أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادر قريط - عجز الإعجاز( رد على مقالة: الإسراء والمعراج من منظور علمي[1])















المزيد.....

عجز الإعجاز( رد على مقالة: الإسراء والمعراج من منظور علمي[1])


نادر قريط

الحوار المتمدن-العدد: 2364 - 2008 / 8 / 5 - 07:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نظرا لحساسية الموضوع ومساسه تصوّرات عقائدية لملايين البشر، ألزمت نفسي بالجدية ومنع الفلتان اللساني، ولو كان الأمر يتعلق ببحث ديانة الإله مردوخ البابلي أو رؤيا يوحنا الإنجيلية أو معجزات الرب التوارتي لأختلف الأمر. لكن واحسرتاه علي أن أتجشم عناء هذا النص وأتقيئ مرارته بكآبة لاتطاق.
وتمهيدا لخلق جو كافكوي قاتم، تصوّرت أني نمت ليلة أمس وسط حاوية قمامة، مليئة بالجوارب النتنة وحفاظات بامبرز البلاستيكة (مستعملة بطاقة إنتاجية قصوى) وبهذه الطريقة أصبحت مهيئا نفسيا لهذا الجدل، إضافة إلى أن الصورة المتجهمة لسيّافي المملكة السعيدة تكاد لاتفارق مخيّلتي
وقبل الذهاب بعيدا تصوّرت وجود جمعية لإعجار الكتاب المقدس في الفاتيكان، بعهديه القديم والجديد، خصوصا أن هذا الكتاب سجل حافل بالملاحم الإعجازية الإلهية الكبرى، التي بدأت مع تجليات الرب لإبراهيم وسارة أمام خيمتهم، وطلب الأخير لزوجته أن تقري الضيف الإلهي! ثم تجليه ليعقوب وصراعه معه حتى مطلع الفجر( من هنا جاء لقب إسرائيل: الذي صارع إيل)، وبعدها مقابلته لموسى في حوريب، وتسليمه شخصيا ألواح الوصايا، ثم سخطه على المصريين وضربهم بالكوراث كملئ النيل بالدم والضفادع والقحط والمرض والبرص وقتل مواليدهم من الصبيان، تمهيدا لخروج اليهود وشق بحر سوف أمام موسى وإغراق (القوات البرية المصرية)، وبعدها إنزال المن والسلوى في صحراء التيه، ثم إيقاف الشمس فوق رأس يوشع (ليسمح له بذبح الكنعانيين على ضوء النهار ويتمتع بمنظر دمائهم)، وهكذا يستمر مسلل المعجزات في العهد الجديد بولادة المسيح من عذراء، لم يمسها بشر، ثم بمشي المسيح فوق الماء وإحياء أليعازر الميت، وشفاء البرص والمرضى، ومعجزة عرس قانا وتحويل الماء إلى نبيذ وملئ الجرار بعد أن نضبت( هذا شيئ مفيد) إلى فتحه للقبر وصعوده إلى السماء، وبعدها قصة الحواريين التلامذة، الذين نهضوا في الصباح فحلّ عليهم الروح القدس وطفقوا يتكلمون بكل لغات العالم ( بدون معاهد لغة ولاوجع رأس)
وبعيدا عن هذه السفسطائية، يتوجب القول أن الكتاب (المقدس) يتحدث عن معجزات الرب، أما الكتاب بذاته فليس معجزة، وإن كان المؤمنون يعتقدون أنه وحيّ، أملاه الروح القدس أو أتى به ملاك عظيم من طبقة السيرافيم( ملائكة نخب أول )، هذا صحيح تماما، فإلى عصر ليس بالبعيد كانت الكنيسة الكاثوليكية ترفع المسيحية كحق كوني، وحقيقة مطلقة أزلية ووحيدة، وكان التجديف على إسم الرب يعني أحيانا، الموت حرقا، لكن الحقيقة الثانية تقول: بأن أجنحة الكنيسة تعرضت لمقص الحداثة، ولو قللنا الآدب قلنا أن العقل لجمها أو ألزمها منذ قرنين بوضع سلة فموية( تمنعها من العض)ولو أن الفاتيكان أنشأ قسما لدراسة الإعجاز الإنجيلي وملأ الصحف بمقالات الإعجاز، لأمتلأت ساحاته بالطماطم والبيض الفاسد. فبالأمس القريب منع طلاب إيطاليون أن يطأ البابا (محمود) السادس عشر جامعتهم، قبل أن يعتذر عن محاكمة الكنيسة لغاليله.
أما إكليروس الإسلام وحراس مقدسه فمازال معظمهم طلقاء، يسرحون ويمرحون في ساحة رمّاحة، يفتون ويعظون ويعضّون ساعة يشاؤون. ويهيمنون على الخطاب وشاشات التلفزة، ويرفضون محاججات العقل، ويكتفون بالعناد والسخرية المواربة من كتب الآخرين بذريعة أنها مُحرفة، دون أن يحددوا مواضع التحريف[الأفضل أنها حُرِّفت، لأن أصلها لن يزيدها رونقا، وستظلّ برأيي المتواضع من الأعمال الأدبية الميثولوجية المهمة التي أبدعها الإنسان]
والآن دعونا نلقي نظرة على مقالة أ.د.غنيم كنموذج عصري لدراسات الإعجاز، ومبدئيا ولمن لايود قراءة المقالة المذكورة، سأضع ملخصا سريعا لها:
1ـ يتحدث الكاتب عن نظرية آينشتاين النسبية، (وتلازم المسارين الزمني والمكاني) وسرعة الضوء، وحركة الجزيئات الذرية، والأيونات وسرعة أشعة بيتا. إلخ

2ـ يعتبر الكاتب أن قصة الإسراء والمعراج غيب من الغيوب، لكنه يحاول تقريبها لأذهان غير المسلمين، كحدث خارق، ثم يؤكد أن القرآن هو المعجزة، وعلى أهل الإيمان عدم الإسراف في تناول المعجزات الأخرى

3ـ يقدم الكاتب شرحا للنص القرآني، الذي تناول الحادثة:" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ، إنه هـو السميـع البصيـر

4ـ يعترض الكاتب على المزاعم التي تعبرالإسراء والمعراج مناما أو رؤية ويؤكد أنها رحلة تمت بالجسد والروح

5ـ يفترض أن البراق( الدابة الإلهية ) هو البرق ويسير بسرعة الضوء، ويذكرنا بالخوراق الأخرى للأنبياء

6ـ يفترض من خلاصات فيزيائية عن تحول المادة إلى طاقة( والعكس) أن جسد الرسول تعرض إلى مايشبه ذلك لإنجاز تينك الرحلتين

7ـ ثم يقدم شرحا لسورة النجم بإعتبارها تأكيدا للمعراج

8 ويختم بذكر فوائد هذه الحادثة، التي دعمت إيمان المؤمنين، وأسقطت من في قلبه زيغ، وأعلنت عالمية الدعوة، وذلك بإمامة النبي وصلاته بالأنبياء، في بيت المقدس، وأكدت إنتقال النبوة من الفرع الإسحاقي إلى الإسماعيلي

إستوقفني نص أ.د كارم غنيم في مفاصل كثيرة، وبعد مسح ميداني سريع أسجل الملاحظات التالية:

1ـ أستغرب إطلاق لقب (أ.د) على سدنة المقدس عموما. وفي العربية يبدو الأمر أشبه بشيزوفيرينا لغوية( فأستاذ لفظ فارسي، ودكتور لاتيني) وكم تمنيّت من هؤلاء أن يبحثوا عن ألقاب شرعية من لغة الضاد تليق بمقامهم


2ـ لم يفسر لنا أمر وجود "المسجد الأقصى" قبل الفتوحات الإسلامية؟؟ إلا إذا كان المقصود به " الهيكل الثاني" لسليمان الذي دمره الرومان نهائيا إعتبارا من عام 70م ومسحوه من وجه البسيطة؟ أم أن قصة الإسراء حدثت بعد الفتوحات وعقب بناء المسجد الأقصى في عهد عبدالملك إبن مروان؟؟ وهذا كلام هرطقي خطيرعلى الكاتب أن يبحثه ويفنده بأدوات المنهج العقلي التاريخي كونه يتحدث من منظور علمي (حفظه الله وزينه بنعمة العلم)

3ـ أما عن الإقتران اللساني بين براق وبرق!! ألا يحق للناس أن تتساءل عن دور جبريل، الذي ورد في القصة كسائس يقود البراق، فهل يحتاج البرق ( الضوء) إلى سائس؟ أوليس من باب الإحتياط العلمي التنبه إلى هذه المسألة؟

4ـ أما طلب النجدة من قصص ومعجزات أخرى كتحوّل عصى موسى إلى أفعى، أوعبور موسى الإعجازي وشقه للبحر الأحمر، وقصص عفاريت وجن سليمان التي جلبت عرش بلقيس من سبأ إلى منصة الإحتفال السليماني في الشام( بسرعة الضوء) للبرهان على قصة الإسراء والمعراج، فكل هذا لاعلاقة له بالمنظور العلمي الذي يدعيه الكاتب، لأن مجرد ذكر هذه القصص لطفل نرويجي أو سويدي سيجعله يتذكر أفلام كارتون مشوّقة؟ وهذه البراهين الدلالية التي يسوقها أ.د غنيم، أمور يخجل الباحث اللاهوتي ( اليهودي والمسيحي) المعاصر من ذكرها وتداولها في بحث علمي لائق؟.
5ـ أما زج سورة النجم كدليل علمي على المعراج، فهذا تأويل تيولوجي ضمن نسق تاريخي ودوغمائي لساني عربي لاشأن له بالمنطق العلمي.

وبعيدا عن الهذر والإسراف، يمكن رؤية النص من حيث الشكل كمخادعة متذاكية، بعيدة عن العلم، فهو يخلط بين منظومة الغيب والعقائد الإيمانية، وبين العلم الذي يقوم على المنهج العقلي الفلسفي البرهاني، والذي لايميز بين عقيدة أ.د غنيم الحنيفة وبين عقيدة أي بابلي يؤمن ببعث الإله تموز. وهو يثير ضمنيا قصة إحتجاج إسلامي صامت على عدم إعتراف الآخرين( الإسحاقيين) به وعقدة مظلومية تاريخية، بإعتبار الإسلام إبن الجارية المصرية هاجر (المنبوذة مع ولدها إسماعيل)، وقصة الدين الذي وُلد غريبا. فما يرويه الدكتور أمر إيماني( شخصيا لايهمنى إن حدث الإسراء والمعراج بالمنام أو بغيره، أو لم يحدث بالمرة، إنما يعنيني هذا التعدي الصارخ والساذج على علوم الإنسان العقلية، وخلط حابلها بنابلها، وعلى هذه السطوة الوقحة والوصاية على عقل الناس والتعدي على قيم ومنجزات الحداثة)

أما تأكيده على أن المعجزة الكبرى هي القرآن، فيعكس مدى الرهاب والأرهاب العقلي الذي يمارسه سدنة المقدس الإسلامي منذ قرون، أي منذ أن إستطاعت الأرثودكسية الإسلامية جعل النص القرآني ماكسيما( غير مخلوقة) تقتسم الألوهية مع الذات الكلية. وهناك ظاهرة إسلامية فريدة في تاريخ الأديان. فالكتاب الإسلامي الوحيد الذي يتحدث عن إعجازالخالق وآيات خلقه هو القرآن الكريم نفسه؟ في حين تتحدث الكتب الإسلامية بمجملها منذ الباقلاني حتى اليوم عن إعجاز هذا الكتاب، وليس عن إعجاز الله وهذا أمر غريب ومحيّرحقا؟ إذ يكتفي الدعاة بالمقولة (القرضاوية الراقية): البعرة تدلُّ على البعير، والخلق على الخالق؟؟ وكأنهم غير معنيين أصلا بالجدل الميتافيزيقي من حيث المبدأ؟

إن هذا السلوك الأرثودكسي الإسلامي الذي يستقتل في تنزيه النص، يفعل وكأنه(يشمّ رائحة منكرة من إبطه!!) ويشي من حيث لا يدري بإتهام ضمني للنص؟ فعندما يكون الكتاب إلهيا، فلما يتطوّع الإنسان لإثبات إعجازه؟؟

إن هذه الدراسات التلفيقة، تهدف إلى مصادرة قدرة البشر على التأمل الحر، وتحاول تبرير العجز العلمي والمعرفي، وتعويض الفحولة التاريخية المسلوبة. والإيهام بأن علوم وتقنيات وجهود آلاف من بني البشر، (الذين إستطاعوا رفع طائرة اير باص في السماء. في وقت يعجز فيه ذوو اللحى عن إطلاق عصفور)عمل لاقيمة له وكل ما أبدعه الإنسان تافه، ولا يساوي ما أنجزه عفريت سليمان( الأسطوري) الذي جلب عرش بلقيس بلمح البصر
أخيرا وبعد كل هذا القرف، أشير إلى أن الجناس اللفظي بين "براق" و"برق" يدفعني بثقة إلى إقتراح جناس لفظي آخر، يربط بين" إعجاز " و" أعجاز" نخل خاوية. وما الخواء إلا نعمة للجاهلين، يا أمة قهقهت من جهلها الأمم.
الهوامش :
1ـأ.د كارم غنيم أستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر أمين جمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة
معجزة الإسراء والمعراج



#نادر_قريط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنشاء الله
- إنشاءالله
- أحوال الأديان في بلاد العربان
- ثقافة ثقيف بين القرضاوي والعفيف
- إله الغزو ( وفاء سلطان وشاكر النابلسي وتزوير التنوير)
- المؤامرة والضحك على الذقون
- ثرثرة حول الأديان
- في التاسع من نيسان
- غزة وشجرة البلوط
- فرانس وترجمة القرآن
- غرانيق البحث القرآني
- آراء في نشأة الكتاب المقدس
- تاريخ بدون تاريخ
- غونتر لولينغ- واكتشاف محمد
- الرضاعة من المهد إلى اللحد
- آراء وإنطباعات حول نشأة المسيحية والإسلام ؟
- لغز الإسلام المبكر 2
- الخديعة ( نشأة المسيحية )2
- الخديعة ( نشأة المسيحية )
- التقويم الميلادي مرة ثانية


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادر قريط - عجز الإعجاز( رد على مقالة: الإسراء والمعراج من منظور علمي[1])