أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - الاستثناء والقاعدة














المزيد.....

الاستثناء والقاعدة


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:21
المحور: المجتمع المدني
    


عامداً متعمداً جعلت الاستثناء في عنوان هذا المقال قبل القاعدة. ذلك هو القانون الملتبس لحياتنا المضطربة منذ عقود الذي جعلنا نعيش أبداً في الاستثناء حتى نسينا القاعدة التي هي صنو الحياة الطبيعية، كما يفترض أي عاقل. أو بتنا نعد الاستثناء قاعدة والعكس صحيح. فمذ تفتح وعي جيلنا كنا نسمع هذه العبارة/ اللازمة في خطابات سياسيينا وإعلاميينا؛ ( نحن نمر بمرحلة استثنائية ) حتى صارت هذه المرحلة وكأنها أبدية خالدة، وحتى بتنا نخاف حين يغمرنا بعض من نسائم الوضع الطبيعي للحياة وكأننا نرتكب جرماً.. نضحك قليلاً ثم نقول "اللهم اجعلها ضحكة خير" ويغلبنا الجزع كما لو أن مصيبة ستحل علينا بسبب ضحكنا ليس إلاّ، وإذا ما حصل بعد ذلك أمر سيء وغالباً ما يحصل ( تذكّر أننا نمر بمرحلة استثنائية مستمرة ) نعتقد أننا عوقبنا بسبب إثم الضحك الذي لا يجدر بنا اقترافه.
حين نحظى بموظف طيب وشريف لا يؤخر معاملتنا في دائرة ما، من غير مقابل، نتعجب، وكأن القاعدة أن تتأخر المعاملة وأن ندفع من أجل إنجازها ( واحنا الممنونين ).. حين يقابلنا موظف استعلامات دائرة ما بالابتسامة والكلمة الحلوة تأخذنا الدهشة وكأن القاعدة أن يقابلنا ذلك الموظف بوجه عبوس وكلمات خشنة.. وحين نجد جاراً لنا منهمكاً في تنظيف الزقاق الذي نسكنه، نقول؛ "والله الدنيا ما زالت بخير" وكأننا لا نصدق أن يبادر أحد ما وينظف محيط المكان الذي يعيش فيه. والأمثلة بهذا الصدد لا تعد ولا تحصى.
تحكي رواية ( 1948 ) لجورج أورويل عن بلاد يحكمها نظام ديكتاتوري بوليسي، في غاية القسوة، يحمل شعارات من قبيل (الحرب هي السلام ، الجهل هو القوة، العبودية هي الحرية ) حيث تغدو الحرب والجهل والعبودية هي طريقة العيش لمئات الملايين من البشر الخانعين والمغلوبين على أمرهم، الذين سيعتقدون بمرور الوقت أن هذا هو القدر المكتوب، واحتمال الحياة الوحيد الذي يجب الرضوخ له. ولعل أورويل أعطى المثال الأكثر تطرفاً وتشاؤماً لما يمكن للديكتاتورية أن تصل إليه. غير أننا عندما نستعيد عقود حياتنا الضائعة نرى أن الستينيات والسبعينيات كانت سنوات حرب واستعدادات لها واستبداد بحجة الحرب المرتقبة حيث لا صوت يعلو على صوت المعركة. وفي الثمانينيات اكتوينا بنار الحرب العراقية الإيرانية، وابتدأت التسعينيات بحرب غزو الكويت والحصار الذي أنهك شعبنا ثم دخلنا القرن الجديد لنشهد حرباً أخرى، وقلنا انتهينا، غير أن الأمر ومثلما يبدو لم ينته بعد، فما زالت المرحلة استثنائية وخطرة.
هذه الحالة الاستثنائية المزمنة جعلت بعضنا يتمنى أن يشهد سنوات خير وسلام قليلة وليمت بعدها. وأحد أصدقائي حين قلت له؛ أريد عشر سنوات حياة طبيعية قبل أن أودع هذه الدنيا، ضحك بمرارة وقال؛ كم أنت متفائل؛ أنا أريد سنة واحدة فقط!؟.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب: ( نساء وأطفال؛ قضايا الحاضر والمستقبل )
- ضرورة المعارضة
- قراءة الرواية: وسيلة لفهم الشأن العام
- لنفكر بما يجمعنا
- العراقي متهماً
- التاريخ والسرد العراقي
- تجّار الأزمات
- بغداد جنة أشواقنا
- ( تحت العجلة )..رواية هرمان هسه: تعرية لبؤس التقاليد
- الرضّة الحزيرانية ونكوص الإنسان المقهور
- سلّة الأخطاء
- ثلاثة أشباح.. ثلاثة نصوص: شكسبير، ماركس، ديريدا
- ما بعد حزيران؛ نقد الذات المهزومة
- المعاهدة والمعارضة
- هزيمة حزيران؛ فشل الدولة ( العربية ) الحديثة
- المستقبل للنساء
- أستورياس في ( الريح القوية )
- أسعار النفط !!
- ثقافة الصورة.. ثقافة المشاهدة
- المثقفون وفوبيا الحرية


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - الاستثناء والقاعدة