أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادر قريط - تعقيب على عجز الإعجاز














المزيد.....

تعقيب على عجز الإعجاز


نادر قريط

الحوار المتمدن-العدد: 2365 - 2008 / 8 / 6 - 07:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الكتابة فعل يُقترف كالشهوة.
ليسمح لي القارئ الكريم، بتقديم نقد وجلد ذاتي، فما كتبته يوم أمس ( عجز الإعجاز رد على مقالة الإسراء والمعراج من منظور علمي) صيغة أخرى للعجز، وليسمح لي القارئ بمحاكاة ثانية، وإطلالة نقدية ترسم الحدود بين "الأنا" و"الهو" فالكاتب لم يكن ينوي مشاركة المتنبي في ( يا أمة ضحكت من جهلها الأمم) بل مشاركة الطير( الذي يرقص مذبوحا من الألم) لكن وساطة الكلمات جاءت غامضة ومرتبكة.
لأانكر أن النص جاء عشوائيا مرتجلا، ويعكس ذاتا مهشمة تنظر من مرآتها المقعرة والمشوهة، وكان محاولة خرقاء لإقتحام أبواب المعنى؟ وبصورة أدق جاء مشحونا بردة فعل صبيانية، لامبالية وهذا أحد مثالب الكتابة .
قد يبدو مستغربا ومستهجنا وغير مؤلوف في أن ينتقد الكاتب ما كتب بعد يوم، فالكلمات عموما تتماهى مع قائلها، لا بل أن لغتنا الكلاسيكية الأدبية هي فصام شيزوفريني وإنتقال قسري من العذرية والتلقائية إلى عالم من الرياء والمخادعة والتورية، تجعل المطابقة بين صورتي العبارة والدلالة، محاولة لخلق عالم إفتراضي وهمي آخر، عبّر عنه أمير الدراجي بمقولة جميلة: اللغة مترجم خائن.
وقد يبدو مدهشا القول بأن النصوص تكتب نفسها بنفسها،فالكتابة في جوهرها توليد لنصوص من أخرى، والكتب الجديدة هي ولادة وبعث لكتب قديمة( باستثناء النصوص الخالدة ) وفي كثير من الأحيان يتمرد النص على كاتبه، ويقوده إلى حيث لا تشتهي السفن، [إنها غرانيق اللغة التي تتدخل فيما يُوحى فتفسده!!]
بعد مطالعتي لما كتبت أحسست أني أمام نص تائه وأعور وأعرج،مرتبك مليء بالمواربة ونصف القول والغث والسمين، فقد نسيت في زوبعة الكلام أن أواصل الصراخ فما نعانيه كعرب وفرس وكورد.، من ذل وضياع وحروب وإحتلال وتأجيج طائفي وقومي وبطش وطغيان، وإنهتاك لقيم الإنسان، وإمتهان لآدميته، ناهيك عن جيوش البطالة ومقاهي الذباب، وفقدان الأمل والإصلاح، هي الأولى بالإهتمام ظاهريا، وهي دوافع مختبأة تتربص بفعل الكتابة، وقد تبدو لأول وهلة أكثر أهمية من بعثرة الجهد في إنتقاد د. غنيم بسبب توليفته بين العلم والدين، وتفسيره للإسراء والمعراج بنسبية آينشتاين وسرع الذرات والأيونات. إنما الحقيقة العارية، تثبت أن الأمم لم تتقدم إلا بهزة عنيفة لمعتقداتها الراسخة والمتكلسة.
أتذكر يوما أن مطرانا لمدينة سالزبورغ النمساوية (المطران كرّن، عُرف بميوله المحافظة) صرّح في إحدى عظاته بأن مرض الإيدز هو غضب وإنتقام إلهي؟؟ آنذاك ضجّت الصحافة وقوى المجتمع المدني مستنكرة هذا التصريح، المنافي لقيم المدنية والحضارة؟ هذا المثال يعبر عن إرادة تجمعت في أوروبا، تمنع الخلط بين (المقدس، والفول مدمس؟) بين الدولة ( كمنظومة قانونية تشريعية، وحامية للعقد الإجتماعي) وبين الكنيسة( كسلطة روحية ومنظومة لعقيدة خلاص أخروي)
وكان لهذا الفصل، الذي خلقته حركة التنوير في سياقها التاريخي الأوروبي، آثارا شاملة على البشرية عموما، إذ لم يعد الطاعون يفتك بالمدن ويحولها إلى خرائب مهجورة. بل أمور أخرى كالأسلحة المدمرة والصواريخ والقنابل وإحتكار الغذاء، والثروة والمعرفة
ما أردت قوله للأستاذ غنيم اننا كأمم بحاجة ماسة لفصل الديني عن الدنيوي لنضمن مستقبل لائق لأطفالنا. فالعلم لا علاقة له بالميثولوجيا والمعجزات، لأنه مفهوم كوني للمعرفة والتجربة الإنسانية، وهو قابل للتطبيق في كل مكان كنظرية فيثاغورس عن حساب ضلع المثلث، أما جن سليمان وعفاريته فلها سياق آخر، وليست ثوابت فيزيائية إلا في العقل القروسطي الذي أنتجه الإنسان في طفولته.
إن علوم مقارنة الأديان إكتشفت بما لايقبل الشك، [كما الكهرباء وإكتشاف قوانين الكهرومغناطيسة]، بأن أديان التوحيد هي إستمرار لمنظومة الميثولوجيا التي سادت العصور القديمة في بابل ومصر واليونان وبكل بساطة فإن النص التوراتي المؤسس لمنظومة التوحيد هو تجميع لميراث وملاحم الشعوب القديمة إبتداء من قصة الطوفان وموسى.. إلخ.
لقد كان إكتشاف اللغة المسمارية لوادي الرافدين، من الأحداث الثورية الكبرى في بحوث الأديان وكشف البناء الميثولوجي اللساني للنصوص المقدسة. ولست بحاجة لأمثلة كثيرة، إذ يكفي المقارنة بين تجلي الرب لإبراهيم في حبرون ( سفر تكوين 18) وبين النص الأوغاريتي، الذي يصوّر تجلي الإله كوثر لدانيال، سيجد المرء شبه تطابق بين القصتين.ونفس الشيئ بتجلي الرب لموسى في العليقة، حيث نجد نصا أوغاريتيا آخرا يتطابق مع هذه الحادثة، وهذا ينساق على باقي منظومة العقيدة المسيحية والإسلامية، كونها سلسلة إبراهيمة ذات جذر يهوي( من يهوى) واحد. فإلى متى يستمر إستغفال وخداع الناس، ويستمر تنويمهم إجتماعيا.

قد أوافق بأن للعقائد قوة هائلة في صياغة هوية الجماعات البشرية، بما تخزنه من رأسمال رمزي متراكم وفضاء لغوي مشحون بالموروث الشعري والقيمي والبلاغي. من هنا تصبح وظيفة التنوير الأساسية إعادة صياغة هذه الهوية بما لايفقدها توازنها، لتحقيق أهداف العمران والعدل والكرامة. لكن ليس من خلال طرق تلفيقية كمسميات الصحوة التي يفتعلها سدنة المقدس، والتي تعني نوما أبديا، أو مبارزة للعالم بسيوف صدئة.
أخيرا وبعد أن غفلت عن الكثير، أشكر أ.د كارم غنيم لآنه فتح لنا منفذا جديدا للرؤية دون قصد، إذ أصبح ممكنا إعتماد سرعة الضوء ونظرية تقلص الزمكان لأينشتين، ونظريات الكموم وتحول المادة إلى طاقة، ليس في تفسير الإسراء والمعراج، ومعجزات أنبياء التوحيد الأخرين، بل في فهم كل التاريخ الميثولوجي والديني. وإكتناه وسبر تحولات الإله تموز وبعثه وموته، وكيفية إنتقال مجمع الألهة البابلي بين السماوات، وبناء تصوّرات علمية جديدة لإستيعاب ملاحم كلكامش والإلياذة وكتاب الموتى، بصورة فيزيائية علمية، وهذا لعمري إعجاز عظيم يمكن تسجيله للأستاذ كارم غنيم!؟ ختاما أعتذر لمن سببت لهم ألما وغما فلهم ولي المغفرة.



#نادر_قريط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عجز الإعجاز( رد على مقالة: الإسراء والمعراج من منظور علمي[1] ...
- إنشاء الله
- إنشاءالله
- أحوال الأديان في بلاد العربان
- ثقافة ثقيف بين القرضاوي والعفيف
- إله الغزو ( وفاء سلطان وشاكر النابلسي وتزوير التنوير)
- المؤامرة والضحك على الذقون
- ثرثرة حول الأديان
- في التاسع من نيسان
- غزة وشجرة البلوط
- فرانس وترجمة القرآن
- غرانيق البحث القرآني
- آراء في نشأة الكتاب المقدس
- تاريخ بدون تاريخ
- غونتر لولينغ- واكتشاف محمد
- الرضاعة من المهد إلى اللحد
- آراء وإنطباعات حول نشأة المسيحية والإسلام ؟
- لغز الإسلام المبكر 2
- الخديعة ( نشأة المسيحية )2
- الخديعة ( نشأة المسيحية )


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادر قريط - تعقيب على عجز الإعجاز