أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد قاسم - الفن وفتاوى الفقهاء ( السيد السيستاني نموذجا)















المزيد.....

الفن وفتاوى الفقهاء ( السيد السيستاني نموذجا)


رائد قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2364 - 2008 / 8 / 5 - 05:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل حوالي عامين أرسل رجال دين من الشيعة خطابات اعتراض واستنكار لإدارة قنوات mbc لعرضها شخصية الإمام الرضا في إحدى المسلسلات التاريخية، ورغم أن المسلسل لم يسئ لشخصية الإمام بل أظهرها بصورة مهذبة وراقية وأدى الشخصية فنان مشهور بالاستقامة والنضوج ، إلا إن رجال الدين أصروا على حذف المشاهد التي تجسد شخصية الإمام الرضا وابنه الإمام محمد الجواد، بيد أن إدارة القناة لم تستجب لمطالبهم رغم إصرارهم الشديد ، الذي يعود إلى اعتقادهم بأن الإمام الرضا إمام معصوم وبالتالي لا يجوز تجسيد شخصيته بأي حال من الأحوال ! إلا أنهم في المقابل تجاهلوا أن الإمام الرضا شخصية إسلامية عامة وكل يراها من منظاره العقائدي الخاص، ومن حق أتباع كل مذهب أن يتصوروه وفقا لعقيدتهم ، إلا إن رجال الدين الشيعة لم يتحملوا كيف أن إمامهم الذي يرونه خليفة الله وسر الوجود وسيد الكون وإمام المخلوقات ينظر إليه الآخرون على انه إمام احد المذاهب الإسلامية ليس إلا!!
إن تدخل الفقهاء ورجال الدين في مختلف شئون الحياة المعاصرة ليس بالأمر الجديد على كل حال ، فالفقهاء على وجه الخصوص باعتبارهم يحتلون أعلى المراكز الدينية والروحية كانوا يتدخلون في القضايا العامة الملحة والمهمة والتي لا بد من إصدار فتوى حولها تدعيما لاتجاه معين يرون فيه الصلاح والنفع ، وكانت معظم فتاواهم الأخرى عامة وقابلة للتطبيق على أكثر من وجه، وللمكلف إسقاطها على أموره الخاصة وشئونه الحياتية المختلفة وفقا لذمته ، إلا إن المرجعيات الشيعية بدأت في الآونة الأخيرة تأخذ على محمل الجد تساؤلات المكلفين من العوام المشحونة غالبا بالهوس وتتدخل في جزئيات الشئون وبديهياتها ، الأمر الذي يعد خطيرا ومكلفا ، لأنه سوف يجعل الحكم الفقهي الظني الاحتمالي في مواجهة مباشرة وعنيفة مع الحياة الخاصة النظرية والعملية ، سواء على مستوى الفرد أو الجماعات، مما يجعل الفقيه في مرحلة اختبار حقيقي لسلطته الكارزمائية ، خاصة وان فقهاء الشيعة ليس لديهم سلطة زمنية – عدا في إيران – تخولهم إسقاط فتاواهم على الواقع ، الأمر الذي سيقلل شيئا فشيئا من قيمتها وجدواها وتأثيرها الفعلي ، كفتوى السيد السيستاني الأخيرة التي انجرت نحو إصدار حكم بالحرمة ضد عمل درامي مخصوص عوضا من إصدارها فتوى عامة تحيل بموجبها الخصوصيات إلى عمومياتها والجزئيات إلى كلياتها على جري العادة عند الفقهاء الشيعة ، والسؤال الذي يطرح بقوة :هل اصدر السيد السيستاني هذه الفتوى شخصيا أم على جري العادة أصدرها احد حاشيته باسمه ؟!!
وإذا ما كانت مثل هذه الأعمال الدرامية المدبلجة خطيرة لهذه الدرجة بحيث تصدر حولها فتوى مخصوصة ! يا ترى ما رأي الفقهاء بما جرى في لبنان من سفك للدماء وانتهاك للحرمات أيام ال6/7 من أيار الماضي؟ وما رأي الفقهاء حول الوجود الأمريكي في العراق، الذي يسير في عامه السادس؟ وما رأي الفقهاء حول الميلشيات المسلحة التي تستبيح الأعراض والأرواح في العراق ؟
الوهابيين السعوديين مشهورين بإصدارهم فتاوى تتناول قضايا بعينها بالحرمة أو الحلية وتطبق فورا من خلال أجهزة تطبيق القانون، إلا إن العلماء الوهابيين هذه المرة اتخذوا موقفا اقل تطرفا إن صح التعبير من قضية الأعمال الفنية الدرامية التركية!! فلقد سمعت الشيخ سلمان العودة وهو رجل دين سلفي متشدد يقول في برنامجه ألأسبوعي على فضائية MBC انه يجب حذف المشاهد المخلفة بالآداب ولكنه لم يحرم مشاهدتها على خلاف القاعدة المعروفة عنهم أن كل شي حرام من حيث المبدأ!! إلا إن مكتب السيد السيستاني بهذه الفتوى خالف القواعد التي تضبط إصدار الفتاوى في القضايا العامة عند الشيعة ، وأظنها تعبر عن تشدد ديني وصوفية شيعية جديدة بدأت في الانتشار في المجتمعات الشيعية مدعومة بنشوة انتصارات سياسية وعسكرية حققتها الطائفة الشيعية في العقد الأول من هذا القرن، مما شجع الفقهاء الشيعة على محاولة إسقاط مرئيا تهم ورؤاهم وتصوراتهم بهذه النزعة المتشددة .
إن خوف المجتمعات الإسلامية من الاطلاع على ثقافة الأمم والشعوب الأخرى بل والتأثير الشديد لثقافة الآخر المخالف، سواء من خلال الأعمال الفنية أو الثقافية، يشير إلى إن الأساس الديني والقيمي والتاريخي والتركيبة الدينية لهذه المجتمعات هشة ولينة ، فالبيئة الاجتماعية والقيمية والثقافية التي يؤثر فيها عمل درامي كالمسلسلات التركية مثلا لتصبح حديث الصحافة والمجتمع لا شك في كون قواعدها الارتكازية هزيلة ومتضعضعة ، قابلة بكل سهولة للاختراق ، الأمر الذي يعبر عن حالة ضعف وانكسار إنساني وحضاري واسع النطاق ينتشر في صفوفها، وان أنظمتها الحاكمة ، سواء كانت سياسية أو دينية أو ثقافية عاجزة عن تقديم البديل الحضاري الموازي الذي يثني الأفراد والجماعات عن التأثر بالثقافات المغايرة .
تتزامن هذه الفتوى مع فتوى أخرى أصدرها العلماء الوهابيون في الرياض ، وتقضي بحضر بيع القطط والكلاب والتنزه بها في الطرق والأماكن العامة ، في تكبيل جديد لحياة الفرد وتدخلا سافرا في شئونه الخاصة وتعديا على حقوقه وحرياته ، وكلا الفتوتين تشتركان في ذلك، إلا إن الفرق بينهما أن فتوى الشيعة لا يمكن تطبيق بقوة القانون، والأمر متروك للمكلفين ، أما فتوى السلفيين فتدعمها قوة زمنية تفرضها بالقوة والغلبة لتتحول إلى أمر واقع ونظاما ساريا وقانون نافدا، ولو كان الفقهاء الشيعة يمتلكون القوة المادية كنظرائهم السلفيين لأجبروا الناس على تطبيقها بعنوانين شتى .
في هذه الأثناء تعلن الدوائر العلمية في الغرب أن الأطباء في إحدى الدول الغربية نجحوا في زراعة يدين كاملتين لرجل مبتور الساعدين!! وفي الولايات المتحدة تستعد شركة خاصة لإطلاق رحلات للفضاء ! بينما تنشغل مجتمعاتنا الاسلامية بفتنة عمل فني درامي كمسلسلي نور وسنوات الضياع!!!
مجتمعات دينية متشددة يخيفها ويزلزلها رأي مخالف ونظم وقيم تطرح من خلال عمل درامي محكم استغرق تصويره أكثر من سنتين!! وعوضا من أن ينتقد العمل دراميا وفنيا يخرج الدينيون الإسلاميون ليقولوا أن مثل هذه الأعمال تستهدف اختراق مجتمعاتنا !! وبث القيم المنحلة بين رجالها ونساءها !! وانه محاولة دنيئة للنيل من ديننا وقيمنا وأخلاقنا!! أما قرأ هؤلاء زهر الربيع ورجوع الشيخ وألف ليلة وليلة والروض العاطر وعشرات المصنفات الجنسية التي كتبها الأقدمون والمعاصرون العرب في الجنس والتي تظهر بوضوح المواقف والمشاعر والأحاسيس الجنسية لدى الإنسان العربي بعيدا عن التدين والتصوف؟!
إن المجتمعات الإسلامية مجتمعات منعزلة وموحشة، لذلك لا يقلق الغربي من حياة أبناءه فيها، لأنه على ثقة بأنهم لم ولن يتأثروا بها، وسوف يحتفظوا بنسقهم الحضاري والقيمي والديني، بينما يظل المسلمون مهووسون لدرجة الجنون!! بتأثر أبنائهم بالقيم الغربية وذوبانهم فيها، خاصة لدى الأقليات التي تعيش في الدول الغربية، وفي البلدان الإسلامية والعربية فان قادة المجتمع ومفكروه ورجاله يظلوا مهووسين وخائفين من أي انفتاح باتجاه الغرب أو المجتمعات المتحضرة الأخرى ، بل إن التاريخ الحديث على الأقل لا يدون اندماج وذوبان أفراد أو جماعات شرقية أو غربية بمجتمع عربي ما، والعكس هو الصحيح فهناك الكثير من الشخصيات المشهورة في دول القارتين الأوربية والأمريكيتين من أصول عربية !مما يدل على هشاشة الأسس التي ترتكز عليها المجتمعات العربية والإسلامية وعدم مقدرتها على التعاطي بايجابية وفاعلية مع الآخر المختلف .
إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: بأي حق يفرض رجال الدين وصايتهم على مجتمعاتهم ؟ من نصب الفقهاء أوصياء على الناس؟ بأي حق يمارسون الوصاية على الشعوب ؟ إن هم إلا بشر وان فقههم ليس سوى علم بشري كباقي العلوم ، فكيف تقيموا وزنا للظنون وتعتبروها في مواضع القطعيات والثوابت ؟ كيف تقيسون الظني على القطعي؟ ... دعوا أبنائكم يقرؤون ويسمعون ويشاهدون ويقارنون ويسالون ويتسالون ويمعنون النظر .. امنحوهم حرية الإرادة والاختيار دون قيود، دعوهم يطلعوا على ثقافة الآخرين وقيمهم ونظمهم وكيفية ممارستهم لحياتهم اليومية وعلاقاتهم الاجتماعية والإنسانية.. دعوهم يفكروا بعقولهم ويتعلموا من الشعوب الأخرى كل قيمة جميلة وينبذوا كل قيمة لا تتلاءم مع أسسهم وثوابتهم ، دعوهم يعيشوا حياتهم بأنفسهم ويختاروا لأنفسهم القيم والنظم والأنساق..
إن آخر الإحصائيات تشير إلى تزايد التفاعل مع المسلسلات المدبلجة بل وان حركة السياحة لتركيا ارتفعت بسببها !! ذلك إن الأعمال الفنية تساهم في تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية وترفع من مدخولات السياحة وترفع من وتيرة التعارف الايجابي ما بين الشعوب والأمم وتساعد على الانسجام والتأقلم ما بين الثقافات والنظم والقيم ، إن الفن والرياضة وكافة الآداب والفنون تساهم إلى حد بعيد في كسر الهوة السياسية والثقافية بين الشعوب فلماذا نتخذ من الآخر المختلف موقفا سلبيا وعدائيا؟ لماذا نعتبر أن هذا العمل أو ذلك لم يوجد إلا لسلخنا عن ديننا ومسخا لثقافتنا ومحاولة دنيئة لاختراق نظامنا الاجتماعي والديني العتيد ! بيد أن أمننا الاجتماعي والديني والقيمي لو كان ثابت وقويا ورصينا لما زلزله عملين دراميين عاديين كمسلسلي نور وسنوات الضياع!! فلننظر للمجتمعات الغربية كيف تتعايش فيها الثقافات والنظم والقيم وكيف إنها لا تخشى من الآخر مهما كان مختلفا، بينما يصدر صاحب اكبر منصب ديني وروحي فتوى ضد مسلسل درامي تركي مدبلج ومراقب قبل عرضه.!
لقد وجدت المرأة العربية في مهند ذلك الزوج الحنون الراقي الحضاري الذي لا يحجر عليها حريتها ويعاملها بإنسانية ويعتبر كرامتها خط احمر ويضحي من اجلها بحياته... لقد وجدت فيه ذلك الزوج الذي ينظر لها كانسان ويحترم خصوصيتها وفرديتها وشخصيتها ويتيح لها المجال واسعا للعطاء والإنتاج .. تشاهد المرأة العربية شخصية مهند وهي تقارن بألم بين زوجها المتوحش الذي لا يسمح لها حتى بان تظهر عينيها للآخرين!! تشاهده بألم وحرقة وهي ترى زوجها وهو يمنعها من ابسط حقوقها باسم الدين والأخلاق... لذلك أعجبت نسائنا بمهند!!..
ووجد الأزواج في نور المرأة الإنسانة التي تبدع وتنتج وتتواصل مع محيطها الإنساني وامتدادها الاجتماعي دون أن يشك فيها بأنها تخونه أو تنظر إلى غيره! وجدوا فيها المرأة الواعية المدبرة الواثقة من نفسها، صاحبة الشخصية المعطاءة والمتميزة وقارنوها بنسائهم البائسات التعيسات اللاتي لا يعرفن كيف يتصرفن في ابسط المواقف والأحيان!! .. وجدوا في نور شخصية المرأة الناضجة والزوجة والصديقة التي تشارك زوجها من موقع الندية والقوة المشحونة بالرحمة والعاطفة الجياشة وقارنوها بنسائهم اللاتي يتوشحن السواء !معدومات الشخصية وضيقات الأفق.. لذلك أعجبوا بنور...
وجد المشاهد العربي في المسلسلات التركية حرية لم يألفها في مجتمعه الموحش المنعزل والمعزول ، فانكب على مشاهدتها وهو في لاوعيه يحسد الشعب التركي على نسقه الحياتي المفتوح .. إن المشاهد العربي يقبل على تلك الأعمال الدرامية المدبلجة لرغبته اللاواعية العميقة في الانعتاق من القيود وبدء حياة جدية تسودها قيم الحرية والانفتاح والتسامح.



#رائد_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد قاسم - الفن وفتاوى الفقهاء ( السيد السيستاني نموذجا)