|
قانون مأزوم وناخب مظلوم
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:22
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
تعسرت ولادة قانون انتخابات مجالس المحافظات ، واريد له ان يأتي وفقاً لمعايير ارادوية وليست موضوعية تفرضها متطلبات مرحلة اعادة بناء دولة المؤسسات المنشودة في العراق، كما استقبله البعض راسماً له الشكل الذي يناسب مبتغاه الخاص ، متناسياً انه جاء استجابة لغرض انجاز مصلحة وطنية عامة ، ولا شك ان الدوافع من وراء محاولات اخراجه من مطبخه ( مسلوقاً ) ، مردها السعي المتهالك لاتخام نهم البعض من السطوة والنفوذ ، دون الاكتراث بأنه سيكون في هذه الحالة عسير الهضم لدى الجميع دون شك ، لذلك فسدت التركيبة ، مما اثر سلباً بصورة مباشرة على مزاج الناخب العراقي ، واول تجليات ذلك انكماش ملحوظ في ذهاب المواطنين الى مراكز التسجيل للانتخابات ، حيث ان احصائيات اولية قد اشارت الى ان من سجلوا اسماءهم لحد كتابة هذا الموضوع قد تجاوزوا بقليل المليون ناخب فقط في عموم العراق ، في الوقت الذي كادت ان تتجاوز فرصة التسجيل زمنها المحدد ، وهنا لايختلف عاقلان على ان تلك الجولة البرلمانية العاصفة التى حصلت في الثاني والعشرين من تموز الماضي ، كانت قد قلعت الخيام السياسية البراقة وكشفت حقيقة ما كان يعتمل تحتها ، ولانريد ان نعطي لرد الفعل هذا وصفاً بقدر ما نهدف الى لفت الانظار اليه ، فهو في مطلق الاحوال سيأخذ محله على رصيف التراكم النوعي والكمي للتغيير الذي اخذ ينمو في وعي الناخب العراقي حيث كان قد غيب قسراً وظلم عنوة . ويحدو الامل الحريصين بأن تكون تجربة الخمس سنوات الماضيات والتي كانت عاصفة حقاً قد ساعدت على انجلاء الغمامة الكارثية ، تلك التي جيئ بها لغاية تعليب الوضع السياسي العراقي بقماقم طائفية و اثنية يكمن تحت كل منها ( مارد ) من الخطورة بمكان المساس به !! ، وثمة بشائر بالمزيد من ارتفاع الوعي الذي ينتسب اصلاً الى ردود الفعل التي علقمت نفوس الناس من جراء ( حصاد ) تجربة الفترة الماضية ، التي اغرقت البلد بمزيد من الظلام والظلم الاجتماعي والعوز الاقتصادي والرعب الامني والفساد المالي وغيرها ، تلك كانت افرازات فوضى ضاربة ، ومن هنا تحسب القوانين التي يصدرها مجلس النواب الجهة التشريعية الوحيدة في البلد بمثابة السلاح المعول عليه لمكافحة الاوضاع المزرية ، بيد ان الكارثة ستكبر عندما يُصَغر دور الشعب العراقي الذي يمثله مجلس النواب ، وهنا يطرح سؤال مهم مفاده : من الذي يعطي لنفسه الحق ان يتلاعب بأرادة المشّرع العراقي ؟ ، ولايخفى الجواب حتى على نزلاء المصحات العقلية ، فالمشّرع ذاته هو المسؤول عن صيانة و صحة وسلامة تشريعاته ، وفي حالة دخوله بمساومة غير مشروعة او اخلاله بثقة ناخبيه سيدفع ثمن ذلك بخلع الشرعية عنه بحكم الدستور ، واذا ما حسبنا كم من النواب قد وقع تحت هذه الطائلة الدستورية ؟ ، سنجدهم كثراً ، ولكن في واقع الحال مازالوا نواباً لم تطلهم اية اجراءات تذكر بفعل المساومات والمحاصصات ، ومن المؤكد سيأتي العقاب والثواب في الدورات الانتخابية القادمة ، هذا اذا ما الغيت صلاحية رئيس الكتلة البرلمانية في تعيين وبقاء النائب مهما تحول الى اداة لارادة فئوية ، تجرده بحكم القانون من مهمته ومسؤوليته في التشريع لصالح الشعب واداء دوره الرقابي على السلطات ، وفي الوقت ذاته تحول الناخب الى ( المتهم الاول ) عن ارتكاب الخطأ في اختيار الشخص غير المناسب وتداعيات تصرفه غير المنضبط ، ومن باب الانصاف يعتبر الناخب مخدوعاً في هذه الحالة لكونه قد ضُلل في عملية التصويت لشخص غير جدير باداء دور ممثل الشعب في مجلس النواب ، ولكن على اية حال ان القانون لايحمي المغفلين . ولا غرابة في ظل مناخ سياسي ملبد بالخلافات والضغائن بسبب التصارع على مواقع النفوذ ان تتمخض خلاله عن مجلس نواب متعب قوانين مأزومة ، حيث نصف هذا المجلس غائب ونصابه معوق دائماً ، اذاً كيف يستطيع قانون مقطوع النسب عن ارادة وحاجة الجماهير ان يكون حجر الزاوية كما هو مفترض في بناء دولة مؤسسات عراقية منشودة ؟ ، بعد كل ذلك يواجهنا سؤال وجيه ومركز مفاده ( ما العمل ؟ ) ، لاريب في ان المواطن العراقي المغيّب عن المشاركة في تقرير مصيره ومصير بلده ، يمر اليوم بظرف غريب على الحياة السياسية العراقية ، فلا يحسن التعامل مع مفرداته و آلياته الديمقراطية الجديدة ، وهذا ما يجعله عرضة للانسياق وراء بعض الرموز السياسية وغيرها لعلها تهديه الى سواء السبيل كما يعتقد ، غير ان النتيجة كانت مخيبة للآمال ، صورتها عملية سياسية ديمقراطية جميلة ، ولكن للاسف الشديد تفتقر لثقل الكفاءات الديمقراطية المؤمنة باعادة بناء دولة ديمقراطية فدرالية عراقية موحدة على اسس حضارية رصينة ، مع ان هذه الغاية الاساسية هي التي يسعى من اجلها شعبنا العراقي ، ولكن وضعت معظم عتلاتها المحركة ليس بيد من هو الاكفأ . ان تنمية الوعي الديمقراطي يقع في جله على عاتق المفوضية العليا للانتخابات ، هذه الجهة المحايدة وصاحبة الحق في ترسيخ مستوى عال من المعرفة في هذه الممارسة الديمقراطية لدى المواطنين بغية سير العملية الانتخابية في مسارها الصحيح ، غير ان ذلك لايعفي اية قوى سياسية من هذا الواجب الوطني ، وينبغي ان تضع مفوضية الانتخابات شرطاً على الدعاية الانتخابية ينص على تحديد جزء منها مخصصاً لرفع الوعي الديمقراطي والادراك والحرص المطلق على المصالح الوطنية العليا ، فضلا عن دور وسائل الاعلام الرسمية التي يفترض ان تصب جهدها لدعم هذا الوجب الوطني .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!
-
{{ الراصد }} اصلحوا الدستور تٌصلح الامور
-
{{ الراصد }} التصعيد في الازمة ... تدحرج الى الهاوية
-
{{ الراصد }} قانون انكبح متعثراً بعتبة البرلمان !!
-
{{ الراصد }} مضاربات في بورصة العملية السياسية
-
{{ الراصد }} الحزب الشيوعي العراقي وثورة 14 تموز المجيدة
-
{{ الراصد }} ثورة 14 تموز ... غرة في جبين تاريخ العراق السيا
...
-
{{ الراصد }} خريف الاحتلال في صيف العراق اللاهب
-
{{ الراصد }} الاتفاقية العراقية الامريكية .. تراتيل لنصوص لم
...
-
{{ الراصد }} وداعاً للسلاح
-
{{ الراصد }} سياسة مفاوضات ام مقايضات سياسية ؟
-
{{ الراصد }} العراق ... قيظ وقضية قضيض اهلها مفقودا
-
{{ الراصد }} قانون الانتخابات في غياهب المحاصصة !!
-
{{ الراصد }} من اين تبدأ طريق الزعامة
-
{{ الراصد }} هيئة نزاهة ام هيئة نزقة ..؟
-
{{ الراصد }} التيار الديمقراطي العراقي .. شد الاحزمة للانتخا
...
-
{{ الراصد }} سلاح المقاومة خلع حجاب الشرعية واعتدى سافرا
-
{{ الراصد }} جهود ووفود حصيلتها تكرار الوعود
-
{{ الراصد }} الطبقة العاملة العراقية .. الغتها الدكتاتورية و
...
-
{{ الراصد }} حكومة المشاركة الوطنية هي الحل
المزيد.....
-
البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية
...
-
احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا
...
-
الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال
...
-
إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
-
الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
-
-نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب
...
-
العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية
...
-
إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما
...
-
انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
-
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|