أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد الشديدي - الجواهري، إنغمار بريغمان ومحمود درويش .. عن فضة الصمت والغياب














المزيد.....

الجواهري، إنغمار بريغمان ومحمود درويش .. عن فضة الصمت والغياب


سعد الشديدي

الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 10:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بتُّ أخشى أن أبدأ مشروعاً يخصُّ أحد المبدعين الكبار. فكلما حزمتُ أمراً وشمّرت ساعد الجد ولم يبق سوى القليل أسمع بنبأ وفاة ذلك المبدع. بدأ الأمر حين قررت في تسعينات القرن الماضي بالتخطيط لتسجيل قصائد الجواهري الكبير بالصوت والصورة بشكلٍ يليق بمكانة أبي فرات ووضعها في أرشيف خاص يكون بمتناول الأجيال العراقية القادمة، وربما فاتني أن أُسرع قليلاً، أو كثيراً، فالشاعر كان قد تجاوز التسعينات من عمره. ومات الجواهري الكبير وأنا مازلت أخطط. ومات المشروع كله مع غياب شمس الجواهري التي ألهبت المخيلّة والضمير العراقي لعقودٍ عديدة. مرةً أخرى أخذت على عاتقي ترجمة كتاب Laterna Magica للمخرج السويدي أنغمار بريغمان الى اللغة العربية، كنت أتمنى وأنا أعمل في ترجمة النص السويدي أن يكتب أنغمار بريغمان نفسه مقدمة الطبعة العربية، أرسلت له رسالةً بهذا الصدد وأنتظرت الجواب، وبعد شهرٍ أو اكثر بقليل قرأت نبأ وفاة بريغمان في الصحف السويدية. ومؤخراً ومنذ أشهر قليلة بدأت مشروعاً صغيراً بإعادة تسجيل قصائد الشاعر محمود درويش، فأغلب قصائده مسجّلة في ندوات شعرية والبعض القليل فقط مسجّلٌ في ستوديو. أقتنيت ما وجدت من القصائد المسجلّة بصوت الشاعر وأعدت تسجيلها لتبدو وكأنها مسجّلة في ستوديو. ثم حدث وسمعت أمس بغياب شاعرنا الكبير. هل تكون هي الصدفة أم ماذا؟
كل تلك المشاريع كانت صغيرةً وشخصية جداً، كنت أنوي أن أقدم فيها شيئاً من إبداع هؤلاء الثلاثة الكبار: الجواهري بريغمان ودرويش. لأن كلَّ واحد منهم كان أستاذاً لي بطريقته الخاصة. وكنت محظوظاً إذ رأيت الثلاثة رأي العين. رأيت الجواهري الكبير في إتحاد الأدباء في بغداد في منتصف السبعينات وأستمعت، من بعيد له، وكنت كمن رآى آلهة الشعر وهي تحطّ ، بحذاءٍ أسود يلتمع كمرآةٍ وجسد نحيف وعينين حادتين، على كوكبنا تظلله بجناحيها. وفي عامي 1979-1980 ألتقيت محمود درويش في جمهورية الفاكهاني في بيروت في أحتفال أقامه إعلام الجبهة الديقراطية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الجبهة ، صافحته وقدمت له نفسي. كان محمود يرتدي جاكيتاً أسوداً وكنزة بولو زيتونية اللون. كنت حينها فتى غراً لما أتجاوز العشرين من عمري أكتب الشعر وأعزف الموسيقى وكان محمود درويش سماء الشعر التي تظللني. أما بريغمان فألتقيته أكثر من مرة وبمحض الصدفة في ستوكهولم، مستمعاً ومحاوراً بحكم أختصاصي ودراستي الأكاديمية لعلوم السينما.
أشعر الآن بعد أن غاب ثالث الكبارالذين بقيت أرواحهم فيما أعطوني وأبناء جيلي والأجيال التي ستأتي فيما بعد، لتتأمل ولترى وتسمع ما أبدعوا ولكن فقط في الكتب ومن خلال محطات التلفاز والأذاعة، دون أن يكونوا من المحظوظين مثلنا. أذ لن يستطيعَ أحدٌ منهم أن يرمق الجواهري عن بُعد ويستمع له، وأن يتقدموا بخطى مرتبكة بعض الشئ ليقدم أحدهم نفسه لمحمود درويش، ولن يستطيع أحد آخر أن يجلس واضعاً رجلاً على رجل وهو يكلم أنغمار بريغمان ليخفي أرتباكه أمام عدائية بريغمان التي لم يكن يقصدها.
أشعر ببعض الفرح لأنني كنت من المحظوظين الذين عاشوا في زمن محمود درويش، قرأت له وأستمعت لقصائده منه وبصوته وألتقيت به، وبالكثير من الأسى لأنه غاب عنّا في هذا الوقت بالذات.
وأذا كان الرئيس الفلسطيني قد نعى محموداً لشعبه فإن قصائد محمود درويش تقول العكس لأنها ستبقى تحمل روحه لتوصلها لعصافير الجليل حاملةً معها أنخاباً جديدةً ناثرةً على رؤوس القادمين ورد اللوز نافخةً من روحها في كلّ حجرٍ من أحجار الرامة والكاظمية وباب توما والفاكهاني والوحدات لتصبح أداة لمقاومة الغزاة، ناثرةً مناديل عرس فاطمة وخديجة على حبال غسيل من آفاق لم يرتدها أحد من قبل ترّصع بها أبواب المدن المنهوبة، ولتحفر في جلودنا بالحروف، لا بالأغلال، شكلاً للوطن.




#سعد_الشديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبلَ ان يموت الجسر
- تفجيرات الكوفة - أربيل ولغة القواسم المشتركة
- غورنيكا عراقية لسماءٍ بلونِ العقيق
- يومٌ يستحقُ أن يحتفى به
- جند السماء.. أولى شرارات ألمعارضة ألشعبية ألعراقية؟
- جند السماء وجند المنطقة الخضراء
- الصدريون يستعدون والسيستاني يرمي بمقتدى الى المحرقة
- لماذا لا يريدون لصدّام أن يموت؟
- أيها الشيعيّ لا تصمت هذه المرّة
- قرار اعدام الديكتاتور بداية أم نهاية؟
- يا يونس المحكومِ بالإعدام.. عدْ للحوتِ ثانيةً
- ولا داعٍ للقلق
- هل حقاً ان كركوك أغلى من البصرة؟
- انهم يقتلون أطفال العراق
- الفيدرالية حقٌ يُراد به باطل
- موطني.. حتى إشعارٍ آخر
- ايها العراقي انت نملة.. فكن سعيداً
- الزرقاوي.. نحروه أم انتحر؟
- اسرائيلي واحد بألف عربي؟ يا بلاش
- وزير الدفاع العراقي يعلن الحرب على الشيوعية


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد الشديدي - الجواهري، إنغمار بريغمان ومحمود درويش .. عن فضة الصمت والغياب