|
-ماء السماء-رواية النكبة بامتياز
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 2367 - 2008 / 8 / 8 - 08:09
المحور:
الادب والفن
صدرت رواية " ماء السماء " للأديب يحيى يخلف هذا العام 2008 عن منشورات دار الشروق للنشر والتوزيع في رام الله وعمان ، تقع الرواية في 285 صفحة من الحجم الكبير . واضح أن يحيى يخلف أديب متمكن من فن الرواية منذ روايته الأولى" نجران تحت الصفر" الصادرة في سبعينات العام الماضي، والتي أثارت ردود فعل ايجابية لافتة ، وبعد أن عاد الى أرض الوطن بعد اتفاقات أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية صدرت له رواية " النهر يستحم في البحيرة " وروايته هذه " ماء السماء " تأتي في الذكرى الستين لنكبة الشعب الفلسطيني الكبرى في العام 1948 ، والرواية تتكلم عن هذه النكبة التي عاشها الكاتب طفلاً صغيراً ،وكلنا يذكر أن الأديب اللبناني الياس خوري كتب روايته "باب الشمس" في الذكرى الخميسن للنكبة ، وبعده كتب الأديب ابراهيم نصر الله رواية " الخيول البيضاء " عن النكبة أيضاً، وقبلهما كتب الروائي الفلسطيني رشاد أبو شاور رواية " العشاق " فيها شيء عن النكبة أيضاً . ويحيى يخلف استمد اسم روايته " ماء السماء " من اسم طفلة رضيعة وجدها فلسطيني وسط أشواك قرب قرية سمخ مسقط رأس الكاتب على شاطيء بحيرة طبريا ، ولم يتعرف على والديها ، فأطلق عليها اسم " ماء السماء " لتكون هذه الطفلة شاهداً على مدى المظالم التي لحقت بالشعب الفلسطيني . ورواية " ماء السماء " هي رواية عن النكبة الفلسطينية بامتياز ، فهي من ألفها الى يائها تتكلم عن جانب من أحداث هذه النكبة، وكيف تم تشريد مئات آلاف الفلسطينيين في العام 1948 ليعيشوا لاجئين في أرض الشتات ، بعد أن اُجبروا على ترك مدنهم وقراهم وأراضيهم وأملاكهم ، ليعيشوا مرارة الجوع والحرمان . ويلاحظ أن الكاتب قد انتقى مجموعة من الأشخاص والأسر في غالبيتهم من قرية سمخ مسقط رأس الكاتب ، وقد تكون هذه الأسماء أسماء حقيقة ، ولا غرو في ذلك فالكاتب أكثر معرفة بأحوال قريته وبأسماء أبنائها ، وترابط الاسرة والعائلة الفلسطينية الاجتماعي يحتم عليه ذلك . لقد رسم لنا الكاتب صورة عن بدايات تكوين المخيمات خصوصاً ، مخيم اربد في الاردن ، وكيف قامت وكالة غوث اللاجئين بتقسيم أرض المخيمات الى مربعات صغيرة بين اللاجئين ، وكيف أصبحوا يعيشون في أكواخ من الطوب مسقوفة بألواح من الزينكو بعد ان كانوا يعيشون في بيوتهم العامرة والواسعة ، وكيف أصبحوا يعيشون على ما تقدمه لهم وكالة الغوث من مواد غذائية تسد رمقهم ، وتساعدهم في البقاء على قيد الحياة . ويلاحظ أن الكاتب قد وصف طريقة العيش في المخيم وأبدع في الوصف،وصف جوعهم وافراحهم وأتراحهم ومعاناتهم ، ولا أعلم اذا كان الكاتب قد عاش حياة المخيم أم لا ، لكنه في كل الأحوال وصف وأجاد، وصف كيف تشتت العائلات والأسر ، فالبعض كان في مخيمات الأردن بينما بقية اخوته وأخواته أو والديه في مخيمات سوريا أو لبنان ، كما وصف لنا ضياع أفراد جيش الانقاذ ، وتشتتهم أيضاً من خلال شخصية أحدهم ، وكيف أصبحوا على هامش المجتمع بعد أن كان يُشار اليهم بالبنان ، وذلك لأنهم لم يحققوا نصراً . حتى حيوانات الفلسطينيين لم تنج هي الأخرى من شرور النكبة ، فمثلاً الكلب الأبيض الملقب بالذيب ، هذا الكلب الذي كان مدللاً في البلاد ، كيف تحول الى كلبٍ ضال ومشرد في أرض اللجوء، وهو يبحث عن رغيف الخبز ، وقد كان منظراً مؤلماً وصف الكاتب لهذا الكلب وهو يفترس قطاً في يومٍ مثلج . وكذلك الأمر بالنسبة للفرس الشهباء التي تحولت من حياة العزّ هي الأخرى الى حياة الذل الى أن ماتت ميته غير لائقة . كما وصف الكاتب حياة الفقر التي عاشها اللاجئون ، وصف كيف عانوا من برد الشتاء ، ومن حرارة الصيف ، ومن قلة المواد التموينية ، ومن ضيق المكان . وصف أفراحهم وأتراحهم وكيفية لقاء بعضهم ببعض الأحبة . وتطرق الكاتب الى أن بعض الشباب اللاجئين انتظم في حركة القوميين العرب التي ولدت بعد النكبة ، في محاولة منها للبحث عن طرق الخلاص والتحرير والعودة الى أرض الوطن ، فشاركوا في المظاهرات وتابعوا الأحداث السياسية مثل قضية " حلف بغداد " وتعرضوا للاعتقال . والرواية التي لا ينقصها عنصر التشويق ، جاءت بطريقة سلسة فيها من الروي الشيء الكثير ، وان صاحب ذلك بعض الحكي . وتشكل هذه الرواية اضافة نوعية للرواية الفلسطينية والعربية ، وعلامة بارزة للكتابة الروائية عن النكبة ... انها رواية النكبة بامتياز.
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة الحلم ودولة الواقع
-
كفى.....فقد بلغ السيل الزّبى
-
كفى...فقد بلغ السيل الزّبى
-
الصداقة - حكاية شعبية
-
الحرفة اليدوية -حكاية شعبية
-
الشكوى لغير الله مذلة
-
جرائم بدون عقاب
-
حرمة الأموات من كرامة الأحياء
-
رواية امرأة الرسالة والخروج على المألوف
-
الصعود الى المئذنة وما بين النكبة والنكسة
-
غاب وجاب -حكاية شعبية
-
رواية -بير الشوم -عن نكبة الشعب الفلسطيني
-
هكذا شيخ لهكذا أبناء - حكاية شعبية
-
الحرية - حكاية شعبية
-
-صبري عزام أبو السعود رواية مقدسية بامتياز
-
معرض على هامش النكبة ليس على مستوى الحدث
-
تخلف ما بعد الحداثة
-
وداعاً زكي العيلة
-
نكبة واستقلال
-
مشروع اصلاح أم نعميق تبعية
المزيد.....
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
-
وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على
...
-
البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل
...
-
الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|