خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 10:46
المحور:
القضية الفلسطينية
في مقال نشرته القدس المقدسية , اشار السيد عبد الرحيم ملوح منتقدا سلوك حركة حماس وممارساتها في غزة وبعد مقارنة نتيجة هجوم حركة حماس على حركة فتح فيها واضطرار عائلة حلس تسليم نفسها الى العدو الصهيوني ( مع رفضه المكابر لحالة الاستسلام للكيان الصهيوني ) وهو نهج سبق وان انتهجه السيد عبد الرحيم ملوح تائب الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ينتهي الى استنتاج حول حالة الانقسام الفلسطينية فيقول (ما زال لدينا فرصة لوقف هذا الجنون فوراً. والذهاب لطاولة الحوار الوطني الشامل واستعادة وحدتنا الوطنية، وإعادة قضيتنا للواجهة مرة أخرى، كقضية شعب يناضل موحداً من أجل حقه بالحرية والاستقلال والعودة. فهل يرعوي المسؤولون عن ما يعانيه شعبنا ومشروعنا الوطني من بعض قادته وأبنائه؟ !!!.) الامر الذي لا نتفق معه به ونرى ان هذا الراي هو ايضا مكرر لتجربة علاقة الثورة الفلسطينية بالنظام الاردني التي انتهت الى مجزرة سياسية للوضع النضالي الفلسطيني في الاردن وتنتهي الان الى مجزرة سياسية للوضع النضالي الفلسطيني في غزة .
وللاسف فان موقف نائب الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والذي هو نموذج معبر عن اجمال موقف قوى اليسار الفلسطيني , لا يدلل في الواقع الا عن الخلل النظري السياسي الذي يربك الرؤية القيادية لليسار الفلسطيني ويدفعه الى التخلى عن نهج الحسم الثوري المفترض انه علامة مسجلة لليسار الثوري في العادة .
ان هذا العجز اليساري الفلسطيني له في الاصل الخطي النظري السياسي لليسار تقاطعه مع خط الاسلام السياسي وقواه , وهي بالضبط نقطة تقاطع الرؤية القومية العربية الرافضة للاعتراف باستقلالية القومية الفلسطينية الموضوعية , والتقائها بالمقولة الاسلامية ان فلسطين ارض وقف اسلامي لا حق للفلسطينيين بها سوى التمتع . فكيف يمكن حسم الموقف الخطي من هذه المقولة السياسية الاسلامية وتخطئتها من قبل اليسار الفلسطيني , وبالتالي اتخاذ موقف حاسم من نهج القوى التي تسترشد بها في واقع العلاقات الداخلية الفلسطينية دون المساس بتقاطعها مع مقولة ان فلسطين هي جزء من الوطن العربي الكبير وان المجتمع الفلسطيني هو جزء من القومية العربية الواحدة ,
ان هذا الاساس الخطي اللاوطني لا يمكن له ان يدين نفسه اذا ادان تغريب استقلالية القرار الوطني الفلسطيني وترحيل مركزيته الى عواصم خارج م ت ف , لذلك يصر اليسار ان يبقى (اصلاحيا) يدفعه الى ذلك محاولة التوفيق بين مقولة الخصوصية الفلسطينية التي شكل في تاريخه ايمانه بها اختراقا وافتراقا نسبيا عن السيطرة الكلية السابقة لمقولة القومية العربية , وتخليه عن انجاز مهمة الكفاح النظري اللازمة لحسم العلاقة وقطع المسافة بين مقولة القومية العربية الواحدة ومقولة القومية الفلسطينية المستقلة , الامر الذي جعل الاصلاحية والضبابية جوهر برنامجه النضالي وتاكتيكه السياسي
ان اليسار الفلسطيني بحكم قصوره الاساس الخطي لا يرى اصلا الصيغة العامة للقضية الفلسطينية بمجملها بدءا من اصلها كموقع في الصراع العالمي ومرورا بكيانيتها كصيغة علاقات اقليمية مؤسسة على الغاء الواقع الفلسطيني واقتسامه بين الاطراف الاقليمية , ولا لتقاطعهما باتجاه استمرار خدمة المصالح الاوروبية وممانعة حضور اي مراكز عالمية اخرى في المنطقة كما يحدث الان في اعاقة الحضور الاستعماري الامريكي
ان السؤال البسيط الذي اود توجيهه هنا للسيد ملوح / اليس واضحا بما يكفي ان القرار في غزة ليس فلسطينيا وانما يعود الى اتجاه الصراع الاقليمي مع الولايات المتحدة اولا وقبل كل شيء حماية للانظمة من امكانية التغيير بها ومنعا لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب الاجندة الخاصة بكل طرف اقليمي على حدة
الا يدعو الى التفكير والقلق هذه المتغيرات والتقلبات في نهج ومواقف وعلاقات الانظمة المحيطة بفلسطين واستعادتها ولائها باوروبا على حساب تقربها السابق لواشنطن , اننا بالطبع لا ندعو الى التبعية للولايات المتحدة ولا الى قبول الشرق الاوسط الامريكي لكننا في نفس الوقت ندعو الى رفض الشرق الاوسط الاوروبي , الذي صاغت صورته اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية
ان انعدام الرؤية القومية الفلسطينية والاصرار على التمسك بالرؤية الدينية والرؤية القومية العربية لحركة الصراع عالميا واقليميا هو جوهر ما اعتدنا ان نسميه في الجبهة الششعبية لتحرير فلسطين ( الضبابية وعدم وضوح الرؤية ) والذي لطالما اشارت اليه استراتيجية الجبهة قبل وبعد التغيرات والطروحات التي امتدت رؤيتها الى ما هو طبقي في حين كان يجب ان تمتد الى ما هو قومي ,
ان التقاربات الاقليمية مع الكيان الصهيوني بما فيها الموقف الايراني والباكستاني والتركي ..........الخ ليست في الواقع سوى اصطفافا تحالفيا يحاول ( اقلمة الحل والتسوية ) وفرض تسوية اقليمية لخلافات البرامج المحلية , حيث يحرص كل طرف على انجاز الاساسي له حيث
• محاولة النظام السوري استعادة الجولان والحفاظ على طبيعة النظام والحفاظ على نفوذها في لبنان , وتاكتيكها في ذلك مساومة اوروبا والولايات المتحدة عبر عرقلة التسوية الاسرائيلية الفلسطينية عبر استغلال قوى فلسطينية لا تؤمن باستقلالية القرار الوطني الفلسطيني ولا مانع طبعا من الاحتفاظ بما اخذته بعملية التقسيم عام 1948
• الكيان الصهيوني والحيوي بالنسبة له تامين حرية حركته في انجاز شعاره التاريخي اسرائيل الكبرى لذلك يجب الاحتفاظ بالمكتسب الرئيسي من حرب 1967 اي سيطرتها الكاملة على فلسطين فهي تعرقل التسوية حسب الرؤية الاوروبية الامريكية الداعية لقيام دولة فلسطينية ( القادرة على تحجيم الحركة الصهيونية في انجاز شعار اسرائيل الكبر) لذلك فان الحكم الذاتي الاداري الثقافي هوالحد الاعلى الذي ( قد ) تسمح به اسرائيل
• اتقاء شر التوسع الاسرائيلي وشر قيام الدولة الفلسطينية المستقلة هو الرئيسي بالنسبة للاردن لان كلاهما خطر على الاردن ان من حيث فقدان استقلالية النظام او من حيث التاثير على العلاقات الداخلية وصيغة النظام
ان لكل طرف اقليمي مصلحة في التعامل مع القضية الفلسطينية ولكن من منطلق اولوية مصالحه بعيدا عن المشاعر القومية المدعاة اعلاميا وبعيدا عن الحرص على التحرر الفلسطيني , في حين يظن مسلمو فلسطين وقوميوها العرب يسار كانو او غير يسار ان التصريحات والابتسامات التليفزيونية تعبر عن مشاعر حقيقية تجاه قضيتنا وشعبنا
نعم ان ما تقوله يا سيد ملوح من انه لا يزال هناك فرصة كان يمكن ان يكون صحيحا لو ان القرار في غزة هو قرار مستقل , لكنه للاسف ليس كذلك , لذلك على القوى الوطنية الفلسطينية قوى مقولة الخصوصية الفلسطينية ان ترى عملية الفرز التي تتم في الواقع الفلسطيني والتي تعبر عن وصول حالة الانقسام بين القوى الخطية الى نقطة التناحر على البقاء والسيطرة المنفرد في الواقع الفلسطيني , وهي حرب مستمرة من قبل 1948 لكنها الان وصلت نقطة الحسم واللاعودة لانها تعددية ما بين الوطني والاوطني وهي مسلحة وليست ممارسة ديموقراطية انتخابية
ان على قوى الخط الوطني بعد وضوح نية الخط اللاوطني الاستقلالية الانفصالية وخلق تعددية شرعية فلسطينية ان تحسم امرها وفي المقدمة منها حسم الميوعة السياسية التي تمارسها السلطة الفلسطينية واعتبار ان غزة الان بحاجة الى جهد تحرير مضاعف عن الجهد الذي تحتاجه المناطق الاخرى
احترامي للرفيق ملوح وللرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟