أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حميد طولست - الشارع المغربي!















المزيد.....

الشارع المغربي!


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 04:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


مسكين "الشارع المغربي" كم وصمناه بالخنوع والبلادة واللامبالاة، وهو بريء من كل تلك النعوت الظالمة، لا لشيء إلا لأنه لم يوجد بعد بالمفهوم الديمقراطي! "فهو،رغم ما حملناه من الدلالات والمعاني، ليس إلا مجرد خرافة، لأنه غير موجود أصلاً، و يرفض الوجود، ليس لأن شروط وجوده معدومة تماماً، أو ممنوعة منعاً باتاً. لكن لأن غالبية جماهيره صم بكم عمي أمام ما يجري من دحرجة عنيفة للبلاد نحو الهاوية. أتقنوا مهنة الصمت، حتى أضاعوا الحواس الخمس، فأصابهم العمى عما يدور من حولهم من تلون للمرشحين بين استحقاق وآخر،و اغمضوا عيونهم حتى عن الأيدي التي طالت أرزاقهم وأقوات عيالهم، و أغلقوا آذانهم حتى لا يسمعوا أنكر تلك الأصوات التي غطت دورات مجالس مدينتهم ، وشدوا أنوفهم لئلا يشموا رائحة العفونة المنبعثة من إبط منتخب ثقيل الظل، منتفخ البطن، لا يظهر إلا في زمن الحملات القصيرة غير آبه للكوارث المحدقة بهم، وعضوا ألسنتهم كي لا يتذوقوا العلقم الذي يعيشون عليه ومرارته المتزايدة من إنتخاب إلى آخر.!. ومن لم يصب منهم بهذه الأدواء فقد استمرأ هو الآخر صمت الصامتين وتحول إلى متفرج على ما يدور حوله بحجة تمضية الوقت والتسلية بسقطات وهفوات هذه الأحزاب التي تقول ما لا تفعل. فالصامتون بذلك يتسلّون بمصيرهم ويضحكون على أنفسهم، ما دام مالئوا الفراغ هم الذين سيتحكمون في رقابهم كلما تمادوا في صمتهم المقيت..
فمحاولة ادماج الجماهير على اختلاف أنواعها، وتنوع مشاربها، وتعدد توجهاتها، و إقحامها في بوتقة واحدة و التعامل معها ككتلة واحدة ذات لون واحد وتوجه واحد يطلق عليها "الشارع" وتنعث بالرأي العام؛ ليست إلا لعبة سخيفة من ألاعيب الأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية التي تقود الدول والمجتمعات في الكثير من البقاع والمتخلفة منها على الخصوص، فاعتبار الشارع وحدة موحدة خرافة، ووصف خاطئ، لأنه ليس هناك في الحقيقة " شارع " موحد تهب فيه الجماهير دفعة واحدة إلا في حالات الهلع والخوف والجوع والكوارث، فلو وقع زلزال مثلاً لرأيت الناس جميعاً يخرجون من منازلهم، لكن ليس دفاعاً عن قضية بل حماية للنفس وطلبا للنجاة. لأنها جماهير تحركها العواطف لا المبادئ، والعصبيات لا المواقف..
فالشارع بهذا المعنى الدال على قناعة الجماهير التي تشكل القوة الثالثة في العالم حسب وصف بعض فقهاء السياسية له، لا وجود له البتة في جميع الديمقراطيات، لأن الديمقراطية في كل الأعراف لا تكون واحدة موحدة لقيامها على التعددية, والشارع ليس جبهة واحدة متحدة، أو كلاً لا يتجزأ، بل هو عبارة عن حركات، واتجاهات، وتيارات، وأحزاب، و إتحادات، ونقابات، وهيئات، ومنظمات (غير حكومية طبعاً). أي ما يصطلح على تسميته بالمجتمع المدني الحقيقي الحر والمستقل إستقلالا تاما عن الدول والأنظمة السياسية الحاكمة، والقادرة على الحركة والتحرك والتأثير و الضغط والتغيير.
يتبين - مع الأسف - بالواضح المكشوف، أنه ليس هناك عندنا شارع أو مجتمع مدني حر ومستقل أصلاً، فهو مملوك لصاحبه "الحزب الحاكم " وأن روح المبادرة لدى مكوناته مصادرة تماما، و كل آلياته ورجالاته معطلة، أو مهجنة؟ وكما يقولون " فاقد الشيء لا يعطيه، فالأحزاب الحاكمة غالبا ما تحكم قبضتها على الشوارع بما تخصصه من مكاتب مهنية رفيعة المستوى في الماركوتينج والدعاية، و إمكانيات جبارة للإدارة والتحكم في شؤون منظماته الشعبية " الموازية " من نقابات و وداديات و جمعيات شبابية ونسائية وحرفية..
وما مسرحية الإضراب العام الأخير الذي نادت به نقابة محسوبة على اليسار و عارضته أخرى منتمية لليمين، وتفرجت عليه نقابات إسلامية وليبرالية وأخرى شفافة بلا لون أو طعم أو رائحة. إلا دليل على ذاك الاستلاب الجماهيري حيث الكل سواء، الكل يشتم الجميع، والكل يتهم الكل بالفساد. فلا وجود لنقابي إلا وقد أثار عليه – إخوته في الحرفة- الشبهات، إما باللمز أو بالغمز أو بغيرها مما يفيد بأن هذا فاسد وذاك سارق والثالث مارق..
ومما سبق يبدو أنه ليس هناك شارع حر مع الاستبداد الحزبي والمخزني. ولا أبالغ إذا قلت إن معظم الشوارع في الشرق والغرب هي شوارع «عصبوية» إلا قلة منها، أي أنها تسير بحسب عقائد وأصول وخطط وقيود، حتى لو بدت ظاهرياً متحررة ومنفتحة. فالشارع أولاً وأخيراً جزء من اللعبة السياسية والاقتصادية والتجارية، وبالتالي فهو ليس حراً، بل مجرد تعبير عن مصالح اقتصادية وتجارية لقادة أحزاب معينة تملك أدوات التحكم فيه وتوجهه وتعبئه وتجيشه وقت ما تشاء. لا‮ ‬يختلف في‮ ‬هذه العقلية في‮ ‬عالمنا العربي‮ ‬يسار عن‮ ‬يمين أو نظام عن نظام، إسلامي‮ ‬عن علماني؛ فالكل في‮ ‬ثقافة المؤامرة على الشارع منغمس ومتورط ومؤمن بها إلى النخاع،‮ ‬والكل على مذبحه سواء ومتعادل في‮ ‬القسط والميزان حتى أصبح شارعنا لقيطا هجينا لا حصر له ولا إعراب له في لغة السياسة، يعيش تراجيديا الإديولوجيات وفوضى المذاهب السوريالية العجائبية وتناسلها المأساوي المهرول صوب الغنائم والريع وفتات المجد المزيف ؟؟.. فنجده خليطا من يمين وسط ، و وسط يمين عجيب , و شمال وسط رجعي ، و ليبرالي يساري متطرف ، و رأسمالي رجعي تقدمي ، و بورجوازي تقدمي علماني .. وقائمة أخرى لاتخطر بالبال كلها ويضيق القال لذكرها بكاملها.‬
لم‮ ‬ينجُ‮ ‬جيل ‬سابق أو جيل‮ ‬لاحق من هذه الثقافة التي‮ ‬حرصت كل الأجيال السابقة على توريثها للاجيال اللاحقة، وعلى الوصاية للتمسك بها،‮ ‬والعض عليها بالنواجذ على أنها‮ ‬التعويذة الأهم،‮ و‬العصا السحرية للهروب من المسؤولية‮ وإلصاق التهم بالشارع.
ومن الدروس والعبر الكثيرة التي تعلمناها من التاريخ أن عزائم الرجال أقوى من زيف الشوارع، وأن الذي سار بدرب النفاق وباع نفسه للشيطان، سينتهي، وسيبقى أثر من مشى بدرب الحق، وعلى المهووسين بالسلطة والمتعلقين بالمراكز أن يستفيقوا قبل فوات الأوان. فاللعبة انتهت تقريبا، و لم يبقى في عمرها أكثر مما مضى! وأن ما لم يبن على حق فهو باطل...



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- °°°الكائنات الإنتخابوية...
- الفساد والإفساد..
- صحافة الحقيقة!
- °°° كثرة المهرجانات تبديد للمال العام
- °°°الوصايا العشر الموصلات لمجلسي النواب والمستشارين
- °°°الشذوذ الجنسي.. أسبابه وهل له علاج؟


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حميد طولست - الشارع المغربي!