أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد الخميسي - ثورة يوليو والثقافة














المزيد.....

ثورة يوليو والثقافة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2363 - 2008 / 8 / 4 - 10:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بمناسبة مرور ستة وخمسين عاما على ثورة يوليو تجدد الكلام عن علاقة الثورة بالثقافة سلبا وإيجابا . وفي كل ما قرأته ، سواء أكان دفاعا أم هجوما ، كانت الثقافة التي يدور الحديث عنها هي الكتب والسينما والشعر والرواية والمسرح ، تلك هي الثقافة التي انتفعت أو تضررت سنوات الثورة ، والمثقفون هم المشتغلون في دوائر الإبداع الذين عانوا من بطش الثورة أو عاشوا في نعيمها . ومن هذا المنظور يجري طرح علاقة الثورة بالثقافة . إلا أن هناك قصورا شديدا في ذلك الفهم ، لأن الثقافة على الأقل كما عرفها طه حسين تبدأ من التعليم ، فالتعليم عنده هو " مستقر الثقافة"، فإذا أردنا أن نحسب ما للثورة وما عليها في علاقتها بالثقافة ، وجبت الإشارة أولا إلي دور الثورة في فتح أبواب التعليم بالمجان لأبناء الشعب، وتطويره ، والدخول به إلي مجالات جديدة ، وبتلك الخطوة الثقافية الحاسمة " تثقف " مئات الآلاف من أبناء الشعب . تطوير الثقافة يحتم أيضا وجود بنية ومؤسسات ومراكز بحث وغير ذلك ، وفي هذا المجال سنجد أن الثورة هي التي أقامت كل الأبنية التي مازالت تعمل بدءا من قصور الثقافة والمجلس الأعلى وأكاديمية الفنون ووزارة الثقافة التي كانت عند إنشائها الوزارة الثامنة من نوعها في العالم . أما المعيار الثالث والأخطر ، والذي يتم تجاهله عادة ، فهو معيار ومفهوم " الثقافة المادية " ، فنحن نخطيء كثيرا حين نتصور أن الثقافة هي فقط ما يتعلق بالقسم المعنوي ، الروحي ، الذهني . فعندما تبزغ الثورة في مجتمع زراعي ، وتقيم المصانع والمعامل والسدود ، فإنها تنشر في واقع الأمر ثقافة جديدة ، لأن الأدوات والمنجزات المادية تستدعي معها ثقافتها . وشتان بين فلاح ينتظر المطر ليروي أرضه ، وفلاح آخر يتحكم في المياه بالسدود ، فلابد أن تتشكل للفلاح الأول ثقافة الإيمان بالقدر ، بينما تتبلور لدي الثاني ثقافة الإيمان بقدرة الإنسان . وعندما تأتي الثورة وتقيم السد العالي وتبني بكهربائه المصانع ، فإنها تنشر بتلك المصانع ثقافة أخرى في مواجهة ثقافة الحقول ، وعندما تصبح الطاقة الكهربائية متاحة ويعم معها استخدام الأدوات المختلفة كالثلاجة والتلفزيون وغيرها ، فإن ثقافة أخرى تكنولوجية تعم وتروج وتخلق إنسانا آخر بعقلية أخرى . لقد ثقفت الثورة الشعب المصري بالسد العالي ، والمصانع ، والكهرباء ، والتعليم ، وغيرت مفاهيمه القديمة وبدلتها فيما يتعلق بأدق القضايا وأكثرها عمومية . ومازلت أذكر أغنية لنجاة الصغيرة من تلحين محمد عبد الوهاب كانت كلماتها تقول " كانوا بيقولوا الست ح تفضل زي ما هي .. ييجوا يشوفوا الست أهي صبحت ميه ميه " . فالمصانع ، وتفتيت الإقطاع ، استوجب معه ثقافة المرأة العاملة بالضرورة ، واستدعى معه ثقافة احترام المرأة ، وتقدير دورها . ولم يكن ذلك كله موجودا . أخيرا ألم يكن إلغاء الألقاب ثقافة ؟ ألم يكن وقف مخاطبة الآخرين ب " معالي الباشا " و " سعادة البك " ثقافة أخرى ترسخ مفهوم المساواة بين البشر؟ . ألم يكن دعم حركات التحرر تثقيفا للشعب يرسخ في ضميره أن هموم البشر وقضايا الحرية كل لا يتجزأ ؟ . هذا كله بالطبع إذا جعلنا من مفهومنا للثقافة مفهوما أكبر من " ثقافة النخبة التي تخلقها صفوة مبدعة " . وحتى بمعيار ثقافة النخبة ، سنظل نذكر لسنوات الثورة ، أننا حين كان تعداد الشعب المصري نحو ثلاثين مليون نسمة ، كانت لدينا عشرات المجلات المتخصصة منها مجلة " القصة " ، والآن ونحو نناهز الثمانين مليون نسمة ليس لدينا مجلات متخصصة للثقافة ! وسنظل نذكر للثورة – حتى بمفهوم ثقافة النخبة – أنها لم تضيق على أحد في مجال الأدب ، فقد نشرت في حينه رواية نجيب محفوظ " أولاد حارتنا "، ومسرحية " بنك القلق " لتوفيق الحكيم ، و" شيء من الخوف " لثروت أباظة التي تحولت إلي فيلم ، والكثير مما بدا في حينه خصما للثورة . لقد ضيقت الثورة على الحريات السياسية تضييقا شديدا ، واعتقلت الكثيرين من المثقفين الذين حركهم الهم السياسي ، لكنها لم تضيق على حرية المبدعين تحديدا في مجال الأدب والفكر، كما أنها طورت الثقافة المصرية إلي أبعد مدى إذا نظرنا للثقافة بمفهومها الاجتماعي العام ، الأبعد من حدود " الروايات والشعر والمسرح والسينما " .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن والكرامة
- ماذا كسب جورج البهجوري بزيارته لإسرائيل ؟
- د. محمد غنيم .. من أحلام مصر
- النقاش والطفلة
- وداعا أيتماتوف !
- دمياط تواجه حملة - أجريوم - الكندية
- رواية العمامة والقبعة لصنع الله إبراهيم .. زمن الغزو
- الآخرون .. ترف أم ضرورة ؟
- مصر .. أكواخ وقصور
- فلسطين في القاهرة اليوم
- كيف صارت أمريكا شيوعية ؟
- البدين والنحيف
- كرم العنب تحفة عبد الوهاب الأسواني
- الفن والحياة الاجتماعية
- الأدب في خطر !
- حصان فلسطيني أحمر
- حدثونا الان عن السيادة المصرية !
- فيلم - حين ميسرة - عندما يولد الفن ولا يعيش
- مقالات د. محمد مندور
- أبوتريكة يسجل هدف التعاطف مع غزة


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد الخميسي - ثورة يوليو والثقافة