أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وائل غالي شكري - دراسة ألسنية في كتلب البلطة والسنبلة ل..مهدى بندق















المزيد.....



دراسة ألسنية في كتلب البلطة والسنبلة ل..مهدى بندق


وائل غالي شكري

الحوار المتمدن-العدد: 2368 - 2008 / 8 / 9 - 05:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يفتتح مهدي بندق دراسته النقدية كما سمّاها هو على "البلطة والسنبلة/إطلالة على تحولات المصريين/دراسة نقدية" (الإسكندرية – دار تحديات ثقافية، ط1 – 2008)، بقول فردينان دو سوسور عن اللغة إنّها "نسق من العلامات ، وأية ضوضاء لا تعد بحد ذاتها لغة إلا حين تستخدم للتعبير عن الأفكار." مع ذلك، فكما نعلم، يُفهم شكل اللغة المعروض في مساق (course)/ دو سوسور/ بدءاً من العلاقة المزدوجة: العلاقة التي تمثلها العلامة بين دال ومدلول، والعلاقة بين العلامات المختلفة، ذلك بأنَّ كل واحدة تتسم بهذه العلاقة مع العلامات الأخرى. فاللغة تقوم على الفروق، لأنَّ كل لفظة تتكون من هذه الفروق، وليس العكس، أيّ وليست هذه الفروق هي التي تكون اللفظة. ومن المعروف في اللغة العربية أنَّ أبا هلال العسكري قد ألّف كتاباً على "معرفة الفروق في اللغة، أو الفروق اللغوية"( ).
حدّد دو سوسور منذ قرن من الزمان على وجه التقريب هاتين العلاقتين - العلاقة التي تمثلها العلامة بين دال ومدلول، والعلاقة بين العلامات المختلفة - بأنّهما تكونان اللغة. وهكذا يبدو بعد المفهوم وكأنَّ التحليل اللغوي يدمجه، لأنّه يتدخل فى العلاقة الأولى – أيّ العلاقة التي تمثلها العلامة بين دال ومدلول - المكونة للعلامة اللغوية. لكن ذلك لا يبيّن ما ينبغي فهمه بالدلالة: هل هي جهة المفهوم في العلامة ؟ إذا كانت هذه العلامة تتحدد بعلاقتها بالعلامات الأخرى، فكيف يمكن عزل المفهوم الذي يربطها بصورة سمعية ؟ إذا كانت هذه العلامة تتحدد بعلاقتها بالعلامات الأخرى، فكيف يبلغ الشخص المنعزل حقائق الوجود ؟
فتسمية الأشياء تحتاج إلى لغة، ولا توجد لغة بغير جماعة تتوافق على تسمية الأشياء. لا بد من التفريق، إذاً، بين الدلالة، من جهة، و"القيمة"، من جهة أخرى، لأنَّ هذه القيمة تدل على نمطيّ العلاقة - العلاقة بالفكرة التي تدل على العلامة ؛ والعلاقة بين العلامات نفسها. ويركز مهدي بندق على نمط واحد من نمطيّ العلاقة - أيّ على العلاقة بالفكرة التي تدل على العلامة وحسب من دون العلاقة الأخرى، أيّ من دون العلاقة بين العلامات نفسها: "يقول فردينان دي سوسور"، بحسب قول مهدي بندق، "إنَّ اللغة نسقٌ من العلامات، وأيّة ضوضاء لا ُتعد بحد ذاتها لغة إلاّ حين تستخدم للتعبير عن الأفكار." لكن سرعان ما يعود مهدي بندق إلى نمطيّ العلاقة - العلاقة بالفكرة التي تدل على العلامة والعلاقة بين العلامات نفسها في صورة علاقة إيجابية وأخرى سلبية: "من هذا التحديد يمكننا، (كما يقول مهدي بندق) أن نرى في اللغة وجهاً إيجابياً وآخر سلبياً."
إنَّ كلمةً ما، في منظور دو سوسور المحدث، مثل قيمة ما "يمكن تبديلها بشيء مغاير. وأمّا فكرة ما فيمكن مقارنتها فوق ذلك بشيء من النوع نفسه: كلمة أخرى ... ولمّا كانت جزءًا من نظام ما، فإنّها ترتدي ليس فقط معنى ما، بل أيضا وبخاصة قيمة ما، وهذا شيءٌ مختلفٌ تمامًا".
هذا "الشيء المختلف تمامًا" الذي هو قيمة الكلمة، هو أنّها لا تساوي كما هي كلمة إلاّ بالنسبة إلى كلمات أخرى - علاقة متجانسة، لأنَّ كل هذه الكلمات هي "من النوع نفسه" - في حين أنَّ الدلالة هي غاية علاقة متنافرة بين الكلمة وفكرة ما. ألا تنتج هذه الدلالة عن عزل فكرة ما داخل النظام اللغوي ؟ ألا تتحول إلى أثر وهمي، بمقدار ما يتعذر الفصل بين الفكرة والعلامة، أيّ بين الفكرة والعلاقات بين العلامات ؟ ألا تنمحي الدلالة أمام "القيمة" حالما ننظر إلى الواقع اللغوي في صورة "نظام" لغوي ؟
من العسير أن نمضي في هذا الاتجاه لو لم نكن نعلم أنَّ تاريخ الدراسات اللغوية نفسها يدخل مفهوم الدلالة هذا، سواء في منظور بنيوي أو اشتقاقي أو حتى براجماتي. المسألة هي إذًا: ماذا يعني الكلام عن الدلالة في اللسانيات المصرية ؟ كيف نتكلم عليها ؟ لماذا نتكلم عليها ؟ من نكون نحن المصريين ؟ ماذا نريد ؟ هل نقدر على تحقيق المراد ؟ ما هي العقبات الداخلية والعقبات الخارجية ؟ بعبارة أخرى، تعرضت مصر، كما قال مهدي بندق، "لوضع تاريخي فارق بالفتح العربي الإسلامي حوالي منتصف القرن السابع الميلادي، فكان أن أسلم معظم سكانها، وتعرب لسان الكل في مدى قرن ونصف القرن، الأمر الذي أثار وما يزال يثير الأسئلة حول اختلاف "الهوية" المصرية، من قبيل كيف أسلم الإيرانيون جميعا دون أن يتكلموا العربية، وكيف تكلم المصريون جميعا باللغة العربية مع بقاء عدد لا يستهان به خارج الإسلام ؟"
إنَّ العلاقة بين الكلمة والفكرة، مهما تنافرت هاتان اللفظتان لا تنفصل إلى شطرين اثنين: وهذا الفرق المؤسس للعلامة لا تسبقه ألفاظه المتفردة بل يسبقه تفريق للعلامات فيما بينها. مذ ذاك، نقدر أن نتصور مفهومًا لغويًا للدلالة لا يحطم النظام، ولا يخالف صيرورة التدليل بمفهوم "واحد" أو بفكرة "واحدة"، كما لو كان بالإمكان فصل المفهوم "الواحد" أو الفكرة "الواحدة"، عن العلاقة المؤسسة لهما – علاقة العلامة. إلى هذه العلاقة تقتضي العودة إذا شئنا أن نرد الدلالة إلى فعل التدليل نفسه: بالإمكان، بدءاً من مفهوم سوسور للعلامة، اعتبار هذه العلامة كنتيجة غير منفصلة لفعلٍ يتلازم فيه الدال والمدلول. وهكذا، استطاع /رولان بارت/ أن يقول:"بالإمكان فهم الدلالة كمسار؛ إنّها الفعل الذي يقرن الدال بالمدلول وهو فعلٌ يؤسس للعلامة".
تبدو الدلالة وكأنّها تميز تكون علامة ما: إنَّ علامة ما تعني، من خلال علاقة الدال بالمدلول، ما يشبه تفعيل صيرورة التدليل؛ الدال والمدلول متلازمان، وليست الدلالة إذًا حيزًا يقع خارج النطاق اللغوي. وقد قال مهدي بندق بحق إنّه "لا يوجد ما يُسمى : خارج البيت اللغوي".
إنّما لابد من تجاوز ذلك: إنَّ فهم الدلالة كعلاقة فعلية مؤسسة للعلامة، مندمجة أصلاً في نظام اللغة، لابد أيضًا التأمل فيها من زاوية العلاقة بين العلامات. وهكذا، يبطل تمييز دو سوسور بين الدلالة والقيمة. فى الواقع، لعل سوسور لم يقدم هذا التبيين إلاّ ليعيّن المنظور الذي تقع فيه اللسانيات - منظور اللغة كنظام من الفروق - بحيث أنّه إذا أمكن فهم الدلالة "كشيء مختلف تمامًا" عن القيمة، فذاك على الأرجح لإبطال الفصل الممكن بين النظام اللغوي والمفهوم أكثر منه لتفسير عزل هذا المفهوم. لذلك استطاع / جلمسليف / Hjelmslev، أن يدمج مسار الدلالة في سلسلة العلاقات بين العلامات. ويضعنا تحليله في تسلسل منظم للعلامات، وفى سيرورة دالة بحدها: حتى ولو كان بوسعه أن يعتمد مفاهيم مختلفة: مفهوم "المسار" في مقابل مفهوم "النظام" (يتعين على النظرية أن تقابل كل نظام بمسار، كما قال جلمسليف) - فهو لا يجيز الفصل بين سيرورة التدليل في الكلام وعلاقات الكلام المنظم بين العلامات، المقصود بمفهوم "الدلالة السياقية". هكذا، ندرك النقطة الأساسية: إنَّ الدلالة في صورتها النظرية هي جزءٌ لا ينفصل عن حقل الكلام ولا يمكن دراستها بمعزل عن المسائل التحليلية الصادرة عنها.
ونخطئ إذا اعتقدنا أنَّ دمج التدليل في نظام اللغة يناظر، من ناحية النظرية، تخفيف تعقد العلاقات بين استعمال اللغة والنشاط الفكري. إن بيان نتيجة كهذه مغر طبعًا: إذا كانت الدلالة ترجع إلى القيمة، إذا كانت لعبة التدليل تختلط بفروق اللغة البنيوية، فإنّه يتعذر إدراك كليهما، إلاّ بتبسيطهما. لكن التحليل الأدق يتبع الظروف والأحوال، ويوفر فرص العلاقات بين الدال والمدلول المتاحة من قبل اللغات الخاصة، ولا يطابق بالتالي بين الكلام والفكر. كيف يمكن ذلك، بينما لا يفهم مسار الدلالة إلاّ بدءًا من صورة اللغة ؟
من اللافت للنظر أن نرى علاميًا لغويًا من أنصار "سوسور" مثل /بالي / Ch. Bally، يفجر مبدأ خطية الدال إلى حد الإعلان عن أنَّ "اللاتساوق هو الحالة العادية، وأنّه يتلازم مع تعدد المعاني، وأنَّ التنافر بين الدالات والمدلولات هو بالتالي القاعدة". يدل "اللاتساوق" (Dystaxie) على اللاخطية، وعلى أنَّ الدالات والمدلولات في مسار العلامات لا تتجاور أبدًا. ومن الملفت للنظر كذلك أن نرى مهدي بندق يترجم "اللاتساوق" العلامي/اللغوي في صورة "الأيديولوجية": "تمثل الأيديولوجيا هذه الضوضاء >هذا الصوت غير الدال< بقوة ، منتجة بذلك وعياً زائفاً".
لكن الوعي الزائف لا يزيف وعي أصحاب الأيديولوجيا إنما هو يزيف وعي الغير. فالهدف من الأيديولوجيا هو الخداع والحجب عن أعين وعقل الآخرين من دون تزييف وعي أصحاب الأيديولوجيا نفسها. فإذا صحّ أنَّ الأيديولوجيا تحصر نفسها في الموقف الساكن الذي يعزلها عن حركة التاريخ في تدفقه وتغيره، فإنَّ ذلك هو جوهر الخداع والحجب عن الغير وليس الخداع أو الحجب الذاتي. وإذا صح أن الأيديولوجيا لا تشير إلى وقائع متكاملة على مستوى رؤية العالم وإنما تعبر جزئيا عن مصالح أصحابها وحسب من دون مصالح الآخرين فإنَّ ذلك لا يعني أنها تزيف وعي أصحابها إنما تزيف وعي المجتمع دون وعيها هي: هي تقدم وعيا مقلوبا لواقع قلبته هي بنفسها. وإذا صح أنّها تشوه المعطيات الواقعية لكي تناسب مصالحها فإنَّ ذلك يعني كذلك أنَّها لا تزيف وعي أصحابها إنّما تزيف وعي الآخرين صيانة لمصالحها. وأدق مثل على ذلك ما يذكره مهدي بندق في "غير" سياق "الأيديولوجيا" هو العبيد الذين حاربوا في صفوف سادتهم ضد من جاءوا ليحرروهم والعمال المقهورون الذين ناصروا " رأسماليي.. هم " المستغلين لهم.
وأمّا "رؤية العالم" التي يذكرها مهدي بندق في هذا السياق الأيديولوجي فهو مفهوم استعاره من لوسيان جولدمان وهو لا يفي بالغرض لأنَّ "رؤية العالم"، كما نظرها لوسيان جولدمان، تقف الموقف الساكن نفسه الذي كان يعزل الأيديولوجيا عن حركة التاريخ في تدفقه وتغيره. وهو السكون الذي يرفضه مهدي بندق في كلامه على لويس التوسير الذي "جفف" الفلسفة: "وبالطبع"، كما قال مهدي بندق، "فإنَّ جفاف الفلسفة لهو أقوى دليل على ذبول فرعها الحضاري." ويعني جفاف "الفلسفة" الصحراوي ما عناه الشاعر وليم بليك "بالفلسفة التجريدية". غير أنَّ سارتر كان كالتوسير تماما مجردا بنحو أو آخر، على عكس ما يقول مهدي بندق. بل هناك تقليدان متصلان في تاريخ الفكر البشري كله هما التقليد الصحراوي، من جهة، والتقليد البحري، من جهة أخرى. ولا علاقة مقصودة هنا بين الجفاف الصحراوي وثقافة الصحراء إنّما المقصود هو تباين تقليدين متصلين منذ نشوء الفلسفة إلى الآن. وأمّا الإدراك فيقتضي التجريد الصحراوي، وفي هذا السياق، يبدو التجريد في صورة مزدوجة:
- إنّه، أولاً، عملية تتيح إدراك الموضوعات الفردية عندما نتصور مثلاً، بمناسبة ورود عبارة "هذا الإنسان" السمات العامة للطبيعة البشرية (غير الموجودة)، بما هي مفعلة في فرد ما.
- يتيح إدراك الكليات، عندما لا نفكر مع مجرد ورود عبارة "إنسان" إلا في هذه الطبيعة بوجه عام، من دون الرجوع إلى فرد بعينه، مع أنَّ هناك أفراد.
يؤسس التجريد إذاً لاستخدام الكليات الدالة على الإدراك المستقل، لكنه لا يؤسس لمعقول مكتفٍ ذاتيًا: "لذلك، يحق لنا القول إنَّ إدراك الكليات منعزل، مجرد، ومحض: منعزل بالنسبة إلى المعنى إذ أنّه لا يدرك الشيء بما هو محسوس. - ومجرد، إذ أنّه يغض البصر عن الأشكال، كليًا أو جزئيًا ، - وأخيرًا، محضا ، فيما يتعلق بالتمييز، إذ أنّه لا يثبت أيّ واقع، أكان مادةً أم شكلاً، مما جعلنا نقول الآن إنّه مفهوم غامض." تحليل "أبيلار" فريد من نوعه، من حيث أنَّ التشبث الذي يوجه الفرضية حول وجود الوقائع المفردة وحدها لا يستبعد، بل بالعكس يفسر مراعاة دلالات لا تحيل على هذه الوقائع كما هي.
يذكرني انتقاد مهدي بندق "لجفاف" الفلسفة بانتقاد أُسفالد اشبنجللر للفلاسفة العلميين أو الفلاسفة/العلماء أو الفلاسفة المتخصصين أو المحترفين بالمعنى الضيق التقني للكلمة والاصطلاح. ويقول مهدي بندق بوضوح لا لبس فيه إنّه "يقطع مع علماوية الوضعية" فيما يؤكد بوضوح أيضاً على "علمية" البحث في "البلطة والسنبلة" بل يقول في الصفحة الأولى من "البَلطة والسُّنبلة" إنَّ "المعادلات الرياضية" هي أكثر العلامات دقةً.
يرفض مهدي بندق الحتمية، والثبات بينما هما قَوام العلم، بالمعنى الدقيق لكلمة "علم"، وهما عماد علم العَروض الذي يستعمله في شعره في آن معاً: "مناهج البحث المعاصرة تقتضي، كما يقول مهدي بندق، وجوب التفرقة بين الفلسفة الكلاسيكية التي كان اليقينَ غايتـُها (فكان الإعتراف بالحتمية وجهها الإبستميي) وبين فلسفة العلم المستمدة مضامينها من حقائق الفيزياء والبيولوجيا التي تواضعت فسلمت بأنطولوجيا اللاحتمية لكي تلتقي "بالاحتمال" في توقعاتها المعرفية." والواقع أنَّ إلغاء الحتمية هو إلغاء للعلم من حيث المبدأ. وهو ما يكرره في موضع آخر قائلاً:"لا مراء في أنَّ التغير والصيرورة هما أساس الكون. وآية ذلك أنَّ ما يبدو ثابتاً في الطبيعة ليس إلاّ نتاجاً لتحول سابق، وهو في الآن نفسه، رهن تحول قادم."
لا يستقيم العلم إلاً بالنظرية الحتمية ولا يستقيم كذلك إلاّ بفرضية ثبات الطبيعة. إنَّ حالة الكون تتحدد في النظرية الحتمية بعدد لا حصر له من الوسائط هو العدد n. سأسمي تلك الوسائط x1, x2, …, xn، وبمجرد معرفة قيم تلك الوسائط n في آنٍ ما, نعرف كذلك مشتقاتها بالنسبة إلى الزمن، ويمكننا بالتالى حساب قيمها هى نفسها فى آنٍ سابق أو في آنٍ لاحق, أو قل إنَّ تلك الوسائط n, تستجيب لعدد n, من المعادلات التفاضلية من الرتبة الأولى( ).
ثم إنَّ تلك المعادلات تحتمل n-1 تكاملات وهناك n-1 دالة لـِ x1, x2, … xn، تبقى ثابتة.. فقولنا عندئذ إنَّ شيئاً ما يبقى ثابتاً إنّما هو من تحصيل الحاصل, ولسوف نتردد حتى في تعيين أية معادلة من بين تلك المعادلات التكاملية لابد لها أن تحتفظ باسم "الطاقة".
ولا يُفهم مبدأ ميير (Meyer) على ذلك النحو عند تطبيقه على كائن محدود. وعندها نسلم بأنَّ p وسيطاً من بين n يتبدل بشكل مستقل بحيث لا نحصل إلاّ على n –p من العلاقات بين تلك الوسائط n أو بين مشتقاتها, تكون تلك العلاقات – عموماً – علاقات خطية.
لنفترض – تسهيلا للصياغة – أنَّ مجموع أشغال القوى الخارجية يساوى صفراً, وأنَّ الأمر كذلك بالنسبة إلى مجموع كميات الحرارة المنقولة إلى الخارج, عندئذ سيكون معنى ذلك المبدأ ما يلي: ثمة تركيبة من هذه العلاقات n–p التى يكون الطرف الأول فيها "معادلة تفاضلية دقيقة". ولمّا كانت تلك المعادلة التفاضلية التامة مساوية للصفر بمقتضى العدد n-P من العلاقات, فإنَّ شكل تكاملها ثابتة. وهذا التكامل هو الذي نسميه باسم "طاقة".
وأمّا كيف اتفق أن وجدت عدة وسائط مستقلة التبدل, فذاك مما لا يمكن أن يحدث إلاّ بتأثير القوى الخارجية (مع أنّنا سلّمنا طلباً للتبسيط بأنَّ المجموع الجبري لقوى الأشغال يساوي صفراً). وإذا كان النظام بالفعل معزولاً تماماً عن كل تأثير خارجي، فإنَّ قيم الوسائط n في اللحظة المحددة, كافية لتحديد حالة ذلك النظام في اللحظة اللاحقة, شريطة الالتزام "بالنظرية الحتمية".
فإن لم تكن "حافة" النظام المقبلة محددة تماماً بحالته الراهنة, فذلك دال على أنّها ترتبط كذلك بحالة الأجسام الخارجة عنه. ولكن هل يحتمل عندها أن توجد من بين الوسائط n المحددة لحالة النظام "معادلات", مستقلة عن حالة الأجسام الخارجية هذه ؟ وإذا ذهبنا في بعض الحالات إلى القول بوقوع ذلك, أفلا يكون ادعاؤنا ذاك بسبب جهلنا لا غير, ولأنَّ تأثير تلك الأجسام ضئيلة للغاية, بحيث لا يتأتى للتجربة أن تقف عليه ؟
وإذا لم يعتبر النظام معزولاً تماماً, كان من المحتمل أن تكون صياغة طاقته الداخلية صياغة صارمة الدقة, مرتبطة بحالة الأجسام الخارجية. وعلى الرغم من أني كنت افترضت في ما سبق, أنَّ مجموع الأعمال الخارجية تساوي صفراً, فإذا شئنا الخلاص من هذا الحصر الذي لا يخلو من تكلف, أصبحت تلك الصياغة أصعب بكثير.
تقتضي إذا صياغة مبدأ ميير (Meyer) صياغة تطلقه من القيود, أن يطبق على الكون ككل.
ليس لمبدأ بقاء الطاقة سوى معنى واحد وهو أنه ثمة خاصية تشترك فيها جميع الممكنات. ولكن لا وجود في الفرضية الحتمية إلاّ لممكن واحد، وبالتالي لم يكن فيها لهذا القانون أى معنى.
وأمّا فى الفرضية اللاحتمية، فهو يكتسي – على العكس من ذلك – معنى, حتى لو أردنا أخذه على جهة الإطلاق. ويبدو القانون في ذلك الأفق وكأنّه حد مفروض على الحرية.
ولكن كلمة الحرية هذه تنذر بالخروج من ميدان علوم الرياضيات والفيزياء, كما تنذر بخروج الخطاب غير الحتمي من الميدان العلمي بالمعنى المحدد لكلمة "العلم".
وعليه فالعالِم يقف عند هذا الحد مكتفياً بانطباع واحد يخرج به من كل هذا النقاش على الحتمية, وهو أنَّ قانون ميير (Meyer) إطار على درجة من المرونة يتيح لنا بأن نزج فيه بكل ما أردنا. ولستُ أعني بذلك أنّه لا يطابق أيّ واقع موضوعي, ولا أنّه يرد إلى مجرد تحصيل حاصل، لأنّه يكتسي في كل حالة خاصة معنى غاية في الوضوح ما لم تتعلق الإرادة بالارتقاء به إلى المطلق.
وتمثل تلك المرونة سببا يدعو إلى القول بطول بقاء ذلك القانون, إذ لما كان لا يختفي إلاّ لينصهر في تناسق أسمى, كان لنا أن نعمل في اطمئنان مستندين إليه, واثقين سلفا أنَّ عملنا لن يذهب جفاء.
ويُقال كل ما سبق تقريباً على قانون كلاوزيوس (Clausius) الذى تميز بكونه صيغ في شكل متباينة. ولقائلٍ أن يقول إنَّ الأمر كذلك في كل القوانين الفيزيائية, باعتبار أنَّ دقتها محددة دائماً بأخطاء الرصد. ولكنها قوانين تتباهى, مع ذلك, بأنّها من قبيل المقاربات الأولى. والأمل معقود على تعويضها بقوانين متزايدة الدقة.
وأمّا قانون كلاوزيوس (Clausius), فإنّه اختزل – على العكس من ذلك – في متباينة وليس ذلك ما في وسائل الرصد عندنا من النقص, بل طبيعة المسألة نفسها.
سرّ التناقض أنَّ مهدي بندق يقف موقف أُسفالد اشبنجللر من قبله من قضية التجريد المحورية:" إنّنا نملك هنا الحدْس في مقابل التحليل، أو لقاء التحليل". ومهدي بندق شاعر ومسرحي. يفكر، شعرياً ومسرحياً. مع ذلك، أيّ مع نقض سلفه المهم، أُسفالد اشبنجللر، للتجريد العلمي المعروف، فأُسفالد اشبنجللر هو القائل:
"إنّني أعتبر سبْر أغوار الرياضيات والتثقيف بها، وكذلك بالنظريات الفيزيائية، متعة شديدة، وإذا قارنّا هذا بمن يبحث في علم الجمال أو علم الأحياء لوجدنا علم الجمال وعلم الاحياء يقومان بمحاولات سطحية تافهة، وبإمكاني حالاً أن أتصور في ذهني أشكالاً جميلة من البواخر السريعة والهياكل الفولاذية وآلات البرادة الدقيقة، والبراعة والروعة التي تتمثل في عدد كبير من العمليات الكيماوية والبصرية ... أكثر من تصوري لكل ما في هذا العصر من "فنون وبدائع" ... وإنّني لأفضل قناة من قنوات الريّ التي حفرها الرومان على جميع المعابد والتماثيل الرومانية."
مع ذلك أيضاً، أيّ مع نقض مهدي بندق للتجريد العلمي، فهو القائل إنَّ "التعميم خطأ واضح". وهو قول علمي شديد الدقة. مع ذلك، أيّ مع نقض مهدي بندق للتجريد العلمي، فهو الباحث في "تحولات المصريين" في أفق مفهوم نمط الإنتاج الآسيوي. وهو مفهوم حاول منذ زمن بعيد أن يستعيد المادية التاريخية من "قوة الدوجماطيقية"، و"فلسفة التاريخ" إلى "العلم". ولقد ظهرت "تباشير" هذا التحول على يد "التلاميذ" في وقتٍ كان ما يزال فيه انجلز وماركس على قيد الحياة( ). بهذا المعنى، رصد مهدي بندق "المحددات" بحسب قوله. وهي "محددات" نمط الإنتاج الآسيوي. ونمطا علاقة "المحددات" هي الاستبداد، من جهة، والجمود، من جهة أخرى.
من جهة أخرى، ليس هناك من "رؤية للعالم" إنّما هناك رؤى للعالم، متعددة، متضاربة، متعادلة، متناقضة. إنّما البنيوية هي التي سكّنت رؤية لوسيان جولدمان وعزلتها عن التاريخ. كذلك لا يستقيم مفهوم مهدي بندق للسانيات المصرية التاريخية واستبعاد الواقع خارج البيت اللغوي. فالقول بأنَّ "اللغة هي بيت اللغة" هو قول من آثار البنيوية في التفكيكية وكلاهما تنظران للغة وكأنّها تنظر من خارج التاريخ.
وأمّا مهدي بندق فهو يحتضن التاريخ من دون مواربة. وإذا كان أمله هو ألاّ يعكر على وعيه وبحثه "ضجيج الأيديولوجيا"، فإنَّ ذلك معناه توهم الإفلات من قبضة التاريخ وهو الإفلات الذي يرفضه. لذا فمهدي بندق حائر بين المناهج التاريخية وما بعد التاريخية. وهي ليست حيرته وحده بل هي جزءٌ لا ينفصل من حيرة المصريين على مدار التاريخ، كما قال، واضطرابهم عبر تاريخهم الممتد من عصر الأسرات الفرعونية وحتى يومنا هذا. وهي الحيرة التي تتناقض ما سماه باسم "السنبلة". بل هو تناقض نمطيّ "البَلطة"، من جهة، و"السُّنبلة"، من جهة أخرى. هو تناقض "القوة"، من جهة، و"الوداعة"، من جهة أخرى. هو تناقض "فريدريش نيتشه"، من جهة، و"آرتور شوبنهاور"، من جهة أخرى. وهو تناقض سليل "ازدواجية الثقافة العربية الإسلامية، كما يقول مهدي بندق، والتي كانت لها ولا يزال أكبر الأثر في المنازعات الفكرية، والفقهية، والمذهبية، داخل العالم الإسلامي."
إنَّ موقف مهدي بندق وذلك التقليد الفكري، نموذج لمواقف عدة اتخذها في أزمات مماثلة، وهو مثلٌ على تلك الازدواجية أو على ذلك التضاد( ) في تاريخ اللغة العربية وفي تاريخ الفكر السياسي عامةً بل في تاريخ الفكر السياسي بوجه أعم. وهي الازدواجية العربية أو التضاد الذي استحال انتقائية لدى تنظيمات الإسلام السياسي الحديث التي أخذت من الديمقراطية شكل الشورى القديم من دون المضمون، أيّ آلية الانتخابات من دون الموافقة على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي يقرر المساواة الكاملة بين المواطنين من دون النظر إلى جنسهم أو دينهم أو عقيدتهم. وهي، كذلك، الازدواجية العربية أو التضاد الذي استحال انتقائية لدى ثورة 1952 التي لفقت ما بين التقدمية والأصولية، أو بين الأصالة والمعاصرة.
تلتقي في فكر كاتب واحد أكثر من مقالة، ويتقاطع فيه أكثر من اتجاه: الخيالي الذي يحلم، والواقعي الذي ينصح الأمير، والفيلسوف الذي يخطط لمدينة بلا سلطان( ). من هنا فصاحب "البلطة والسنبلة" واسع الحيلة. يتحدّى القانون والأعراف، ويلتقط مفاهيمه من بين أفواه الخطر, ويمضي في الكتابة والدراسة من جهة, ويؤدي ما عليه للمتخصصين من ضرائب. ولا يجد في الجمع بين المدارس والمذاهب والاتجاهات والمناهج تناقضاً ما – بين منهجية اللغوي السويسري فردينان دو سوسور، وعالم الإجتماع الفرنسي لوسيان جولدمان، وكارل ماركس، وعلم النفس التحليلي، وآنطونيو جرامتشي، وهيجل ... بل يُسمي ذلك حيناً باسم "المنهج العلمي المرن"، ويُسميه حيناً آخر "بالنقد الذاتي"، ويُسميه حيناً ثالثاً "بالتحرر المنهجي"، أيّ أنَّ ما قد يراه المتلقي المتسرع تناقضاً منهجياً هو في الواقع تطور في المواقف والرؤى من طور إلى آخر. ففي إطار الرفض للمقولة الفرعونية الرجعية والخيالية القديمة، انتقد مهدي بندق لويس عوض وحسين فوزي وسلامة موسى وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وميلاد حنا، انتقاداً قومياً عروبياً متأثراً بالفكر السائد في الستينيات من القرن المنصرم. وأمّا الآن فهو يستعيد لويس عوض وحسين فوزي وسلامة موسى وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وميلاد حنا بنحو أو آخر:"إنَّ تمصر العرب الفاتحين أو المستوطنين، هو بالضبط ما حدث، وهو عينه ما استقر عليه وعي الدولة المركزية في بغداد، حيث تم التعاطي مع "الحقيقة المصرية" سواء من جانبها أو من جانب الولاة: اخشيديين، طولونيين، ايوبيين، مماليك، حتى وإن أعلنوا الولاء الاسمي للخلافة الإسلامية القابعة في بغداد، أو في الأستانة بعدها." بعبارة أخرى، يخرج مهدي بندق من جلده – من تراث ثورة 52 – مستعيداً تراث 1919. فقد صارت التجربة الناصرية تقدميةً اسماً، أصولية بنيةً ً، مهيمنة فعلاً.
بالإمكان تركيب الملاحظات التي قادت " بالي" إلى مبدأ اللاخطية بما يُسميه هو نفسه باسم "جميع المدلولات"، و"جمع الدالات". تطابق الحالة الأولى "دالاً متفردًا لا يقبل التحلل يشتمل على عدة قيم تسمح بروابط تذكرية بتحليلها بوضوح؛ والحالة الثانية هي العكس، إنّها تصوير مدلول واحد بعدة دالات أو فصل أجزاء علامة واحدة. إنَّ هذه الظواهر، خصوصًا تلك التي تتعلق "بجمع المدلولات"، تطابق ما يسميه بالي باسم "التعليل الضمني" للعلامة (وهكذا تجري "نسبنة" الطابع الاعتباطي للعلامة): إنَّ علامة بسيطة في تكوينها الصوتي يمكن أن تعلل إنّما بمقدار ما يستخلص منها "ترابط داخلي ضروري"، وبمقدار ما تصلح في صورة "وحدة تركيبية ضمنية". وهكذا يتبيّن أنَّ التنافر، مع بقائه على مستوى التحليل اللغوي، لا يزول من العلاقات بين العلامات والدلالات المنتجة والعمل التدليلي. حتى أنّه لابد من القول إنَّ افتراض نشاط فكري عند الشخص المتكلم لا يمكن استبعاده من استقصاء من داخل قالب اللغة.
تكمن جدوى هذه الحالات اللغوية في مفهوم للكلام كسيرورة دالة بلا مسند إليه خارجي. وهو ما سماه مهدي بندق باسم "لا يوجد ما يسمى بخارج البيت اللغوي". لا يعني ذلك أنَّ الوظيفة مستبعده من الاتصال اللغوي؛ غير أنّه ما من شيء غير الكلام (الفكر بعامة أو ظاهرة مادية) يؤمن تفعيل الدلالات. فهذه الدلالات الأخيرة تخضع لعلاقات بين/لغوية، وحتى في مفهوم كمفهوم بالي الذي يستعين بالشعور المستذكر، فإنَّ الكلام ككلام لا يصبح دالاً إلاّ بوساطة آليات تبين مع اللغة وحدها (تعقّد العلاقات بين الدال والمدلول). وهكذا، ننجو من المحورين التقليديين لتصوير الكلام اللذين هما الفطرية، من جهة، والعقلانية والحسية، من جهة أخرى: أحدهما يرد إلى الفكر الجوهري والفكر الصامت، والآخر إلى الطبيعة المجمجمة التي لا تبين من تلقاء نفسها إلاّ بسلسلة الحالات والعمليات التي تنتج الكلام ضمن ما تنتجه. لكن هذا التجاوز البيّن لا يلغي الأسئلة التي يجابهها هذا الجدل الفلسفي: ماذا يعني ظهور الكلام ؟ كيف يلتقي الفكر والكلام معاً ؟ كيف تنتظم العلاقات بين الأشياء والأفكار والعلامات ؟ ما شرط إمكان هذا الحضور - الغياب الذي يسمى "كلامًا" ؟
لا تتجاوز هذه الأسئلة مسألة الدلالة؛ لكنها تعبر عن مداخلها ومخارجها، وهي تستهدف واقع الدلالة في الكلام (وليس هذا المستوى أو ذاك من الكلام، المعزول بواسطة التحليل). لكن ألا نستعين هكذا بشيء غير الشكلانية اللغوية ؟ ألا يفترض تدخل مواضع مختلفة من شأن تداخلها وحده أن ينتج كلامًا دالاً ؟
لا يكفي التحليل اللغوي لتفسير الدلالة. لقد بيّن / رسل / Russell، هذه المسألة حيث تتركز جهات متغايرة، عندما أراد أن يدرس إمكانية "صياغة لغة منطقية تبيّن شروط الدلالة النفسية بقواعد تركيبية محددة".
إنَّ ما يثير الاهتمام هنا ليس النحو الذي ينحوه مشروع "البلطة والسنبلة" بقدر ما يتضمنه من مفهوم للدلالة. نشعر أولاً بأنَّ هذه الدلالة مقرونة عند مهدي بندق بالجانب السياسي للسيرورة اللغوية، الذي لا يتجانس في الأصل مع قواعد اللغة الشائعة. هل ينبغي إذًا فصل الدلالة السياسية عن الشكل اللغوي ؟
إنَّ الدلالة السياسية ليست مماثلة لما يبين في فعل الكلام. مع ذلك، يعني التدليل الإحالة على أمرٍ آخر. بعبارة أخرى، يعني التدليل الإحالة، كما قال مهدي بندق، على "انقسام المجتمعات القديمة مع اكتشاف الزراعة وتكريس الملكية الخاصة لوسائل إنتاجها، وبالتالي ظهور المجتمع الطبقي وحيث احتاجت الطبقات المالكة إلى إضفاء صفة الشرعية على مكتسباتها، فلقد قامت الدولة."
إذن، يتعين على مشروع اللغة الذي يبتغي مخالفة شروط الحقيقة أن يجمع السياسة والأحوال النفسية والقواعد التركيبية في نسق واحد. "فالكتابة"، كما يقول مهدي بندق، "إملاء". وبالتالي فحتى "الكاتب الديمقراطي" هو "دكتاتور" بمعنى أو آخر. ولا يمكن أن يضمن ذلك علاقة حقيقية بين المكون السياسي والمكون الكتابي. إننا نبتعد إذًا عن الجهد الساعي إلى إدراك الدلالة في اللغة: وهي لن تكون سوى "شيء ما" تحيل إليه هذه اللغة، ولا يمكن أن تحدد في مضمونها الخاص بعبارات لغوية. لكن، كيف نفهم إذًا أن اللغة تعني أو تدل ؟ - إذا لم تكن القضية، الشكل والمضمون اللذان يتيحان تمييز الدلالة، إذا لم تكن بحدها ظاهرة لغوية، وإذا "لم تكن الكلمات أساسية في القضايا"، فإنّه تبقى لهذه الكلمات طريقة تدليل خاصة. إنَّ دلالة كلمة ما هي العلاقة بما ليس لغة. إنَّ المسألة، كما قال مهدي بندق " لا تتعلق بالسلطة السياسية وحسب إنّما كذلك بالسلطة الكونية والسلطة الدينية والسلطة المجتمعية والسلطة الثقافية بل بالدول وفروع الحضارة البشرية المختلفة"
وهو ما نتفق معه عليه إلى حد كبير .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب : أستاذ الفلسفة بأكاديمية الفنون – مصر
[email protected]



#وائل_غالي_شكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وائل غالي شكري - دراسة ألسنية في كتلب البلطة والسنبلة ل..مهدى بندق