أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جواد البشيتي - مات -آخر مَنْ يموت-!














المزيد.....

مات -آخر مَنْ يموت-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2371 - 2008 / 8 / 12 - 10:58
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


محمود درويش مات، فَلْيَرْفَع الموت قُبَّعته، وَلْيَنحنِ له إجلالاً واحتراماً.. لقد مات "آخر مَنْ يموت". مات الشاعِر الذي كان، وسيظل، شعور "أوَّل مَنْ يُقْتَل، وآخر مَنْ يموت".

"هوميروس فلسطين" مات؛ ولكنَّ "إلياذته" تبقى حيَّة، لا تموت أبداً.

قَلْبُ فلسطين، وطائرها خافِق الجناحين، توقَّفا عن الخفقان، فَخَفَقَ نجمها وقمرها وشمسها.. وأطْبَقَت على سمائها ليالي المحاق.

عندما نَفْقِد عزيزاً وحبيباً نَشْعُر أنَّ كل شيء جميل قد مات، فَنَكْرَه أنفسنا، ونَحْقِد على هذا الموت اللئيم الذي يغتالنا ونحن، على ما نظنُّ أو نتوهَّم، على بُعْد شِبْرٍ، أو شِبْرين، من "الهدف"، الذي من أجله عِشْنا، وعملنا، وعانينا الأمرَّيْن، ونَزَفْنا الدمع والدم، وأحْبَبْنا وكَرِهْنا؛ أوَلَمْ يَمُتْ مِنْ قَبْلِه، إذ سَمَّتْهُ "الأفعى"، "أخيل فلسطين"، قبل أن يَلْمِس "قباب طروداة"، التي قضى عمره مُبْحِراً إليها؟!

إلاَّ في موته، فـ "هوميروس فلسطين" إنَّما مات؛ لأنَّ كل شيء جميل قد مات من قبل، أو عندما مات كل شيء جميل، فـ "قوس قُزَح"، الذي من جمال ألوانه، ومن كل ألوانه، وُلِدَ محمود درويش، ذهب إذ ذهب نهار فلسطين، وأطبق عليها الليل والسواد، و"تحرَّرت" قصيدتها من "حُلْم الدولة"، ومن "الفكرة الأكبر والأعظم من الدولة"، لِيَحتلها، أيضاً، "كابوس الإمارة"، ويُمْعِن في تمزيقها، معنىً ومبنىً، أناسٌ لا يميِّزون "الجامع" من "الجامعة"!

مات زمانه، فمات؛ وهل للسَمَكِ من حياة في خارج الماء؟!

ذاك الزمن كان زمن محمود درويش؛ أمَّا هذا الزمن فزمن مهنَّد ونور، وهيفاء وهبي، وصيام والزهار.. زمنٌ أصبح فيه لكل عصابة نبي، ولكل صحافي ميليشيا!

مَنْ ينعى على نفسه بالفواحش في الشطر هذا أو ذاك لا يَحِقُّ له أن ينعى إلينا درويش، الذي نعاه إلى فلسطين إذ قال وهو ذاهِبٌ إلى الموت: "أنتَ منذ الآن غيرك"!

"هوميروس فلسطين" إنَّما جاء بآياته لغيرهم؛ لأولئكَ الفلسطينيين، وليس لهؤلاء الذين لا يثورون، ولا يشكون، لا يُغنُّون، ولا يبكون، لا يموتون، ولا يحبَّون.

جاء إليهم عاشقاً يَحْمِل في نظراته البحار والربيع وشجر الورد النابت من أحشاء الجمر الفلسطيني.

جاء إلى المثخنين بجراح الجسد، المختزنين فيها الشتاء والرعود والبروق والعاصفة.. والآلام التي منها وُلِد الكبرياء الفلسطيني.

"عاشق فلسطين"، و"عاشق بيروت لعشقه فلسطين"، حدَّثَنا عن معاني فلسطين على متن "سفينة نوح" المُبْحِرة من بيروت إلى حيث البقية الباقية من "القابضين على الجِمار" يموتون في عِزٍّ وسؤدد لِيَنْعَم غيرهم بعيشٍ من خزي وعار.

لم يعش، ولم يمت، إلاَّ من أجل أشجار الزيتون الفلسطيني، ومن أجل تلك الباقة من الأنبياء الطالعة من شقوق الصخر في فلسطين.

عاش ومات من أجل صُنَّاع الأسطورة.. أسطورة الدم الذي غلب السيف، وجَعَل "قوس قُزَح" عَلَماً لفلسطين.

عاش ومات من أجل "آخر الطلقات، وما بقي من هواء الأرض، ومن نشيج الروح".

لم يعش، ولم يمت، من أجل هؤلاء الحطب والخشب، الذين في "وادي الدموع" يُصلُّون ويتعبَّدون، وعن "ورود الوهم" يبحثون، لعلَّهم غير أصفادهم يَجِدون.

"هوميروس فلسطين" مات، فًَلْيَدْفِن الموتى هذا الحي إلى الأبد!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصفعة!
- النفط -الخام-.. سلعة أم ثروة للاستثمار؟!
- -قطار نجاد-.. هل يتوقَّف؟!
- -الموت-.. في تلك الحلقة من برنامج -أوبرا-!
- طهران أفسدت -مناورة- الأسد!
- صُنَّاع الخزي والعار!
- -شاليط الأصفر- و-شاليط الأخضر-!
- ما هو الكون؟
- مؤتمرات تكافِح الفساد بما ينمِّيه!
- الأخطر في أقوال اولمرت لم يكن القدس!
- -قضاءٌ- وظَّف عنده -القضاء والقدر-!
- جريمة في حقِّ -العقل الفلسطيني-!
- تفاؤل رايس!
- ثلاثية -الإيمان- و-العقل- و-المصلحة-!
- -المجلس الأعلى للإعلام- إذ حسَّن -مسطرته-!
- ادِّعاء القدرة على -تثليث الاثنتين-!
- -نور-.. صورتنا!
- رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين!
- -أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!
- -الدولة-.. عربياً!


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جواد البشيتي - مات -آخر مَنْ يموت-!