
8- كما اكدت اكثر من جهة على ان " امريكا تقوم بحجز 50 مليار دولار من اموال العراق في بنكها المركزي وهي الان تستخدمها للضغط على بغداد لارغامها على توقيع الاتفاقية الامنية والتي يتوقع ان تشمل 50 قاعدة عسكرية امريكية ، وكذلك تهدد الولايات المتحدة العراق بخسارة 40% من احتياطه من العملات الصعبة ، لأن استقلال العراق مازال مقيد باجراءات الحصار الدولي منذ عام 1990 " . وكما يلاحظ ايضا " يتحرك عدد من اعضاء الكونغرس الامريكي البارزين والموالين لاسرائيل للضغط على الحكومة العراقية للاعتراف رسميا بدولة اسرائيل واقامة علاقات دبلوماسية وتجارية علنية مع بغداد ... وتطالب حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالاعتراف الفوري باسرائيل ومن دون قيد او شرط مسبق (34) " .

الثالث عشر :- الاهداف الحقيقية للمعاهدة الاستراتيجية.


أن من اهم الاهداف السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية هي :-
1- العمل على تكريس الهيمنة والاحتلال وبالشكل المباشر للعراق ولفترة طويلة الأمد .
2- الاستحواذ الكامل على ثروات الشعب العراقي وخاصة ( النفط والغاز ....) اذ يمثل العراق البلد الاول والعملاق الاول بالاحتياطي النفطي العالمي ، علما ان الاحتياطي النفطي العراقي يتجاوز القرن الـ 21 أي الاحتياطي النفطي العراقي يكفي لأكثر من 100 عام . في حين ان امريكا تنتج 9 ملايين برميل نفط في اليوم وتستهلك 20 مليون برميل نفط في اليوم ، أي تواجه عجز يومي من النفط ب12 مليون برميل في اليوم وهذ هو بيت القصيد ـ كما يقال .
3- السيطرة على اهم منابع النفط في اهم منطقة في العالم ألأ وهي منطقة الشرق الاوسط ، وهذا يعني تحقيق ما يسمى بمشروع الشرق الاوسط الكبير ( الجديد ) بهدف خدمة الكيان الاسرائيلي سياسيا وامنيا واقتصاديا .
4- العمل وبكل السبل المتاحة على اضفاء الشرعية لقوات الاحتلال الاجنبي في العراق وعدم الالتزام بجدول زمني للانسحاب من العراق وتحت مبررات عديدة وواهية .
5- العمل على ابقاء العراق والشعب العراقي وقواه السياسية في دوامة من الخلافات والصراعات والتي تحمل طابعا سياسيا وقوميا وطائفيا ودينيا بهدف اطالة عمر وتواجد قوات الاحتلال الاجنبي في العراق ، اذ يمكن القول ان امريكا تعمل على خلق " الفوضى المنظمة " وتوجيه هذه الفوضى بما يخدم مصالحها المتعددة .

الرابع عشر :- الاستنتاجات والمقترحات .


أ) بعض الاستنتاجات .

1- يجب على قادة جميع الاحزاب السياسية العراقية وبكل تياراتها الدينية والقومية ( العربية والكردية ...) وغيرها وكذلك "رائدة الديمقراطية " وحلفائها في الغرب الامبريالي ، ان يدركوا الحقيقة الموضوعية وهي ان المزاج العراقي ، والشارع العراقي –كما يقال - اي الغالبية العظمى من الشعب العراقي تكره الادارة الامريكية والنظام الامريكي ولأسباب معروفة ومنها ما حدث في عام 1963 ... وبعده ... وما حدث بعد سقوط النظام البائد ولغاية اليوم من خسائر بشرية ومادية وتجاوزات كثيرة لا تعد ولا تحصى ، وكما ترفض غالبية الشعب العراقي تواجد القوات الاجنبية على ارضها ، ويجب ان لا يكون كل ذلك على اساس مقايضة بقانون " تحرير العراق " فالادارة الامريكية ساعدت على وصول رأس النظام السابق للسلطة في اعوام 1963 و1968 وهم خلعوه في ابريل عام 2003 .
2- ان الهدف الرئيسي من توقيع المعاهدة طويلة الامد هو السيطرة والاستحواذ الكامل على ثروات الشعب العراقي وخاصة النفط سيما وان الغرب الامبريالي والولايات المتحدة يواجهون مشكلات اقتصادية واجتماعية في مقدمتها مشكلة الطاقة ، فالعراق اليوم يعد عملاق الطاقة في العالم فالسيطرة على العراق ومنطقة الشرق الاوسط يعني معالجة الازمة في امريكا وكما يمكن لأمريكا من ان تستخدم النفط في منطقة الشرق الاوسط كأداة ضغط سياسية واقتصادية على دول الاتحاد الاوربي من اجل ترويض هذه الدول وان لا تدخل في منافسة او صراع مع امريكا ، وهذه الاستراتيجية الامريكية تم تبنيها منذ الستينات من القرن الماضي ولغاية اليوم ، فالنفط خط احمر لايمكن التجاوز عليه بالنسبة للبلدان المنتجة في هذه المنطقة من وجهة نظر امريكا .
3- وجود اي قاعدة عسكرية او معسكر لقوات الاحتلال الامريكي وحلفائها على ارض الشعب العراقي ، وتحت أية مبررات او تسميات كانت ، سوف تواجه الرفض والمقاومة الشعبية الوطنية العراقية من قبل كل وطني غيور رافض للاحتلال وهذا ما يضمنه القانون الدولي ، وان تواجد قوات الاحتلال الاجنبي سوف يؤدي إلى غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني وبالتالي يستحيل اعادة اعمار العراق المدمر والمخرب اقتصاديا واجتماعيا حتى النخاع ، بل سوف تؤدي هذه الحالة الى تفشي الرشوة والفساد المالي والاداري وتعمق الهوة الاقتصادية الاجتماعية لصالح تجار الحروب ، ونهب ثروة الشعب العراقي وسوف يبقى العراق في دوامة من الفوضى " المنظمة " ولفترة ليست بالقصيرة ، ومهما اختلف عدد القواعد العسكرية سواء كانت 14 أو 50 او وجود مايقارب من 400 معسكر امريكي ، فان ذلك سوف لن يغير من الموقف الوطني الرافض للاحتلال حتى لو بقيت قاعدة عسكرية اجنبية واحدة ، نريد عراقا بلا قواعد عسكرية اجنبية سواء كانت ثابتة أو متحركة ، وهذا ما سوف يتحقق في المستقبل القريب .
4- هناك انقسام واضح وكبير بين قادة الاحزاب السياسية العراقية وخاصة الفاعلة والمشاركة في الحكم ، فالتيار القومي الكردي رحب ويرحب بالمعاهدة من حيث المبدأ ولديه بعض " التحفظات " ويعود السبب الرئيسي لهذا الموقف ، هو الحفاظ على ما حصلت عليه القيادة الكردية من مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية منذ عام 1991 ولغاية اليوم .
أما التيار السني ، وخاصة احزابه الرئيسية فهي مؤيدة للاتفاقية من حيث المبدا ، ويعود سبب ذلك الى الخشية والخوف من توسع النفوذ الايراني في العراق اضافة الى ذلك الحفاظ على المكاسب السياسية التي حصلوا عليها مؤخرا؟
أما التيار الشيعي ، فهناك انقسام واضح وكبير داخل هذا التيار ، فبعض الاحزاب رفض المعاهدة من حيث المبدا ، والبعض الآخر ابدى تحفظا على بعض البنود ، وكما يلاحظ أن التيار الشيعي قد دفع الى معركة مسلحة داخلية ولهذه المعركة اسباب متعددة منها الصراع حول المال والسلطة والنفوذ وخاصة في الوسط والجنوب ، وهناك اطراف اقليمية تقف وراء تأجيج واستمرارية هذا الصراع وهذا الاقتتال .
ونتفق مع الرأي القائل على أن " دوافع بعض هذه القوى لا علاقة لها بالمصالح الوطنية العليا ، بل تنطلق من حسابات سياسية ضعيفة تندرج في اطار الصراع الداخلي على السلطة والنفوذ او الاستجابة لمصالح قوى اقليمية . بينما لا يخفي البعض الاخر رغبته في استمرار الوجود الامريكي باعتباره الضمانة لحماية ماحققته من مكاسب وامتيازات " .
5- ان المعاهدة ستكون اجبارية وستفرض على الشعب العراقي المعذب ، وليست اختيارية ، وسيتم التوقيع عليها ضمن الموازنات السياسية والصراعات الداخلية والمصالح الاقتصادية للتيارات السياسية العراقية بهدف تحقيق مكاسب ضيقة ، وان تحقق ذلك فسوف يرهن العراق ارضا وشعبا وثروة لصالح الامبريالية الامريكية وحلفائها في الداخل والمنطقة ، وسوف لن تشهد الغالبية العظمى من الشعب العراقي اي رخاء واستقراروستكون المعاهدة لصالح النخبة الحاكمة المتعاونة مع قوات الاجنبي بالدرجة الاولى .
ويخطأ من يعتقد ويكتب أن " العلاقة بين العراق وامريكا ستأخذ منحى جديدا من التطور والنمو في المستقبل القريب وفي جميع المجالات " وكما يؤكد الكاتب على ضوء العلاقات هناك " التزامات العراق بالتعهد للتحول نحو الديمقراطية واقتصاد السوق(35) " هذا ما اكد عليه الدكتور كاظم حبيب عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي سابقا ؟!
ان المجتمع والاقتصاد الامريكي مريض بمرض خبيث لايمكن الشفاء منه بدليل " ان امريكا تحتل المرتبة الاولى في العالم في المديونية ، اذ كانت مديونيتها في عام 1970 الى 310 مليار دولار ثم زادت الى 743 مليار دولار في عام 1980 ، ثم الى 3 ترليون عام 1990 والى 35 ترليون عام 2004 ، وكما تحتل امريكا المرتبة الاولى في العالم في استهلاك المخدرات وعدد السجناء وعدد الجرائم وفي عدد الملياردرية ، يلاحظ خلال ال60 سنة الماضية تقلص دور ومكانة امريكا في الاقتصاد الدولي من 50 % الى 20% كما تنفق رائدة الديمقراطية سنويا 30 مليار دولار على التجسس على الصعيدين الداخلي والخارجي(36) " .
أن من حق اي مواطن او سياسي ان يغير قناعاته الفكرية ولكن من غير المنطق والمعقول ان يتحول الى النقيض الى 1000 بالمئة ؟! كذلك من الضروري ان يتحلى السياسي بالموضوعية العلمية ، وإلا ماذا نقول عن احداث 1963 ؟ وماذا نقول ما حدث ويحدث للشعب الفلسطيني ، وماحدث في شيلي عام 1973 وما حدث ويحدث في بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ؟ ومن المسؤول عن ذلك ؟
وكما يحاول بعض الكتاب العراقيين ومنهم السيد عبد الخالق حسين في وصف المعارضين للاتفاقية هم فلول وانصار البعث الساقط ... ولكن الغريب ان من بين المعترضين عراقيين يتوسم فيهم الحرص على مصلحة بلادهم ... وان السبب هو ان العراقيين قد ادمنوا على المعارضة للحكومة حتى ولو كان جزءا من الحكومة ... وهناك شريحة من العراقيين مدمنين على معارضة الحكومة والعداء للغرب وبالاخص الدولة العظمى ( المقصود الامبريالية الامريكية )وفي جميع الاحوال حتى لو كان هذا الشيء لصالح الشعب العراقي .
وكما يؤكد الكاتب العراقي " فالعراق يمر في دور النقاهة ... فمن مصلحة العراق ان يرتبط باتفاقية امنية مع الدولة العظمى ، امريكا لحمايته من اعداءه التاريخيين والجدد ... فالعراق هو الآخر مهدد من قبل دول الجوار وليس لديه خيار آخر سوى عقد اتفاقية امنية مع الدولة العظمى ...والتي هي في صالح العراق ، وليس فيها ضرر على العراق ، بل هي فرصة ذهبية وضرورة تأريخية يجب عدم التفريط بها (37)" .
لانعلق على ما قاله الكاتب ، ومن حقه طرح وجهة نظره الخاصة ، ولكن ان الكاتب كما نعتقد بعيد كل البعد عن المعانات الحقيقية والقاسية التي يواجهها المواطن العراقي البسيط ، فالعيش في الخارج شيء جيد ـ طبعا ـ إذا توفر المال ... في حين ان العراقيون الفقرا ء من العمال والفلاحين والكسبة.. لا يستطيعون وبأنتظام الحصول لا على الماء الصالح للشرب ولا على الكهرباء في صيف العراق المعروف بدرجة حرارته المرتفعة والتي تتجاوز احيانا ال 45 درجة . وحتى في ضل هذه الحالة المآساوية فهو لا يستطيع النوم بأرتياح وأمان ومن دون ازعاجات ، فطائرات قوات الاحتلال الاجنبي ، وخاصة المروحيات العسكرية والتي تحلق على ارتفاع منخفظ جدا ، فهي تخيف الطفل الصغير وترهب الشاب وتقهر المسن .
اما حركة السير في الشوارع العراقية وخاصة في شوارع بغداد فهي حقا كارثية ، فالهمرات والدبابات الامريكية تسير في الغالب ـ في الاتجاه المعاكس ـ ، واحيانا يتم قطع الطريق من قبل الامريكان ولأكثر من ساعة بحجة " التفتيش " ، في حين واقع الحال لم يتم ذلك !! ناهيك عن غياب النفط والغاز ، حيث ظهرت مافيا لصوصية سيطرت على كل ذلك وهي تستغل اسواء استغلال المواطن العراقي البسيط، ، فهل من المعقول ان امريكا عاجزة عن معالجة مشكلة الكهرباء في العراق مثلا ؟ ، وهل ان تطويق الاحياء السكنية في بغداد ومنها على سبيل المثال منطقة الدورة والسيدية ... بالقطع الكونكريتية هو الحل الامثل ؟؟ . وعلى اساس ذلك كيف تطمح الأمبريالية الأمريكية من ان تقود العالم وهي مثقلة بأزماتها السياسية والأقتصادية والأجتماعية .... وهي ايضا في مأزق كبـير لا تحسد عليه في العراق وافغانستان . لقد اثبت الواقع الموضوعي بما لا يقبل الشك ، فشل المشروع الأمريكي في العراق وفي منطقة الشرق الأوسط وبالتالي سوف لن يكتب النجاح لمشروع ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير .
خلال فترة الاحتلال تم تهريب 250 مليار دولار ناهيك عن فضائح سجن ابو غريب والاغتصاب في قضاء المحمودية وما حدث في هيت ... وعدم احترام مشاعر العراقيين ومنها ضرب القرآن الكريم وتحويله الى هدف للجندي الامريكي ... فالامثلة والمعاناة لا تعد ولا تحصى ، فالذي يعيش في الغرب لا يستطيع ان يفهم وبالملموس ماذا يحدث في العراق في ظل الاحتلال الاجنبي فعلينا ان نتريث في التقييم وخاصة نحن نعيش فترة صعبة وقاهرة وزائلة حتما والمستقبل القريب سوف لن يرحم احد ! .
6- أن جميع الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالشعب العراقي منذ عام 1980 ولغاية اليوم يتحملها رأس النظام السابق وفريقة والادارة الامريكية وحلفائها في المنطقة ، وهؤلاء جميعا يتحملون كامل المسؤولية عن كل ما حدث ويحدث اليوم في العراق من خراب اقتصادي واجتماعي ، ومن نهب وسلب وتبديد واهدار لثروات الشعب العراقي . فهل من المعقول ان يتكبد الشعب العراقي خسائر بشرية هائلة في حرب الخليج الاولى وحرب الخليج الثانية والتي تجاوزت المليون قتيل ؟ وعدة ملايين من المعوقين والمشوهين ووفاة اكثر من مليون ونصف طفل بسبب الحصار الاقتصادي ، وفي ظل قانون " تحرير العراق " فقد الشعب العراقي خلال فترة الاحتلال الاجنبي ما يقارب من المليون وهناك تقدير آخر يؤكد على اكثر من ذلك ، وبلغ عدد المهاجرين ولاسباب مختلفة من عام 1980 ولغاية اليوم اكثر من 6 ملايين عراقي في الخارج ، وخلال فترة الاحتلال اي ابريل عام 2003 ولغاية ابريل عام 2008 اكثر من مليون مهجر ومهاجر داخل العراق بسبب العنف الطائفي والديني والذي تقف وراؤه قوى سياسية داخلية وقوى اقليمية .
على الشعب العراقي وقواه السياسية الخيرة ان تطالب بدفع التعويضات المالية عن الاضرار التي لحقت بالشعب العراقي منذ عام 1980 ولغاية اليوم وخاصة خلال فترة الاحتلال الاجنبي وللشعب العراقي كامل الحق بالمطالبة بذلك وفق القانون الدولي حتى لو اقتضى الامر عشرات السنين فهذا مطلب شرعي وقانوني لابد من النضال من اجله ، وان الشعب العراقي غير ملزم بدفع التعويضات المالية ولأي طرف كان ، لأن الشعب العراقي غير مسؤول عن كافة الحروب غير العادلة منذ عام 1980 ولغاية اليوم .
7- يوجد امام الشعب العراقي وقواه الوطنية المخلصة اليوم طريقان لا ثالث لهما اما الرضوخ والاستسلام للاحتلال الاجنبي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعسكريا ...وتحويل العراق ارضا وشعبا الى محمية تابعة وفاقدة للسيادة والاستقلال الوطني ومنهوب الثروات... وهذا خيار غير مرغوب به اصلا .
أما الخيار الثاني ، فيتوجب العمل على رفض المعاهدة طويلة الامد ، ورفض تواجد قوات الاحتلال الاجنبي وعدم القبول باي قاعدة او معسكر وتحت اي مبرر كان ، واستخدام كافة الاساليب والطرق المشروعة التي كفلها القانون الدولي ، بما فيها المقاومة الوطنية المشروعة بهدف انهاء الاحتلال الاجنبي واستعادة السيادة والاستقلال الوطني والحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا وهذه هي مهمة الشعب الواعي وقواه الوطنية . ان تحقيق هذا الهدف النبيل يتطلب تجميع كافة القوى الوطنية المخلصة في جبهة وطنية عريضة تحقق الهدف النبيل وسوف يلتف حولها الشعب العراقي ويؤيدها لأن قوات الاحتلال عبثت في العراق بما لا يصدقه ولا يعقله اي مواطن عراقي غيور على شعبه .
8- ان امتلاك الادارة الامريكية للقوة العسكرية ... يمكنها من ترويض واجبار الشعوب على توقيع اي معاهدة كانت تخدم مصالحها بالدرجة الاولى ومن اجل تحقيق ذلك فهي تستخدم كافة اساليبها "الديمقراطية " .
ان اسلوب الضغط والتهديد السياسي والاقتصادي والعسكري وشراء الذمم الذي تستخدمة الادارة الامريكية ، ان دل على شيء انما يدل على عمق وتفاقم الازمة السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والايديولوجية وحتى الاخلاقية للنظام الامبريالي الامريكي . وفي حالة توقيع المعاهدة العراقية ـ الامريكية، سيكون مصيرها نفس مصير حلف بغداد وغيرها من المعاهدات الجائرة.
.
أن الهدف الرئيسي من غزو العراق هو ليس "تحرير " الشعب العراقي بل الاستحواذ على ثرواته وخاصة ( النفط والغاز ) من قبل كبريات شركات النفط الامريكية ومنها على سبيل المثال شركة اكسون وموبيل وشل وشيفرون وتوتال وحتى بريتيش بتروليوم او غيرها من شركات النفط الغربية .
ان هذه الاساليب اللاديمقراطية واللاشرعية التي تستخدمها الادارة الامريكية تصب لصالح الطغمة المالية الحاكمة في امريكا وخاصة لصالح الشركات متعددة الجنسيات والمجمع الصناعي – الحربي الامريكي ولصالح فئة طفيلية حليفة لهم في العراق . اما فقراء الشعب العراقي فليذهبوا الى الجحيم ؟ على اعتبار ان هؤلاء " فائض " سكاني لايستحق العيش والحياة . هذا هو جوهر النظام الامبريالي العالمي بشكل عام والامريكي بشكل خاص .
فهل هذه هي " الديمقراطية " و "حقوق الانسان " التي يدعي بها الغرب الامبريالي .
9- لا يستبعد من أن امريكا وحلفائها في المنطقة وخاصة ما يسمى بالمعتدلين سوف يمارسون ضغوطات عديدة على الحكومة العراقية بهدف تطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي واقامة علاقات سياسية واقتصادية ودبلوماسية في المستقبل القريب ، وهناك بعض الاحزاب الرئيسية المشاركة في الحكم لديها الاستعداد الكامل لتحقيق ذلك ، بسبب وجود العلاقات التأريخية القديمة مع الكيان الاسرائيلي .
وأن ما يؤكد ذلك وجود اكثر من 80 عضوا في الكونغرس الامريكي يمارسون اليوم ضغوطات على الادارة الامريكية وعلى الحكومة العراقية بهدف تطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي ، وان تحقق ذلك سوف يخلق وضعا غير طبيعيا في العراق اي تعميق الفوضى وعدم الاستقرار السياسي .

ب) بعض المقترحات .

من الضروري ان يتم طرح مشروع وطني من قبل الاحزاب السياسية العراقية الوطنية على الشعب العراقي من اجل درء الكارثة المحدقة عليه ، وان تكون اهم مبادئ واسس هذا المشروع الوطني تتركز بالدرجة الاولى على :--
1- الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا ، والحفاظ على سيادة البلاد واستقلاله ، والعمل على رحيل القوات الاجنبية ، ورفض صريح بعدم اقامة اي قواعد عسكرية اجنبية وتحت اي ذريعة كانت .
والعمل على اعادة اعمار العراق وفق خطة زمنية محددة والعمل على نبذ مبدا المحاصصة الطائفية والدينية المقيت قولا وفعلا ، والعمل على اقامة علاقات سياسية واقتصادية بين الدول تقوم على اساس مبدا الاحترام والتكافؤ والمنافع المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
2- ان يتم طرح كامل وعلني للمعاهدة العراقية – الامريكية على الشعب العراقي ، واجراء استفتاء شعبي عليها من قبل الشعب العراقي لأنه هو المرجع الاول والاخير في قبول او رفض هذه المعاهدة وهو الذي يملك كامل الحق الشرعي في تقرير مصيره بنفسه .
3- يجب على الحكومة العراقية ان تضع جدولا زمنيا محددا ومكثفا وباستقلالية كاملة بهدف اعداد الجيش العراقي وقوات الشرطة والامن وتزويدها بما تحتاجه من اسلحة ومعدات حربية جيدة وحديثة من اجل السيطرة على الوضع الامني في العراق وان يقوم بناء القوات المسلحة العراقية على اساس وطني ومهني بعيدا عن المحاصصة الطائفية سيئة الصيت ، وان تكون العقيدة العسكرية هي الدفاع عن العراق والحفاظ على استقلالة وسيادته الوطنية .
4- عدم الاخذ بتطبيق وصفة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتحت اية مسميات ومنها " التحول الى اقتصاد السوق " التي جاءت في " اعلان المبادئ طويلة الامد " لما لهذه الوصفة الخبيثة من نتائج وخيمة وكارثية على الغالبية العظمى من الشعب العراقي ، وعدم الدخول في منظمة التجارة الدولية العالمية الان . ان هذه المؤسسات المالية والاقتصادية والتجارية الدولية تشكل ادوات ضاغطة سياسية واقتصادية بهدف نهب ثروات الشعوب لصالح الاقتصاد الراسمالي العالمي وخاصة الاقتصاد الراسمالي الامريكي من اجل انقاذ هذا النظام من حتمية انهياره ، انه نظام طفيلي ومتعفن .
5- من الضروري على قيادة الحزب الشيوعي العراقي ان ترفض هذه المعاهدة في جوانبها السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية والثقافية ، لأن جميع المضامين الرئيسية لهذه الميادين تتعارض وبشكل قاطع مع مصالح وتطلعات الغالبية العظمى من الشعب العراقي بشكل عام والطبقة العاملة العراقية وحلفائها بشكل خاص ، كما تتعارض ايضا مع الاهداف الاستراتيجية للمؤتمر الثامن للحزب ، وعلى قيادة الحزب ان تعلن موقفها الرافض والصريح لهذه المعاهدة مع تبيان الاسباب الموضوعية لذلك ، ويجب ان يلعب الحزب الدور الرئيسي في تجميع كل القوى الوطنية المخلصة والرافضة لهذه المعاهدة واستخدام كافة الاساليب الشرعية التي ضمنها القانون الدولي ، وهذا هو الموقف الذي نتطلع اليه وتتطلع اليه جماهير شعبنا والطبقة العاملة العراقية وحلفائها، وان تحقق ذلك سوف يعزز الحزب ودوره ومكانته الوطنية والفكرية ويعزز استقلاليته السياسية والايديولوجية ويبعده عن كل الاتهامات التي يمكن ان توجه اليه بخلاف ذلك فالتأريخ سوف لن يرحم احدا ، وان الشعب العراقي يرفض اليوم وغدا من ان يكون عبدا مطيعا لقوات الاحتلال الاجنبي ، ويرفض ويقاوم كل شيء يفرض عليه بالاجبار والقوه وتحت اساليب مختلفة ، فالشعوب لايمكن ترويضها لا بالمال ولا بالسلاح ،والنصر حليف الشعوب في نهاية المطاف .
6- لاتوجد ضرورة ملحة لعقد معاهدة طويلة الامد مع امريكا ، لأن الهدف الرئيسي منها هو الاستحواذ الوحشي والكامل على ثروات الشعب العراقي وخاصة النفط ... وابقاء العراق ارضا وشعبا في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار ، وفاقدا للسيادة والاستقلال الوطني ، وساحة لتصفية الحسابات سواء على الصعيد الداخلي والاقليمي والدولي ، ويتم كل ذلك تحت حجة واهية " وجود خطر وتهديد من الخارج " ؟! أو أن يتم كل ذلك مقابل ما يسمى بقانون تحرير العراق ، فالولايات المتحدة الامريكية واجهزتها المتعددة وخاصة سي آي أي هي المسؤولة عما حدث في عام 1963 وعام 1968 وعام1980 وعام 1991 وابريل عام 2003 ولغاية اليوم ، فالشعب العراقي وقواه الوطنية من حقهم المشروع مقاومة قوات الاحتلال الاجنبي .
لقد أعلنت الادارة الامريكية بأن خسارتها العسكرية بلغت 4100 عسكري واصابة 30 ألف عسكري بجروح بالغة وانفقت ترليون دولار من خزينتها العامة (38) .
أن واقع الخسائر العسكرية هو اكثر بكثيرمما هو معلن، و الاجدر بالادارة الامريكية ان تنفق هذه الترليونات الخضراء على فقراء الشعب الامريكي وتقديم الضمان الصحي ومعالجة مشكلة السكن والبطالة والتسول وساكني محطات القطارات والجسور ومعالجة أخطر مشكلة تفتك بالمجتمع الامريكي الا وهي المخدرات والجريمة .
نقول لبعض القوى السياسية العراقية التي أظلت الطريق والبعض الآخر المتهالك على توقيع معاهدة الذل و " البرداتلسفا " ، بأن هناك حقيقتين موضوعيتين ملازمتين لواقعنا العراقي وهما : ان شعبنا يرفض أي معاهدة تتعارض مع مستقبله وتطلعاته المشروعة ، وان حدث عكس ذلك فسيكون مصيرها الفشل ، والقادة السياسيون سيكون مصيرهم مزبلة التاريخ، وان العراق لا يمكن ان يكون نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، الا نظاما علمانيا يحقق العدالة الأقتصادية والاجتماعية للشعب العراقي .
أتركوا الشعوب الفقيرة تختار نظامها السياسي والاقتصادي – الاجتماعي بحريتها وقناعتها ولآ تصدّروا "ثوراتكم " الصفراء " و " المتعددة الالوان " التي جلبت كل المآسي والكوارث للشعوب الفقيرة .
وأخيرا احذروا أخطار المعاهدة الا ستراتيجية التي يمكن ان تعقد بين العراق وامريكا ؟
معاهدة الذل والعبودية طويلة الامد ؟





الخامس عشر : ـ مصادر البحث .

1- جريدة 14 تموز العدد 66 النصف الاول – نيسان 2008
2- انظر جريدة طريق الشعب ، 2 /12/2007 و 12/6/2008
3- جريدة البينة ، 10/6/2008
4- جريدة الصباح ، 12/5/2008 و 17/6/2007
5 - جريدة الصباح ، 8/6/2007
6- جريدة الصباح ، 31/5/2008
7- جريدة الصباح ، 10/6/2008
8- جريدة الصباح ، 7/6/2008
9- جريدة الصباح ، 31/5/2008
10- جريدة الصباح ، 7 /6/2008
11- جريدة الصباح ،31/5/2008
12- جريدة الصباح ، 31/5/2008
13- جريدة الصباح ، 7/6/2008
14- جريدة الصباح ، 7/6/2008
15- جريدة الصباح ، 7/6/2008
16- جريدة الصباح ، 31/5/2008
17- جريدة الصباح ، 31/5/2008
18 – طريق الشعب ، 12/6/2008
19انظر جريدة طريق الشعب ، 12/6/2008
20- نشرة داخلية ( الحزب الشيوعي العراقي ) بعنوان " متابعة سياسية " في 29/5/2008
21- جريدة الصباح ، الملحق الاسبوعي " آفاق ا ستراتيجية " العدد 1402 في 31/5/2008
22- جريدة الصباح ، 8/6/2008
23- جريدة البينة ، 10/6 و 23/6/ وجريدة الصباح ، 12/5/2008
24 جريدة الصباح ، 7/6/2008 و جريدة البينة ، 8/6/2008
25 – جريدة الصباح ، 15 ،/6/2008
26- جريدة الصباح ، 15 /6/2008
27- جريدة طريق الشعب ، 17/6/2008
28 جريدة طريق الشعب ، 16/6/2008
29- جريدة الاهالي ، 27/11/2007
30 – جريدة المدى ، 10/12/2007
31- جريدة الصباح ، 31/5/2008
32- جريدة البينة ، 17/6/2008
33- جريدة البينة ، 17/6/2008
34-جريدة البنية ، 16/6/2008 و جريدة الصباح ، 7/6/2008
35- جريدة الصباح ، 31/5/2008
36- جريدة الغد الروسية رقم 27 تموز لسنة 2005 باللغة الروسية
37- جريدة البينة ، 12/6/2008
38- جريدة البينة ، 24/6/2008
بغــــداد
تمـوز 2008




#نجم_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع السياسي ومجالس الصحوة ، نظرة من الداخل القسم الثاني
- الصراع السياسي ومجالس الصحوة . نظرة من الداخل ، القسم الاول
- ملاحظات اولية عن لآثار الاقتصادية الاجتكاعية للنهج الاقتصاد ...
- الارهاب في العراق ، بعض الادلة والبراهين
- العلاقة - الحميمة - بين الخيانة والدولار - الجزء الاول
- ملاحظات اولية عن الاثار الاقتصادية – الاجتماعية
- كوبا : الصمود, التحدي , المنجزات
- الامبريالية الامريكية وخطر ارهاب سلاحها النووي اليوم على الع ...
- احذروا فيروس الخيانة الكبرى
- من اين ينبع خطر الحرب الكونية اليوم على العالم ؟
- محنة الشعب العراقي و كارثة 11 ايلول في اميركا
- حول الصراع الروسي المريكي
- ديموقراطية في الخارج أدلة وبراهين-2
- ديموقراطية اميركا من الداخل أدلة وبراهين إإإ
- من يقف وراء الارهاب الدولي
- مأثرة الشعب السوفييتي في 1418 يوما (بمناسبة الذكرى الستين لل ...
- لينين والحزب
- بغداد ـ الخيانة والسقوط
- ملاحظات اولية حول تنفيذ برنامج الخصخصة - نموذج روسيا الاتحاد ...
- 11 أيلول، ذريعة مخطط لها


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نجم الدليمي - الأخطار المحدقة للمعاهدة الأستراتيجية بين العراق وامريكا