أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - درس عظيم في الديمقراطية العراقية














المزيد.....

درس عظيم في الديمقراطية العراقية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 732 - 2004 / 2 / 2 - 04:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعد احتجاجات واسعة قامت بها منظمات نسائية عراقية، ساندها فيها نخب كثيرة من المثقفين العراقيين وكذلك الصحافة العراقية والعربية وقوى سياسية ورجال دين ضد قرار مجلس الحكم العراقي رقم 137 بإلغاء قانون الأحوال الشخصية المعمول به منذ اكثر من 40 عاماً، أُعلن في بغداد وقف تنفيذ القرار. وقال مسؤول في وزارة العدل العراقية إن القرار الذي سبق أن أكد قانونيون عراقيون بأنه سيُعمِّق الطائفية في البلاد، ويخلق مشكلات اجتماعية جديدة، قد جُمِّد موضحاً أن العمل سيستمر بتطبيق قانون الاحوال الشخصية المعروف. وقال المسؤول إن القرار الذي رفض تمريره رئيس سلطة التحالف بول بريمر، قد عاد الى مجلس الحكم من جديد لمناقشته مع احتمال تعديل بعض بنود قانون الأحوال الشخصية.

شكراً لمجلس الحكم العراقي الديمقراطي بحق وحقيقة.

فلأول مرة في العراق الحديث، تستجيب السلطة لنداء الشارع العراقي، وللرأي العام العراقي، وللنخب المثقفة، ولجموع النساء العراقيات اللائي طالبن بالغاء القرار الذي أصدره مجلس الحكم العراقي بخصوص إلغاء نظام الأحوال الشخصية واستبداله بنظام جديد لا يليق بالديمقراطية العراقية الجديدة.

أليس الرجوع عن الخطأ فضيلة؟

أليس رجوع مجلس الحكم العراقي عن هذا القرار تحت ضغط الشارع العراقي والرأى العام العراقي يعتبر فضيلة كبرى، يجازى عليها مجلس الحكم العراقي الديمقراطي بالشكر والامتنان وبالعرفان بأنه مجلس ديمقراطي، يستجيب لرغبات الشعب العراقي، ويسمع لنداءات الشارع العراقي.

لقد اعتادت الأنظمة الديكتاتورية العربية ومنها النظام العراقي الديكتاتوري السابق على معارضة كل قرار يطالب به الشارع حتى لا تكون السلطة الديكتاتورية بنظر الشارع والرأي العام سلطة ضعيفة، تستجيب لرأي الآخرين ورغباتهم. بل الأكثر من ذلك شاهدناه حين يتسرب مشروع قرار ما للسلطة إلى الشارع وإلى الصحافة قبل أن يصدر وتبشّر الناس به، تمتنع السلطة عن اصداره وتوقفه حتى لا يقال أن السلطة خضعت لرأي الشارع والرأي العام.

في الدول الديمقراطية ومنها العراق الجديد الآن، السلطة هي الشارع وهي الرأي العام لأن السلطة ليست فئة من الناس احتكرت السلطة. ولكن السلطة هي مُمثلة من قبل كل الناس ومن قبل كل الأطياف السياسية. ولهذا تستجيب السلطة لرأي الشارع ولرغبات الرأي العام.

في الدول الديكتاتورية، لا علاقة للسلطة بالشارع وبالرأي العام. بل هي تعتبر الشارع والرأي العام العدو اللدود المتربص بها، والذي يسعى إلى تقويضها، لذا، فهي تقف ضد رغبات الشارع والرأي العام، إن قال يميناً قالت السلطة شمالاً، وإن قال شرقاً قالت السلطة غرباً.

في الدول الديمقراطية ومنها العراق الجديد الآن، السلطة هي أُذن الشارع التي تسمع، وعين الرأي العام التي تقشع، ولسان الحال العام الذي ينفع. فالسلطة في الدول الديمقراطية جاءت للناس كافة، ولخير الناس كافة، وهي تقول قبل أن يقول الناس، وتقرر قبل أن يطالب الناس، وتنفذ قبل أن يرتفع الصوت ويحتقن. إنها ضمير الناس وما ينفعهم.

في الدول الديمقراطية تتراجع السلطة عن قراراتها غير المدروسة وغير الحكيمة وغير المفيدة للناس، لا خوفاً منهم ولكن خوفاً عليهم وعلى مصالحهم. وهذا ما فعلته السلطة العراقية مُمثلة بمجلس الحكم حين رضخت لارادة الشعب العراقي وألغت العمل بقانون الأحوال الشخصية الجديد وأعادت القانون السابق. والرضوخ هنا لا يعني الخوف من الرأي العام، ولكنه يعني احترام الرأى العام.

في الدول الديكتاتورية يُداس على الرأي العام، ويُمرّغ الشارع بأوساخ هذا الشارع وأوحاله. فلو حدث ما حدث في موضوع القرار 137 الخاص بالأحوال الشخصية في عهد الديكتاتورية العراقية المنهارة، فماذا يمكن في تصوركم أن يتم. بكل بساطة سوف يتم سجن كل من عارض هذا القانون الجديد للأحوال المدنية، هذا إذا جرؤ من يعارض مثل هذه القوانين أو حتى يهمس بعدم رضاه عنها، وسوف يتم تعذيبهم وقتلهم ودفنهم في المقابر الجماعية كما تم في السابق. وسوف يتم الابقاء على ما أصدرته السلطة من قرارات حتى ولو كانت خاطئة، دون أي تراجع عنها. ذلك أن أي تراجع عن أي قرار كان قد صدر في الأنظمة الديكتاتورية يعني الاستهانة بالسلطة، والنيل من هيبتها، والتقليل من شأنها.

لقد علم مجلس الحكم العراقي الديمقراطي بأنه مجلس مُتداول بين الناس. فهو اليوم في الحكم وغداً في المعارضة، وأنه ليس مخلداً على كرسيه كما يُخلّد الحكام الديكتاتوريون، بحيث يحول هذا الخلود بينهم وبين احترام ارادة الشعب، كما يحول بينهم تلبية رغبة الشعب. وهذا يعني أن أعضاء مجلس الحكم كما كانوا اليوم في الحكم فسمعوا للمعارضة، فعلى مجلس الحكم القادم أن يسمع للمعارضة التي هي مجلس الحكم الحالي. أما في الأنظمة الديكتاتورية، فالديكتاتورية لن تتحول إلى معارضة في يوم من الأيام. إنها خالدة مخلدة في الحكم، وليس لديها من مبرر للخضوع لطالبات المعارضة، لأنها لا تنتظر أن تكون معارضة يُستمع إليها في الغد.

درس القرار 137 للأحوال المدنية العراقية درس عظيم للديمقراطية الجديدة في العراق، وامتحان عسير لها، نجحت فيه نجاحاً باهراً، علينا أن نتعلم منه الكثير.


 د. شاكر النابلسي - ايلاف



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نُصرُّ على الديمقراطية لا الشورى، وما الفرق بين الشورى ...
- هل استبدل العراق بساطير الديكتاتورية بعمائم المؤسسات الدينية ...
- فتوى القرضاوي لنُصرة فرعون!
- نِعمَةُ الأُميّة في العالم العربي!


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - درس عظيم في الديمقراطية العراقية