|
الطلسَم السابع 6
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2376 - 2008 / 8 / 17 - 11:48
المحور:
الادب والفن
شتاءٌ غريبٌ ، بلا نبوءة ، أسجى على حاضرتنا سُحُبَ إشاعاته . بدَتْ مهجورة ًالجادّة الرئيسة للحارَة ؛ من المحلات المغلقة إلى الشوارع المقفرة . وحده دكان الحلاق ، على ناصيَة زقاقنا ، من كان أصرّ على الإستهتار بالمخاطر ، ما دام صاحبه قد أكد للزبائن بلا جدوى الحَذر : " هيَ ذي الساعة آذنتْ ؛ ساعة الأعور الدجّال ! " . بدوره ، كان منزلنا يغشاه التوجّس ، حدّ أنّ الأمّ إقترحَتْ على " صافيَة " أن تسافرَ مع البنت إلى لبنان ، ريثما تهدأ الأمور . ولكنّ إمرأة أخي ، المُتابعة لنشرات الأخبار بإستمرار ، أوضحتْ لحماتها بأنّ الوضع في موطنها أكثر سوءاً وأنّ مواجهات شديدة ، دموية ، قد نشبت في الجبل ؛ أين تقيم أسرتها ، المهجّرة .
في حجرة الجلوس ، صباحاً ، رأيتُ المرأتيْن على قلق بيّن . ما لبثت " صافيَة " أن بددت الصمتَ ، الدائب ، بسؤالها عن صحّة كبير آلنا . أجابتها أمّي ساهمة ً ، مهمومة : " إنه في أسوأ حال . لندعوَ الله أن يتلطف بأيامه ، الأخيرة " . من جهتي ، كنتُ أعلم أنّ والدتي هيَ الوحيدة في العائلة ، المهتمّة برعاية عمّها ، وأنها علاوة ً على ذلك تتحمّل أقاويل إبنه ، " محمد علي " ، بهذا الشأن . فالإبن ذاكَ ، البار ، ما فتأ على إصراره إزالة البيت الكبير وإقامة عمارة حديثة ، أو أكثر ، على أطلاله ؛ كان يعتقد ، فوق ذلك ، أنّ أمّنا من تمنع مشروعه هذا ، بفرض تأثيرها على أبيه .
ـ " ألا يُسعدكِ ، حقاً ، أن ترَيْ التينة ، الملعونة ، وتمائم الشركسيّة ، الشريرة ، وقد أضحتْ جميعاً تحت الأنقاض ؟ " ، سألَ " الرفيقُ " الأمّ بنبرة ساخرة ، في آخر مرة شرفنا فيها بزيارته . على أنّ تطيّر والدتي ، المألوف ، كان فرصة ً سعيدة للآخرين ، أيضاً ، لمضافرة ترويعها بسيرةٍ مشنوعة . وهاهيَ جارتنا ، " زينيْ " ، العارفة بنقطة الضعف تلك ، تهتف على حين فجأة : " الزيارة .. ! " . ثمّ تتابع مسرورة ً بما طرأ على ملامح الأمّ ، المسكينة ، من إصفرار وشحوب : " ليلة أمس ، كانت هائمة ـ كالعادة ، في ممرات الحديقة ، فسمعتها بأذني تردد ثلاثاً مع كلّ حجر تطيّره بإتجاه غرفة عمّك : " من سجّيل ! " .
*** هوَ ذا نهارٌ آخر ، من نهارات ذلك الشتاء ، الفاغر شدقه ، الصقيعيّ ، والمتأهّب لإلتهام المدينة . عندئذٍ بدَتْ الدار الكبيرة ، التي كنتُ وأمّي على مدخلها ، وكأنما منكمشة وجلاً من تلك النذر ، المخيفة . من الدهليز الرطب ، المفتوح على مشهد الحديقة ، تناهتْ لبصري شبحاً شبحاً الأشجارُ والأغراسُ المتهالكة جميعاً ، والمبرهنة بدورها على موعد قيامةٍ ، قريبة . أمام باب حجرة العمّ ، المُتنعّمة بشمس شحيحة ، إلتفتت إليّ والدتي لتقول برجاء : " ليسَ ضروريا وجودكَ هنا . إنه لا يحبّذ إصطحابي أحداً ، كما تعلم " . ـ " ما أعلمه ، أنني لستُ أيّ أحد " ، قلتُ لها . هزّتْ بقنوط رأسها ، المُجلل بمنديل غامق اللون ، ثمّ ما لبثتْ أن راحت تعلن حضورنا بطرقاتٍ هيّنة على الباب . ربما كان قد مضى وقتٌ طويل ، مذ المرة الأخيرة التي قابلتُ فيها كبير آلنا ؛ هذا المُتبدّي آنذاك بوقار مشيبه ـ كجبل ، سامق ، محفوف بالثلج بين رأسه وحاجبيه . لا غروَ ، إذاً ، أن تأخذني الدهشة حينما دُعينا للدخول من لدن مخلوق في غاية الضآلة ، محنيّ الظهر بشدّة نحوَ أمّه الأرض ، وكأنما هوَ بشوق ، حثيث ، للتماهي بتربتها . لحظتُ أنّ الأمّ ، ذات الطبع المُتطيّر ، قد جعلتْ جلستها جانباً على الأريكة ، حريصة ً على إعطاء ظهرها للتميمة تلك ، الملعونة ، المتهدّلة نسجها من صدر الجدار القائم فوق السرير . ـ " عمّاه ! هذا " شيرو " ، حضر معي كيما يقبّل يدكَ وينال بركتها " توجهّت الأمّ للعجوز بكلامها ، وهيَ في الحقيقة إنما كانت تذكرني بواجب الإحترام ، الذي أذهَلني عنه ما جدّ من مشاهداتٍ ، مُذهِلة . صوتُ " قادريكيْ " ، الكبير ، كان بدوره من الضعف والخوَر ، أنه بالكاد طرَق سمعي . إستمعنا إليه ، على كلّ حال ؛ إلى شكوى عمر منقض ، آيل سريعاً للفناء . وحينما وصلَ بحديثه إلى الإبن ، البار ، تفاقمتْ الرجفة في الرأس واليدين على السواء : " وهذا الـ " محمد علي " ؛ أاضحى مستشاراً أم وزيراً ؟ " . سكتَ قليلاً ، مُحاولاً لمّ شتات أفكاره ، وما عتمَ أن إستطردَ القول : " ولو أنني رافضي ، ياهودي ، لما أستحقيتُ هكذا جزاء ! وماذا ينتظر صاحبُ الفخامة ، كي يأمر بدفني حيّا : قلة سيارات لدى دولته ؟ " .
*** بمشيتها المعروفة ، الملهوجة ، هُرعت الأمّ نحوَ التينة ، مُضيفة ً قطعة قماش ملونة ، جديدة ، إلى أحد الفروع الدانية ؛ قطعة ، ستتباهى فيما بعد على أخواتها ، الغابرات ، من ذوات النسُج ، المُتهرّئة ، الحائلة اللون . سطعت الشمس فوقنا وبأبهى ما تستطيعه قوتها ، الواهنة . جلبتُ كرسياً لوالدتي ، ثمّ خاطبتها ساخطاً : ـ " شفتِ كيفَ نهبوا البيت ؟ " ـ " نعم ، وأمامَ عينيّ عمّنا ... " ـ " وأمامَ عينيكِ ، أيضاً ! أمْ أنكِ نسيتِ أنّ أكثر موجوداته ، كانت تخصّ المرحوم العقيد ؟ " ، ندّت عني بغضب ، ثمّ رأيتني دونما وعي أركل جذعَ التينة . مروّعة ، هتفت بيَ أمّي : ـ " حرام ، ماما ، هذه الشجرة مباركة " ـ " وماذا عن الشركسية ؛ أليست هيَ الاخرى ، مباركة ؟ " سؤالي المُستخف ، ما كان له إلا أن يُجفلها . بحركة لا إرادية ، إمتدّتْ يد أمّي إلى الفرع الوطيء للتينة ، وكأنما لتحتمي من شرّ ما ، متربّص . أخذتْ من ثمّ نفساً عميقا ، دافعة رأسها إلى الخلف ؛ إلى جهة الشمس ، السخيّة . قالت وكأنما تخاطب نفسها : " يا لعينيها ، الساحرتين ! لكأنما خلقتا لإضفاء السِحْر على كلّ ما كان يمكن أن تقعان عليه " . بعدئذٍ إنتهضتْ فجأة ، مظلمة الملامح ، ثمّ غادرتْ الدار بخطى مُطارَدة .
بلا هدف ، قمتُ أتمشى بين ممرات الحديقة . ما من عبق صديق ، أبداً ، في أجواء المكان ؛ اللهمّ إلا ما كان ينبعث من رطوبة التربة . النمل ما فتأ متمسّكاً بمسكنه ، ينطلق طابوراً واحداً لإستقبال الشمس وحاشيتها ؛ فتفكّرتُ إذ ذاكَ بسيّد البيت . رأيتني إثرئذٍ أرتقي الدرج ، المؤدي إلى الإيوان . حجرة المرحومة " عايدة " ، كانت موصدَة . حتى ستائر نافذتها ، البروكار ، قد أسطى عليها الذئابُ البشرُ . الفضول ، ولا شك ، دفعني للإقتراب من الحجرة الاخرى ، التي سبق وشغلتها قريبتنا ، المعتوهة . أطللت برأسي خلل النافذة ، المُشرعة ضلفتيها ، على المكان المنذور للفوضى والرثاثة والقذارة . هلعاً ، هربتُ من ثمّ ببصري إلى الجهة الاخرى ، وما أسرع أن غادرتُ الدار الكبيرة . أيام ثلاثة ، على الأثر ، وكانت رائحة غريبة ، كريهة ، قد إستهلت زحفها على أجواء الزقاق . حينما إكتشفوا الجثة ، أخيراً ، كان الأهلُ قد تيقنوا من أنّ صاحبتها ، المسكينة " قمر " ، بقيت ثمة أياماً بعد هروبها من المشفى ، لتموت بلا نأمة جوع أو ظمأ ؛ بقيت في حجرتها نفسها ، التي كنتُ قد رأيتها فيها ذلك النهار ، المشؤوم .
*** قبل صدور ذلك القرار المُفاجيء ، الرسميّ ، بحلّ جمعيّة " حركة إحياء الدعوة " ، كان " هيديْ " قد عادَ من زيارةٍ لذويه . ثمة ، سبق له أن شهدَ إستقبال صاحب الأمر ، والتي أسهم فيها كلّ بيتٍ ، متنسّب للجمعية : " ربما لن يتاحَ لأحدٍ من الشباب الزواج ، في هذا الصيف على الأقل ، بعدما ذهبت مصاريف الإحتفال بالماشية والمحصول ، على السواء " ، قال صديقي . وأكدَ أيضاً ، أنّ الكثيرين من أهالي إقليم " ما وراء الخط الحديديّ " ، الكرد ، خاطروا بأرواحهم وإجتازوا حقول الألغام ، المخفورة من لدن الجندرمة الترك ، كيما تقرّ أعينهم بمرأى آخر أئمة البيت الشريف . المدينة تلك ، الحدودية ، المُنارة ليلتئذٍ بالبدر التمام ، كانت قد شهدتْ في نهارها واقعة ، عجيبة ، صاحبتْ ولوج الموكب المهيب ، المبارك . إذ تقدّم الهودج ، المزيّن بالحرائر والرياش ، والمعتلى من قبل الرجل ، الملثم ، المتوشح بالأردية الناصعة ، مخترقاً الشارع الرئيس ، في حمأةٍ من الأناشيد ووقع الطبول ونخير الأضحية . إلى أن صُدّ ، وعلى حين فجأة ، من قبل إمرأةٍ عجوز : " كَاور .. ! " ( أيْ : كافر ) . جمَدَ الموكب جميعاً ، وما عادَ يتناهى أيّ صوتٍ ؛ اللهمّ إلا همسات ، وجلة ، لأطياف سمك نهر " جغجغ " ، الجاف . ـ " هذا حقّ ! ما كان للرسل إلا الكفر بعقيدة القوم " ، نطقها الملثم بحزم . وما كان للخلق ، للحقيقة ، إلا أن يُدهشوا من فهم المُرشد للمفردة ، الأعجمية ، التي فاهتْ بها المرأة ، فعدّوا ذلك دليلاً ، ضافياً ، يُضافرُ كراماته .
بدوري ، رحتُ أسرد لصديقي ما إستجدّ من أمور في الحارَة ؛ هوَ الملاحظ ما طرأ على أجوائها من هدوء ، طاريء ، غيرَ مألوف . على أنّ حدثاً ، عابراً ، كان عليه تبديد ذلك الهدوء ، وكذا تلك المَهابة ، المُبجلة ، التي أحاطتْ بإسم خطيب الجامع ، " يونس " ، مذ سطوع نجمه على حساب إمّحاء ذكر " كوكش " . ففي ليلةٍ بهيمة العتمة ، كان المصباحُ ، الشحيحُ ، القائم بمدخل زقاق " عليكيْ " ، يُضيء القسمات الجهمة ، المُنذرة بالشرّ ، لقريبنا " حيدر " ، المتوسّط حلقة من أتباعه ، العتاة . إذ ذاك ، مرّتْ دراجة نارية ، مُسرعة ، ناثرة شظايا ، موحلة ، على جانبيْ طريقها . صرخ بعضهم بالسائق ، ثمّ ما لبثوا أن أدركوه ومرافقه ، حينما كانا قد ترجلا عن الدراجة وفي سبيلهما إلى الجامع ذي الحجارة البيض . سرعان ما إحتدمتْ مفرداتُ المتخاصمين ، قبل أن يُخرسها حضورُ سَرْبَسْت الزقاق .
ـ " ما الذي دهاكَ ، يا هذا ؟ " ـ " ويحكم ! أما عرفتموني ؟ " ـ " بلى . أنتَ الدجّال ، السافل ، الذي لوّث سمعة حارَتنا " . مهتاجاً ، همّ الخطيبُ بالردّ ، فأخرسته للتوّ لطمة فظة . ثمّ عادَ العتيّ يُخاطبه ، مُتسائلاً بنبرة مبيّتة : ـ " إلى أين تمضي ، مع هذا الولد الحلو ؟ " ـ " أستغفرُ الله ! إلى المسجد ، طبعاً " ـ " لقد جعلتَه مباءة ً ، ذلكَ المكان الطاهر " ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ـ " إنكَ أنتَ الرجيم ! " ، نطقها العتيّ بغضب . وما عتمَ أن أعقبَ قائلاً : ـ " وسأرسلكَ الآن إلى زبانيتكَ ، عارياً " ـ " لا تفعلها ، أبوس يدكَ .. " ـ " لستُ شيخاً ، دعياً ، لأدَعَكَ تقبّل يدي ! " . وإلتفتَ بعدئذٍ إلى مرافق الخطيب ذاك ، الفتيّ ، آمراً إياه أيضاً بخلع ملابسه : " ماذا تنتظر ، أيّها المركوب ؟ " . وإذ تجرّد كلاهما من أيّ ستر ، فإنّ إشارة اخرى ، آمرة ، جعلت لكلّ منهما أجنحة ملائكة مذعورة ، مُطارَدَة .
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمود درويش ، الآخر
-
الطلسَم السابع 5
-
الطلسَم السابع 4
-
زمن السّراب ، للشاعر الكردي هندرين
-
الطلسَم السابع 3
-
الطلسَم السابع 2
-
دمشق ، عاصمة للمقتلة الجماعية
-
الطلسَم السابع *
-
أسمهان : أيقونة وأسطورة 2 2
-
أسمهان : أيقونة وأسطورة
-
حَواريّو الحارَة 6
-
النصّ والسينما : بداية ونهاية لصلاح أبو سيف
-
حَواريّو الحارَة 5
-
حَواريّو الحارَة 4
-
حَواريّو الحارَة 3
-
حَواريّو الحارَة 2
-
النصّ والسينما : السمّان والخريف لحسام الدين مصطفى
-
حَواريّو الحارَة *
-
مَسْرىً آخر لمَغاورها
-
أقاليمٌ مُنجّمة 10
المزيد.....
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|