أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد صلاح الدين - صدام حسين, الجبل الذي ضمته الحفر














المزيد.....

صدام حسين, الجبل الذي ضمته الحفر


سعد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 732 - 2004 / 2 / 2 - 04:25
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


هكذا هو التاريخ يحتفظ دائما بمن يحتقرهم بعيدا عن الشمس, هذا الرجل الذي لم يفارق كلمة التاريخ وعباراته عن لسانه, تبين انه كان يحفظ تلك الكلمات الكبيرة دون ان يدرك اصغر معانيها, فقد اعتدنا ان نسمعه كل تلك السنين وهو يسلط الضوء في خطاباته المملة على تلك المعاني وكان يعيش بغرور المراحل الاولى من حياة طغاة التاريخ دون ان يحد ببصره الى النهايات المأساوية لهم.
فهذا الصغير الفارغ الذي نفِخَ من دبره بمنفاخ غربي متطور بدا كبيرا جدا, لحد وصل يديه الطويلة الى جميع فئات وطبقات الشعب العراقي المغلوب على امره, هذا الذي تلطخ يديه بدماء الملايين, الذي وصِفَ بأقلام المرتزقة بأوصاف وصل حد الالوهية, هو نفسه عرضوه على شاشات التلفاز في الرابع عشر من كانون الاول مستسلما دون ان يطلق في عملية اعتقاله طلقة واحدة.
هذا الفارس الشجاع الذي قتل الناس وهتك الاعراض واستخدم كل انواع الاسلحة ضدهم لم يستطع استخدام سلاحه الشخصي ضد شخصه الوضيع, لقد ذكر العراقيين بمنظره البشع بشاعة نظامه المنهار وكل تلك السنين الجهنمية التي عاشوها تحت سيطرته وبها حَوَّل العراق الى سجون متلاصقة:
(سبحانك اصغر شيءٍ في الكون يسكرني, فكيف الانسان,
سبحانك رضيت بكل الاشياء سوى الذل وان يوضع قلبي بقفص في بيت السلطان,
سبحانك رضيت ان نصيبي كنصيب الطير
ولكن سبحانك حتى الطيور لها اوطان وترجع اليها
اما وطني فسجون متلاصقة, سجّان يمسك سجّان*1).
لقد بكي كثيرا من العراقيين لحظة عرضه على شاشات التلفاز, فقد تذكروا آمالهم المؤودة وماضيهم الحزين وحاضرهم المنهار, هذا المتوحش المتهور كم بدا اليفا متعاونا مع سجّانيه, وتذكروا تلك الكلمات التي القاها ذلك الشاعر التافه على مسامع قائده حينما قال(رأيت كل جبال العالم ولكن لم ارى في حياتي جبلا فوق جبل) وادرك الناس مدى تفاهة ان يدخل جبلان كبيران حفرة صغيرة في بلدة دور التكريتية.
فهذا الدكتاتور وطريقة استسلامه المهين يذكرنا بأواخر ايام الحرب الاخيرة حينما ذاق جميع المحافظات وخاصة الجنوبية مرارة الحرب والموت ورأينا كيف ان شيوخ عشائر تكريت سارعوا بالاستسلام واعطوا ايديهم بايدي الامريكان دون اية مقاومة, وقد اثبت الدكتاتور وببراعة انتماءه الحقيقي لتلك العشائر.
 هذا العبقري بكل علوم عصره, كان مهندس التأميم, ومنظم المقابر الجماعية, عالم في الكيمياء واستخدم اسلحته ضد شعبه, معلم الاجيال, طبيب اوجاع الشعب, حتى اكتشف في أواخر ايام حياته قانونا غاية في الاهمية في علم الفيزياء؛ عندما اثبت بوجود علاقة طردية بين شارب الرجال وطوله وبين استعدادهم للقتال حينما قال((الي عند شارب يحارب واللي ماعند شارب مايحارب)) وبعبقرية اكبر كشف لنا خطأ تلك النظرية والبراهين في لحظة استسلامه حيث كان طول شاربه يكفيه للقتال لعدة سنوات ولم يحارب بها لحظة واحدة.
هذا الرجل الذي رفض الذل والاهانة جملة وتفصيلا ((كافي اهانة كافي ذل)) وكاد ان يحرر فلسطين والمسجد الاقصى شريطة ان يعطوه ارض متلاصقة(خلي ينطونا قطعة ارض متلاصقة لاسرائيل واحنا راح نحرر فلسطين).
هذا الذي وصف بأسماء حسنى زاد على الثمانين اسما والصقت على جدران الدوائر الرسمية في العراق, هذا الذي صنع لنفسه شجرة عائلة تخرج من ارض عوجاء وتصل الامام علي, هذا الذي دافع في كل حياته عن كل القضايا ونسي قضية الشعب العراقي هذا الشعب الذي يأكل ثلاثة وجبات يوميا من العز والكرامة والبطولة. هذا الدكتاتور كان دائما وكما الآن يذكرني تلك الكلمات العظيمة لشاعرنا العراقي حينما خاطب مومسة وشرب نخبها لان القدر والحظ التعيس دفعها لهذه الدروب وليس بينها وبين الدكتاتور المخلوع أي وجه مقارنة:
((نشرب نخبلك سيدتي فلم يتلوث منك سوى اللحم الفاني,
البعض يبيع اليابس والاخضر,
ويدافع عن كل قضايا الكون ويهرب من وجه قضيته
سأبول عليه وأسكر*2))
----------
*1, 2* هو مقطع من قصيدة لشاعرنا الكبير"مظفر النواب".



#سعد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد صلاح الدين - صدام حسين, الجبل الذي ضمته الحفر