أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - شاهر أحمد نصر - لنفكر بعقل بارد وقلب حار مناقشة موضوعات المؤتمر الـسادس للحزب الشيوعي السوري















المزيد.....


لنفكر بعقل بارد وقلب حار مناقشة موضوعات المؤتمر الـسادس للحزب الشيوعي السوري


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 736 - 2004 / 2 / 6 - 05:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من حسنات عصر المعلوماتية إتاحته الفرص للقوى والأحزاب السياسية أن تطرح فكرها للنقاش العام، وتمكن العديد من المهتمين أن يدلوا بدلوهم بهذا الخصوص بعيداً نسبياً عن الخوف، من إحالتهم للمحاكم العسكرية، نتيجة قراءتهم لنص لا يروق للبعض... على الرغم من أنّ عنصر الخوف، الناجم عن الاستمرار في فرض حالة الطوارئ لعقود طويلة، مازال يفعل فعله السلبي، في القضاء على عناصر القوة عند الشعب..
ولعل طرح موضوعات الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) للنقاش دلالة على صمود هذا الحزب، على الرغم من الضربات القاسية التي وجهت له، من قبل كثير من الأطراف، بمن فيهم الأخوة الأعداء... وإن دلّ ذلك على شيء، فهو يدل على روح الصمود العالية لدى قادته، بدءاً من رياض الترك، وعمر قشاش، والعديد غيرهم ممن كانوا مثالاً للصمود والإباء، سواء داخل السجون، أو في التخفي بين أبناء شعبهم الذي حماهم، فضلاً عن وجود ما هو جدير بالحياة في فكر هذا التنظيم... وفي هذا المجال يحضرني ما كتبته في رسالتي المفتوحة إلى الدكتور عارف دليلة في قلعة صموده: "كما أنه لا يمكن دراسة تاريخ سوريا في العصر الحديث، ونضالها في سبيل الحرية والاستقلال، من دون الأخذ بعين الاعتبار معركة ميسلون، وقائدها المناضل يوسف العظمة؛ فإنّه لا يمكن أيضاً دراسة نضال الشعب السوري في سبيل الديموقراطية، وبناء مجتمع متحضر له موقعه المرموق في العالم، من دون دراسة تضحيات المناضلين أمثال المحامي رياض الترك، والبروفيسور عارف دليلة، وآلاف المناضلين الآخرين الذين ضحوا بأغلى ما ليديهم في سبيل الحق والعدالة، والحرية، والديموقراطية، والتمدن". وسيسجل التاريخ لهذا الحزب، وقادته دورهم في تطور البلاد..
وفضلاً عن صمود هذا الحزب، فإنّه يشهد له بالدأب على طرح والتمسك بمنهج التفكير المتجدد ـ الذي قد يكون أحد أسباب صموده ـ حيث جاء في مقدمة الموضوعات، أنّ الحزب "أعوزته أيضاً دراسة المتغيّرات، التي عصفت في العالم وتطلّبت مراجعة جدّية للمناهج السائدة ولأدوات التفكير". مع التأكيد على أنّ "عملية التجديد التي نسعى إليها لا تعني التخلي أو الانحراف عن القيم الإنسانية الكبرى التي وجهت مسيرة الحركة الاجتماعية الاشتراكية والديمقراطية في العقود الطويلة الماضية... على أن يبقى تفكيرنا منفتحاً ناقداً، وقابلاً للنقد والتجديد الدائمين".
انطلاقاً من هذه العناصر سنحاول مناقشة هذه الموضوعات..
الوضع الدولي:
تبين قراءة الموضوعات الإسهاب في طرحها للعديد من القضايا، وخاصة الوضع الدولي، فضلاً عن التكرار في العديد من المواقع.. من المفيد اختصار السرد المسهب للتاريخ العالمي، مع عدم إغفال القضايا التي كان لها أثر ملموس على تطور الأحداث في منطقتنا، كقيام إسرائيل وتحالف الصهيونية مع الاحتكارات الرأسمالية العالمية في حربها ضد الاشتراكية والشيوعية، ودورها في تفكك وانهيار المعسكر الاشتراكي، بالإضافة للأسباب الداخلية الموضوعية التي أدت إلى ذلك الانهيار، والخطأ التاريخي الذي ارتكبه قادة الاتحاد السوفيتي نتيجة التدخل في أفغانستان، وتأليب القوى الإسلامية، التي تحولت لعنصر قوة بيد الاحتكارات الرأسمالية وحليفتها في النضال ضد الاشتراكية.. وعند الحديث عن أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، لا بدّ، مع إدانة هذه الأحداث، تبيان دور السياسة الأمريكية في خلق الظروف التي أدت إلى هذه الأحداث، سواء بموقفها اللاعقلاني واللاإنساني من قضية العرب العادلة في الصراع العربي الصهيوني، ومساندة أمريكا للاتجاه الفاشي الدموي المعادي للسلام في إسرائيل، فضلاً عن تأسيسها للتيارات الإسلامية المتطرفة لمناوئة الشيوعية، والتي ارتدت عليها، لينطبق عليها المثل "يداك أوكتا وفوك نفخ"..
عند الحديث عن الوضع الدولي من المفيد التركيز على متطلبات التطور في عصر العولمة، فالقراءة الصحيحة للعصر الذي نعيش فيه، تساعد أي حزب في وضع الأسس السليمة لتوجهاته السياسية، والفكرية، والاقتصادية في هذا العصر.. من ميزات الحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية في هذا العصر: التنوع، والتخصيص، والديموقراطية.
وعند الحديث عن العولمة، فإنّه مع التأكيد على أنّها مسألة قديمة في التاريخ البشري.. من المفيد تبيان أنّ مسيرة العولمة ماضية سواء اعترفنا بها أم لم نعترف.. والأفضل أن نتعرف على جوانبها ومخاطرها، والاستعداد لتجنب المخاطر والاستفادة من المنجزات الإنسانية.
 في عصر المعلوماتية تأخذ العولمة مناح واتجاهات جديدة، وتكتسب قوى وأبعاد إضافية.. ومحركات العولمة الجديدة هي: الابتكار التكنولوجي، وسيطرة الليبرالية الجديدة، وتقدم الديموقراطية في هذا الإطار كتوأم لاقتصاد السوق الحر ..
علينا الانتباه إلى التكتلات الجديدة التي تقود إليها الثورة المعلوماتية في عصر العولمة.  خاصة ما يسمى بالسوق الشرق ـ أوسطية التي يخطط لها في منطقتنا.. من الضروري الانتباه إلى أنّ الخطة الشرق أوسطية لتقسيم العمل بين العرب وإسرائيل، في عصر العولمة، تبنى على أسس تفوق إسرائيل العلمي والتكنولوجي، وعلاقاتها العضوية مع الشركات التكنولوجية العالمية..
في عصر العولمة والمعلوماتية نحن بحاجة إلى نظرة، وممارسة متوازنة، قابلة للمراجعة الدورية، ضمن آليات ديموقراطية تحفظ للوطن والمواطن كرامته..

الحاجة إلى النظرة الموضوعية في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية :
من المفيد تبيان أنّ شعوب المنطقة بحاجة إلى نظرة موضوعية، عند البحث في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.. 
  مما لا شك فيه أنّ حكام الولايات المتحدة الأمريكية، ونتيجة مساندتهم المستمرة للاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني،  ونتيجة حربهم غير الشرعية ضد العراق، قد وجهوا صفعة قوية للديموقراطية ودعاتها في العالم العربي...
إلاّ أنّه إذا نظرنا إلى الولايات المتحدة من خلال المنظور الديموقراطي التاريخي، لوجدنا أنّه لا يوجد ثبات وديمومة أبدية في البنى الاجتماعية الأمريكية، وبالتالي فإن التناقضات الكامنة في المجتمع وبناه الاقتصادية وما يضاف إليها من تناقضات خارجية، وتناقضات مع الفكر الديموقراطي الذي تقوم عليه تلك البنى، لا بد سيقود إلى تغيير.. وبقدر ما كانت القوى المؤثرة في التغيير تنسجم مع مصالح التقدم، والقيم الإنسانية، بقدر ما كان ذلك التغيير في صالح الإنسانية ككل، بما في ذلك الشعوب العربية ..     
من هنا تنتصب مهمة أساسية أمام الغيورين على مستقبل الإنسانية في العالم ككل، وفي وطننا العربي على وجه الخصوص، في البحث عن سبل التفاعل مع المجتمع الأمريكي، ونقل تلك الأفكار إلى التطبيق العملي.. ومما لا شك فيه أن أولى أولويات هذا الفعل، هي وجود حالة ديموقراطية حقيقية في مجتمعاتنا، تتيح القيام بالمبادرات وتطبيقها في الواقع، فضلاً عن تجاوز الحاجز الذي يجعلنا غير مقبولين سلفاً من الآخر.. لنخاطبه بلغة طالما افتخر بها ألا وهي: الديموقراطية، وهي السبيل لتغيير قناعاته وتغيير حكامه..
أدوات التفكير الجديدة
من الضروري في هذا العصر القيام بدراسة مجهرية (دقيقة) للمسلمات النظرية التي نتمسك بها بتصميم، ربما نكتشف يوماً أنّها لم تعد ملائمة للواقع الذي هو في طور الولادة. (كما يقول توفلر).
الأزمة التي تعصف بالعالم، في هذا العصر ليست اقتصادية وسياسية فقط: إنّها أيديولوجية. وتتداخل فيه العلاقة بين المنجزات التكنولوجية، وعلم الاجتماع.. ويمتاز هذا العصر مع تقدمه التكنولوجي بخواء روحي كبير.. إلاّ أنّ البشرية لا يمكن أن توجد من دون فكر... وعند غياب أي فكر لا بد أن يحل محله فكر آخر؛ فغياب الفكر العلماني سيزيد من هيمنة الفكر الغيبي.. من المفيد في هذا المجال إعادة الاعتبار للفكر العلماني والماركسي من خلال القراءة المعاصرة للواقع، بعيداً عن الدوغمات والتقديس... مع التأكيد على أهمية امتلاك المنهج السليم في التفكير، المنهج العقلاني العلمي والديالكتيكي...
من المفيد تدقيق الصيغ التعميمية الشعاراتية العاطفية، تلك الشعارات والأفكار التي تعيدنا إلى أيام الانتصارات الوهمية، كالعبارة الصاخبة التي جاءت في الموضوعات : "هذا وعد الاشتراكية" .. أو العبارة التي تقول: "لا يصعب على من يملك مثل تراثنا تفهّم العلمانية، حيث لا يوجد كنيسة حاكمة في التاريخ.." هذا القول يحتاج إلى تدقيق؛  إذ أنّ العديد من الباحثين والمؤرخين يؤكدون على أنّ ظهور القانون في أوروبا كان من  ثمار "الصراع الذي حصل في أوائل القرن الثاني عشر في أوروبا بين الكنيسة والدولة حول مسألة تقليد المناصب في الكنيسة أو ما يسمى التنصيب أو الترسيم . فقد استمر الإمبراطور بتقليد بعض من يرشح لمناصب في الكنيسة (الخاتم والعصا) حتى حرمها البابا غريغوري السابع ..  وفي حوالي عام 1120 م " أعلنت السلطة البابوية في الكنيسة تحررها من سيطرة الدول ، وتخلصها من التدخل في تعيين رجال الدين وإدارة شؤونهم . كسبت الثورة البابوية الصراع .. كانت معركة فكرية وقانونية . أنتجت أول نظام قانوني شمولي هو القانون الكنسي (قوانين الكنيسة لـ غريشن 1140) ، وكبحت البابوية من جماح التدخلات من خارج الكنيسة .. وقيدت في الواقع امتيازات السلطات الدنيوية ، بوضعها نظام قانوني جديد .. وخلقت بذلك " أول نظام قانوني  غربي حديث " . كما أدى هذا التعديل الثوري " إلى مولد الدولة الغربية الحديثة ـ التي كان المثال الأول عليها هو الكنيسة نفسها (وليس الدولة العلمانية) ـ (انظر: فجر العلم الحديث ـ عالم المعرفة ـ الكويت ـ العدد/260 التاريخ آب/ أغسطس 2000م  ص137-154 ).
القومية العربية:
نلمس الإسهاب في الموضوعات من جديد عند بحث موضوعات القومية العربية.. وفي هذا المجال، وبالإضافة إلى التركيز في البحث، من المفيد تبيان  أن محاولة النهوض العربية، فضلاً عن أنّها "افتقدت مضمونها وخسرت حاملها الاجتماعي"، كما جاء في الموضوعات ، فإنّها لم تترافق مع تطور البنية الاقتصادية الصناعية، وعدم انسجامها وتلبيتها لمتطلبات التطور العصرية.. والآثار السلبية التي تركتها التجربة الناصرية والتجارب القومية اللاحقة المتأثرة بالتجربة  الستالينية بابتعادها عن الديموقراطية على تطور المنطقة ... بالإضافة إلى تبيان دور إسرائيل والصراع العربي الإسرائيلي في كل ما يجري في المنطقة، ليس للهروب من الأسباب والاستحقاقات الداخلية بل لتكتمل اللوحة، .. وعند الحديث عن نمو التعصب الديني، والفكر الديني المتطرف، من المفيد والموضوعي تبيان أنّ أحد أسباب ذلك يكمن في الدور الأمريكي، في خلق ما عرف بالإسلام الأمريكي، لمجابهة الفكر الشيوعي والقومي..
القضية الفلسطينية، وجدار الجبناء، والموقف من السلام:
عند الحديث عن القضية الفلسطينية من المفيد تبيان أن الشعب العربي الفلسطيني حقق نصراً في انتفاضته الأولى بانتقال منظمة التحرير الفلسطينية، ومركز الصراع إلى أرض الوطن، وانتقال المعركة إلى داخل فلسطين، كما أنّه يحقق نصراً في انتفاضته الثانية.. وما جدار الجبناء، جدار الفصل العنصري ووصمة العار في جبين الصهيونية، والبشرية الصامتة، إلاّ برهان على النصر الذي حققه الشعب العربي الفلسطيني الأعزل على أقوى وأشرس قوى التحالف الرأسمالي العالمي والصهيونية المدججة بأقوى الأسلحة الأمريكية، ولن يجدي الصهيونية هذا الجدار، ولا عمليات الاغتيالات الجبانة وهدم المنازل، ولا الترسانات النووية نفعاً، والمخرج هو معالجة مسألة الصراع على أسس القانون والشرعية الدولية..
  إنّ إقامة السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط ، على أساس الشرعية الدولية القاضية بإعادة الأراضي العربية المحتلة في الجولان ومزارع شبعا إلى أصحابها الشرعيين في سوريا ولبنان، وإقامة الدولة العربية الفلسطينية، وعاصمتها القدس، ومعالجة مأساة اللاجئين وفق قوانين الشرعية الدولية، هي بداية النهاية للمشروع الصهيوني العنصري.. وهذا ما تعيه وتخافه تلك الأوساط ، ولذلك نجدها تبحث عن سبيل الهروب من استحقاقات السلام العادل والشامل، باستغلالها ومحاولة افتعالها الأزمة تلو الأخرى.. للتأخير في حل أزمة الشرق الأوسط، علّها تصل إلى زمن وظروف تجعلها تفرض شروطها، التي تقود إلى هيمنتها المطلقة على المنطقة، ولو أدى ذلك إلى إلغاء الآخر..
من الضروري في ظروفنا الحالية تمسك العرب بخيار السلام العادل والشامل، والاستفادة من المبادرات الدولية، لإقامة دولة فلسطينية، ودفع هذه المبادرات إلى الأمام، ومخاطبة العالم بلغة موضوعية حقيقتها أنّ المشكلة ليست بين العرب واليهود كيهود ، بل بين العرب والمشروع الصهيوني العنصري الذي يستبيح احتلال أرضنا، واضطهاد شعوبنا..
ومن مهام لغة الخطاب العربي الوصول والتأثير في الشارع الإسرائيلي .. يعدّ تحرير اليهود والإسرائيليين من الفكر العنصري، مهمة إنسانية وعربية ستترك آثارها على مستقبل العالم ككل .. ليس في صالح أحد من محبي السلام  القول أنّ كل إسرائيلي، أو يهودي فاشي وعنصري، ولا الدفع في هذا الاتجاه ، بل على العكس، إنّ مثل هذه الشعارات تغذي معسكر مناوئي السلام.. علينا البحث عن مناصري السلام في المعسكر الآخر، والعمل على تقوية وتعزيز نفوذهم .. 
العراق:
من الملفت تجاهل الموضوعات للدور السلبي الذي لعبه النظام الديكتاتوري الدموي لصدام حسين في العراق، الذي بدأ بسفك دماء الشيوعين في العراق، ليتابع مهمته في حربه ضد إيران، واحتلاله للكويت.. وهذا يدل على أنّ أي حاكم يعادي الشيوعية ويسفك دماء الشيوعيين لا يمكن أن يكون وطنياً .. ومن المفيد في هذا المجال تبيان الدور الذي لعبه هذا النظام في خدمة إسرائيل والمشروع الصهيوني، فالحرب ضد إيران وملايين الضحايا من الطرفين العراق والإيراني، تخدم اختلال التوازن في المنطقة لصالح إسرائيل، كما كان احتلال الكويت مخرجاً لإسرائيل من أزمتها عقب الانتفاضة الأولى، وجاءت أحداث 11 أيلول لتساعد إسرائيل أيضاً في خروجها من أزمتها وهزيمتها أمام الانتفاضة الثانية، ولا تبتعد حرب أمريكا واحتلالها للعراق عن خدمة المشروع الصهيوني، فضلاً عن تحقيقها مكاسب للاحتكارات الرأسمالية الأمريكية وتجار الأسلحة، وهذا يدل على عمق تحالف المصالح الاستراتيجية بينهما..
من الضروري التأكيد على مد يد الأخوة إلى الشعب العراقي، وتأييده في الطريق الذي يختاره لإنهاء الاحتلال، وتقرير مصيره في العراق الديموقراطي الموحد المستقل.. مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ العراق الديموقراطي هو سند كبير للعرب جميعاً، والمتضررون من الديموقراطية التي ستساهم في تفتح طاقات وإبداعات الشعب العراقي، هم المتضررون من المناخ الديموقراطي في المنطقة، وأعداء شعوب المنطقة، وفي طليعتهم الصهيونية العنصرية..
الوضع الداخلي:
عند بحث الوضع الداخلي لا بد من تقدير الاستنتاجات التي توصلت إليها الموضوعات، خاصة المقاربة الديموقراطية للتطور، المقترنة بالعدالة الاجتماعية، وبقاء الاشتراكية أفقاً استراتيجياً أمام المجتمع.. وفي نفس الوقت من المفيد التدقيق في المصطلحات والمفاهيم المستخدمة في هذا المجال، التي قد تحمل بعض جوانب الدقة العلمية، وفي نفس الوقت ليست موفقة سياسياً .. فتكرار مصطلح الاستبداد في كل فقرة، بل وسطرٍ أحياناً، ينبأ بأن هذا التحليل كتب استناداً إلى خلفيات قد تحمل بعض الجوانب الشخصية من الطرفين : (المتحدث، والمتحدث عنه).. وهنا من المفيد تبيان أنّ مفهوم  الدولة "كأداة قمع" الذي ساد وبني الاستبداد في بعض جوانبه علية، هو مفهوم شيوعي بالأصل، اعتمده لينين بناء على انجلس ، بالتالي خلفية رؤية الدولة كأداة قمع لا يتحمل النظام وحده مسؤوليتها.. بل إن الشيوعيين لو تبوءوا سدة الحكم في تلك الأثناء لتصرفوا بشكل مشابه.. وأعضاء الحزب الشيوعي (خاصة فصيل المكتب السياسي) هم ضحايا الشيوعية قبل غيرها..  من المفيد والضروري محاكمة مرحلة من مراحل تطور البشرية، وليس الأشخاص فحسب... أتمنى ألاّ يساء الفهم هنا، فأنا لا أريد، بل لا أستطيع  تبرئة أحد، لأنّ التاريخ سيقول كلمته عاجلاً أم آجلاً ... إنما ولأسباب سياسية أرى أن الموضوعات في هذا الخصوص تحتاج إلى تمعن وتدقيق.. ويفضل سياسياً الحديث عن بنية سياسية اجتماعية اقتصادية مستوردة، اكتسبت شرعيتها في مرحلة من مراحل التطور العالمي، وليس من متطلبات التطور الداخلية... وأن يتم البحث في البنية وليس في الأشخاص فقط، مع التنويه والأخذ بعين الاعتبار أنّ أغلب الأحزاب السياسية في سورية أيدت تلك الحالة وتتحمل المسؤولية عن تلك المرحلة.. أي إنّ  لغة الخطاب يجب أن تبتعد عن الجوانب التي قد تبدو شخصية، لتصبح موضوعية ومقبولة ومفيدة للجميع... 
إنّ البنية السياسية الاجتماعية الاقتصادية المهيمنة تفرخ الفساد يومياً، وتعرقل النمو الاقتصادي، وتسد الأفق السياسي، ومن الضروري البحث عن مخرج بأقل الخسائر منها.. لكن وفي نفس الوقت لا يمكن الوقوف عند السلبيات فقط (مع أنّ المنحى العام مع الأسف في هذا الاتجاه )، إلاّ أنّه من المفيد أيضاً  تبيان ما تحقق من إيجابيات؛ كالإصلاح الزراعي، والتطور في مجال التعليم وبعض حقوق المرأة، والبنية التحتية، وبناء السدود، وشبكات المياه والكهرباء..
 كما أنّ النظرة الموضوعية تفترض رؤية الحصار الذي عانته سورية..
 وعند تحليل الوضع الاقتصادي من المفيد تقديم إحصائية بخصوص هجرة الرساميل من البلاد، وتهريبها إلى الخارج، والآثار السلبية التي تركها ذلك على الاقتصاد الوطني... ومن المفيد أن يكون للحزب برنامجه الاقتصادي الذي يتضمن رؤيته لمعالجة الحالة الاقتصادية المأزومة في البلاد ...
 إنّ معالجة المأزق المحيط بالجميع يتطلب تضافر جهود الجميع؛ وهذا ما تؤكده الموضوعات التي تقول: "من أجل ذلك لا نستثني أحداّ، لا في أفراد حزب النظام ولا في قوى جبهته ولا في المعارضة بكافة ألوانها. ولدينا الثقة بأن هنالك حريصين على الوصول إلى حلّ مأمون من خلال الانتقال إلى الديموقراطية".  من هنا تنبع ضرورة اعتماد لغة خطاب مقبولة تساعد على التلاقي لا التنافر والصراع..
 كما أنّه من المفيد تبيان الخطأ الكبير الذي ارتكبته القوى التي قامت بأعمال التفجير والاغتيالات، ومن وقف وراء مواجهات السبعينات...
          والموضوعات موفقة في اقتراحها لآليات الخروج من المأزق العام، ودعوتها لعقد مؤتمر وطني شامل، تتمثّل فيه جميع قوى الشعب، على غرار ما كانت تلجأ إليه سورية في أزماتها ومفاصلها التاريخية، بل بشكلٍ أكثر حداثةً وجدوى. بوسع مثل هذا المؤتمر أن يضع برنامجاً تأسيسيّاً لنظام وطني ديموقراطي، ويقرّر الخطى اللازمة على هذا الطريق. من شروط نجاح و نجاعة مثل هذا المؤتمر، ألاّ يجري الالتفاف على منطقه وجوهره التمثيليّ وإفراغه من مضمونه، بالمناورة والانتهازية".
ليس بالضرورة أن تكون "نواة الكتلة التغيرية" هي " القوى التي قاومت الاستبداد" كما جاء في الموضوعات لأنّ الشعب بأكمله هو صاحب المصلحة في التغيير...
 حبذا لو تضمنت الموضوعات فصلاً خاصاً بالنقد الذاتي، يكون فيه الشيوعيون قدوة ومثالاً في تبيان سلبياتهم وأخطائهم، وتبيان أنّ التراجع عن الخطأ فضيلة فعلاً، ودلالة على الثقة بالنفس، وتفضيل مصلحة الوطن على المصالح الأنانية الضيقة، أجل علينا أن لا نهاب التراجع، كما كان لينين يحب أن يعلن على الملأ.
 
أشكر المبادرين والقيمين على طرح هذه الموضوعات للنقاش، وأتمنى على جميع المهتمين المشاركة في النقاش، مع الجميع، وفي صالح الجميع.. لقد آن الأوان لنفترق إلى الأبد مع تلك المراحل التي كانت، وكنا نضيق فيها بالآخر، لننطلق من حقيقة أنّ:
 الوطن يتسع للجميع،  الوطن يحتاج للجميع.

طرطوس ـ أوائل شباط/ فبراير   2004             شاهر أحمد نصر
                                               [email protected] 

 



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*) ...
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*)3 ...
- المعارضة عنوان الأوطان ومصدر قوة لدولة القانون
- وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ - دعوة للتمس ...
- إلغاء قوانين الطوارئ شرط ضروري للمناقشة الموضوعية لفكر حزب ا ...
- من الأشعار الأخيرة لرسول حمزاتوف
- المجتمع المدني ضرورة اجتماعية ووطنية
- الاستراتيجية الأمريكية، والقصور العربي، في السياسة الخارجية
- رسالة مفتوحةإلى: المناضل، عميد كلية الاقتصاد السابق، الدكتور ...
- عصر المعلوماتية 2-2
- عصر المعلوماتية
- الحوار المتمدن عنوان الأممية الحرة
- من متطلبات الدخول السليم في عصر المعلوماتية
- قانون الأحزاب السياسية من وسائل الإصلاح السياسي الديموقراطي
- مشكلة العرب والمسلمين ليست مع اليهود كيهود
- مصير العملاء السريين
- العلم عند العرب بين النهوض والتعثر
- إذا أردتم تحرير المرأة ، فابنوا مجتمعات على أسس متحضرة
- هل استكملت الأنظمة العربية عملية بناء الدولة القابلة على الب ...
- هل هناك من يريد ويعمل على البحث عن مطبات تعرقل الإصلاح؟


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - شاهر أحمد نصر - لنفكر بعقل بارد وقلب حار مناقشة موضوعات المؤتمر الـسادس للحزب الشيوعي السوري