أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أينما نذهب ثمة ورطة















المزيد.....

أينما نذهب ثمة ورطة


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 05:39
المحور: الادب والفن
    


…الذي ظلّ عالقاً بذهني..كنت أمشي على عجل،كان يلاصقني وكنت أتلصص على ظلٍّ مرتبك يتلمس خطواتنا،ولجنا المقهى وارتكنا في منزوي..!!
همست:
ـ لم نعد نمتلك فرصة لالتقاط أنفاسنا..
فاه :
ـ سأسندك..دعمي يقيك من فخاخهم..
ساد صمت،وجدتها فرصة ملائمة لأتصفح الوجوه،عشرات الرؤوس تسبح في بحر هائج،تستسلم كأنها لعب مهملة جرفتها سيول مباغته،أسراب دخان مثل أفاع منتشية ترفع نفسها لتشتبك في رقص بلا ضوابط،رؤوس تختفي وتظهر،رؤوس غابرة..رؤوس مقهورة..رؤوس متحجرة..رؤوس متعجرفة..رؤوس خاوية..سادني اليقين أنهم فارون من جحيم الحياة..
همست:
ـ حتى المقاهي غدت فخاخاً ممتازة لاقتناص أندادهم..
فاه:
ـ احترس..ثمة من أتقن لعبة استدراج الجليس إلى بركة المهالك،أحذر كل أنيس،ربما هو من ألد الخصوم..
همست:
ـ هذا ما يؤرقني..كيف السبيل لجمع قطعان فلتت من مراعيها..؟؟
فاه:
ـ دع هذا الأمر،الأيام ستتكفل بذلك،كلما سادروا في طغيانهم تقاربت وجهات النظر وبات الحلم قيد التحقيق..

همست :
ـ لم أجد سوى هذا المكان،بت لا أطيق غضبي،زنزانة صدري ستتحطم،أريد مكاناً آمناً لأبخر أرقي..
فاه:
ـ حسناً تفعل،دع الدخان يتحرر من أغوارك،الدخان قد يجذبهم..عليك أن تفرغ شحنات احتجاجاتك على أقل تقدير في هذه المرحلة تحديداً..
همست:
ـ إلى متى نسحق أحلامنا،إلى متى ندفن أفكارنا..غدوتم مقابر أسرارنا بعد أن كنتم لسان حالنا السليط..
فاه:
ـ ما بوسعنا هو توفير المناخات الملائمة لكم،سنمدكم باليقين ونغذي رغباتكم،لا تهنوا..؟؟ خذوا حذركم..الأمل سيورق،أنه ينمو ببطيء..لكنه سيورق حتماً..
همست:
ـ ندرك أن الكرة بين أقدامهم،أحوج ما نحتاجه تقريب وجهات النظر،وعدم التفريط بما وصلنا إليه،التشرذم يصب في صالحهم،نريد فقط فرص التواصل،كي لا ينفرط عقد مصيرنا ونكون في متاهة أخرى..
فاه:
ـ الجو ملغوم،الوشاة في كل مكان،أنهم يمارسون القسوة لإرباككم،يحاولون زراعة الذعر كي لا تتكون أو لا تتبلور عذاباتكم إلى عواصف مؤجلة..
همست:
ـ جراحاتنا لن تندمل إلاّ برحيلهم،سكوتنا يعني الرضوخ لهم،هذا ما أرفضه رفضاً قاطعاً،ماذا نقول لضحايانا،هم سبقونا..علينا اللحاق بهم..
فاه:
ـ نعم..ندرك كل هذا،تقاعسكم يوفر لهم فرص الهيمنة،لتكن مناوراتكم بالصمت،لا تشاركوهم مسراتهم،ذلك ما يغضبهم ويربكهم ويستنزفهم الكثير..
همست:
ـ كلما نقترب،تدهمنا جحافلهم،غدونا لقم سائغة تتناوشنا ألسنة اللصوص والمرابون
وسماسرة يتوالدون في كل لحظة،ثمة عيون تقف بالمرصاد،عيون تمتلك وسائل شيطانية لتأويل أيما إيماءة،تصور حتى النظرات باتت رهن الشك والريبة،أنهم لا يتورعون من إبادة بلدة من أجل الإمساك بطير يهواه السلطان..
فاه:
ـ لا تحسبن أننا غافلون عمّا يفعلون،إمكانياتهم محسوبة،نعرف مراميهم وإلى أي مدى يسعون،وقود الانتفاضة مهيأة،لا نطلقها إلاّ في اللحظة المدروسة،أن ذلك لقريب..صبراً..صبراً..ولو أمتد إلى دهر..
همست:
ـ أنظر إلى هذه الوجوه،كلها بؤس وحرمان ورغبات مخنوقة،وجوه شاخت قبل أوانها،لاحظ الأقنعة تتبدل وفق مقتضيات المزاج،قل لي:كيف السبيل إلى اخضرار أحلام احترقت..؟؟
فاه:
ـ لا يغرينكم ظاهرهم،لدينا ما يعتمل في أغوارهم،هذا الهروب الصامت سبب هذياناتهم،هل فكرتم لحظة وتدارستم أسباب إخفاقاتهم..؟؟ولم ظلوا يتراوحون داخل حلقات مفرغة..لولا هذه الوجوه لانتقلوا إلى خطوات لاحقة من سياساتهم الغامضة..
همست:
ـ أعرف أنهم كلما توغلوا صوب أمانيهم كلما اقتربوا من نهاياتهم،لكن المشكلة نفدت أعمارنا وما زلنا نتمسك بعروة الأمل..
فاه:
ـ لهذا السبب جئتك،رصدت حماستك،لا نبغي دفع المزيد صوب المزالق،كان القرار أن نترجل من قمقمنا،حالة البلاد مزرية،والآن هم على مشارف الهاوية..
همست:
ـ حسناً فعلت،لولاك لانتفضت كما أنتفض بعضنا وساقوهم صوب المتاهات،جندلوهم في الشوارع بمجرد قالوا: بتنا لا نحتمل الحياة..!!كنت بحاجة إلى رفقة تسندني وتكبح جماح انفعالاتي،فأنا كثير وسريع الغضب كما تعرف..
فاه:
ـ سأشد وثاقك،لن أحرر حبلك ما لم تحن لحظة زوالهم،اعلم أن الحماسة آفة الضياع،أكظم غيضك،هناك من يدعي أنه يقرأ ما يجول داخل العيون،أنهم هالكون..هالكون لا محالة..
همست:
ـ رغم شطحاتي مازلت احتفظ بتوازني،لا أريد أن أفقد فاكهة كلفتني حياتي وهي قيد النضج،عزائي الوحيد هو استبدال أمكنة تواجدي،كي أتمكن من تصريف زفيري براحة بال على أقل تقدير..
فاه:
ـ ما بوسعك ناور،لا تجلس في مكان واحد مرتين،لا تنظر بوجه أحدهم مرتين،لا تحرر زفيرك بصوت مسموع،لديهم قدرات شيطانية لمراقبة حركة النمل في الرمال،طغاة يستمدون قوتهم من كثرة وشاتهم..
همست:
ـ حقاً ما تقول بالنفاق يعمر الطغاة..
فاه:
ـ أنا واثق منك،تعي الأمور بدراية وتراقب بحرص،تعرف من أين ترمي لأدراك الهدف،المنافقون بدءوا يصطادون بعضهم،لن أخشى عليك،لكن الواجب يحتمني أن أكون بجنبك،أن أنفس من سأمك..
همست:
ـ اطمأن..
ساد صمت كثيف..ساد الذهول..تحجر الدخان وارتبكت الرؤوس وارتجفت الأبدان..هبطت أطباق عملاقة من الفضاء..ترجلت أجساد خشبية مزججة الرؤوس تندلق حزم ضوئية من عدسات العيون،بينما حزم المراثي تندلق من الأفواه إلى أرض المقهى،راحت الوجوه تموع مثل الشموع،تعالى نشيج وفرت صيحة وانطلقت روح وتدحرج صوت:
ـ أينما نذهب ثمة ورطة..!!
تنحنح صوت شائخ:
ـ أنا على يقين..أحد الجلوس تسلل إلى أغواره..!!
ارتجفت أركان المقهى وتهاوت الأجساد وأنقذفت الأرائك لصرخة مباغته:
ـ هو ذا المارق..
انقضّت عشرات الأيدي..مئات الأيدي..آلاف الأيدي..تجرجرني صوب الظلام..!!
***
في اليوم اللاحق أنتشر خبر في البلدة(الملك يأمر بغلق المقاهي لسبب غير معلوم)..!!
***
(سيجيء في الأثر):ملك رأى في منامه أفواجاً تلو أفواج من أكواب تحلق فوق قصره،تدلق أمواجاً تلو أمواج من شاي ساخن فوق رأسه..!!
***
سيقول الرواة:لمّا نهض الملك مبلل السراويل،ركل صحن فطوره بقدميه،أزبد وأرعد،دخلت(عرّافته)..بكى في حضنها،ولمّا فسرت رؤيا،أمر زبانيته ونفذوا أمره..!!
***
في بيت طيني متهالك،سيستقبل(شيخ)..رفيقاً قديماً،وحين يرتشف الضيف شايه..
سيهمس:
ـ لم يعد فيه طعم كما كان..!!
ـ حين نتخلص من الطغاة،يعود كل شيء لسابق فطرته..
ـ يا لها من سلسلة عنيدة،أنها مسبحة،كلما ننتهي..نبدأ شوطاً آخر..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يبيعون الإهداءات
- أغتيال حلم..أو شاعر آخر يتوارى
- تواضعوا..يرحمكم الله
- سيرة الدكتاتور..من الفردانية..إلى الأفرادية..
- بلاد تائهة..
- سر هذا الضحك
- من سيربح العراق
- لا تلعنوا آب رجاء..
- هل حقاً كاد أن يكون رسولا..
- ما الشعر
- لغة الثقافة ولغة السلطة..تاريخ شائك بالتحديات
- أصل الكورد والبحث عن الهوية


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أينما نذهب ثمة ورطة