حيرة هلال

حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يأتي رمضان هذه السنة، و ككل سنة، ليجد أمورا كثيرة بالأمة العربية لم تتغير، وأن ثقافة الهزيمة شاعت في أرجائها، و أحكمت قبضتها، وتحكمت من مواطنيها، و زادت من ضعف وتفرق أهلها، ومذلة أناسها، إحباط عزائم رجالها وضجر نسائها. حتى صار لكل فريق منهم شمسه، ولكل جماعة منهم هلالها ومقدساتها في زمن ذاعت فيه وسائل الاتصال الرقمية اللاغية للفواصل الزمانية والمكانية، والهادمة للحواجز الثقافية والعرقية، وانتشرت فيه الأنترنيت والفضائيات المخترقة للحدود والأسوار والخصوصيات. فكيف لأمة أن ترسم خرائط تقدمها و ازدهارها وهي عاجزة عن التوحد حول هلال واحد تصوم لبزوغه ورؤيته، أليس لها في مكة المكرمة هلالا يكفيها بهدلة الفرقة والتشتت ، مادمت مكة هي قبلتها ونبراسها ومركز عالمها ؟ .
ما أغربها من أمة، وأغرب بها من مجتمعات عربية !!! يجيء رمضان ككل مرة ليجدها وبكل استعراضية علنية، متخلفة عاجزة، مشتتة الطاقات، مهدورة ِالامكانات، مبعثرة المجهودات، متضاربة التوجهات، متنافرة الرغبات، ترزح تحت ثقل النكبات والإٌخفاقات، تفاقم تفرقها وعظم تشتتها وتجاوز جهلها كل الحدود، فغ لا تقوى على أن ترى هلال هذا الزائر الكريم بعين واحدة موحدة!!! و كأن السماء تلبدت بما يحجب الرؤى ، بل لأن التلبد في عقول من قيل فيهم " يا أمة ضحكت من جهلها الأمم " . أمة بعضها يصوم والبعض الآخر يفطر ؟؟ رغم ما يجمع بين مكوناتها هم واحد، وحلم واحد، وأمل واحد، تبدأ طائفة منهم الشهر الأبرك، بينما ترجئ بدايته طوائف وبلدان، فالسنة تصوم في الوقت الذي تفطر فيه الشيعة، وتعلن تونس الصيام فتنكره جارتها ليبيا
صورة درامية لا تخلو من سخرية ، أن لا يكون توحد هذه الأمة إلا مجرد قناعات مؤقتة تفرضها قضايا وأحداث طارئة و هامشية كقضية سفور المرأة وحجابها ، والرسومات الكاريكاتورية ، والتصريحات البابوية والفتاوى القرضاوية ، لا تلبت تلك القناعات أن تزول بزوالها ، في الوقت الذي تعجز وتتكاسل عن هزم قابلية التشتت والتصدع المعششة في كيانها .
إن رمضان ينبغي أن يوقظ فينا صحوة ويشعل جذوة لمعانقة الزمان الآتي ، والأمة مطالبة الآن وأكثر من أي وقت آخر بأن تدخل التاريخ بالتوحد الحقيقي الواقعي ، لا أن تتخلف بعن مواعيده بالتوحد الرومانسي المعتاد .
لقد آن الأوان لأمتنا إن هي أرادت أن تضمن كرامتها واحترامها أن توحد صفها ، وترأب صدعها ، وتوطد العزم بكل عناد وصدق وإرادة على لم شملها وجمع طاقاتها المشتتة ، وإمكانياتها المهدورة ، وجهودها المبعثرة ، وليكن رمضان المبارك فرصة تدشين انطلاقة جديدة واعدة تبعث الأمل ، وتعزز حظوظ التحالف والإلتآم ، وتجاوز ثقافة الهزيمة والشك في الإنعثاق والتحرر، التي يفرضها صراع خفي ظاهره مذهبي وباطنه زعامي أناني، فالعالم لا يعترف بالكيانات الضعيفة المشتتة ، والدعاء وحده لا يصنع النصر كما يقولون ... وأسوق لقراء مدونتي الأعزاء دليلا قاطعا على حيرة أهلة الأمة الإسلامية في كل بقاع العالم، وحيرتنا نحن الذين لا يد لنا في هذه المعضلة و لا قوة إلا الدعاء لأمة تضحك من جهلها الأمم قائلين.. ربي ورب السماوات إنا لا نسألك لهذه الشعوب رد القضاء بل نسألك اللطف فيه. ونرجوا ألا يعرف رمضان هذه السنة ما حدث من فوضى التوقيت نشرت في الجرائد تحت عنوان أول أيام العيد.. الجمعة والسبت وربما الأحد " ليثير الضحك ويدفع للبكاء في نفس الحين، حيث أعلنت جهات مختلفة في العديد من الدول الإسلامية، ومن بينها السعودية وليبيا وفلسطين وتركيا، أن يوم الجمعة 12-10-2007 هو أول أيام عيد الفطر المبارك، فيما أعلنت نظيراتها في بلدان أخرى، منها مصر وسلطنة عمان ولدى مسلمي فرنسا والولايات المتحدة، أن السبت 13-10-2007 هو أول أيام العيد. وتتحرى المغرب وعدد من الدول الأخرى الجمعة هلال شهر شوال لعام 1428 هجرية؛ مما يعني أن العيد قد يبدأ في هذه الدول يوم الأحد 14-10-2007. وانفردت المناطق الشمالية في نيجيريا، التي بدأت الصوم يوم الأربعاء 12-9-2007، بالاحتفال الخميس بأول أيام العيد، فيما يحتفل الجنوب، الذي بدأ الصيام الخميس 13-9-2007، بالعيد يوم الجمعة.
وفي السعودية أعلن مجلس القضاء الأعلى أنه تمت رؤية هلال شوال في عدد من الأمكنة، وبناء على شهادة عدد من الشهود، ومن ثم فإن الخميس 11-10-2007 هو آخر أيام شهر رمضان المبارك، وأن الجمعة هو أول أيام العيد.وهو ما أعلنته أيضا في الكويت هيئة الرؤية الشرعية، وفي الإمارات لجنة تحري الأهلة، وفي البحرين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وفي قطر لجنة تحري رؤية الهلال.ومع عدم ثبوت رؤية الهلال في اليمن، قالت دار الإفتاء: "إنه لولا تراكم الغيوم لأمكنت الرؤية، ولكون الهلال قد شوهد وثبت رؤيته شرعًا في أكثر من دولة عربية مجاورة، فإن يوم الجمعة هو أول أيام عيد الفطر المبارك".
وفي السودان أعلن مجمع الفقة الإسلامي أن العيد يبدأ الجمعة، بعد ثبوت رؤية هلال شهر شوال في السعودية. أما وزارة الأوقاف الصومالية فأعلنت ثبوت رؤية الهلال، وعليه يكون الجمعة أول أيام العيد، وهو ما أعلنته أيضا السلطات المختصة في جيبوتي.وبالنسبة لدول المغرب العربي، أعلن مفتي تونس، الشيخ جمال الدين جعيط، في بيان أن الجمعة هو أول أيام العيد في الجمهورية، بعد أن ثبتت رؤية هلال شهر شوال.والجمعة هو أيضًا أول أيام عيد الفطر في ليبيا، لكن وفق دراسة فلكية وحسابات علمية خاصة أجراها المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء.وبشأن سنة لبنان، قال مفتي الجمهورية، الشيخ محمد رشيد قباني، في بيان له: إنه ثبت بالوجه الشرعي أن أول أيام شهر شوال هو يوم الجمعة، وعليه فإن الجمعة هو أول أيام عيد الفطر.وهي البداية ذاتها بالنسبة لشيعة لبنان؛ إذ أعلن المرجع الشيعي اللبناني، السيد محمد حسين فضل الله، في بيان، أن "بداية الشهر القمري تتحقّق بولادة القمر فلكيًّا ووصوله إلى مرتبة يكون معها قابلاً للرؤية ولو بواسطة الأجهزة المساعدة؛ وحيث قد توفّرت الشروط المذكورة بالنسبة لشهر شوال هذا العام في بعض مناطق العالم، وتحديدًا في أمريكا الجنوبية، فإن أول أيام الفطر المبارك هو يوم الجمعة".وفي فلسطين، أعلن مفتي الديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، أن الخميس هو آخر أيام رمضان، وأن العيد يبدأ الجمعة، وذلك بعد ثبوت رؤية هلال شوال مساء الخميس. وفي الأردن كذلك، أعلن قاضي القضاة الدكتور أحمد هليل أن الجمعة هو أول أيام العيد الفطر.وبالنسبة لسنة العراق، أعلن رئيس ديوان الوقف السني، أحمد عبد الغفور السامرائي، أن العيد يبدأ الجمعة بالنسبة لسنة العراق، استنادًا لثبوت رؤية هلال شوال في الدول المجاورة. وهو ما أعلنته أيضًا وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في حكومة إقليم كردستان بشمالي العراق.
أوروبا وآسيا
وفي القارة الأوروبية، أعلنت هيئة الشئون الدينية في تركيا أن الجمعة هو أول أيام عيد الفطر المبارك، بحسب التقويم السنوي للبلاد والحسابات الفلكية المعتمدة.واتباعًا لما ثبت في السعودية، أعلنت جمعية الوقف الإسلامي في مدينة برنو بالتشيك، أن عيد الفطر يبدأ الجمعة، بحسب المهندس منيب الراوي، المسئول بالجمعية.كما أخذ مسلمو سلوفاكيا بما أعلنته السعودية، وفق محمد صفوان حسنة من جمعية الوقف الإسلامي في سلوفاكيا.ويحتفل مسلمو أسبانيا الجمعة ببداية العيد، وفق ما أعلنه المركز الثقافي الإسلامي بمدريد، وفي إيطاليا، أعلن المركز الإسلامي بمدينة ميلانو، عن توافق مسلمي البلاد على أن الجمعة هو أول أيام عيد الفطر المبارك. وبالنسبة للدول الإسكندنافية، أعلن المجلس الإسلامي في النرويج والوقف الإسكندنافي في الدنمارك أن العيد يبدأ الجمعة.وبحسب إفادات بعض قراء الشبكة من الصين في تقرير "استطلع هلال العيد مع إسلام أون لاين. نت"، فإنه تأكد لدى مسلمي الصين أن العيد يبدأ الجمعة.وأيضا في دول البلقان، أعلنت المشيخة الإسلامية في كوسوفا في بيان على موقعها على الإنترنت أن الجمعة هو أول أيام عيد الفطر المبارك، وفق التقويم الفلكي المعتمد.وفي ألبانيا كذلك أفاد نائب رئيس المشيخة الإسلامية، ثايمير روشيكو، بأن العيد يبدأ الجمعة، بناء على التقويم الفلكي.وهو ما أعلنته أيضا المشيخة الإسلامية في كل من رومانيا، وجمهورية البوسنة والهرسك، والجبل الأسود، وفقا للتقويمات الفليكية.وعلى موقعه على الإنترنت، أعلن اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" في أوكرانيا أن الجمعة هو أول أيام العيد.وفي روسيا أعلن مجلس المفتين الروسي أن الخميس هو آخر أيام شهر رمضان، وأن الجمعة هو أول أيام عيد الفطر المبارك، بعد ثبوت رؤية الهلال. وهو ما أعلنته أيضا اللجنة المختصة بتحري الأهلة في الإدارة الدينية لمسلمي تتارستان.وفي آسيا، أعلن الدكتور ماهد مرآتو موتيلان، مفتي مسلمي الفلبين، رئيس جامعة العلماء، في بيان له أن الخميس هو آخر أيام رمضان، والجمعة هو أول أيام العيد، بعد ثبوت رؤية هلال شهر شوال في محافظتي تَاوي- تَاوي وبَاسِيلاَن بجنوبي البلاد.وبالنسبة لدول آسيا الوسطى، أفادت السلطات المختصة بتحري الأهلة في كل من أذربيجان، وجورجيا، وطاجيكيستان، وكازخستان، وقيرغيزستان، وأرمينيا، أن عيد الفطر المبارك يبدأ الجمعة. وخلافًا لبقية دول الخليج، أعلنت اللجنة الرئيسية لاستطلاع الأهلة في سلطنة عمان أن السبت 13-10-2007 هو أول أيام عيد الفطر المبارك "دون انتظار تحري هلال شهر شوال". وفسرت الهيئة ذلك بأن "الحسابات الفلكية تؤكد غروب القمر قبل غروب شمس الخميس 11-10-2007 في جميع مناطق السلطنة، وبالتالي تستحيل رؤية الهلال". وفي مصر أعلنت دار الإفتاء أن الجمعة هو المتمم لشهر رمضان الفضيل، وبالتالي فإن السبت هو أول أيام العيد. وهو ما أعلنته أيضًا الهيئة المختصة بتحري الأهلة في جمهورية أوزبكستان.كما أعلن القاضي الشرعي الأول بدمشق، الشيخ عادل بندق، أن هلال شهر شوال لم يُرَ الخميس، وعليه فإن أول أيام شوال هو السبت، وهو أول أيام عيد الفطر المبارك في سوريا.وخلافًا لكل من ليبيا وتونس، أعلنت لجنة الأهلة التابعة لوزارة الشئون الدينية والأوقاف في الجزائر أن العيد يبدأ السبت. وفي القارة الأوروبية، أعلنت جمعية الأئمة في هولندا أن السبت هو أول أيام عيد الفطر المبارك. وهو ما أعلنه أيضا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، استنادا إلى عدم ثبوت رؤية هلال شهر شوال.وفي تايلاند، أعلن شولاراتشامونتري، المكلف من الملك بشئون الأقلية المسلمة، أن السبت هو أول أيام عيد الفطر المبارك. وهو ما أعلنه أيضا في ماليزيا، حامل الأختام الملكية، إبراهيم تانجكو نجاح.واستنادا للحسابات الفلكية، أعلن المجلس الإسلامي البريطاني أن العيد يبدأ السبت في بريطانيا.وبالتوافق مع ما أعلنه المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، أفادت اللجنة العلمية لرصد الأهلة في ألمانيا بأن العيد يبدأ السبت، وهو ما أفادت به أيضا جمعية الثقافة الإسلامية (السلام) في جمهورية مولدوفا.وبالنسبة لأمريكا الشمالية، أعلنت الجمعية الإسلامية "إسنا" أن أول أيام عيد الفطر يوافق السبت..بالله عليك أيها القارئ ألا تستحق أمة كهذه أن تضحك من جهلها الأمم...

#حميد_طولست (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات