أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض الأسدي - المسيري: ثلمة في جدار قديم














المزيد.....

المسيري: ثلمة في جدار قديم


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2373 - 2008 / 8 / 14 - 10:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كون الدكتور عبد الوهاب المسيري من خلال مسيرته العلمية وسيرته الشخصية ظاهرة فكرية موسوعية في العالم العربي قلّ نظيرها، ففقدت الأمة بوفاته في الأيام الأخيرة واحدا من أهم أعلامها المعاصرة على مدى عقود من الزمن العربي الكالح، واحدث رحيله ثلمه على الجدار القديم شبه المتهاوي لن يرممها احد من بعده. كان المسيري رجل فكر ودفاع عن قضايا الأمة الأساسية طوال حياته، فكرس كلّ جهده وعلمه من اجلها دون أن يفكر لحظة في المردود المادي وحتى المعنوي الذي حظي به في وجدان كلّ مفكر حرّ وما يمكن أن يناله لقاء جميع الأعمال العظيمة التي عكف على العمل فيها طوال عقود طويلة من حياته حتى ناهزت نصف قرن تقريبا. ولعل موسوعته اليهود واليهودية والصهيونية ستبقي المسيري حيا على مدى ألف عام - بتقديري المتواضع- ولسوف يعود إلى كتاباته أبناء الأمة وعموم الباحثين في العالم كلما أرادوا البحث في شؤون الأوضاع العربية الفكرية والسياسية في هذه الحقبة الشائكة. لكن المسيري - رحمه الله- لم يكن رجل فكر فحسب بل هو صاحب رسالة طالما امن بها ودافع عنها ولا غرو لمثل هؤلاء الباحثين إن يوصلوا الليل بالنهار من اجل القضية الإنسانية التي تحملها جنباتهم. فكان المسيري المطلع على اللغة العبرية يعرف ماذا يجري في إسرائيل ساعة بساعة، وهو في أخر مقابلة له أوجز الأوضاع في الكيان المغتصب وأعطى صورة لما يمكن أن يحدث في الشهور اللاحقة. لذلك كان المسيري محط نظر الموساد وطالما حلمت باغتياله لكن عين الله كانت الحارسة له حتى مغادرته عالمنا.
وضرب العالم الكبير المسيري مثلا حيا على مسؤولية رجل الفكر تجاه قضايا الأمة الحساسة والآنية من خلال نزوله من علياء الفكر إلى عمق الحياة السياسية اليومية كمعارض سياسي لا يكلّ ولا يمل. فهذا الموسوعي الذي شغل الدنيا بفكره يقف إلى جانب عدد قليل من الشباب المصري من المحامين والطلبة والمثقفين ليؤسس حركة (كفاية) المصرية مع النائب السابق للبرلمان المصري والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية ( أيمن نور) الذي ما يزال يقضي عقوبة السجن لمدة خمس سنوات بتهمة سياسية.. فكيف تحول هذا المفكر العربي المرموق والعالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري إلى معارض سياسي يقف تحت الشمس ويحضر التجمعات المحظورة ويهتف بصوته ضد عسف النظام وسؤ ممارسة السلطة والدكتاتورية المباركية فيدفعه هذا الشرطي بيده ويلكزه آخر بكوعه دون أن يقرأ (هؤلاء) طبعا سطرا واحدا مما كتبه هذا المفكر العظيم الذي ترجمت كتبه إلى لغات كثيرة وعملت إسرائيل من خلال جهاز الموساد القذر على وضع الخطط تلو أخرى لاغتياله تماما مثلما عملت - بقيادة أيهود باراك سابقا- على اغتيال الأدباء الفلسطينيين من أصحاب الكلمة الحرة في لبنان كغسان كنفاني وكمال عدوان وكذلك كما عملت على اغتيال علماء الطاقة النووية وقادة المقاومة ..؟؟
ربما كون العالم العربي عبد الوهاب المسيري خطرا أكبر من الجميع بسبب اهتمامه بقضايا الأمة الخطيرة ودفاعه اليومي عنها، فقد كان الرجل يعمل بمعدل (18) ساعة في اليوم الواحد ولم يقعده سرطان الدماغ عن عمله الجاد والمثابر بل زاده إيمانا بقضيته حتى ظن العديد من أصدقاء المفكر إنه لم يكن مصابا بهذا المرض الخبيث الذي أودى بحياته بعد عناء استمر لمدة ثمانية أعوام؟ فلم كلّ هذا الإصرار ولم كلّ هذا التحدي للذات؟ ربما ليس ثمة تفسير لحالة المسيري في العمل اليومي المتواصل غير وجود قضية ورسالة يؤمن بها ويعمل من اجلها. ومن المفيد في تأبين هذه الطاقة العربية الهائلة هو وقوف المسيري طوال حياته إلى جانب وحدة الأمة مذ جاء طالبا يافعا من دمنهور إلى القاهرة عام 1958 وحتى الأيام الأخيرة من حياته حيث كان يظهر على الفضائيات مدافعا ومنافحا عن قضايا الحرية والعلمانية – وضع فيها نظرية تسمى بالعلمانية الجزئية- ومستقبل العرب في عصر غاب فيه الأمل ورحل نجم الخلاص.
ومن الغريب في شخصية المسيري إنه كان يحتفي بالأطفال حيث كتب لهم القصص المفيدة – شف عمق الرجل ورهافة حسه- وهو يقترب منهم بصدق: كان الرجل فذا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى واستطاع أن يضرب مثلا حيا في عصر تراجع مروع يشبه عصر العصور المظلمة في نواح كثيرة. سيتحول المسيري إلى مؤسسة حتما وسيعمل تلامذته ومريديه على استكمال أشواطه جلها، وستطبع كتب المسيري المخطوطة ومن يدري فربما يولد أكثر من مسيري في رحم الأمة في وقت لاحق يعملون من اجلها ويدافعون عنها..هل كان المسيري يريد البقاء حيا لأطول مدة من الزمن في وجدان الأمة؟ ربما.



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نادورام كوتشي
- وهم العالمية: بيس نفر
- حزن ما بعد المليون
- عمود طاجا / عمود تيراقا
- إلى كراج النهضة
- سبخة العرب
- العشرة المبشرون..!
- لماذا ننشر كتبنا هنا؟
- انهض أيها القرمطي
- فتاح باشا
- حرب عالمية أقتصادية على الأبواب؟؟
- تعالوا إلى الطفولة العراقية في غينس
- العراق وتركيا : من الخاسر في النهاية؟
- الستراتيجية الاميركية بعد سبتمبر 2007
- بكالوريا
- بندورا بغداد
- جَردة الموت (آمرلية ) هذه المرة
- نظرية الفوضى البناءة
- اليانكي
- الدب الروسي ورقصة العرضه


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض الأسدي - المسيري: ثلمة في جدار قديم