أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أغتيال حلم..أو شاعر آخر يتوارى















المزيد.....

أغتيال حلم..أو شاعر آخر يتوارى


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2368 - 2008 / 8 / 9 - 06:57
المحور: الادب والفن
    


[أن مهنة الشاعر هي زلزلة الواقع]..(أدونيس)
***
يبدو أن هذه العبارة بحاجة إلى إضافة هي واقع حال مفروض أو على ما يبدو أن(أدونيس)قد غاب من باله مقولة(نيتشه)../ النوابغ يموتون شباناً لأنهم طيبون أكثر مما تستطيع الأرض تحمله/ يمكننا أن نظيف لعبارة ـ أدونيس ـ (بعد موته).ولنا أسماء ليس بوسعنا في هذه المساحة القلمية أن نستذكر سوى ( شيلي،لوركا،بوشكين،رامبو،أبو لينير،بودلير،السياب..ألخ..)..أسماء ما تزال تهيمن على الذاكرة الشعرية في كل عصر وفي كل مصر..هؤلاء وأن توزعت أشلاءهم على توابيت العصور الطاحنة بصراعات سياسية وحروب أممية،كانوا القناديل المتوهجة بين بسطاء الناس ووسط حمى الفوضى وغليان الحياة،لقد ضاقت بهم الأرض ولفظتهم،تعروا وجاعوا وطوردوا ولم يتخلوا في أقسى لحظات العوز والحرمان عن الحلم المرفرف في قلوبهم،ويقيناً أن لسان حالهم في هذه اللحظة بالذات إذا ما قيض لهم أن ينهضوا من أجل الإجابة عن سؤال محدد:ما هو شعوركم وأنتم أصبحتم لسان حال زملاؤكم ليل نهار.؟ بطبيعة الحال ليس ثمة جواب آخر سكن الرأس وشغله مذ بدأ الشعر ينبت مخالبه في أرض الخيال..وليس هذا الجواب من بنات الخيال طبعاً أو لائحة دفاع عنهم،أن الواقع المعاش يلوّح بهذا الروتين المتواتر(لقد قتلونا في الحياة وأحيونا في الممات)وحين نستقرأ أوراق الحياة نكتشف وبكل وضوح أن الحياة تزرع وتوزع مباهج الفرح على قلوب بلا أقفال وأرواح بلا حدود،يائسون قبل أن يولدوا لا تحتملهم العيون ولن تسع سطح الأرض براءتهم وعبثهم،جميلون في عيون التعساء وبذيؤن في عيون أصحاب الترف،أرهاط تتتابع وهي من غير مجاملة أو تزويق كلام نماذج لا تتكرر مؤهلة وقادرة على تحمل صنوف العذاب من أجل ذرة حقيقة وإن تطلب الأمر مجابهة قاتلة مع كل الأعاصير،نراهم من هول التواضع لا يبوحون بعوزهم،نراهم في ذروة اليأس يحوّلون عذاباتهم إلى أغاريد للسلام والحب،فما بال هذا السيل الجارف من مقالات تجتاز حدود عقلانية النص وتجترح فضاءات المخيال وتأتي بتناسق جمل هي قصائد كتبتها الكتيبة الراحلة وخطتها أقلام من وجد الفرصة لقول ما كان يؤرق الذاكرة ولكن ليس ثمة رغبة لقولها طالما هي حقيقة،وهل من الممكن أن ننهض الميت كي نحتفي به،كما فعلوا برفاة ( كرمويل )يوم قرروا إنزال عقوبة الإعدام بحقه بعد أن مات،أخرجوا رفاته ولبوا رغبة القانون،لم لا نترك الشاعر أو الأديب الراحل أن يجابه الأبدية بآلامه والكلام الجميل الماكث فيه للدفاع عن نفسه ضد كل حساب غير محتمل ومدوّن ضده في يقظته وغيبوبته،ولم لا نستذكر مقولة الشاعر(حسين مردان)..يوم طرح عليه سؤال:ماذا تريد أن نصع لك بعد موتك..؟؟ قال بسخرية لاذعة:بولوا على قبري..!! ألم يكن جوابه رسالة صريحة لمن يروم إقامة شعائر جنائزية بعد رحيله،بعد سنوات من المثابرة والجري وراء عربة الإبداع،لسنا بصدد الذهاب أكثر من هذا قدر رغبتنا أن نستحضر حالة شعرية لمّا تزل حديث الوسط الأدبي كون المستقبل بات أكثر ضبابية برحيل شعراء في أول سلم الصعود،وليعذرني الجميع إن عرجت بمقالي هذا صوب الشاعر الجوعان ـ عقيل علي ـ علماً،ليست هناك صلة لي به ولم ألتق به إلاّ لمرات دون أن أسمع صوته،كونه مات كما مات ـ عبد الأمير جرس ـ كما مات ـ جان دمو ـ على قارعة الطريق،ولم تنه حياته اليائسة رصاصة بائسة،لقد رأيته في ـ آب / 1998 ـ في ملتقى القصة العراقية الثاني،داخل قاعة الاتحاد،تحديداً في المساء الأخير لحظة ساد القاعة جواً من اللغو وحين نقلت عينيّ حيث العيون استقرت،رأيت كائناً وديعاً وهو يحاول أن يقول شيئاً،لكن عيون دائماً بالمرصاد وأيدي مهيأة للتناوش من مكان قريب قامت ووضعت الأنامل الكونكريتية فوق الفم وقبّرت الرغبة وحرمت الحضور الذي تذمر وكظم الغيض الذي هاج وبان في العيون وراحت الأسنان تطحن اللعنات المتوالدة،لم أكن أعرف ذلك الشاب الذي بكل أدب رفع إصبعه وأراد أن يسمح له بالكلام،تألمت مع المتألمين ولعنت سراً مع اللاعنين الرؤوس الجالسة فوق المنبر وهم يروّجون لأدب تعبان،هم أشاروا طبعاً بحركاتهم المخابراتية والمتفق عليها سلفاً للحرس السري المندس ضمن الجوقة الأدبية تسارعت وكتمت حلماً أراد أن يشع ويقتل الضجر المتراكم على رؤوس وداخل حجرات العيون المغلوبة رغم أنف حامليها،ربما أراد ذلك الشاب النحيف الذي فيما بعد تعرفت على أسمه يوم رأيته على صفحة ثقافية،أراد أن يقترح شيئاً نافعاً أو يطرح فكرة حول ما يجري من إقصاء متعمد لجيله الذي غدا رغم أنف المحدثين جسراً لا يمر كل شاعر مبدع أو ناقد جاد إلاّ عليه وربما أراد أن يطلب عوناً وهذا أضعف الاحتمالات،ولحسن حظ اتحاد الأدباء كانت القاعة حاشدة كونه اليوم الختامي والرهط الباسل من الكتّاب كانوا قد أعدوا عدتهم في هجمة (شهاداتية )..دفعت فيما بعد أثنين ممن قال الحقيقة بتحدي كبير دفع القلوب ترتجف أسفل القمصان إلى سجن (أبي غريب)هما القاصين(حميد المختار و شوقي كريم حسن)وإن كانت تهمتيهما لا تمتان بصلة إلى شهادتيهما،بينما فلت القاص(صلاح زنكنة)من مخالب الأمن وما أثاره نائب محافظ(ديالى)من لغط دفع اتحاد أدباء(ديالى)إلى تعليق عضويته ومنعه من دخول الاتحاد ورفع مذكرة(إعدامية)إلى(دائرة الأمن)وفيما بعد أسرّ ضابط الأمن وبطريقة سرّية أسم كاتب التقرير الفاني للزميل(صلاح)وتقديم برقية فورية إلى اتحاد أدباء المركز لطرده من عضويته المركزية لأن(صلاحاً)قرأ بعد يومين أو يزيد نفس ما قرأه في ملتقى القصة القصيرة في أمسية تموزية انتهت بفوضى تمس أمن السلطة،وعود للبدء أن الأيام الثلاثة للملتقى كشفت عن خواء القاعة ولم يجلس سوى المقدم وأنفار مذعورة أو لها صلات لا مرئية مع السلطة،حتى أن الأدباء كانوا يقولون علناً جئنا من أجل أن نرى البعض وكانت الأماسي الحقيقية تجرى أمّا في حديقة نادي الاتحاد أو داخل غرف الفندق المصادر من أجل الوفود المجذوبة للملتقى بقرار منشور في الصحف الناطقة بلسان(قبلاي خان)الشعب،لقد مرت الأيام وإذا ذلك الشاب النحيف أراه على صفحة من جريدة أسبوعية يحاوره الكاتب المجيد والمحاور المراوغ(ناظم السعود)في حوار كله ألم ونسيان متعمد لشاعر يحتفي به(الأغراب)ويقصيه بنو عمه (الأعراب)على صحيفة(الرافدين)الأسبوعية،إن لم تخن الذاكرة،استمتعت برحلة الخبّاز الذي خبز الشعر في تنور العوز حتى تنبأ مبكراً برحيله يوم صدر ديوانه الثاني(طائر آخر يتوارى)نعم عرفت فيما بعد أن الشاعر الحقيقي هو طائر ينبذ الأقفاص ومكانه الشمس إن لم يجد غابة تؤويه،تألمت وأنا أقرأ ذلك الحزن المنسكب مع كل جملة خجولة أو رغبة تبحث عن صفحة حياة نقية كي تنمو وتعطي الوجود نغمة مضافة إلى أغاريد البائسين،آه..الآن طبعاً أتذكر لقائي أو نظرتي الثالثة لشاعر أحبه الجميع بعد موته وربما أخذ الشعراء الدرس الآن بعد أن صار مستقبل الأدب محض تهويمات وأحلام غير قابلة للتأويل إن لم نقل التحقيق،وراحوا يصبون أحزانهم في كل مأتم،بطبيعة الحال هي أحزان شخصية وخسارات حياتية تنفع لتكحيل الثقافة ما بعد الإقصاء من الرف الأمامي،كون الثقافة تنتج حضارة،والحضارة في العلم الغربي الحديث،معقل لصد هجمات التغير الشامل لقافلة الوجود الإنساني،وجدت(عقيلاً)يجلس في(الشاه بندر) وبيده عكاز،كان يسخر بعينيه وربما كان يتهيأ للذهاب إلى/منتدى الشعراء الشباب الأموات/،ووجدت زميلي القاص الحنين والروائي الخجول(سعد محمد رحيم)يدس يده في جيب بنطاله ويخرجها مضمومة كل الضم ويدس ما فيها بين أنامل( عقيل)..قلت لحظتها هكذا يتوارى المبدعون من المشهد الإبداعي،أما المرة الأخيرة رأيت فيها( العقيل) الذي أعقل الشعر وعقله في زريبة التحدي،يوم دخلت إلى اتحاد الأدباء لتجديد هوية العضوية ،فجأة قامت قيامة رائحة بغيضة،أخرجت منديلي كي أنجو من رائحة العرق الذي سحلها(عقيل علي)إلى الغرفة وأندفع يعانق الشاعر المنسي(تركي الحميري)تعانقا وتبادلا ربما قبلات الوداع أو همسات اللقاء القريب وأظنه أستلم منه كلمة السر المؤدي إلى مكان لا يلغيه الزمان،مات(رعد عبد القادر)ومات(عبد الأمير جرس)ومات(جان دمو)ومات(تركي الحميري)ومات(عقيل علي)وغداً يتبعهم الآخرون وتتبعهم بكائيات الأصدقاء وتتعكز على معجزاتهم أركان المؤسسات الثقافية القادمة لتتخذهم عباءات جاذبة لإرساء دعائم سياساتهم..وظلّ الشعر العراقي الأصيل يتوارى بمهل وظلّت حفلات التأبين تتواصل دون أن يهتز قلم كي يغير هذا(العلم المستقر)كونه(جهل مستمر)..
..أمانة لابد منها ..
زارني الشاعر(عقيل علي)في لحظة يقظة وناوشني ورقة ممهورة بتواقيع لشعراء أموات اجتمعوا في مقبرة منسية وتدارسوا سبل إنقاذ أرواحهم من هذه الجعجعات غير المجدية وضرورة تبديل المنهج السلفي لتكريم الشعراء وتم بالإجماع مصادقة هذا البيان وبمباركة حشود شعراء مظلومين زحفت من كل العصور ..!!
البيان ..
الموقعون أولاً ..
إلى / ..
كل وزارة تعنى بالثقافة ..
كل اتحاد أدبي ..
كل تجمع ثقافي غير مرتبط بالدولة ..
يرجى تبديل المناهج السلفية في تقدير وتكريم الأدباء،إذ ليس من المجدي أن تحرمونهم من هذه الأموال المخصصة لبذخها فوق رفاتهم،يرجى توزيع الهبات أو ما أطلقنا عليها(إكرامية ما بعد الحياة)على كل الأدباء في حياتهم مع إقامة حفلات تأبين سابقة لأوانها،كي يتمكن أن يدافع عن نفسه يوم السؤال،بعدما أنتفع منها يوم التشرد..
لا تقلقوا عالمنا رجاء ودعونا نهيأ أماكن لكم..!!




#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تواضعوا..يرحمكم الله
- سيرة الدكتاتور..من الفردانية..إلى الأفرادية..
- بلاد تائهة..
- سر هذا الضحك
- من سيربح العراق
- لا تلعنوا آب رجاء..
- هل حقاً كاد أن يكون رسولا..
- ما الشعر
- لغة الثقافة ولغة السلطة..تاريخ شائك بالتحديات
- أصل الكورد والبحث عن الهوية


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أغتيال حلم..أو شاعر آخر يتوارى