أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كامل داود - توظيف المثل الشعبي في الفساد الاداري - القسم السابع - الخلاصة














المزيد.....

توظيف المثل الشعبي في الفساد الاداري - القسم السابع - الخلاصة


كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)


الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:22
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إن المثل الشعبي ليس مجرد ضربا من الفنون بل هو نتاج للسلوك الإنساني المفعم (بالديناميكية) يواكب الحياة، ويستمد وجوده من نسغها، وهو نتاج وعامل إنتاج في نفس اللحظة،فهو نتاج لتجربة ومنتج لتبرير ، يتعكز عليه كل من يريد التعكز في الحق وغير الحق ليدعم وقوفه وموقفه وهنا تكمن خطورة المثل الشعبي فغالبا ما يهون المصاعب من غير حلول حقيقية أو يشرعن السلوك من غير وجهة حق وحينئذٍ يجانب المنطق السليم، فكيف يحظى الكثير من الأمثال الشعبية بالتصديق؟
إن ذهنية المرسل و المتلقي تشكلها الثقافة المتراكمة على مدار تاريخ الشعوب وليس ذلك فحسب ، بل حتى اسلوب التفكير وأدواته هما وليدا ذلك الركام ،ولا نريد أن نذهب إلى ما ذهب إليه (عبد الله القصيمي) بوصفه العرب (ظاهرة صوتية) ولكن يمكننا القول على اقل تقدير ،إن الموروث اللغوي سواء كان عاميا أو فصيحا ، له سطوة كبيرة على سلوك وموقف الناس وربما كلمات قليلة تلقى على مسمع احدهم تخلق عنده من قوة الإقناع ورد الفعل بما لا يصدق وهذا يكمن في سحر الكلام في امة ترى ما يقوله شاعرها : جراحات السنان لها التئام وما يلتام ما جرح اللسان
والمثل هو خلاصة القول يقدم في قالب من الظرف والبلاغة والانسيابية وقد يطعم بحكمة أو تجربة أو حكاية ، ترى كم يحتاج الفرد من الحذق لمقاومة إغرائه ؟
فلو نظرنا إلى المثل القائل ( الشين اللي تعرفه أحسن من الزين الما تعرفه ) إنها دعوة للانقياد وراء الفاسدين وتقبل مشاريعهم رغم معرفة فسادهم والمشكلة تزداد خطورة عندما يأخذ متعاطو السياسة بعنان هذا المثل الخطير وعندها لا حاجة لنا بالانتخابات والتداول السلمي للسلطة ولا جدوى من البحث عن حكومة أخرى وان كانت أفضل بكثير لأننا قد إلفنا (الشين) واعتدنا عليه وهو خير لنا من المرشح الآخر وان كان الآخر هو الأنفع وهذا يذكرنا ببعض
( أهل الكلام) في التراث السياسي الإسلامي والذين أجازوا (إمامة المفضول مع وجود الأفضل ) ليحافظوا على بيضة الدين ويكونوا ابرد رأسا ..!!!
فلا ريب أن هكذا منظومة تفكيرية لا تُعدَم من مثلٍِ على غرار ( الجذب المسفط احسن من الصدك المخربط ) أن هذا المثل لوحده قادرا أن يؤسس لمدرسة متكاملة من الفساد الإداري بكل اذرعه من اختلاس إلى رشوة ومنسوبية وتلاعب وتزوير والأدهى من ذلك تنامي المهارات والأساليب الذكية في إخفاء معالم الجرم الاداري بالأيصالات المزورة والأوراق الثبوتية وحجب المعلومات والتواطؤ بين حلقات الروتين الوظيفي فالموظف غالبا ما يحرص على سلامة موقفه القانوني ويتفنن في الابتعاد عن المسائلة فهي خبرة اكتسبها واتقن مبادئها فليس( كلمن صخم وجه وصار حداد) ولا تنطلي عليه أهداف غيره من الفاسدين فهم خريجوا مدرسة واحدة (احنه دفناه سوية ) و(حرامي الهوش يعرف حرامي الدواب) وهؤلاء يكثرون في حالة انهيار الحكومات ويخلقون قِيمَهم الخاصة يغذونها بما يستنبطون من المآثور الديني والاجتماعي لتخرج الى المجتمع بلبوس مقبول يمنحهم رضا واطمئنان الجماعة فيكون نجاح الباحثين عن الثراء غير المشروع هو ( عوافي لليجيب نقش ) وهنا يكون الفاسد مجتهد ومتفوق بمجتمع يستمري الفساد ويشرعن وجوده وان الآخرين مثاليون فاشلون يستحقون ما هم به من البؤس والشقاء .
من المؤكد إن ذلك لا يعني خلو التراث الشعبي العراقي من الامثال التي تدعو الى العمل والامانة واحترام الوقت ، فأنه تراث لا يختلف عن بقية أصناف تراث الشعوب، فيه الغث والسمين مما تصنعه الظروف الحياتية المتنوعة، ففي الوقت الذي نجد فيه ( بيضة اليوم ولا فرخ باجر ) نجد مثلا اخر يحث على التأني والصبر في نيل المراد بل يؤكد افضلية ذلك ( التالي ربه عالي ) او المثل الذي يرى ان التعاون وروح الفريق في انجاز العمل هو أساس النجاح( اليد الوحدة ما تصفك) وهو مناقض تماما للمثل الذي ذكر في مكان اخر من البحث والذي يحذر من العمل المشترك (جدر الشراكة ما يفور ) وان ذلك ليس بالتناقض كما يبدو من الوهلة الاولى ولكن الامر متعلق بالنفس البشرية وتناقضاتها وما تمليه المصلحة الخاصة من ازاحات بأتجاه القيم الاجتماعية السائدة ويكون المثل القائل ( حب وإحجي واكره وإحجي) مصداقا لذلك.
فلا ريب ان لجوء الافراد الى سلوك الطرق غير الشرعية لكسب المال ، تحدد معالمه عوامل متشابكة من اجتماعية واقتصادية وثقافية فضلا عن مؤثرات الوعي الجمعي والقيمي والتي بدورها لا تخرج من قبضة تلك الظروف لذا فلابد للحلول ان تأتي بنفس الصورة حزمة من الحلول وبجرعة مشتركة، وبالعبوة التي تناسب جريمة الفساد الاداري و وهي جريمة متخفية ومتنكرة يصعب ضبطها وفرزها اذا غمست نفسها ببعض القيم الملتبسة ،وفي هذه الورقة كان التطرق الى جانب قد يكون بعيدا عن الاهتمام في تناول موضوعة التصدي للفساد الإداري، هكذا تبدو العلاقة للوهلة الأولى، وربما يثار سؤال من قبيل الاستفهام عن موقع الأمثال الشعبية ومدى حدودها في طبخة الحلول مع غيرها من العناصر التشريعية والاقتصادية السياسية ، فعندما تقف انساق الثقافة عاجزة أمام سطوة المثل الشعبي في تبرير الفساد ، لا يبقى من وسائل الدفاع غير المثل الشعبي نفسه (اللي يعيش بالحيلة بموت بالفكر) .


المصادر
1- جمهرة الامثال البغدادية – العميد المتقاعد عبد الرحمن التكريتي – بغداد ( 6 اجزاء)
2- جمهرة الامثال الفراتية – المحامي حسين علي الحاج حسن – ط1 النجف – 1967ص16
3- سيكولوجيا المال – د . اكرم زيدان –الكويت - 2008
4- سوسيولوجيا الثقافة - الطاهر لبيب - صفاقس ، 1988 ، ص 6
5 - كنايات ريف العراق - المحامي حسين علي الحاج حسن-مخطوط -2002



#كامل_داود (هاشتاغ)       رويَ_اêيçï_المïèçل_ئ_الكêçè_في_الïيوçنيé#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطيون واستحقاقات المواطنة
- توظيف المثل الشعبي في الفساد الإداري- القسم السادس
- توظيف المثل الشعبي في الفساد الإداري- القسم الخامس
- توظيف المثل الشعبي في الفساد الإداري-القسم الرابع
- توظيف المثل الشعبي في الفساد الاداري/ القسم الثالث/أثنوغرافي ...
- توظيف المثل الشعبي في الفساد الاداري 1-2
- هل إن القوى الديمقراطية هي البديل الموضوعي؟
- غريبان على الخليج
- عرقوب وعيار الملح
- الفرهود .. مقاربة تاريخية لسايكولوجيا المفرهدين
- الفرهود .. مقاربة تاريخية لسايكولوجيا المفرهدين (القسم الاول ...
- قيامة كزار حنتوش
- المجتمع المدني في العراق الجذور وافاق المستقبل
- عبد الكريم قاسم....... مشروع رجل دولة


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كامل داود - توظيف المثل الشعبي في الفساد الاداري - القسم السابع - الخلاصة