أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - نضال نعيسة - موريتانيا: عودة حليمة لعاداتها القديمة















المزيد.....

موريتانيا: عودة حليمة لعاداتها القديمة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2367 - 2008 / 8 / 8 - 11:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


كل أولئك النشامى والغيارى الذين هللوا وطبلوا وزمروا لديمقراطية العربان في بلاد موريتانيستان، غفل عنهم أن العودة للأصل هو القانون الطبيعي الذي يحكم الأشياء مهما بلغ التمدد وسما الارتفاع. لأنه، وبرأينا المتواضع جداً، فمنذ الإطاحة بالعقيد معاوية ولد الطايع قبل أكثر من عامين، وموريتانيا تعيش حالة طارئة وغير طبيعية من عدم القدرة على التكيف مع الديمقراطية وقيمها المتعبة واستحقاقاتها التي لا ترحم. وإنه أمر غير قابل للتصور مطلقاً، أن تجتمع العروبة والقيم البدوية، التي تتلبس هذه النفوس والرؤوس، مع الديمقراطية، في أي يوم من الأيام.

فالديمقراطية ليست ثوباً يفصل ويتم تلبيسه لأي كان ومهما كان جسمه "لبيساً". وتكاد تكون أحياناً، سماً زعافاً لمن لم يتعود جسمه عليها بعد. واستجلاب الديمقراطية بقرار، هو كمن ينقل دماً لجسم لا يحمل نفس الزمرة الدموية وبكل ما يترتب على ذلك من "اختلاطات ومضاعفات". فلا أدري، مثلاً، لماذا أوقفت محطات التلفزة والفضائيات البدوية، برامجها المعتادة( يعني فقهاء وتسطيح وتجهيل واستغفال وهشك بيشك بنفس الوقت)، لتبث "خبراً عاجلاً " ألا وهو حدوث انقلاب عسكري في موريتانيا، وكأننا نتحدث عن انقلاب عسكري في الدانمارك أو السويد وسويسرا، هكذا!!!. فهذا البلد الخارج من "غيابات الجب" القروسطي لم تترسخ لديه بعد أية قيم ومعان وثقافة ديمقراطية حقيقية شأنه شأن جميع دول المنظومة البدوية الشرق أوسطية التي تحكمها الثقافة الأبوية الهيراركية التي تمجد الحاكم، ولا تستقيم، بالمطلق، مع أي شكل من أشكال الديمقراطية التي تعيشها ديمقراطيات عريقة رسختها على مدى أجيال.

وما كان لنا أن نتصور أن الديمقراطية عريقة في هذا البلد العربي والإسلامي الشمال أفريقي إلى الحد الذي يجعل أي تحرك غير ديمقراطي يستقبل بمثل هذا القدر من الاستغراب والاستهجان، غير أنه من الحكمة انتظار جلاء "العامل الإسرائيلي" وراء الموضوع ليتم الحكم على التطور برمته، ومن مختلف الأبعاد. فالديمقراطية الموريتانية تعني في أحد أشكالها المدعومة أمريكياً وإسرائيلياُ هو حرية الموقف من إقامة العلاقة مع الدولة العبرية، والتفاصيل الأخرى لا أهمية لها في هذا السياق. ولا أدري كيف يعرب كثيرون عن قلقهم، ودهشتهم، لحدوث انقلاب عسكري، في بلد مازالت ثقافته تمجد استرقاق، وامتطاء العبيد كما يقول أمل دنقل، ولا تحظر دساتيرها هذا الفعل، وتشرع تعدد الزوجات وملك الإيمان. و مازالت الكثير من الممارسات اليومية تتسم بالعنصرية إلى حد كبير بين "السود والبيض"، والعرب الأقحاح من ورثة السلف الصالح، ما غيرهم، والمواطنين ذوي الأصول الإفريقية السوداء، فبأي آلاء ربكما تتدمقرطون؟

الديمقراطية ثقافة كاملة، وكل لا يتجزأ، ورزمة من الممارسات الاجتماعية والسياسية المتجانسة. فلا يعقل أن بلداً ما زال يشرعن العبودية والاسترقاق والاتجار بالأطفال، ويمثل الفساد والتجاوزات ركناً أساسية في بنية هيكليته الإدارية والمعيشية الأخرى، كسائر المنظومة البدوية، يمكن أن يعرف أي شكل من الفعل والحس الديمقراطي. فالكلام عن فساد الرئيس وحاشيته وتعطيل المؤسسات وتقريب المحاسيب والأزلام، وطغيان الاعتبارات العائلية على كل قرار، وجعلها أولوية، يدلل على أن كفة ثقافة الفساد والاستبداد والإرث السلطوي الشرق أوسطي المقيم، سترجح على أية كفة أخرى. وفي الحقيقة فإن هذا الخبر هو أقل من خبر عادي، وعلى الهامش في محيط شرق أوسطي ينعم باستبداد تاريخي، وحديث العهد بهمروجات الديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان. فواقع الحال، في تاريخنا المجيد الذي يستلهم منه القوميون العرب تجاربهم "النضالية الفذة"( ومن تاريخك أدينك)، ينبؤنا بأنه لم يحصل يوماً دخول إلى بلاطات السلاطين والخلفاء، والقصور الرئاسية من الأبواب، ومن دون المؤثرات الضرورية الأخرى كبرك الدماء، وصليل السيوف، والدسائس والمؤامرات، وجبال الجماجم للأخوة والأخوال والأعمام، والآباء والأشقاء.

ومهما تكن الأسباب الكامنة وراء مثل هذا التحرك الأخير، سواء كانت شخصية، أو قبلية، أو مرتبطة بأجندات سياسية حزبية أو إقليمية ودولية، فإنها تنم عن شيء واحد ألا وهو استمرار التعاطي مع مختلف الأزمات الناشبة بنفس تلك الطريقة التقليدية الشرق أوسطية من الاحتكام للسيف والسلاح بدل الحوار وصناديق الاقتراع. وأن التأسيس لثقافة الحوار والاحتكام لصناديق الاقتراع والآليات الديمقراطية الأخرى ما زال مبكراً الحديث عنها، وبعيدة جداً عن "شنبات" معظم رعايا الإمبراطورية البدوية. وفي هذا السياق، لا بد للمرء من أن يعرج هنا على تجربة الفريق عبد الرحمن سوار الذهب في السودان الذي تنازل آخر، عن الحكم في سابقة عدت فريدة، معتقداً، وبكل طيبة قلب لا تنفع في حسابات السياسة مطلقاً، أنه سيؤسس لحالة ديمقراطية، لم تتقبلها بعد ثقافة هذه المجتمعات، وكان من نتيجة ذلك وقوع السودان بيد جماعة الإنقاذ الإخوانية التي أعادته قروناً ضوئية إلى الوراء وقدمت للعالم ذلك النموذج المتميز الذي يجسده اليوم عفاريت الجنجويد الذين تكاد لا تخلو منهم دولة شرق أوسطية حتى ولو اختلفت التسميات.

كان أمراً استفزازياً وغير مقبول البتة وخارجاً عن السياق، حين كانت تجري مناقشات وحوارات حول دراسة ظاهرة التجربة الديمقراطية الموريتانية، في الفضائيات البدوية ( البدو ومن يضرب بسيفهم اليوم هم من صار يتكلم عن ويتبنى الديمقراطية، ولا تستغربوا ذلك فلله في خلقه ديمقراطيون!!!!)، واليوم فإن أي كلام عن ديمقراطية ما، في بلد يحمل كل المقومات التي تحملها منظومة الاستبداد البدوية حيث تختلط القبلية بالعبودية والتمييز العنصري، ويشتبك الدين مع السياسية، وتتناطح الأساطير والفكر الديني مع العولمة والتنوير والفكر الحديث، والعروبة مع الأسرلة ، هو سابق لأوانه تماماً، وترف فكري، ولزوم ما لا يلزم، وزائد عن الحاجة.

فاللهم شماتة، ( هكذا، وعلى بلاطة وبلا مستحى منكم). وألف مرحباً، بالعودة المظفرة والقوية للشقيقة موريتانيا، إلى شقيقاتها الأخريات في نادي وسرب الاستبداد العربي والإسلامي المقيم، وبلا ديمقراطية وبلا أكل هوا.

وما أحلى الرجوع إليه، كما قال يقول نزار.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهروب إلى إسرائيل
- قراصنة الخلف الطالح
- فضائية خدّام
- الحوار مع القردة والخنازير: فاقد الشيء لا يعطيه
- التطبيع العربي العربي أولاً
- نعم لاتحاد من أجل المتوسط
- اعتقال البشير: ومن البترول ما قتل
- العربان دوت كوم
- حول تغطية أحداث سجن صيدنايا
- غسان الإمام: والشياطين البترولية الخرساء
- الحجاب كهوية عنصرية
- سوريا:موضة الخادمات الآسيويات
- تهنئة للإخوان السوريين
- التّمثيلُ بالأحياءِ: ضرورةُ تجْريمِ ِأُمراءِ وأشياخِ الوهابي ...
- الوهابيّة أم ِالنازيّة؟
- أنقذوا السوريين من العنصرية والاستعباد
- تَجْريمُ الفِكر القَوْمي
- لا لعودة سوريا للصف العربي
- برقية تعزية ومواساة
- همجية الوهّابية


المزيد.....




- الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم ...
- آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
- قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة ...
- بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال ...
- الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا ...
- زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
- برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء ...
- الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح ...
- فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه ...
- راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - نضال نعيسة - موريتانيا: عودة حليمة لعاداتها القديمة