أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ما معنى جورجيا؟















المزيد.....

ما معنى جورجيا؟


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


روسيا، في سعيها إلى تعزيز مكانتها العالمية التي أضعفتها كثيراً الولايات المتحدة في صراعها من أجل أن تكون، وأن تظل، القوَّة العظمى في العالم، تعلَّمت، وتعلَّمت كثيراً، من تجربتين مهمتين، يكمن فيهما بعضٌ من أهم أسباب انهيار القوى الدولية العظمى، أو "الإمبراطوريات العالمية".

لقد تعلَّمت من تجربتها هي، أي تجربة الاتحاد السوفياتي، في أفغانستان، ومن تجربة غيرها، أي تجربة الولايات المتحدة في العراق.

وهذا إنَّما يعني أنَّ "روسيا بوتين ـ مدفيدف" لن تخوض صراعها الدولي ـ الإقليمي في جورجيا (وضدَّ جورجيا جزئياً) إلاَّ بما يؤكِّد أنَّها قد تمثَّلت، على خير وجه، دروس وعِبَر "التجربتين" معاً، فجورجيا، التي تريد لها روسيا أن تكون الموضع الجيو ـ استراتيجي الذي فيه، ومنه، تستعيد بعضاً من المكانة الدولية ـ الاستراتيجية للإتحاد السوفياتي، لن تكون أفغانستان أو العراق.

الجيش الروسي لن ينتشر، أو يؤسِّس له وجوداً، إلاَّ في أراضٍ (من جورجيا) يقطنها أصدقاء وحلفاء لموسكو (أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا مثلاً وعلى وجه الخصوص).

وعن بُعْد، وبما يقي الجنود الروس شرور قتالٍ من نمط عراقي أو أفغاني، سيخوض الجيش الروسي الحرب، توصُّلاً إلى نتائج عسكرية واقتصادية، تفضي أخيراً إلى النصر السياسي ـ الاستراتيجي الذي تريده موسكو.

و"الحصار" سيكون جزءاً مهماً من استراتيجية الحرب الروسية (الدولية ـ الإقليمية) في جورجيا؛ ولا شكَّ في أنَّ "الحصار البحري" سيكون الجزء الأهم من الحصار الروسي لجورجيا.

ولا شكَّ، أيضاً، في أنَّ "روسيا بوتين ـ مدفيدف" تريد لحربها في جورجيا أن تنتهي إلى جعل هيمنتها على "البحرين"، بحر قزوين والبحر الأسود، وعلى "ممرَّات الطاقة (النفط والغاز)" من "قزوين" إلى "الأسود"، حقيقة استراتيجية واقعة، فهنا، وهنا فحسب، "ممرُّ روسيا" إلى "توازن دولي جديد".

موسكو (السياسية والعسكرية) تحدَّثت كثيراً عن الحرب في جورجيا؛ ولكنَّ كلامها الجامع المانع هو الذي جاء في البيان الصادر عن قيادة الأركان والذي أكَّدت فيه أنَّ الجيش الروسي "سيدمِّر كل سفينة أو غواصة تدخل المنطقة الأمنية في البحر الأسود قرب سواحل جمهورية أبخازيا".

جورجيا مطلَّة (غرباً) على البحر الأسود، تحيط بها من الشمال والشرق والجنوب أربع دول هي روسيا وأذربيجان وأرمينيا وتركيا.

من أذربيجان، وضدَّ "ممرَّات الطاقة" الروسية إلى أوروبا عبر الأراضي الروسية، تُنْقَل "الطاقة" عبر الأراضي الجورجية إلى تركيا (ومنها إلى أوروبا) أو إلى البحر الأسود، أي غرب جورجيا، ومنه إلى أوروبا.

إنَّ مصلحة "الاتحاد الأوروبي" في بقاء "ممرَّات الطاقة" عبر الأراضي الجورجية سالمةً آمنةً، وحاجته إلى نفط روسا وغازها، هما قوام "الرادع الروسي" له عن الوقوف إلى جانب جورجيا ضد روسيا.

الولايات المتحدة كانت تعلم ذلك، فسعت إلى "تحرير" "الاتحاد الأوروبي" من روسيا، نفطاً وغازاً، وإخضاعه، بالتالي، لها، نفطاً وغازاً، عبر أنبوب "نابوكو (3300 كلم)"، الذي سيبدأ إنشاؤه سنة 2010، ويصبح جاهزا للتشغيل سنة 2013.

ولقد زار بروكسل، من قبل، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، سعياً إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي على تزويده نفطاً، وكذلك غازاً عبر هذا الأنبوب، الذي سيُكسِب تركيا، في المقام الأول، مزيداً من الأهمية الإستراتيجية في الأمن الطاقي للاتحاد الأوروبي، الذي تلبي له روسيا ربع احتياجاته من الغاز.

روسيا، وفي الوقت نفسه، قامت بإنشاء خط منافس لينقل الغاز الروسي من البحر الأسود إلى إيطاليا، مروراً بصربيا وبلغاريا؛ وقد ينتهي العمل به قبل خط "نابوكو".

أمَّا ما يشدِّد الحاجة لدى الاتحاد الأوروبي إلى نفط العراق وغازه فيكمن في أمرين: ارتفاع منسوب الخوف الأوروبي من ميل روسيا إلى استخدام الغاز الذي تنقله إلى أوروبا سلاحاً للضغط السياسي ـ الاستراتيجي، فالضعف الاستراتيجي العام لروسيا يغريها بذلك، وهذا الارتفاع الذي لم يسبق له مثيل في أسعار النفط عالمياً، والذي يتهدد الاقتصاد الأوروبي.

والعراق هو آخر بئر نفطي يُتوقَّع نفاده في العالم، فهو يملك من الاحتياط النفطي المؤكَّد نحو 115 بليون برميل، كما أنَّ كلفة استخراج برميل النفط العراقي هي الأقل عالمياً.

واليوم، على وجه الخصوص، يدرك الاتحاد الأوروبي المخاطر الاقتصادية التي يمكن أن يتعرَّض لها من الاجتماع بين انهيار سعر صرف الدولار في مقابل اليورو والارتفاع غير المسبوق في سعر برميل النفط، فبضائعه تتراجع قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية بسبب "غلائها" الذي تسبَّب به ضعف الدولار، أو سياسة إضعاف الدولار، كما أنَّ ارتفاع سعر النفط يزيد طين اقتصاده بلة.

ومع أن الارتفاع الهائل في أسعار النفط يمكن ويجب أن يشدِّد الحاجة لدى الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص إلى تطوير بدائل من هذا المصدر للطاقة، والذي يزداد تحكُّم الولايات المتحدة فيه على الصعيد العالمي، فإننا لم نرَ حتى الآن ما يشير إلى قرب التوصل إلى بديل طاقي يمكن أن يجعل الاقتصاد الأوروبي، وغيره، أقل تبعية للمصدر النفطي، أو أكثر استقلالا عنه؛ ولا شك في أن وجود مصلحة قوية في استمرار هذا الإخفاق هو من بين أهم الأسباب لبقاء الطاقة النفطية في منزلة "حجر سنمار" بالنسبة إلى القلعة الأوروبية (الاقتصادية).

والولايات المتحدة، بخلاف سائر دول العالم، هي الدولة الوحيدة في العالم التي في مقدورها أن تستمر في شراء النفط من الخارج مهما ارتفع سعره، ما دام مقوَّما بالدولار، الذي في مقدورها أن تطبع منه الكمية التي تشاء.

ومع ذلك، أرسلت جيشها لاحتلال العراق، والسيطرة على ثروته النفطية الهائلة، التي يمكنها أن تستخدم سيطرتها عليها سلاحاً استراتيجياً في سعيها إلى إبقاء الأوروبيين، على وجه الخصوص، خاضعين لتأثيرها، فضلاً عن تأمين إمداداتها النفطية هي.

وفي مقابل زيادة اعتماد الاتحاد الأوروبي على نفط العراق وغازه، وتقليل اعتماده على الغاز الروسي، ينبغي للأوروبيين أن يساهموا مساهمة كبيرة في إصلاح وإعادة بناء قطاع النفط العراقي، بالمال والتكنولوجيا والخبرة. وينبغي لهم أيضاً أن يقبلوا الآن وجوداً عسكرياً لحلف الأطلسي في العراق، الذي يوشك أن يبرم مع الولايات المتحدة اتفاقية استراتيجية تسمح لها بالاحتفاظ بوجود عسكري استراتيجي دائم في هذا البلد، يشبه وجودها العسكري في اليابان، أو كوريا الجنوبية، أو ألمانيا، فهذا هو المعنى الوحيد لدى الولايات المتحدة لإنهاء احتلالها للعراق، الذي ينبغي له أن يقرَّ قانون النفط والغاز، فإقراره هو الشرط الذي لا غنى عنه لعقد هذه الصفقة الطاقية الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عبر الحكومة العراقية، التي ينبغي لها أن تبسط سيطرتها العسكرية والأمنية التامة على قطاع النفط في جنوب العراق، وفي منطقة البصرة على وجه الخصوص، فعقد تلك الصفقة يتنافى مع وجود لصوص نفطيين صغار هناك.

ويكفي أن تشتد حاجة الاتحاد الأوروبي إلى عقد هذه الصفقة حتى يصبح أكثر ميلاً إلى تأييد سعي الولايات المتحدة إلى إقامة الدرع المضادة للصواريخ في بولندا وتشيكيا، والتي تتهدد الأمن القومي لروسيا، وإلى توسيع حلف الأطلسي شرقاً على الرغم من اعتراض روسيا القوي على ذلك، وإلى الاحتفاظ بوجود عسكري استراتيجي دائم في العراق مع تأسيس وجود عسكري لحلف الأطلسي فيه، فليس من المنطق في شيء أن يوظِّف الأوربيون أموالاً طائلة في إصلاح وإعادة بناء قطاع النفط العراقي، وأن يجعلوا اقتصادهم في تبعية لمصدر الطاقة النفطية العراقي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، من غير أن يطمئنوا إلى أنَّ العراق محمي جيدا من حلف الأطلسي والمارينز، ومن غير أن يطمئنوا، أيضاً، إلى أنَّ إيران لن تكون قادرة على الإساءة إلى مصالحهم الاستراتيجية الجديدة هناك.

ولكم أن تتصوَّروا الآن المعاني الاستراتيجية لاقتران حرب روسيا في القوقاز حيث ممرَّات الطاقة إلى أوروبا بتعاظُم الثقل الاستراتيجي الإقليمي لإيران (المجاورة لنفط الولايات المتحدة في العراق) ولـ "ممر الطاقة الأساسي" عبر مضيق هرمز!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مات -آخر مَنْ يموت-!
- الصفعة!
- النفط -الخام-.. سلعة أم ثروة للاستثمار؟!
- -قطار نجاد-.. هل يتوقَّف؟!
- -الموت-.. في تلك الحلقة من برنامج -أوبرا-!
- طهران أفسدت -مناورة- الأسد!
- صُنَّاع الخزي والعار!
- -شاليط الأصفر- و-شاليط الأخضر-!
- ما هو الكون؟
- مؤتمرات تكافِح الفساد بما ينمِّيه!
- الأخطر في أقوال اولمرت لم يكن القدس!
- -قضاءٌ- وظَّف عنده -القضاء والقدر-!
- جريمة في حقِّ -العقل الفلسطيني-!
- تفاؤل رايس!
- ثلاثية -الإيمان- و-العقل- و-المصلحة-!
- -المجلس الأعلى للإعلام- إذ حسَّن -مسطرته-!
- ادِّعاء القدرة على -تثليث الاثنتين-!
- -نور-.. صورتنا!
- رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين!
- -أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ما معنى جورجيا؟